الناسخ والمنسوخ
النسخ والكتابة والإلغاء

حسام مصطفى في الجمعة ٢٠ - أبريل - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم
أخوتي: لا أقول غوصوا في العلم حتي الغرق، بل غوصوا في القرءان حتى النجاة
والله لا أعلم أحدا، إنما نتذكر سويا ما أنستنا الأيام والسنون، ونزيل معا الغشاوة التي راكمتها الزخارف، فأعمتنا وغمت علينا.

الناسخ والمنسوخ
الفرق بين النسخ والكتابة
لقد تحدث كثيرون في باب الناسخ والمنسوخ في القرءان الكريم، وأهل القرءان يرفضون هاذه المقولة إعزازا وإعلاء لكتاب الله وهم على طرف النقيض من القائلين بأن معنى النسخ الإلغاء.

ولقد أثبت الدكتور أحمد صبحي بكل بيان ممكن أن النسخ لا يعني الالغاء وله كتاب كامل في هاذه المسألة والكتاب منشور في الموقع.، وإليكم خلاصة معنى ما قاله د. أحمد .
"والمهم أن كلمة ننسخ فى آية ﴿مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا﴾ هو بمعنى الإثبات والكتابة وليس الحذف. وأن الآية المقصودة هنا هى المعجزة التى يأتى بها كل نبى، وقد كانت معجزة النبى خير الآيات.
إذن قوله تعالى ﴿إِنّ كُنّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ يعنى نكتب ونسجل وندون ونثبت. وليس بالطبع معناها أنا كنا نحذف أو نلغى ما كنتم تعملون."

وكما فهمت من حديثه المتماسك، أن النسخ هو بكل طريق يساوى الكتابة والتسجيل والتدوين والإثبات، ويخالف من كل وجه معنى الإلغاء والحذف والتغيير والرفع بالصورة التي وردت فى ما يسمى (علم الناسخ والمنسوخ).

وقد إستأذنته في أن أضيف مقالي هاذا فأجازني عليه، إستكمالا لبيان الحق.

الكتابة هي رسم أو نقش الحروف (الكلمات) في صفحة من ورق أو حجر أو جلد أو غير ذالك.
والنسخ هو تكرار صورة الأشياء من الأصل،

ومن هنا نجد أن النسخ أشمل من الكتابة، حيث أن الكتابة هي إحدي الطرق أو الوسائل التي يمكن بها التكرار (النسخ) وليست الوحيدة، غير أن الكتابة تنقل (تكرر) لنا الكلمات فقط والكلمات لوحدها تجعلنا نتخيل، أما تكرار أي شيء بنسخة منه كالشكل واللون والحجم والرائحة والمذاق والصوت فلها وسائل أخرى، وكثيرا ما قيل (الصورة تغني عن ألف كلمة).

فنحن نستطيع أن ننسخ (نكرر) صورة (فوتوغرافية) تدلنا على الشكل واللون مثلا، ونستطيع أن ننسخ الأصوات كما في التسجيل الصوتي، ونستطيع أن ننسخ العطر فنشمه، وتنسخ أمي
- رحمها الله وغفر الله لها- طعاما لذيذا طيب المذاق، كما نستطيع أن ننسخ فيلما أو برنامج كمبيوتر، كما يبشر العلم الآن بإمكانية نسخ (إستنساخ) كائن حي، وليس في هاذه التكرارات (النسخ) أي نوع من الكتابة.

الكاتب يكون ناسخا إذا كتب أفكاره فهو في الحقيقة ينقل صورة أفكاره إلى وسيط الكتابة، أو إذا كرر كتابة ما هو مكتوب أصلا كالطابع (المطبعة) والناقل من كتاب يقرؤه، أو إذا كرر كتابة ما سمعه بإذنيه كالطالب في حصة الدرس. أو ما رأه بعينيه كالرحالة يصف ما رأى في رحلاته.

أما الناسخ فقد يكون كاتبا كما في الفقرة أعلاه، أو مصورا يستعمل ءالة التصوير لتكرر صورة الأصل، أو رساما يرسم وجه الموناليزا لينقل صورتها إلى اللوحة، أو نحاتا يضع تمثالا لرمسيس أو سعد باشا أو لك أنت شخصيا، أو صانعا يكرر ألاف النسخ من الكوب الذي تشرب به.

ومن لطائف معنى النسخ (التكرار)، النسخة الفكرية (أو الصدرية)، فعندما نقول كلمة أو نعبر عن فكرة، فإنه يحصل بذالك نُسخ فورية بعدد من سمع الكلمة أو الفكرة، والذين يحفظون القرءان يمكن إعتبار أن فيهم نُسخ من القرءان، وقس على ذالك كما تريد.

يبقى أن نعرف أن النسخ قد تتفاوت عن الأصل، فهناك نسخة رديئة وهناك نسخة مطابقة، وهناك نسخة أجود.
والله يعمل نسخا أجود أو مطابقة للأصل، ولكن بحكمته وعلمه لا يعمل نسخا أردأ عن الأصل

من هاذا المدخل وبربطه مع ما ذهب إليه الدكتور أحمد صبحي من أن الآية ليست الأية القرءانية فقط، بل أيضا الأيات الحسية نستطيع أن نفهم أن الله تعالي يكرر أياته بأحسن منها أو مثلها، وكمثال على الآيات المكررة بأحسن منها، وسائل الركوب، فقد تطورت من الحمار والبغل إلى السيارة والطائرة مع بقاء الأولى ماثلة أمام أعيننا فما زالت تتكرر بمثلها ءاية ركوب.

حتى الكتابة ووسائل الكتابة في قوله تعالى
(ن والقلم وما يسطرون).
تطورت، فلا يزال القلم يتطور من ريشة وقطعة خشب إلي كل ما تعلمون من أنواع وأشكال الأقلام، ثم المطبعة والألة الطابعة اليدوية والإلكترونية السائلة والليزرية (Desk Jet & Laser Jet)، ناهيك عن النسخ على الأقراص، وملايين الكتب الآن متوفرة في نسخ إلكترونية مذهلة ومدهشة.

وعليه فقول الله تعالى
"ما ننسخ من ءاية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير"

يعنى أن الله قادر على أن يكرر (ينسخ) الأية كما أنه قادر أن ينسيها فلا يكررها، فإن كررها (نسخها) أمكن أن يكون بنسخة طبق الأصل أو بصورة أجل وأسمى واوضح وأكثر تفصيلا، ونجد مصداق ذالك في الأيات القرءانية في المجمل والمفصل فهاذه صورة الـ (أحسن منها) أما الأيات المكررة لفظا ومعني فهى صورة الـ (مثلها)، وأريد أن أزيد أن كل كلمة في القرءان هي ءاية قائمة بذاتها. كما نجد النسخ (التكرار) في الأيات الحسية كما في الأمثلة أعلاه.

أما قول الله تعالى
"ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون"

يعنى بوضوح أن ما كان مع موسي هو نسخة (صورة مكررة) عن الأصل في اللوح المحفوظ أو أى مكان يعلمه الله.

أما قوله تعالى "وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله ءاياته والله عليم حكيم" أن الله سبحانه ينسخ (يكتب نسخة من) ما ألقاه الشيطان ليحاسبه به ، ويحاسب عليه الذين سمعوه وعملوا به، كما أن الله ينسخ كل شيء‘ فلا يعزب عن علمه مثقال ذرة.

ونجد مصداق ذالك تماما كما في قول الله سبحانه في الأية التالية عن الناس
"هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون"

بحيث يكتب نسخة عن الأعمال ومنها الأقوال. والإستنساخ تحري الدقة في النسخ، وقد يكون النسخ هنا بكل وسيلة ممكنة، كتابة وتصويرا، وتسجيلا صوتيا.

وكما في قوله تعالى "لقد سمع الله قول اللذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق ونقول ذوقوا عذاب الحريق"
فانظروا إلى قوله تعالى "سنكتب ما قالوا" ، اي سنجعل نسخة مكتوبة من أقوالهم. وتم إستخدام كلمة الكتابة هنا بصفتها إحدى وسائل (عمل) النسخ.

والخلاصة: أن الأية قد تكون قرءانا، أو حسية

النسخ التكرار والنقل عن الأصل وليس الإلغاء

الكتابة رسم الكلمات أو نقشها

هل لنا من بعد أن نطمئن أنه لا ناسخ ولا منسوخ في القرءان ونستقر على ذالك

هل أصبت في مقالي هاذا
والحمد لله رب العالمين

اجمالي القراءات 14894