كُلنا يعلم موضوع النزاع السيساوى –المصرى ،على ملكية جزيرتى (تيران وصنافير ) ،وإصرار السيسى وبطانته على التنازل عنهما لكفيله وأولياء نعمته من (آل سعود ) . وبعد أن حكم القضاء المصرى لصالح مصرية الجزيرتين صمم (السيسى ) على إرسال إتفاقية ترسيم الحدود البحرية التى وقعها بليل فى غفلة من المصريين بينه وبين (آل سعود ) إلى مجلس نوابه لتمريرها وتسليمهما إلى السعودية فى اقرب وقت طبقا لآخر تعهدات تعهد بها فى مؤتمر الرياض الآخير لكفيله (سلمان السعودى )
.فلذلك جند كل وسائل الإعلام والخانعين والمُنافقين واصحاب الريالة على ريالات (آل سعود ) للتطبيل والتهليل والإنشاد لسعودة الجزيرتين ، ومنع نشر أى رأى فى الصحافة والإعلام يتحدث او يكتب عن مصرية الجزيرتين ، وبسبب قرار المنع هذا لازال رئيس تحرير المساء حتى الآن فى إعتصام مفتوح بالجريدة بعد أن حذفوا كل مقالات الرأى الحُر المخالف لإتجاه السيسى وبطانته فى هذا الموضوع اول أمس .
ومن المُحزن أن يكون ضمن هؤلاء( بقصد أو بدون قصد) الدكتور –فاروق الباز.
فالدكتور فاروق الباز . (متطوعا أو باوامر مُباشرة من السيسى الله اعلم ) ارسل مذكرة تفصيلية لمجلس النواب المصرى يشرح فيها سعودة الجزيرتين بناءا على ( إشتراك اعماق اعماق الصخور الأرضية للجزيرتين مع الفلق الجيولوجى للجزء السعودى من الأرض فى هذه المنطقة من البحر الأحمر ، وأن الجزيرتين يسيران جيولوجيا فى إتجاه الإنفصال عن الفلق المصرى بعد ملايين السنين والإنضمام إلى الفلق السعودى ،وبناءا عليه فإنهما سعوديتان ) .
وأنا أقول له ببساطة شديدة :
. لن أُناقش نواياك فحسابها عند ريى سبحانه وتعالى . ولكن سأُناقش فرضيتك الجيولوجية وإستخدامها فى ترسيم الحدود .
=
بداية طيب ياسيدى فليكونا مصريتين إلى أن تنقضى هذه الملايين من السنين وينضمان جيولوجيا بنفسهما كُلية إلى الفلق السعودى وبعدها نرى ونُقرر هل اصبحتا سعوديتين أم لا ؟؟
==
الأهم هو أن تفسيرات الدكتور الباز خاطئة فى طريقة ترسيم الحدود الجغرافية بين البلاد لسببين .
الأول .
ان الدكتور الباز نفسه ألف كتابا سنة 79 عن جغرافية مصر وجيولوجيتها وثرواتها الطبيعية والمائية واهداه للرئيس السادات يضم فيه الجزيرتين ويُثبت فيه مصريتهما ، وكان هذا الكتاب احد ادلة دفاع الجانب المصرى ضد الجانب السيساوى اثناء نظر القضاء المصرى لقضية (إتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين السيسى وآل سعود وما يخص تيران وصنافير فيها ).
الثانى :
لم يحدث فى تاريخ البشرية فى يوم من الأيام أن قُسمت ورسمت الحدود البرية او البحرية بين الدول بناءا على ظواهر التضاريس والنظريات الجيولوجية ابدا ، وإنما تُرسم الحدود بناءا على حقائق التاريخ والجغرافيا وأسبقية إعمار الأرض فى المنطقة . وإلا فبمنطق الدكتور الباز ،فإن على مصر التنازل فورا عن سيناء ،او على الأقل العريش ورفح المصرية إلى فلسطين لأنهما تشتركان معها فى العمق الجيولوجى لجذوروأعماق طبقات الأرض ،وأن سيناء منفصلة جغرافيا (فهى ضمن قارة ىسيا ) عن بقية الأرض المصرية الإفريقية .
وان عادات وتقاليد أهل سيناء تتطابق كُلية مع عادات وتقاليد وطريقة حياة إخوانهم الفلسطينيين اكثر من تشابهها مع عادات وتقاليد وحياة إخوانهم المصريين فى الوجه البحرى والصعيد .
==
وكذلك فلنفعل هذا مع محافظة مرسى مطروح والواحات فى غرب مصر لأنها جيولوجيا جزء لا يتجزأ من جيولوجيا الأرض الليبية المُلتحمة بها . وكذلك العادات والتقاليد البدوية لأهل مرسى مطروح هى نفسها هى عادات اهل ليبيا ،إذن هى اقرب لليبيا منها إلى مصر.
=
وكذلك جنوب مصر من اسوان والنوبة ومحافظة البحر الأحمر إلى حلايب وشلاتين فلنتنازل عنهم إلى السودان لأنها منطقة جيولوجية وصخرية ومائية واحدة .
= أو العكس فلتحتل مصر (غزة ورفح الفلسطينيتين ،وبنى غازى وما قبلها من مدن حدودية ليبية ، وشمال السودان ) وتضمهم للأراضى المصرية لأنهم يشتركون جيولوجيا معها !!!!!
لقد نسى الدكتور فاروق الباز ،ان حدود الدول الأوروبية كلها ليس بينها وبين بعض إلا مجرد إشارات مرورية ،او على الأكثر شوارع تفصلهم عن بعضهم البعض ،بل إن هناك بيوت نصفها فى دولة والآخر ضمن حدود دولة أخرى .وأنها كُلها تشترك فى عمق جيولوجى ارضى واحد ورغم ذلك فهى دول معروفة ومعلومة الحدود بينها وبين بعض ، ولم تتنازل دولة منهم عن جزء من ارضها لدولة أخرى لأنها تشترك معها فى فلق جيولوجى واحد .
-- ونسى دكتور الباز . ان ولاية (الاسكا الأمريكية ) (الروسية سابقا ) هى جيولوجيا وجغرافيا من المُفترض ان تكون ولاية كندية 100% فهى تقع ضمن شمال غرب غرب كندا ومفصولة تماما جيولوجيا وجغرافيا عن امريكا بولاية (بريتش كولومبيا الكندية التى تساوى ضعف مساحة مصر ) ومفصولة عن روسيا تماما بالمحيط الهادى والقطب الشمالى ، ورغم ذلك فقد كانت ولاية روسية واشترتها امريكا منها ب 10 مليون دولار بعد ذلك وهى الآن ولاية امريكية .فهنا العامل المُشترك الجيولوجى لا قيمة له فى ترسيم الحدود بين البلاد . . وكذلك مدينة تورنتو (اهم مدينة كندية ) وبعض المدن الكندية المجاورة لها فهى واقعة فى داخل حدود وعمق ولاية نيويورك الأمريكية فهل تتنازل عنها كندا لأمريكا لأنها جيولوجيا ضمن اعماق ارض ولاية نيويورك الأمريكية ؟؟
بل إن الأكثر أن مملكة ليسوتو الأفريقية تقع كلها داخل دولة جنوب افريقيا ،فجنوب افريقيا تحيط بها من كل الجوانب .ورغم ذلك فهذه مملكة وهذه دولة منفصلة عنها تماما ،فهل لإشتراكهما فى العمق الجيولوجى نحكم على مملكة ليسوتو بالإنضمام الإجبارى والإنصهار داخل دولة جنوب افريقيا ؟؟؟
=
كل هذا بالإضافة إلى أن حتى سنة 30 لم تكن هناك على خريطة العالم ما يُعرف بمملكة سعودية معلومة ومرسومة الحدود ،بل كانت اقاليم ومشيخات وقبائل رُحل هنا وهناك فى شبه الجزيرة العربية تابعة ماليا وإداريا لمصر ، فمتى كانت الجزيرتان سعوديتين يا دكتور فاروق ؟؟
==
سيقول بعض الكرام إذن سيذهب (آل سعود ) إلى التحكيم الدولى .
وما هى المُشكلة فليذهبوا إلى التحكيم الدولى ،وليأخذ التحكيم الدولى وقته ، ولتمر القضية بكل مراحل التقاضى الدولى وإذا كان مع (آل سعود ) ما يُثبت تاريخيا انهما سعوديتان (غير كتاب الساقط -مصطفى بكرى ) وحكم لهم القضاء الدولى بهما ،فلتنتقل إدارتهما لهم . وإذا ثبت انهما مصريتان فليُحاكم السيسى وبطانته وحكومته ومجلس نوابه بتهمة الخيانة العظمى .
=
فى النهاية انا كمصرى كُنت أحترم الدكتور فاروق الباز لعلمه ولكن الآن حزين عليه بسبب سقطته هذه ،والتى رٌبما تُسىء له ولتاريخه ولمكانته عند المصريين .
وقضية تيران وصنافير ليست فيها وجهات نظر بل هى قضية وطن وكرامة شعب وحفاظ على ممتلكاته ومقدراته وأمنه القومى وحدوده ومستقبل اولاده .
