هذا القرآنى ومشكلته مع الصلاة فى أرذل العمر

آحمد صبحي منصور في الأربعاء ٠٦ - سبتمبر - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

هذا القرآنى ومشكلته مع الصلاة فى أرذل العمر

هذه رسالة أنشرها وأرد عليها :

( أنا أصلا من سوريا ، مع أننى قضيت معظم عمرى خارجها . كنت ناصريا عروبيا متحمسا أقود المظاهرات فى سوريا تأييدا للبعث القومى الوحدوى  ، ثم كفرت بالعروبة مع نكسة يونيو 67 . وأصبحت أدين بالعلمانية . عشت فى السعودية أكره الوهابية وعنصرية آل سعود ، واكتم مشاعرى وعلمانيتى . وتحملت الحياة فى السعودية الى أن كونت ثروة ورجعت الى وطنى سوريا ، وبدأت العمل فى مجال الدراما السورية مشاركا فى كتابة السيناريوهات ، ثم بدأت الحرب الأهلية فى سوريا بتدبير بشار الأسد فى قمع إنتفاضة الحرية . خلال شهور كنت ضيفا مستمرا فى غرف التحقيق لأكثر من تسع أجهزة أمنية لبشار الأسد ، والسبب إقامتى الطويلة فى السعودية وعودتى منها بثروة لا بأ س بها . أدركت أن سوريا داخلة فى كارثة ، قمت بتصفية أعمالى فى سوريا وأقمت فى تركيا ، ولا زلت فيها حتى الآن .

 فى تركيا عملت مشروع صغير وقلت أتعيش منه واستريح بعد الكآبة فى حياتى فى السعودية وبعد الاهانات التى عانيتها فى سوريا . وفعلا ، تحقق ما توقعته وتدمرت سوريا ، ورأيت ملايين السوريين لاجئين فى تركيا وفى أوربا والأردن ومصر .

حياتى فى تركيا جعلت لى وقت فراغ اتفكر فيه وأقرأ فيه . حاولت المشاركة فى مجال الدراما التركية وكانت اللغة التركية عقبة بالاضافة الى عنصرية الأتراك وإحتقارهم للعرب . يأست من تحقيق حلمى فى الدراما التركية ، ثم عاودت المحاولة حين قرأت لك مقالات تاريخية تصلح مادة للدراما . باب دراسات تاريخية يصلح كله للدراما ، وأبحاث تاريخية أخرى كذلك . عرضت الفكرة على صديق سورى يعمل فى مجال الدراما فقال إنهم لا يهتمون إلا بالتاريخ العثمانى ، تاريخ أجدادهم بالاضافة الى المسلسلات التركية الاجتماعية . إكتفيت بالقراءة لك وانا اتابع عملى فى المتجر الذى أملكه ، واصبحت من أهل القرآن .

 أكبر صعوبة هى تغيير نمط حياتى . أنا كنت أكره الصلاة ، السعودية كرهتنى فى الصلاة لأنها بالاجبار. كنت أصلى خوفا من رجال الهيئة ومن بطشهم وسجنهم  . وقبل السعودية لم أكن أصلى أصلا . وبخروجى من السعودية تحررت من الصلاة . ولكن حياة الخوف من أجهزة الأمن فى سوريا جعلتنى أستغيث واستغفر فى كل مرة يستدعوننى فيها . وكنت أصلى وقتها ، ثم بعد التحقيق معى ورجوعى الى بيتى سالما أنسى الصلاة . فى تركيا ومع الشعور بالأمن والاستقلال الاقتصادى توفر وقتى للقراءة ، واصبحت مدمن موقع اهل القرآن ومشاهدة برامجك على اليوتوب . كنت انبهر ثقافيا خصوصا فى موضوعات التاريخ ، ولم تكن موضوعات القرآن والسنة تهمنى ، ثم بدأت أقرأ فيها ، وكان أول كتاب عن ( القرآن وكفى ) . واصبحت أقرأ كل شىء تكتبه حتى فى الموضوعات السياسية ، مع إختلافى فى توجهاتك مع امريكا واسرائيل .

بدأت مشكلتى فى الاقتناع بأن القرآن وكفى يعنى أن أصلّى الخمس صلوات  كل يوم . فى البداية اعجبنى رأى من يقول بأن الصلاة ثلاثة فقط ، ثم قرأت لمن يقول ان الصلاة هى قراءة القرآن وفقط . قرأت كتابك عن الصلاة فإقتنعت بالصلوات الخمس ، خصوصا وقد قلت لنفسى إنهم كانوا يسألون النبى أسئلة كثيرة ومتكررة كما ذكرت أنت فى كتاب ( القرآن وكفى ) فإذا كانت الصلاة مشكلة وغير معروفة فلماذا لم يسألوا النبى عن أوقاتها وعن كيفيتها ، وينزل القرآن بالاجابة كما حدث فى موضع موعد الساعة واليتيم  والأهلّة والحيض . إذن الصلاة متواترة من ملة ابراهيم كما تقول ، ولم تكن فيها مشكلة فى موضوع التواتر ، المشكلة فى أنهم كانا يصلون لله ويصلون للأولياء ، والمساجد يجعلونها شركة بين الله وألأولياء ، كما يجعلون النذور لله وللأولياء . إقتنعت بأن القرآن هو الحكم على التواتر وأن الصلوات خمس كل يوم ، وان التشهد ليس التحيات بل هو آية 18 من سورة آل عمران ، وان القصر فى الصلاة ليس فى السفر بل عند الخوف ، وان الانسان يصلى بأى كيفية عند الضرورة ، مسافرا فى سيارة أو طيارة ، ولكن عليه الخشوع فى الصلاة وعليه التقوى فى حياته لأن التقوى هى الهدف الأسمى من كل العبادات . هذا كلامك أكرره لك .

المشكلة أن مع الاقتناع فقد كانت الصلاة فى البداية ثقيلة ، كيف أصلى خمس مرات كل يوم ومع الوضوء فى معظمها . ثم قرأت لك أن الصلوات الخمس لا تسقط بالتقادم ، يعنى كل الفروض يجب أن اقضيها . يعنى أقضى حوالى اربعين سنة فى 360 يوم فى 17 ركعة . الموضوع بقى أصعب . قلت ابتدى بالصلوات الخمس كل يوم . وكانت مشكلة أخرى أنى لا استطيع الخشوع والتركيز فى الصلاة . تغلبت عليها بإعادة ما لا أخشع فيه ، يعنى أقرا الفاتحة مرتين عندما لا أخشع فى قراءتها المرة الأولى ، وهكذا فى السجود ، أعيد التسبيح مرات حتى أشعر به فى قلبى . نجحت جزئيا ، وبعدها تشجعت على أن أقضى مع كل فرض فرضا آخر ، أى أصلى الظهر مرتين ، والعصر مرتين .

الانشغال بالصلاة جعلنى شخص آخر ، وفعلا الصلاة كنز لا يعرفه إلا من يتذوق الخشوع فيها ، ويشعر أنه على صلة بالله ، وأنه فى حماية الله ، وطالما هو فى صلة مستمرة مع الله وفى حماية الله فلا يمكن أن يخشى من مخلوق مثله . تعودت من عامين قضاء الصلاة فرض مع فرض . ثم تدهورت صحتى ، وهذا شىء عادى لأنى بلغت أرذل العمر . بدأت أعراض الشيخوخة تهاجمنى . آلام المفاصل بسبب جلوسى فى متجرى معظم النهار ، ثم جلوسى للقراءة فى البيت ، مفاصل الظهر والديسك مرهقة ، ومعها أتحرك بصعوبة ، واصبحت أصلى جالس على كرسى ، ثم عندما أحتاج للتبول لا استطيع التحكم فى نفسى ، أتحرك نحو الحمام بصعوبة فيخرج البول منى وينجس ملابسى الداخلية ، وأنا أعيش وحدى معظم الوقت ، وصعب علىّ جدا عند كل مرة أتبول فيها على نفسى أن أغير ملابسى .

وجدت الحل . ففى الصلاة عند التعب أصلى الفرض ومثله وأنا جالس أو وأنا نائم ، وأخشع فى الصلاة وأركز فيها بكل ما استطيع ، وأعيد ما أنساه . وايضا من أعراض الشيخوخة أنى أصبحت أنسى أكثر واكثر فى الصلاة ، حتى مع الحرص على الخشوع . أصبحت أتشكك هل صليت ثلاثة ام اثنين ، هل سجدت مرة أم مرتين . وعالجت هذا بالاعادة . فأصبحت اصلى الظهر مثلا خمس ركعات ، وربما أسجد فى الركعة ثلاث مرات ، لأنى غير متأكد ، وملابسى  الداخلية أكتفى بتغييرها كل صباح ، وأقول لنفسى ان ربنا ما جعل علينا فى الدين من حرج ، وأنه سبحانه وتعالى جعل الدين يسر . وهذه هى حالتى الآن . اصلى الفرض ومثله معه ، أعيد الركعة إذا تشككت ، وأعيد السجود وأعيد قراءة الفاتحة حتى اشعر بالخشع فيها . وفى الطهارة لا ألتزم بطهارة ملابسى التى يلوثها تبول لا إرادى . أغيرها يوميا فقط . أصلى على كرسى لأنى لا أستطيع السجود على ركبتى . وأحيانا اصلى وأنا نائم أو مضطجع حين يغلبنى التعب . ولا أشعر بالتقصير لأن هذه هى إمكاناتى ، ولأن الله الخالق جل وعلا هو الذى جعلنى هكذا فى شيخوختى ، ولأنه سبحانه وتعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها . هنا السؤال : هل أنا معذور ام لا ؟ ) . إنتهى .

وأقول لصاحب الرسالة :

1 ـ أنت على الطريق المستقيم . ولك أن تحمد الله جل وعلا أن هداك الى الحق ، وهو جل وعلا الغفور الرحيم الذى لا يكلف نفسا إلا وسعها .

2 ـ بقى أن يتعلم منك الآخرون .    

اجمالي القراءات 7765