هل ما يحدث في العالم الاسلامي الان هو اعادة تسويق الوهابية باعتبارها تمثل الاسلام بشموليته ؟

مهدي مالك في الثلاثاء ١١ - يوليو - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

 

 

هل ما يحدث في العالم الاسلامي الان هو اعادة تسويق  الوهابية باعتبارها تمثل الاسلام بشموليته ؟

                                          مقدمة مطولة

منذ سنوات لم اتناول في مقالاتي قضية من قضايا الشان الدولي باعتباري لست متخصصا في هذه القضايا و خباياها الاستراتيجية و السياسية.

 لكن بعد الزيارة الاستعراضية التي قام بها الرئيس الامريكي دونالد ترامب للعربية السعودية تحت ذريعة محاربة الارهاب الواهية بالنسبة لي عبر القمة العربية الاسلامية الامريكية ظهرت لي مجموعة من التحليلات و القراءات نحو جميع الاتجاهات...

ان من بين هذه القراءات المتواضعة ان الرئيس الامريكي قد اختار السعودية لتكون منبرا لمخاطبة العالم الاسلامي بصفتها ارض أقدس مقدسات الاسلام اي المسجد الحرام و المسجد النبوي حيث هذا يبدو منطقا بحكم ان السعودية هي ارض نشا فيها الدين الاسلامي و نشا فيها رسولنا الاكرم محمد عليه الصلاة و السلام..

اعتقد شخصيا و يعتقد العقلاء ان ليس من المقبول ان يحاول رئيس اقوى دولة في العالم من خلال خطابه العجيب تجميل صورة السعودية دوليا و توجيه سهام الاتهام بدعم الارهاب الى الجمهورية الاسلامية الايرانية و الى حركة حماس و الى حزب الله اللبناني الخ  دون اي ذكر لاسم الوهابية باي حال من الاحوال...

طبعا لست هنا ادعي انني ماهر في الشؤون الدولية او خباياها كما اشرت  بل اتحدث هنا بصفتي كاتب متواضع فقط حيث اعتقد ان من السخافة من يعتقد ان السعودية ستساهم في محاربة التطرف و الارهاب الان بحكم ان ايديولوجيتها الدينية الرسمية اي الوهابية هي اكبر منظمة ارهابية في العالم منذ عقود من الزمان حسب اعتقادي المتواضع حيث اسست جماعة الاخوان المسلمين بمصر سنة 1928 اي قبل ظهور المملكة العربية السعودية حتى..

 ان بني عبد الوهاب عملوا على مستويان الاول هو الداخل السعودي عبر اخضاع الناس بالحديد و النار من خلال تاريخ طويل من المذابح و هتك الاعراض مثل ما تفعله داعش الان و مثل ما فعله بني امية و بني عباس في القرون الماضية تحت انظار علماء السلف الذين جعلوا الدين الاسلامي يتناسب مع جاهلية العرب قبل نزول الوحي على نبي الرحمة .

اما المستوى الثاني فيتعلق بخارج السعودية حيث تلعب المصالح الاقتصادية الدور الحاسم بحكم ان بلاد الحرمين الشرفيين تتوفر على الذهب الاسود اي النفط حيث يسيل لعاب الامريكان بشكل خاص للحصول على هذا الكنز الاستراتيجي باي ثمن بمعنى ان الادارة الامريكية على مر هذه العقود تعرف جيدا ان السعودية  لا تتوفر على اية ديمقراطية مهما كانت او على اي دستور بحكم ان السعودية تقدم نفسها للعالم بان نظامها قائم على القران الكريم و على السنة النبوية التي تم تدوينها بعد 200  سنة من وفاة الرسول الاكرم ص حسب راي القرانيين لكن توجد في هذه السنة اشياء ايجابية من قبيل صحيفة المدينة التي اعتبرها اول دستور علماني في تاريخنا الاسلامي .....

لكن ان بني عبد الوهاب قد اسسوا دولتهم الاسلامية كما يحلو للبعض تسميتها على تقديم الاسلام بشموليته باعتباره دين يعارض التجديد مهما كان حيث كان فقهاء السعودية في ثلاثينات القرن الماضي يحرمون المذياع و الهاتف الخ من اجهزة الغرب الكافر حسب قول الاستاذ صبحي منصور .

و باعتباره دين يعارض الديمقراطية بصفتها كفرا بالله و بصفتها وضعها الغرب الكافر حيث ان مصطلح الديمقراطية بالنسبة للوهابيين هو يتعارض مع الاسلام كليا علما ان رسول الاسلام محمد ص قد اسس دولته الاسلامية  الوحيدة في التاريخ حسب قول الاستاذ صبحي منصور على الديمقراطية المباشرة كما سماها و الشورى كفريضة سادسة من فرائض الاسلام كالصلاة و الصيام لكن بعد وفاة رسول الاسلام ظهرت الفتنة الكبرى بين المسلمين التي كانت من نتائجها البارزة بالنسبة لي هي اختفاء هذه الديمقراطية المباشرة او الشورى نهائيا و صعود الجاهلية العربية لكن بملابس الاسلام مع الدولة الاموية التي جعلت الدين الاسلامي يخدم مصالح الاعراب و تقاليدهم الاستبدادية في الحكم و في المجتمع انذاك بمعنى اخر ان بني امية وضعوا حدا لقيم الاسلام الحقيقية من قبيل المساواة بين المسلمين و العدل و عدم الظلم و الغزو تحت ذريعة جهاد الطلب الخ من قيم الاسلام الحقيقية....

و باعتباره دين يعارض حقوق المراة كأن تاريخ الاسلام لم يسجل نضالات المراة في صدر الاسلام حيث ان السيرة النبوية نفسها حافلة باسماء النساء اللواتي ساهمن بقوة الايمان في نصرة الدعوة الاسلامية بمكة المكرمة حيث يكفي ام المؤمنين السيدة خديجة زوجة رسولنا الاكرم كنموذج التضحية من اجل هذه الدعوة الرامية اصلا الى محاربة تقاليد الاعراب الجاهلية بشان حقوق المراة من قبيل السبي و امتلاك الجواري بدون اي حدود ....

غير ان في الدولة الاموية رجعت هذه التقاليد الجاهلية لكن بملابس الاسلام عبر تاويل ايات ملك اليمين نحو السبي في الحروب و نحو امتلاك الجواري بدون اي حدود بمعنى ان فقهاء ما يسمى بالخلافة الاسلامية اجتهدوا اجتهادات تتناسب مع غرائز الاعراب الجنسية و مع احتقار المراة ....

اذن يستفاد من كلامي هذا ان الوهابية هي امتداد منطقي لقرون الاستبداد و التحريف الديني بإيعاز من طرف الحكام و من طرف فقهاء السلف حيث من الخطأ العظيم الاعتبار ان الوهابية او السلفية او فضلاتهما هي تجسيد لحقيقة الاسلام بكل تفاصيلها الحضارية و الايديولوجية و السياسية...

ان هذا الاعتبار الخاطئ قد ساهم بشكل حاسم في تشجيع الارهاب العابر للقارات منذ تسعينات القرن الماضي حيث لا ننسى مجموعة من الحقائق مثل ان السعودية دعمت حركة الاخوان المسلمين في مصر ابان نظام جمال عبد النصر القومي العلماني حيث تشير بعض الاراء الى ان السعودية قاطعت علاقاتها مع مصر انذاك لكن بمجرد تولي انوار السادات مقاليد حكم مصر رجعت العلاقات الحميمة بين مصر و السعودية لدرجة ان البعض قد اعتبر مصر بمثابة حديقة خلفية للسعودية ....

و  مثل ان السعودية دعمت حركة الطالبان الارهابية بافغانستان بشكل علاني عبر الترويج لها سياسيا و ايديولوجيا بايعاز من طرف امريكا ابان حربها مع روسيا الحالية  .

 و كما دعمت العراق في حربها مع ايران بسبب الأخوية العربية و بسبب معاداة السعودية الشديدة للشيعة عموما و للثورة الايرانية خصوصا بايعاز من طرف امريكا كذلك...

 و دعمت ايضا جمعيات الدعوة السلفية في العالم بهدف نشر ايديولوجيتها اي الاسلام المتطرف بادبياته و قواعده في مختلف انحاء العالم قصد نشر الفوضى الخالقة في المجتمعات الانسانية .

و بالاضافة الى جيش ضخم من الفضائيات الدينية السعودية التي تتعارض بشكل عظيم مع ابسط حقوق الانسان حيث تحرض على ما يسمى بالجهاد في عز النهار اي ان سجل السعودية في مجال دعم الارهاب هو سجل اسود للغابة بالنسبة للعقلاء   .....

               الى صلب الموضوع

اعتقد ان الادارة الامريكية الحالية قد استجابت لمطالب السعودية المتمثلة في ادراج كل من ايران و حزب الله اللبناني و حركة الاخوان المسلمين و حماس  ضمن قائمة الارهاب بغية الحصول على المزيد من الاموال الضخمة و الذهب الاسود اي ان هذه الادارة الاقتصادية بامتياز قد فضلت الاموال الضخمة على محاربة الجذور التاريخية و الفكرية لمعضلة الارهاب الوهابي كما اسميه و بالتالي فان امريكا اعطت الضوء الاخضر للوهابية كاكبر منظمة ارهابية في عالم اليوم لكي تقتل المزيد من الابرياء باعتبارهم كفار و لكي تسبي المزيد من النساء باعتبارهن من ملك اليمين ...

ان ما يحدث في عالمنا الاسلامي اليوم من الخلاف العميق بين السعودية و قطر انظر اليه شخصيا باعتباره خلاف المصالح و المراكز لا اقل و لا اكثر اي من يقود قيادة مجلس التعاون الخليجي في الظاهر و من يقود قيادة الارهاب الوهابي ببعده السياسي مع التيارات الاسلامية و ببعده الجهادي مع  داعش و نصرة الخ في الخفاء..

ان الجميع يعرف قطر عبر قناة الجزيرة الاخبارية التي شجعت جماعة الاخوان المسلمين منذ انطلاقتها سنة 1996 من خلال السماح للشيخ يوسف القرضاوي بتقديم برنامج الشريعة و الحياة لسنوات عديدة حيث ان هذا الشيخ هو قريب من الاخوان المسلمين و قريب من السلطة القطرية...

لا شك ان الجميع يتذكر ان قناة الجزيرة بعد احداث 11 شتنبر 2001 بامريكا و الغزو الامريكي لافغانستان كانت منبرا للارهابي اسامة بلادن و جماعته لنشر افكاره على نطاق واسع داخل مجتمعاتنا الاسلامية الغارقة اصلا في الامية الابجدية و التاريخية حيث فعلا لعبت قناة الجزيرة دورا جوهريا في الترويج للفكر الارهابي حيث استضافت هذه القناة منذ سنوات قليلة رئيس جبهة النصرة المتقاتلة في سوريا الان بشكل علاني  بمعنى ان تبادل الادوار بين السعودية  و قطر بشكل سري في نشر التطرف و الارهاب الوهابيان كما اسميه صار واضحا للعيان..

ان مقاربة السعودية و قطر تجاه ثورات الربيع العربي كما يصطلح عليه عندهم تختلف حيث انني اتذكر في بداية ثورات الربيع الديمقراطي قد أفتى مفتي السعودية فتوى مفادها ان الخروج عن والي امر المسلمين يعد حرام في الدين الاسلامي حسب تاويلهم الوهابي الرافض لاي تغيير في محيط السعودية اي مصر و اليمن لكن السعودية  ناصرت الثورة السورية بسبب وحيد الا و هو تحالف النظام السوري مع حزب الله اللبناني و مع ايران بمعنى ان السعودية تتعامل من منطلق الكراهية المذهبية و التعصب العرقي اي العروبة اولا.

 ان قطر عبر قناة الجزيرة ناصرت هذه الثورات في تونس و في ليبيا و في مصر و في سوريا و في اليمن بهدف وحيد الا و هو مناصرة تيارات الاسلام السياسي للوصول الى الحكم عبر العملية الانتخابية اي الديمقراطية الغربية حسب اعتقاد الاسلاميين ذوي النزعة السلفية بمعنى ان قطر تريد ان تنشر المشروع السياسي الاسلامي حسب النزعة السلفية في عالمنا الاسلامي ككل باية طريقة ...

و لهذا قامت قناة الجزيرة بدعم جماعة الاخوان المسلمين  ابان ثورة 25 يناير 2011 بالقوى بحكم ان نظام مبارك قد قمع هذه الجماعة بايعاز من السعودية المؤسسة لها في اواخر عشرينات القرن الماضي حيث من المؤكد ان الاخوان المسلمين قد خرجت عن بعض الاسس الوهابية من قبيل  رفض الديمقراطية و الدستور الخ من اسس المدنية السطحية بالنسبة لجل تيارات الاسلام السياسي الداخلة في الحياة السياسية لان المدنية الحقيقية او بمعنى اخر العلمانية  الحقيقية هي فصل بين الدين و الدولة و هي ترسيخ حقوق الانسان كما هي في المواثيق الدولية .....

اذن اؤمن ان السعودية و قطر وجهان لعملة واحدة الا و هي الارهاب الوهابي ببعده السياسي و الجهادي بدون ادنى شك حيث اصبح الدين الاسلامي متخلفا عن ركاب الحضارة و التطور و اصبح ديننا الاسلامي حسب التاويل الوهابي يكفر اصحاب القبلة كالشيعة و القرانيين و العلمانيين حيث هنا  سؤال عريض الا و هو هل صارت الوهابية تمثل الاسلام بشموليته الان بعد زيارة الرئيس الامريكي   ؟

ان من المستفاد من هذا المقال المتواضع ان السعودية مازالت مصرة على فرض وهابيتها المتوحشة بدعوة انها الاسلام الاصيل و محاربة كل من يخرج عن اساس من اسسها الرجعية  التي شوهت صورة الاسلام كدين يدعو الى مكارم الاخلاق و الى العدل ...................  

                                         المهدي مالك

اجمالي القراءات 8828