الانتحار ليس حلا

سامح عسكر في السبت ٠٩ - سبتمبر - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

 

طالعت خبر سيئ اليوم

انتحار شابين مصريين خلال أسبوع، أعرف أحدهم واطلعت على صفحته على الفيس بوك منذ قليل، الآخر قرأت وسمعت له، وكلاهما من المفكرين أصحاب الذكاء العالي، أما السبب فهو طبعا معروف..فقدان الأمل في حياه كريمة وطيبة..أو اليأس من العدالة والتغيير..

قديما كتبت في هذا الموضوع وقلت أن البحث عن الحقيقة (متعة في حد ذاته) فاجعله ليس مجرد مشروعا دينيا أو حزبيا..بل (منهج حياه) ستختلف حياتك بالكلية وترى كل شئ جميل حولك وتتفتح طاقاتك على الإبداع

اليقين النهائي مع الشعور بالضعف خطر جدا..تشكك حتى في نفسك وابحث عن حقيقة ما يحدث ، لا أقول امنع اليقين هذا غير ممكن، ولكن قلل من حجمه قدر المستطاع، وحاول تنظر للحياه بنفسية المندهش والسائل.

شئ آخر أن المنتحر في تقديري هو أقل الناس شعورا بالأنانية، هذا يحمل هم كبير تعدى حاجز حياته الشخصية ، ولأن الأجواء محبطة يُصاب باليأس، والبديل في رأيي حسب اتجاهه ، لو كان مؤمنا فليناجي الله في خلواته ويصل رحمه ويوسع من دائرة صداقاته، أو يبحث عن حبيب يشاركه الحياه..تجربة الزواج مثالية جدا في هذه الظروف، نفس الشئ للملحد عدا طبعا صلته بالله، فلا يتعجل من أمره ويؤمن أن حياته مهمة جدا لفلان بعينه على الأقل عش له وحده، لا تجعل العبث يتمكن من رأسك فالحزن والاكتئاب شئ عارض يصيب كل البشر ، والدنيا ساعة وساعة..وعلى رأي الأمثال المصرية (ما ضاقت إلا ما فرجت)

الدنيا ما هي إلا كم كبير من الأفراح والأحزان..والأحزان أكثر لارتباطها بالصراع الأزلي في الكون بقلة الشجعان والأبطال، وما ينتج عنه من تمكن الشر والجريمة والكراهية، فما يراه المنتحر في الحقيقة هو مجرد (غيبوبة) سيصحو منها حتما ، وأن يعرف جيدا بأن مشكلته ليست شخصية بل عامة تخص المجتمع الخالي من التضحية والمستسلم تماما للأشرار.

أولى درجات اليأس طالت عديد من أصدقائي المفكرين أغلقوا صفحاتهم أو مترديين في غلقها يأسا من التغيير، خاطبت أحدهم وقلت أنك صاحب ضمير وعندك قدر عالي من الشعور بالآخرين..فلماذا لا تفتح صفحتك على الأقل لمساعدة الناس أو أصدقائك من الباحثين..يجب أن تحرص على الوجود، فإغلاق الصفحات يعني موتك النهائي بالنسبة لقرائك ومحبيك..

ثم التغيير ليس بالهروب سواء بالغلق أو الانتحار..فالعاقل هو من يرسم الأهداف ويضع الخطط، ولا توجد أفضل من أهداف السلام والمحبة والوحدة والتسامح، لو لم تكن هذه الأهداف تستحق الحياه من أجلها فما الذي يستحق العيش من أجله إذن؟!..ثم الغوص في أنماط التفكير وإجبار كل الأنماط الأخرى أن يتبعوا نمط حياتك هو نوع من الغباء، فالتنوع سمة رئيسة في الكون، والتعددية ظاهرة ليست فقط بشرية بل حيوانية أيضا.

باختصار: لا يوجد أفضل من تجربة الحياه مع كل مآسيها وأفراحها ، والتنوير هو سلوك ما يناسب كل مرحلة، فاجعل تنويرك طاقة للتغيير وليس طاقة للهروب..
اجمالي القراءات 10633