تفسير ما يحدث من فوضى عربية

سامح عسكر في الثلاثاء ٣٠ - مايو - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

 

في السياسة توجد ثلاثة أشكال للسلطة كافية لتدمير الدولة وصناعة شعب جاهل وفقير وجبان

أولا: النظام الوراثي..هذا يفقد المنافسة الشريفة بين الناس ويقضي على أهم وسيلة للتقدم وهي (البقاء للأكفأ) علاوة على فتح الباب للفساد وحصر الثروة في أيدي قلة لها مصالح مع السلطة

الوراثة في الدولة تعني تأليه الحاكم وجعله منزها عن الأخطاء، ودائما النظام الوراثي يستعين برجال الدين في السيطرة وحشد القطيع لرغباته..

ثانيا: النظام العسكري..وشأنه كالوراثي..يفقد أيضا المنافسة الشريفة ويلغي الأحزاب والحياة النيابية، وهو نظام خطير جدا على حرية الأفكار ومحاكمة الخيال..

توجد له بعض الحسنات كتحسين ظروف الأمن وأحيانا إنشاء بنى تحتية، فهو ينشط في ذلك فقط لارتباط هذه الأشياء بمصدر وجوده وهو (الأمن القومي)..ويمكن اختصار النظام العسكري في مهمة ضابط الشرطة حين يحقق في الجريمة، تكون فرص الحركة والحريات للناس أقل لو كانت الظروف طبيعية..وهو نظام في الغالب مؤقت ويأتي غالبا بعد تهديد الأمن القومي للدولة..وصعوده مرتبط بحجم هذا التهديد..أما سقوطه مرتبط بالمثقفين والحالة الاقتصادية غالبا..

ثالثا: النظام الديني..شأنه كالوراثي والعسكري لكن أخطر منهم في مجال الحريات والدماء، فالوراثي قد يسمح بهامش حريات لا يتعارض مع نفوذ الأسرة المالكة..كذلك فالعسكري قد يسمح بحريات لا تتعارض مع الأمن ، أما النظام الديني فهو لا يسمح بأي نوع من الحريات..مما يصنع كتلة ضغط مجتمعية لا تجد لها منفذ إلا في الانحراف الأخلاقي للشعب أو الاحتراب الأهلي..

النظام الديني عمليا يحكم باسم الرب ويسقط كل صفات الإله على السلطة، وتصبح الحكومة مقدسة لا يجوز نقدها أو الطعن فيها مهما كانت فاشلة، وقتها يكون النقد موجه للدين الذي تمثله وليس للأشخاص على مقاعد الحكم..فهو أشد النُظُم قمعية على الإطلاق ووجوده في بلد يكفي لتدمير البشر والحجر.

كل هذه النظم الفاسدة تحكم العرب الآن..لذلك فالعرب متخلفين ، وفرص صعود الكفاءات ضئيلة، وحركة الفكر بطيئة في أماكن ومعدومة في أماكن أخرى..أي لا حيوية يتمتع بها العرب بخلاف مجتمعات كانت تمر بظروفهم إلى وقت قريب لكن تطورت وأنجزت إصلاحات كدول أمريكا اللاتينية مثلا..أما الإصلاح عند العرب مرتبط إما بزعامات ثائرة على الوضع أو بانتفاضات جماهيرية ضالة تأخذ شكل الفوضى (الربيع العربي نموذج)، والسبب جهل العرب بالطريق السليم للإصلاح وعماده الرئيسي الليبرالية وحقوق الإنسان، وما دامت هذه الأشياء مكروهة عربيا سيظلوا متخبطين كالعميان.

كذلك فمبدأ البقاء للأكفأ يتتطلب نظام ديموقراطي سليم، لكن المشكل عند العرب أنهم ما زالوا متأثرين بالصحوة الإخوانية السلفية منذ 40 عاما، فهم غير مقتنعين بمبادئ النهضة الحالية، وسمعة الحداثة لديهم سيئة، وتقديري أن العرب لن يغادروا القرون الوسطى إلا بحركة ثقافية قوية لها نفوذ في الشارع أو زعامات مستنيرة تفرض التنوير والإصلاح جبرا على الدولة..
اجمالي القراءات 6824