العراق المأزق والحل

عبداللطيف سعيد في السبت ٠٥ - مايو - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

العراق المأزق والحل
في حوار مع صديق لي عن العراق دار هذا النقاش ... ذكرت له الآتي: ـ العراق هو مختصر للتناقض العرقي، والديني والمذهبي الذي يحظى به العالم الإسلامي، و يعتبر شريحة لكل أنواع التناقضات من مختلف الأنواع . والعراق الشقيق قد حمل على أكتافه أوزارا من الماضي، كان لها عامل كبير في وصوله لهذه الدرجة ، وكان من حظ هذا القطر ـ أن يتمتع بالكثير من الديكتاتوريات التي لا ترحم ، فأذاقوا هذا الشعب ألوانا من القتل ، والبطش يندى لها الجبين خ&Igrc;جلا . وباكتشاف البترول فيه بكميات كثيرة ، أصبح يدخل شاء أم أبى في خطط العديد من القوى الكبرى ، وعلى رأسها أمريكا وانجلترا وفرنسا .
هذا جزء من الخلفية لهذا القطر العربي المظلوم ، والتي لابد من فهمها واستيعابها لمن أراد التعامل مع المشكلة العراقية ..
وفي الجولة الأخيرة في المواجهة مع الغرب ، كان سهلا على أمريكا ، وحلفائها دخول العراق في أقل من ثلاثة أسابيع كما وعدوا ، ولكن لم يخطر ببالهم أن هذا الكم من المتناقضات الذي يحفل بها هذا البلد ، سوف يكون له ُأثرا، يفوق أعتي الجيوش في العالم ، فغرقت أمريكا في أتون الوضع العراقي ، أو كما يقال المستنقع العراقي . ولقد تراءت أمامهم عقدة فيتنام بعد طول إنكار ..
وبعد أن حصل الديمقراطيون ( شريك الجهوريين في قرار الحرب على العراق )على الأغلبية في الكونجرس والشيوخ ، بدأوا يضغطون على الرئيس بوش بأن يعطي جدول زمني للانسحاب ، ويربطون تمويل الحرب بوجود جدول زمني للانسحاب في أواخر فترته لكي يتحمل هو ـ وقبل نهاية ولايته ـ فاتورة الحرب ، وتكلفتها ومرارة نتائجها ، ويتسلمون هم المركب وبها شروخ كثيرة من الممكن أن يصلحوها ، عند وصولهم للحكم، بما يصب في صالحهم وتصل إلى ذهنية الشعب الأمريكي أن الديمقراطيين هم عادة ما يصلحون ما يفسده الجمهوريون ..
أما العراق فله الله لقد أرادت به أمريكا ـ على ما يبدو ـ ساحة للإرهاب لكي تقول للعالم كله ولشعبها ، أنها تحارب الإرهاب في دول أخرى لكي لا يصل إلى أراضيها ..
وبالنسبة للتكلفة في الأرواح ، فإن المديا الأمريكية تواجه الشعب الأمريكي بأنه في ضربة واحدة في الحادي عشر من سبتمبر فقد الشعب الأمريكي ما يزيد عن ثلاثة آلاف مواطن .. وهم في العراق بعد مرور ما يقرب من 4 سنوات وصلوا لهذا العدد تقريبا ، فلو لم يقوموا بهذه الضربات الاستباقية في أراضي الغير، كان من المتوقع تكرار الحادي عشر من سبتمبر مرات عديدة .. وبالتالي فإن بوش يظهر للشعب الأمريكي أنه منتصر ، لأنه منع حدوث 11 سبتمبر آخر ويجنب الأراضي الأمريكية ويلات الإرهاب ..
وبالنسبة لتكلفة الحرب المادية فإن مئات المليارات التي تنفقها أمريكا في العراق وغيره ، فهي في نهاية الأمر عبارة عن أرصدة مكدسة في البنوك لا يستفاد منها ، ويستفيد بأكثر من 90 في المائة منها مصانع الأسلحة الأمريكية وشركات الأغذية ،... الخ وبالتالي توالد فرص عمل جديدة ، وكل هذا داخل الأراضي الأمريكية . أي أن ما ينفق في هذه الحروب يضخ في عجلة الاقتصاد الأمريكي ، ويجعله يدور بشكل أفضل وهذا ما يفسر ازدهار الاقتصاد الأمريكي أثناء الحروب ، على عكس ما يتوقعه خصومهم ويتمنوه ، حيث ينتظر خصوم أمريكا ترنحها وسقوطها في الوقت القريب .. !!
وأيضا تحصد أمريكا مكاسب أخرى من بيع مخزون أسلحتها القديم بأسعار عالية ، و تجربتها بتفجيرها في أراضي الغير مما يتبح لها التطوير المستمر.!!
المتأمل لقضية العراق يحتار فيمن يضع عليه اللوم ؟
ومن الممكن أن نتفق جميعا على أن المحتل يقع عليه جزء كبير من المسئولية وأنه وأنه الخ ..
وصدام حسين بظلمه لشعبه وقتله العشوائي وبطشه أعطى الفرصة للتدخل في شئونه ولكنه ذهب أيضا ..
والأنظمة العربية التي تركت صدام حسين يقتل ويعربد ، دون أن تواجهه وتضغط عليه من المؤكد أنها يقع عليها أيضا جزء من المسؤولية ..
كل هذا جميل ولكنه انتهى وقته ومفعوله وهو كلام في الماضي يدرس للعظة والاعتبار ولكنه في نهاية الأمر لا يفعل شيئا ولا يقدم ولا يؤخر.. هنا تدخل صديقي
وقال لي: فما هو الحل لهذه القضية ..؟؟
قلت له: أعتقد وأؤكد وأصر على أن الحل للقضية هو في يد العراقيين أنفسهم ..!!
قال لي صديقي: ولكن كيف وهم سنة وشيعة و و و و .... الخ
قلت له: أن من بيده حل القضية هم السنة والشيعة لأنهم هم فقط أساس المشكلة وتعقدها ...
قال لي : ولكن كيف ذلك ؟؟..
قلت له : بحل الخلاف التاريخي بين السنة والشيعة ..
قال لي : كيف ..؟؟
قلت له: بتصفية الخلاف الذي حدث بين على ومعاوية ، ومن قبل هذا نصح عثمان بن عفان بعدم إيثار أقاربه من بني أمية في السلطة..الخ ...
قال لي: كيف هذا وهم جميعا ماتوا وأصبح من المستحيل استرجاعهم ؟؟ ..
قلت له : نعم هم ماتوا ولكننا ورثنا خلافاتهم السياسية وأصبحت فيما بعد خلافات دينية ومذهبية حادة وتسببت في قتل الملايين من المسلمين في قتال داخلي إلى اليوم بين السنة والشيعة وهذه ليست أرقام مبالغ فيها خذ على سبيل المثال الحرب العراقية الإيرانية ( صدام ـ خوميني ) عدد القتلى الذي خلفته والمشوهين والأسرى ..الخ وانظر إلى عدد القتلى اليومي الآن في العراق والذي يصل إلى 100 قتيل يوميا في حروب تطهير بين السنة والشيعة بالتبادل بينهم..ومن المؤكد أننا سنورث هذه الخلافات لأبنائنا ، وسيورثها أبناؤنا لأبنائهم ،وهلم جره .. ، وبذلك ستكون دماؤنا مراقة بأيدينا إلى أن تقوم الساعة ....
قال لي : كيف نحل خلافا قد فشل الأوائل في حله وهم من الصحابة المقربين من الرسول الكريم هل نحن أفضل منهم بل أنهم كانوا سببا مباشرا في هذا الخلاف ؟؟ .. من المؤكد انك تحلم .. !!
قلت له: أن كل شيء في الدنيا أساسه الحلم ثم بعد ذلك نحاول تحويل الحلم إلى حقيقة ..
قال لي : ماذا ستفعل إذن ؟؟؟
قلت له : علينا أن نجمد لحظة رفع جنود معاوية المصاحف على أسنة الرماح طلبا للتحكيم " حيث لم يكن هناك بخاري ولا يحزنون " ونتمسك بهذا المطلب ونطالب بالتحكيم بين جميع المسلمين من سنة وشيعة بالقرآن الكريم ،
أي أن يجلس السنة والشيعة وليس بينهم من كتاب إلا القرآن الكريم ..!!
ونكمل ما فشل فيه السابقون ونجنب أنفسنا والعالم أجمع ويلات الحروب ..

هذا هو الطريق الوحيد للخروج من هذا النفق المظلم .
قال لي : ألم يصل إليك أن موضوع رفع المصاحف على أسنة الرماح كان قولة حق أريد بها باطل ؟؟؟
قلت له : نعم وصلتني هذه الأقوال المنسوبة للسابقين ، ولكننا لن نسمح إلا أن تكون قولة حق فقط وبإذنه تعالى لن نسمح بأن يراد بها باطلا ، لأن الشعوب ستكون مشاركة وضاغطة في إطار الحل ، وذلك لأن الموضوع لم يعد يحتمل أكثر من ذلك ، كيف نحتمل إزهاق كل هذا العدد من الأنفس التي خلقها الله لتعمر في الأرض ، لا لكي تدفن فيها وهى في ريعان شبابها..!!!!
أي أن يكون السنة والشيعة جزءا من الحل وليس جزءا من المشكلة ...
قال لي : أنت لم تذكر الاحتلال ودوره في كل هذا وكأنك تتغاضى عن ذكره ..
قلت له : إن الاحتلال باق طالما فيه انقسامات وتحزبات ودماء مراقة بين المقاومين وبعضهم وعداوة بينهم تفوق العداوة بينهم وبين المحتل ..
فلو تم حل هذا الخلاف لرحل المحتل لأنه لن يجد له مكانا ..
قال لي : مع أنى متأكد أن هذا حلم يصعب تحقيقه إلا أني أتمنى تحقيقه ...
.


مهندس / عبد اللطيف سعيد

اجمالي القراءات 14134