نفحات من عفن التراث المقدس
أخلاق وتراث

نهاد حداد في الأحد ١٣ - أغسطس - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

 
منذ مايناهز القرن ، نعت فرويد النساء كلهن بالعهر قائلا : " كل النساء عاهرات إلا أمي ، وأنا أستثنيها احتراما فقط " ! 
مالذي جعل هذا العالم النفسي في زمانه يسقط هكذا نعت دون استثناء ، مع أن لكل قاعدة استثناء وكل شيء نسبي ، مالم يقله هو إن وجود العاهرات يستلزم بالضرورة وجود فاعلين رجال ، وهذا مالم يتحدث عنه لأن النظرة الرجولية لم تستثن هذا العالم الفذ، فوجود عاهرة يستلزم بالضرورة وجود زاني. 
لم تحمل لنا أخبار التراث أو الأحاديث رجما للإثنين معا ، للرجل والمرأة ، حيث تقول الرواية بأن الغامدية أتت النبي عدة مرات فحاول إبعادها بجعلها ترضع ولدها حتى بلغ عامين ،وحين أصرت على العودة وتطهير ذاتها و اراحة ضميرها ، أمر برجمها، فكان ذلك اختيارها، وقد أتيحت لها شهور طوال لتفكر في الأمر وتتراجع عنه لو أرادت ، لكنها اشترت الآخرة ورغبت عن الدنيا ! ومع ان القرآن يؤكد بأن التوبة هي التراجع عن الفعل وعدم العودة اليه ، ( وهو مافعلته هذه السيدة ) الا ان هذه الحادثة تذكرنا اكثر بالديانات الوثنية التي تغسل غضب الالهة بالتضحية . 
بغض النظر عن صحة الحادثة ، فإنها لو حصلت - ونحن طبعا لانجزم بصحتها - فإنها تثير مجموعة من القضايا أهمها روح الدين والغايات السامية من الحدود ! 
لن نتساءل كثيرا لأن موضوع مقالنا هو الأخلاق ، ولكننا رأينا بأن هذا الحد ، والذي نرى أنه لم يقع ، ولكن إن وقع، فإن النبي قد أمر به قبل نزول آية الجلد كحد للزنى ، فالنبي قرآني بالضرورة ، ولا يمكن أن يفعل شيئا مغايرا لمايأتيه به الوحي ، إلا أن يكون قد قام به قبل نزول ما ينهاه عن ذلك ! 
لنفرض أنه قد فعل ! 
ألم يخطر بباله أن الغامدية ليست مريم العذراء وبأنها لايمكن أن تحبل بدون وجود مشارك لها في ذات الفعل ؟ ألم يكن يجدر به البحث عن المشارك في الجريمة ؟ ام انه كان يغض الطرف عن الرجال ويعاقب النساء فقط؟ 
أكيد لا ، لأنه كان على خلق عظيم ، والخلق العظيم يقتضي العدل . سيحتج علي احدهم انه فعل نفس الشيء مع رجل آخر اعترف على نفسه فرُجم هو أيضا دون المرأة . فليكن ! 
ولكن معنى هذا ان المسألة لم تكن لها علاقة بالدين إذن وإنما بالفضيحة، فهذا يدل على أنك ان زنيت في الخفاء ولم تعترف فلا جناح عليك ! وهنا نتساءل عن روح الدين والأخلاق حسب التراث ، هل الاخلاق في النهي عن الزنا والاقلاع عنه أم هي في ممارسته في الخفاء وراء الابواب المغلقة كما كان الحال دائما وأبدا؟
فهل أصبح الدين يعاقب على التوبة أم أنه يحتضن التائبين ؟ 
فالتوبة تنم عن إحساس مرهف وضمير حي لم يتحمل الخطأ فرغب في التكفير عنه ، لذلك فإن من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا! وهل زنى رجل وامرأة في الخفاء مع التوبة فساد في الأرض أم أمر شخصي للخالق وحده حق التدخل فيه سواء بالغفران أو العقاب ؟ 
روح الدين والغاية من وجوده هي إزالة الهم الوجودي وإراحة ضمير الانسانية لتسمو أخلاقيا إلى بارئها ، لا إلى إهدار الدماء ورمي الناس في جهنم لكي نحظى بالجنة ! 
ثم ان النبي الذي فكر في الرضاعة غابت عنه التربية، خصوصا وان أباه لم يظهر ولم يعاقب ! 
ماذا سيكون مصير هذا الطفل في مجتمع يدعو الناس لآباءهم، او لم يكن الاهون رجمها وهي حامل أم أنه لا تزر وازرة وزر أخرى ؟ 
وإن لم تزر الوازرة وزر الأخرى فلماذا يتحمل طفل عمره عامين تم فطامه وزر أم وعقوبة اجتماعية لا ذنب له فيها ! 
لنتدبر روح الدين والغاية من وجوده ، والغاية من تطبيق الحدود قبل أن نجعل من القرآن كتابا متناقضا يحث على " لا تزر وازرة وزرة أخرى " لكنه يحمل في ذات الوقت طفلا أوزار أخطاء غيره بسبب الحث على قتل نفس بغير نفس ؟ 
وإذا كانت الموؤدة تُسأل عن أي ذنب قتلت به ، أو لن يُسأل هذا الطفل الذي أراد الله له الحياة بأي ذنب سيبقى يتيما مضهدا حاملا وصمة عار لا تعنيه ! 
افلا يتذكر أولو الألباب؟
العهر والعهر المقدس  
ان يختار شخصان معاشرة بعضهما فهذا اختيار 
لكن ان يعاشرا بعضهما ثلاثة أيام فإن أرادا استمرا وإن أرادا تتراكا ، فهذا أمر إلاهي ممن لا ينطق عن الهوى ! 
قد يكون الزنا خيارا إنسانيا وهذا وارد ، لكن حين يصبح من الدين وبأوامر نبي فهنا يجب أن نتساءل عن علاقة الأخلاق بالدين ! 
حيث يصبح الدين لا أخلاقيا ( طبعا نحن ننكر الأحاديث ونحن اذ نتحدث عنها فنحن ننتقد ماتحمله من فجور وعهر مقدس ) ! 
عن عائشة ( ض ) أنها قالت : " كان النبي يقبلني شدقي تمرة " ، ما يحمله هذا الحديث من إيحاءات جنسية لو قدم اليوم على شاشات السينما لأحرق المتأسلمون كل سفارات العالم ! ولكنهم يجدونه طبيعيا وهو يخرج من فم زوجة نبي كان الأولى بها أن تستعفف في كلامها لا أن تجاهر بحياتها الجنسية، ( ونحن ننفي ان تكون قد فعلت ! ) 
ينسى الجميع ان رضاع الكبير بالرغم من لا أخلاقيته، فهو يحمل في طياته أكبر معصية قامت بها عائشة قبل موقعة الجمل ! 
ام المؤمنين لم تمتثل نهائيا لاي امر إلاهي ! يقول رب العزة ، " قرن في بيوتكن " ، لكنها خرجت محاربة في موقعة الجمل " 
" وإذا سألتموهن متاعا، فاسألوهن من وراء حجاب " غير انها اخترعت رضاع الكبير كي تستقبل الغرباء ! 
فهل وجد هذا الدين للتحايل عليه من أقرب الناس لهذا الدين ورسول هذا الدين؟ أم أن لا أخلاقيات التراثيين جعلتهم يعيثون في الأرض فسادا ؟ 
اجمالي القراءات 8240