المشركين بين الماضي والحاضر
{وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ}

ابراهيم احمد في الأحد ٠٤ - يونيو - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

حين نفتح القران الكريم ونقرأ قصص الأنبياء وخاصة ما نزل عن خاتم الرسل محمد عليه السلام مع قومة نجد أنهم قد تعرضوا للإضطهاد في حياتهم بسبب أختلاف الأراء و التوجهات الفكرية والعقيدية بينهم وبين المشركين .. فالله يأمرهم ان يخلصوا الدين لله ، وهم لا يرضون إلا ان يشركوا ماوجدوا عليه ابائهم ، ومع هذا فالله تعالى قد كفل الحرية للجميع بأن يعملوا مايشائون وأن حسابهم لهم في يوم الدين {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ(11) وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ (12) قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (13) قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَّهُ دِينِي (14) فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُم مِّن دُونِهِ ۗ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ أَلَا ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ } .. وقال {إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا ۗ أَفَمَن يُلْقَىٰ فِي النَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ ۖ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} 
 .. لكن المشركين من أمة قريش لم يرضوا بهذا الحكم الالهي ويريدون أن يستمسكوا بحكم الطاغوت و حكم الجاهلية في العصور الوسطى القائم على الأستبداد ، و القهر و الذل والإكراه وفرض سلطة على الأخر ، الذي لا يعرف التعامل إلا بالغة السيف والدماء ، فأخذوا يجادلون النبي والذين امنوا معه وماكان للنبي إلا ان يعرض عن جدالهم ويقول لهم سلاماً وقال سبحانه {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (94) إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ(95) الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ ۚ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} وقال { لِّكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ ۖ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ ۚ وَادْعُ إِلَىٰ رَبِّكَ ۖ إِنَّكَ لَعَلَىٰ هُدًى مُّسْتَقِيمٍ(67) وَإِن جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ (68) اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} وقال {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ} وقال {قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ } {قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ} {وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ ۖ أَنتُم بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ } .. {قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ ۖ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ ۗ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ } {وَقُل لِّلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ (121) وَانتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ(122) وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ۚ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } {وَقِيلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هَٰؤُلَاءِ قَوْمٌ لَّا يُؤْمِنُونَ(88) فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ ۚ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } { وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ ۗ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ ۖ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ} وصدق الله العظيم .
- ورغم أن النبي ومن معه كانوا يردون الإهانه و الإساءة بالإحسان وصفح والعفوا لكن المشركين  مع ذلك لم يرضوا ، ولم يشفى غليلهم إلا بالخلاص عليهم وإنهاء حياتهم ، فأما أن تكون معنا على ملة أبائنا وأما القتل والقتال ، فأخذوا يطاردون النبي ولذين معه ويضطهدونهم في بلادهم ، وماكان للنبي والذين امنوا معه إلا ان يهربوا من قهرهم واستبدادهم وأكراههم  ؛ إلا أن نزل الإذن من الله عليهم بالقتال لأجل الدفاع عن أنفسهم ورد الظلم حيث قال سبحانه {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ } لكنهم مع ذلك كان النبي والذين أمنوا معه رحماء مع ناس ، ولم يكن يحبون او يستسيغون القتل والقتال وسفك الدماء لكنه كان واجب عليهم القتال ، فقال الله تعالى لهم {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ }.. وصدق الله العظيم.
 - ورغم أذن الله لهم بالقتال مازال المؤمنين يجدون صعوبة في تقبل هذا الأمر، و يحاولون بكل الطرق أن يتفادوهم ويهربوا منهم دون أن يلجئوا إلى خوض قتال معهم من أجل رد الفتنه ، ولكي يعود السلام على البلاد ، فجاء العتاب عليهم من الله بقوله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ ۚ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ ۚ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ } ومازال المشركين يستمرون في عدائهم ، وقتل النفس بغير حق ، وانتهاك حرمات الله ، والأشهر الحرم ، وحاصروهم حول المسجد الحرام ، ومنعوهم من دخول بيت الله للحج فاتبرئ الله منهم ووصفهم بنجس لسوء وقبح عملهم العدواني وأمر أن لا يقتربوا من المسجد الحرام {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَٰذَا ۚ وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاءَ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } .. وصدق الله العظيم.
- الخلاصة من كل هذا هو حينما نستعرض هذه القصص التي نأخذها بدافع العظة والأعتبار  او ليست مشابهه لما يحدث في عصرنا الحالي وما يحدث في الحرم المكي اليوم على ايدي المهلكة السعودية ؟ التي تفرض رسوم لدخول الحج ، وتتاجر بدين الله وباياته ، وتتدخل في عقائد الأخرين وايمانهم بربهم ، بل وتفرض عليهم العقيدة التي يريدونها هم وابائهم ، ولو قمت بمخالفة أمرهم أباحوا دمائك والصقوا تهمهم وجرائمهم بأسم الله وبأسم الدين وأن هذا ماوجدوا عليه ابائهم يفعلون تماماً كما قال من كانوا قبلهم { وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا ۗ قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ ۖ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (28) قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ ۖ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ۚ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (29) فَرِيقًا هَدَىٰ وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ ۗ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ} وصدق الله العظيم.
 -وكما نعلم جميعاً أن الدين هو لله الذي شاء ان يخلق الناس بمختلف فكرهم وعقائدهم ومذهبهم وطوائفهم واجناسهم {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ ۚ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ ۗ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} ، و ليبلوهم بنهاية أيهم أحسن عملاً .. وايهم أكفئ درجات عند الله من الأخر { وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا ۖ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ۚ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } {لِّكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ ۖ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ ۚ وَادْعُ إِلَىٰ رَبِّكَ ۖ إِنَّكَ لَعَلَىٰ هُدًى مُّسْتَقِيمٍ} ، وعليه فان الله قد خلق لنا هذه الأرض ، وما عليها متاع لنا جميعاً لنهاجر فيها وننبتغي من رزقها ، ونعيش بها في سلام ، و الله تعالى يقول {قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ} وقال {وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً ۚ وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا}
 الله تعالى قد جعل الأرض كلها متاع وزينه للناس لكي يتمتعوا بها بحرية وسلام وفي ذات الوقت جعلها دار ابتلاء وأختبار لكي يمتحن الناس أيهم أحسن عملاً وقال {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} { وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۗ وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُم مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ} ، وجعل الضابط بيننا بختلاف عقائدنا وطوائفنا هو العمل الصالح والمسالمه و المسارعة لفعل الخيرات و تعاون على البر و تقوى وعدم التعاون على الأثم و العداون ، فقال سبحانه {مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ} {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} وقال {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} { قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} ، وايات كثيرة تدعوا إلى العمل الصالح وتنهى عن الفساد و الفحشاء والمنكر ، و كله من اجل عمارة وصلاح هذه الأرض ، ولكي يعيش الناس في سلام و ليس في إفساده وفساد ، واثارة الفوضى

- اذاً فالمقياس بين البشر في تعامل مع بعضهم هو السلام والمسالمه وأن يحترم كل إنسان ملكية الأخر، والأرض الذي يعيش فيها ، والشخص المسالم هو من يرحب به في أي بلاد بغظ النظر عن دينه و عقيدتة ، وهذا ماتطبقه البلدان الحضارية اذ أنها تجعل من السلوك الظاهري هو الاولويه في الحكم على شخص بأنه مرحب به أم لا ، وليست العقيدة وهذا ما دعى اليها الله سبحانه حين قال { لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} ، وعليه فان الحرم المكي الذي جعله الله تعالى أول بيت وضع للناس جميعاً ليقام ويذكر فيه اسم الله ، هو الاولى بالأحقية لجميع الناس أن يدخلوا فيه بسلام أمنين بلا أستشناء { إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ (96) فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ ۖ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ۗ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ } وليس أن يدخلوه وهم مذعورين وكأنهم متوجهون إلى معسكر أمني تقام فيه الأختبارات والأحتجاجات لمعرفة الهوية العقيدية أو الإجبار على الأعتراف وقول اشياء خاصة ليس لها علاقة بسلوك الأمني وليست لهم فيها أختصاص بها ، فلا يحق لشخص أين كان أن يملك لنفسه السلطة على الناس وعلى بيت الله و يمنع الناس من دخول الحرم ؛ طالما قد تبين انه شخص مسالم بطبعه سلوكياً ، و لم يقم بالأعتداء فيه على المصلين أو أن يعبث فيه مثل أن يتعمد قطع صلاتهم أو الأعتراض عليهم او أخراجهم من معبدهم ، وما غيره من الأفساد كما كانت تفعل قريش في زمن النبي او كما تفعله جماعة السنيين و داعش في وقتنا الحاضر من تفجير للمساجد الى غير ذلك ، واولئك توعدهم الله فقال {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَا ۚ أُولَٰئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ ۚ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } وصدق الله العظيم. 
- ومن الخطأ المضحك ، و الشائع بين الناس و الذي لزال منتشراً بين أصحاب الأديان الأرضية  هي تصورهم أن هناك بلاد مسلمة وبلاد كافره ، وأنهم هم البلاد التقية التي تمثل الإسلام وغيرهم بلاد كفر وضلال و فجور و جميعهم بنار ، برغم عدم علمهم بالغيب اصلاً ، فامن أين حكمتم على أنفسكم بأنكم دوله مسلمة ؟؟ ، فاهذا امر يدعوا  لسخرية فعلاً .. لأنه معلوم أن الأيمان الشعب بالله أو كفرهم به هي مسألة غيبية و مرجع شخصي يعود إلى كل فرد فينا .. {وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ۖ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا (13) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (14) مَّنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ۚ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۗ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا }
 وهذه الحرية الشخصية في الأيمان بالله او بكفر به يحكم به الله تعالى يوم الحساب {قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } .. فاهذه هي مهمة الله وبذلك هو أحكم الحاكمين ، و فوق كل شيء لأن الله تعالى هو المطلع لما في صدور الناس ، وليس البشر لهم القدرة لمعرفة ذلك {قُلْ إِن تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ۗ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} وصدق الله العظيم.
 -بذلك فا بمجرد ان يتدخل البشر بين الله وعبادة ، وهو حتى لا يملكون الغيب ولا يعلم سرائر الناس فاهم بذلك يعتدون على حدود الله التي اوكلها اليهم لأن حدود البشر ، والعقوبات التي يتخذونها تنحصر فقط في معاملاتهم مع بعضهم في هذه الحياة الدنيا .. اي التعاون على البر و تقوى و المسلامة ورد الأذى و العدوان ، وحتى العقوبات بالقران الكريم تنحصر بالمعاملات الدنيوية من القصاص في القتل ، إلى عقوبة الحرابة إلى عقوبة السارق الخ ، والتي نستطيع من خلالها أن نعلم مدى أمان الشخص بنسبة لوطنه ولمواطنين ، وهل يشكل خطر على الوطن المواطنين أم هو شخص مسالم .. أي هو أختبار أمني خارجي وليس قلبي غيبي كالتفتيش في العقائد.
- ولأجل هذا فالدولة و الحكامة ليست  مسؤوليتها ان تدخل الشعب الجنة أو النار لأنها مسؤولية شخصية مسؤولية فرد لفرد ، فاهل تستطيع الدولة ان تحاسب مواطناً مواطناً عن مدى صحة ايمانه بالله ؟ هل تعلم مافي قلوب الشعب حتى تدرك ان فلان مؤمن و علان كافر ؟ ام ان الذي يحكم في ذلك هو الله تعالى وحده ؟ .. كل هذا يعجز البشر عن معرفتة بعقولهم الضعيفه البسيطة المحدوده لكن لا يعجز عنها الله سبحانه الذي قال عن ذاته بانه مطلع على كل شيء وبانه سريع الحساب وقال { إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَٰنِ عَبْدًا (93) لَّقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (94) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا} {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَىٰ كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ ۖ وَمَا نَرَىٰ مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ ۚ لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ } وصدق الله العظيم.

- بذلك فدور الدولة و الحاكم للشعب هو أن يحكم بين الناس بالعدل ويوفر الأمن و الأمان و الحرية الفكرية و الدميقراطية ، و ان يحترم حدود الله على العباد في أن جعل لكل شخص حريتة الشخصية لأن يؤمن بما يشاء ، طالما انهم لم يرفعوا سلاحاً ، ولا يعتدوا على الناس ، ولا يظلم الناس لمجرد عرقهم او لونهم او جنسيتهم او عقيدتهم او دينهم او مذهبهم او قبيلتهم ؛ بل يحكم بين الناس بالعدل وعلى مختلف انواعهم وهذا هو القسط بمعنى العدل الذي قال الله تعالى عنه {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} وقال سبحانه {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ۖ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ ۚ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ } وصدق الله العظيم.
- وبتالي فابمجرد ان يأتي حاكم ويكره الناس بالدين وأن يعتنقوا ما يراه هو انه الحق هنا هو يعتدي على حق الله تعالى في ان ينتحل دور الاله و كأنه يرى في نفسه بأنها اعلم بشؤون العباد من الله ، وهذا اعتداء وظلم باسم الخالق قبل ان يكون اعتداء وظلم لحقوق العباد و الناس .. وبناء على الحرية التي كفلها الله سبحانه للعباد جميعاً فامن حق اي شخص أن يبني معبده في أي أرض أرادها لكن لا يعتدي على مقدسات الأخرين ، فكما أن الدين الإسلامي يحترم حرية أعتناق الشخص الأخر ويحترم خصوصياته ، ومقدساته ، ويحرم الاعتداء عليهم ، كذلك يحرم على غير المسلم ان يعتدي ايضاً او ان يعبث بخصوصياتهم ، ومقدساتهم يقول تعالى {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ } .. 
- وأين كان من  يدخل مقدسات غيره سواء كان مسلم ام مسيحي ام يهودي ام أين كانت ديانته ، يتوجب أن يحترم المكان العبادة الذي هو فيه ، والأشخاص الذين فيه ، وأن يكون مسالماً سلوكياً لغيره ، فأن كان كذلك فاهو مسموح به ومرحب به في أي وقت ، لكن ان كان الشخص معتدي ، وفاسد ، ويقتل الناس ، فايمنع دخوله ، وهذا القانون ، والنظام يسري ويطبق على جميع الدول بختلاف ثقافاتها ، و هذا فضلاً على أنه لا يجوز أحداث الفساد في اي بقع من بقاع الأرض في حال من الأحوال سواء اكان مكان للعبادة او اي كان لأن الله تعالى قد سبق ، أن منع الفساد في الأرض ، ولأن الفساد في الارض صورة من صور الاعتداء على الاخرين فاهو محرم ، وله عقوبة لمن يفعله ، الله تعالى يقول بخصوص ذلك { وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} وقال كذلك {وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ} {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْفَسَادَ وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ} وقال {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ}وقد رتب الله تعالى عقاباً على ذلك في شئن من يقتلون ، و يفسدون في الأرض بقوله {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} ..فاهذا عقاب على المعتدين الذين يحاربون المسلمين سلوكياً ، ويسعون في الأرض مفسدين فامن الحق الذي يقاتل ويعتدي بظلم على ناس ان يقتل هو الاخر لأنه اعتداء على غيره ، فأن كان الشخص قد دخل ديار ومقدسات غيره بغرض الأعتداء ، واحداث الفوضى ، والفساد فاهذا ممنوع طبعاً ومن حق المسلمين ان يعتدوا عليه بمثل ما يعتدي عليهم ، وهذا هو النظام العدل الذي شرعه الله تعالى كما سبق ذكره في قصة نبي محمد مع المشركين .

وبنهاية فأن ماتفعله الحكومة السعودية الأن في حصار بيت الله الحرام وتهكم في شؤون الخلق والحجاج لا ينطبق بالإسلام الحقيقي الذي شرعه الله تعالى في القران ، فالحكومة السعودية تفعل امور افظع من هذا ، كاستعباد الشعب ، وطمس هويتهم ، و فرض سلطتها عليهم ، وعدم تقبل الشورى و حرية الرأي في الإنتخاب أو التصويت ، وعدم الحق في الأنتقاد للحكم او في حق الدولة ، وحتى عدم الحرية في جعل الشخص يعتنق مايريد ، او عدم السماح بالأحقية في بناء معابد لغير المسلمين كالكنائس ، او اي معبد أخر وأن فعلت احد هذه الخلافات قاموا بسجنك ، وتعذيبك الخ كل هذا يسمى ظلم ، وستعباد ، و أكراه في الدين ، وهو لا ينطبق بالإسلام الحقيقي الذي شرعه الله تعالى في القران بأيات كثيره تدعوا الى الحرية في الأعتناق ، والسلام الداخلي ، وعدم الأكراه في الدين كاقوله تعالى {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} وقوله تعالى {فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ} وقال لرسوله {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ} وقوله تعالى {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ۚ أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} الخ من الايات ..
ونتذكر كذلك أن النبي محمد كان رقيق القلب ولم يكن فظاً {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} اي لو كان النبي محمد غليظ القلب مع قومة لما كان له اتباع ينصرونه ويقفون معه في نشر السلم ضد العدوان ، فاالنبي نفسه رغم انه كانت لديه دولة وكان رسول يوحى اليه من الله لم يكن يستمد سلطته من الله لكي يفرضها على الناس ما يريدهم ان يؤمنوا به ولم يأتي ويقول (انا رسول الله وافعل ماشاء) لمجرد انه يملك الحق من ربه .. ولم يتعالى ويتكبر ويقول ( انا ربكم الاعلى.) بل على العكس قال الله له {ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ } وقال {وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ ۖ أَنتُم بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ } { وَإِن جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ (68) اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (69) أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ۗ إِنَّ ذَٰلِكَ فِي كِتَابٍ ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ }
{قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَّهُ دِينِي (14) فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُم مِّن دُونِهِ ۗ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ أَلَا ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ } {اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (106) وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا ۗ وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ۖ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ }
{فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ } {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ۚ أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} ، بل انه في زمن الرسول كان هناك اهل الكتاب من المسيحين ، و اليهود ،وكانت هناك حرية في الأعتناق ، ولم يكن هناك قهر ، واكراه ، وستعباد كما نراه اليوم من الحكم السعودي الظالم 
وكثير من الأيات لا تعد ولا تحصى تثبت حرية العقيدة و الدين لكل انسان وينهى فيه الله تعالى الناس ويحذرهم من التدخل فيها حتى على رسول نفسه و يؤكد سبحانه أن حساب ناس بعقائدهم مرجعه اليه وحده هو من يحكم بينهم فيما كانوا به يختلفون .. لكن مع ذلك لازال الناس يعرضون عن ايات الله ويتخذونها هزواً وهم صم بكم عمي.

اجمالي القراءات 8281