تعليق على المقال السابق : هل الأعاصير التى تضرب أمريكا هى غضب الاهى ؟

آحمد صبحي منصور في الأربعاء ١٣ - سبتمبر - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

تعليق على المقال السابق : هل الأعاصير التى تضرب أمريكا هى غضب الاهى  ؟

مقدمة :

أثار المقال السابق جدلا شفهيا مع بعض الأحبة ، وجدلا مع أحبة علقوا عليه فى الموقع. وأنقل تعليقاتهم :

أولا : الاستاذ محمد حسين : ( كالعادة مقال رائع . ولكن شعورنا الداخلي  مختلف انت تعبر عن وجهة نظرك كامريكي   منحاز. هذا الاعصار خسائره بمقدار ما نهبه ترمب وبنته وحرمه ، او ايضا الاموال السابقة  التي اخذوها مقابل 11 سبتمبر ، او ايضا خسائرة  ايضا بلغت اكثر من ذلك بمقدار قيمة الاسلحة التي باعوها لقتل الشعب اليمني وتدميره.نتمنى ان تكون اكثر من ذلك  بكثير.ان بطش ربك لشديد . يكون انتقام الاهي يكون غير ذلك   المهم دمار وتخريب وهذا ما يهمنا.مما لا شك فيه ان امريكا بلد عظيم لا غنى للعالم عنه. هو مثل القلب الذي يضخ الحياة لبقية الاجزاء.الحضارة الامريكية  تضخ قيم الدينقراكية وحقوق الانسان ونموذج لتطبيقها . تقود الصناعة  تقود المعلومات تقود الرفاهية  تقود المشاكل تقود الحروب .حبه هيك وحبه هيك .نتمى تدميرا اكبر    لعلهم يرجعون او عنهم لا رجعوا .انا لست امريكي من حقي ان اسعد بما حدث في امريكا).

ثانيا : د عثمان محمد على  .

( ما ذنب الكاريبى وكوبا .؟ . إحترامى استاذ محمد حسن . لكن اختلف معك تماما فى تعقيبك السابق .فمن المُفترض الا نشمت فى احد ولا نُحمل الأمور اكثر مما تحتمل . فإذا كان إعصار إيرما عذابا من الله لإهلاك إمريكا ،فما ذنب جزر ودول الكاريبى والبهاما ،وكوبا التى مر بها قبل فلوريدا الأمريكية ؟؟ وهل زلزال وتسونامى إندونيسيا (المُسلمة ) كان عذابا ،ام ظاهرة طبيعية ؟اخى الكريم المناخ والطقس العالمى دخل فى متغيرات ملموسة بسبب الإحتباس الحرارى وإرتفاع درجة حرارة الغلاف الجوى ،سيتسبب فى فياضانات فى شمال الكورة الأرضية (( كندا - شمال اوروبا - روسيا ) بسبب ذوبان ثلوج القطب الشمالى ، مما سيؤثر ايضا على دول البحر المتوسط ويُهددها بإختفاء مناطق شاسعة فيها  بما فيها المغرب وتونس وليبيا ومصر ، فهل سيُعتبر هذا عذابا من الله لهم ،ام ظواهر طبيعية نتيجة لتغير المناخ ؟؟؟ اخى الكريم ((( وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ). ومن العدل ان نضع الأمور فى نصابها. )

 ثالثا : استاذ سعيد على : ( الإفلاس الفكري والمديونية العقلية : تصيبك الحيرة من عقول تتحدث بطلاقة و بعمق فيما تعلم من علوم ( طب .. هندسة .. تقنية معلومات .. الـخ ) و نفس هذه العقول تجدها في إجازة مفتوحة عندما يستمعون لخريج كلية شريعة أو معهد ديني أو حتى إبتدائية دينية !! تجدهم أجساداً بلا عقول !! و يتحدثون بنفس حديث الخطيب أو الشيخ أو – العالم الديني – و يدافعون ليس عن كلامه بل عنه شخصيا !! فعندهم نقد كلامه هو نقد لشخصه و بالتالي نقد للدين نفسه !! اي أن الدين عندهم هو أشخاص بعينهم !!!! فعلا حيرة . أغلب الشيوخ في تعاملهم مع هذه الأعاصير تجدهم منشرحي الصدر !! تبرز أودجتهم و تهتز !! و يرفعون أكف الضراعة لله عز و جل بهذا الهلاك بل و يشمتون على ضحايا الإعصار و كما علّق ( الأخ محمد حسن : نتمى تدميرا اكبر لعلهم يرجعون او عنهم لا رجعوا . هم لا يعترفون بعلوم الفلك !! و يعتبرونه تنجيما !! و عليه تراهم يختلفون في بداية رمضان و يتندرون على بعضهم البعض في رؤية الهلال لتحديد بداية الصوم ثم ( هم هم كذلك ) يتجاهلون هلال ذي الحجة و يطأطؤون رؤوسهم خلف ما تقرره السعودية في بداية ذي الحجة . الأعاصير ظاهرة كونية و العلم الحديث يرصدها و بدقة و يحدد قوتها و زمنها و حتى تأثيرها لذا فالضحايا قليلون برغم قوة الإعصار فاليابان مثلا بلاد الزلازل و تصل قوة بعض زلازلها إلى 9 ريختر و ضحاياه لا يكاد يذكر !! لماذا ؟ لأنهم بعقولهم إستطاعوا التكيف مع هكذا كوارث . هل تذكرون زلزال القاهرة 1992 كان بقوة 5.8 ريختر و استمر لمدة ( نصف دقيقة !! ) نصف دقيقة و أحدث دمارا هائلا راح ضحيته 545 شخصا ناهيك عن تشريد أكثر من 50 ألف شخص . هل تذكرون زلزال شرق إيران عام 2013 و الذي كان بقوة 7.8 و الأعداد الهائلة من الضحايا و من ينسى تسونامي أندونيسيا ( المسلمة ) و الذي راح ضحيته أكثر من 230 ألف إنسان ..إن كمية الشماته التي تراها في وجوه هؤلاء و في المساجد !! التي يفترض أن لا يذكر فيها إلا اسمه جل و علا هي إعلان  إفلاس فكري حقيقي و مديونية عقلية أصابت حتى المختصيين الحقيقيين في الطب و الهندسة و غيرها من العلوم ..... آه يا.... ستنهض أميركا .. لأن هذا الشعب آمن بالحرية و حارب الإستبداد فيمن يحكمه. )

رابعا : وكتبت فى الموقع ردا أقول فيه :

( أهلا أحبتى ، ومع الشكر أقول :
1 ـ كونى أمريكيا بالتجنس ، أو كونى مصريا بالنشأة ، أو كونى عربيا باللسان لا يغيّر شيئا فى إنتمائى للقرآن ، الاسلام الحقيقى . وبالاسلام الحقيقى الذى اتمسك به والذى أرجو أن تنتهى حياتى الدنيا قتلا فى سبيله ، أحمل المستضعفين فى حنايا القلب ، مدافعا عنهم ، ومهاجما من أجلهم الظالمين . هنا لا فارق بين المستضعفين الضحايا سواء كانوا فى بورما أو اليمن أو كوبا أو فلوريدا أو تكساس أو البوسنة أو الهرسك ، او العراق أو سوريا ..الخ . هو إنسان مستضعف فى مواجهة مستبد طاغية أو فى مواجهة أعاصير طاغية . هذا من وجهة نظرى مفكرا اسلاميا .
  ـ من وجهة نظر سياسية أرى أن ساسة أمريكا ليسوا هم بالضرورة شعب أمريكا . كتبت عن اللوبى أو جماعات الضغط التى تعبر عن قوى داخلية مثل صناعة السلاح ، ووسائل النقل ، أو دول خارجية مثل اللوبى السعودى والاماراتى والاسرائيلى . وهى التى تؤثر فى توجيه السياسة الأمريكية ، ولكن فى جو من المنافسة والشفافية واللعب على المكشوف . ومن هنا تكرر السياسة الأمريكية أخطاءها وخطاياها ، من فيتنام الى العراق . أخطر اللوبيات أو جماعات الضغط هى ما يعبر عن البترول وعن صناعة الاسلحة . وهما السبب فى المذابح التى تحدث فى اليمن والعراق وسوريا وليبيا ، والمذابح التى ستحدث فى بلاد أخرى على الطريق . هنا يتوجه اللوم الى السياسة الأمريكية ، وهذا ما يقوم به الاعلام الأمريكى والدراما الأمريكية التى تفضح كل شىء . ولكن اللوم الأكبر يجب أن يتوجه الى المستبد العربى . أمريكا لم تخلق الصراع السنى الشيعى فهو موجود متأجّج قرونا قبل وجودها ، هى فقط تستغله . وهى لا تقحم نفسها فيه، بل تستدعيها الدكتاتوريات العربية .
قبل أن ننتقد بوش علينا أن ننتقد صدام ، وقبل أن ننتقد اوباما و ترامب علينا أن ننتقد مستبدى اليمن والسعودية والخليج ومصر والسودان . ) .

خامسا :

زارنى أمس صديق عربى خليجى ، ودار حوار حول هذا المقال ، فأسهب فى الانحلال الخلقى فى أمريكا وفى جزر الكاريبى ، وقال إن ماحدث هو نتيجة هذا الانحلال الخلقى غير المسبوق فى أمريكا .

قلت له : الانحلال الخلقى ظاهرة إنسانية موجودة حتى فى عصور الخلفاء ( الراشدين ) وقد تحدثت عنها فى برنامج ( فضح السلفية ). وإشتد الانحلال الخلقى  ــ العادى والشاذ ــ  فى العصر العباسى وأصبح مفخرة للشعراء ، ثم أصبح فى العصر المملوكى شريعة دينية تشمل الزنا والشذوذ. وفصّلت هذا فى كتاب عن الانحلال الخلقى فى مصر المملوكية . وقبل أن يعرف الغرب الشذوذ الجنسى كان منتشرا فى العصر العباسى الثانى حتى بين الفقهاء ، ورفاعة الطهطاوى حين زار باريس وعاش فيها وسجل ما رآه عنها فى كتابه ( الابريز فى تلخيص باريز ) تعجب من عدم وجود الشذوذ الجنسى فى فرنسا .! قبل رفاعة الطهطاوى بقرون تحول الشذوذ الجنسى بالتصوف فى العصر المملوكى الى شعيرة دينية . ولم يكن أمريكا قد وجدت بعد . الانحلال الخلقى أفظع فى دول الوهابية التى تفرض النقاب على النساء ، وتحول فيها النقاب الى وسيلة للتخفّى لممارسة الانحلال الخلقى كما كان يحدث فى مصر العصر المملوكى . ولنا مقال منشور هنا بعنوان ( يسألونك عن النقاب )، وتحت النقاب والحظر وزعم التقوى يزدهر الانحلال بشقيه العادى والشاذ . وهذا أمر معروف ولا جدال فيه ، بل اصبح فى الخارج سُمعة سيئة تلاحق الناس الأفاضل من دول الخليج . أمريكا مجتمع مفتوح ، الانحلال الخلقى فيها مكشوف وعلنى ، وهناك مشروعية اجتماعية للبوى فرند والجيرل فرند ، ضمن تمسكهم بالحرية الفردية ، وفى نفس الوقت فالعقوبة صارمة فيما يخص إحتراف الزنا بأجر والاغتصاب . فى المجتمع المفتوح لا يصل الانحلال الخلقى الى درجته القصوى ولا يصل الى درجة الادمان او الوقوع فى الجريمة، لأن سهولة الحصول عليه يجعله مُملّلا وبلا متعة . يختلف الأمر فى مجتمعات الحظر والتزمت والمبالغة فى فرض القيود ، إذ يستلذ الناس سرقة المتعة الحرام ، يعتادونها ولا يملُّون منها ، تاركين الحلال المتاح . وهذا بالضبط ما يحدث فى السعودية . ومع وجود الانحلال هنا وهناك فلم تحدث بشأنه كوارث . فالعقوبة فيه فردية لأن الزنا موصوف بأنه ساء سبيلا ، والأمراض التى تصيب أصحابه مشهورة ومعروفة .

قال : الم يهلك الله جل وعلا الأمم السابقة بسبب إنحلالها الخلقى ؟ ألم يهلك قوم لوط ؟

قلت : نعم . وهذا دليل لى يؤكد ما أقول .

وقلت : إن ما حدث على الساحل الشرقى لأمريكا هو كارثة ضمن كوارث طبيعية مناخية تتميز بها هذه المنطقة من العالم ، يستوى أن كان فيها سكان أو كانت خالية منهم . ومن يسكنها يعلم ظروفها خلال خبرات الأجيال . أما الانتقام الالهى فيكون بدون هذه الكوارث الطبيعية العادية .

قال : كيف ؟

قلت : الأمم السابقة التى أهلكها الله جل وعلا والمذكورة فى القرآن الكريم لم تكن تعيش فى مناطق كوارث . كان معظم الكرة الأرضية غير مأهولة ، وقد سكنوا فى أفضل البقاع . قوم نوح كانوا وحدهم فى العالم . وقوم عاد عاشوا فى جنوب الجزيرة العربية حيث كان المطر الوفير ، وأسسوا به حضارة لم تسبقها حضارة فى عظمتها .  بدلوا نعمة الله جل وعلا كفرا ، فقال لهم نبيهم ( هود ) : :( أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ (128) وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ (129) وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ (130) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (131) وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ (132) أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ (133) وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (134) إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (135) الشعراء ). أى إنهم كانوا متقدمين جدا فى البناء والعمران الى درجة أنهم كانوا يبنون عجائب معماية لمجرد العبث ، وكانوا متقدمين فى فنون الصناعة ، وقد أقاموا مصانع تخلّد ذكرهم ، وكانوا يعيشون متمتعين بثروة حيوانية وزراعية وجنات وعيون وكثرة سكانية ، وبهذا كانوا قوة عسكرية باطشة جبارة . أى كانت هناك اقوام حولهم ولم يكونوا فى قوتهم ، بل كانوا ضحية لجبروتهم . إنتقم منهم رب العزة بأن أهلكهم بالريح التى كانت تأتى لهم بالرخاء ، فجاءتهم تحمل العذاب . كانوا يستمتعون بالأمطار تهطل عليهم مدرارا ، ويسبقها قدوم الريح تبشر بمطر قادم . لذا فعندما رأوا زوبعة ريح قادمة إستبشروا بها ولم يعرفوا أنها آتية لاهلاكهم .  كانوا يستعجلون العذاب غرورا وإستهزاءا ، وكانوا لا يرون فى الريح إلا بشرى للخير ، فخاب ظنهم . قال جل وعلا :  ( فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (24) الاحقاف ) . المقصد أنهم لم يكونوا فى منطقة كوارث ، بل فى منطقة مريحة مكنتهم من بناء حضارة غير مسبوقة . وهكذا الحال فى قوم ثمود وحضارتهم المنحوتة فى الجبال ـ ولا تزال بقاياها فى الاردن . والمنطقة الى عاش فيها قوم لوط حول البحر الميت . وهى ليست مناطق كوارث طبيعية هائلة.

ويلاحظ أن الانتقام الالهى كان يأتى موجها لهم وخاصا بالكافرين منهم فقط ، حيث كان ينجى الله جل وعلا النبى والمؤمنين ،ويلحق العذاب والتدمير بالكافرين فقط . وهنا الفارق بين الكوارث الطبيعية التى تلتهم الجميع وبين العقوبة الالهية التى تحيق فقط بالكافرين . قال فى ذلك رب العزة جل وعلا: (ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ حَقّاً عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ (103)  يونس ).

أخيرا

1 ـ تظل المشكلة قائمة .

2 ـ المستبد الشرقى  هو الفاعل الأساس فى كل الجرائم التى تحدث للشعب . لا يختلف ( على عبد الله صالح ) عن مبارك والسيسى وصدام والقذافى وآل سعود ..إلا إنه قام عبر عقود ـ بتأسيس عُقدة المؤامرة فى شعبه ، ليتوجه السُّخط نحو أمريكا والغرب وإسرائيل ، وحتى يكون الاصلاح مستحيلا ، فكيف نهزم أمريكا والغرب وإسرائيل . وعلى هامش هذه الكراهية لأمريكا بالذات تكون الشماتة لو حدثت كارثة طبيعية مألوفة فى أمريكا .

3 ـ هذا مع أن الضحايا لا شأن لهم بما يجرى فى الشرق الأوسط ، وهذا مع أن الناس فى الغرب وأمريكا يتألمون لما يحدث للمستضعفين فى الشرق الأوسط  ويتعاطفون مع اللاجئين السوريين وغيرهم ، ويبادرون بالتبرع لضحايا الفيضانات المدمرة فى بنجلاديش وغيرها ولضحايا الزلازل فى بلاد المحمديين .

4 ـ قليلا من الخجل أيها الناس ..!!

اجمالي القراءات 7967