حوار مع أحمد صبحي منصور، الملقب بـ"زعيم القرآنيين" فى موقع رصيف 22 :

آحمد صبحي منصور في الثلاثاء ٣١ - يناير - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

حوار مع أحمد صبحي منصور، الملقب بـ"زعيم القرآنيين"

 فى موقع رصيف 22 :

دعاء محمد

ليست الهجمة على التراث الإسلامي وليدة أفكار علمانية أو استشراقية، تبناها البعض في العالم الإسلامي، لكنها قد تكون حالة يتبناها صاحبها نتيجة التمحيص والتفكير والبحث عن أجوبة عن تساؤلات يضعها العقل البشري.

من خلال حوارنا مع الدكتور أحمد صبحي منصور، الملقب بـ"زعيم القرآنيين"، أطلعنا على فكرة انتقال التراث من مسلم سبق له العمل بتلك السُنة، لفترات بعيدة، إلى واحد من أبرز منكريها، ومن أزهري سابق إلى متهم بالردة.

مَن هم القرآنيون؟ وما هي أبرز الأفكار التي تميّزهم عن غيرهم من المسلمين؟

أهل القرآن هو تيار إسلامي إصلاحي، فلسنا طائفة أو حزباً، نحتكم إلى القرآن الكريم في الإصلاح السلمي للمسلمين، ولا نفرض أنفسنا أو آراءنا على أحدٍ. كما أننا لا ندعي أننا نمتلك الحقيقة، بل ننتظر الحكم علينا وعلى خصومنا يوم القيامة أمام الله.

لنا منهجية في تدبر القرآن الكريم، تقوم على تحديد مفاهيمه من داخل القرآن نفسه، من دون أن نفرض رأينا مسبقاً، بل نبحث في القرآن بتجرد وموضوعية، نبتغي بها الهداية الربانية، ونتقبل النقد والتصحيح، لأننا ننشد الحقيقة، ولا نقول إن رأينا هو رأي الدين أو الإسلام، بل هي وجهة نظر خاصة.

كما أن منهجنا بحثي علمي وموضوعي، في ما يخص تاريخ المسلمين وشريعتهم وتراثهم، ونحن متخصصون فيه وننظر إليه على أنه عمل بشري لا قداسة فيه، ولا يخلو من الخطأ والصواب، وأفظع خطأ فيه هو نسبة تشريعات الفقه إلى رب العزة، واعتبارها شريعة الله أو الشريعة الإسلامية، بينما هي من وضع الفقهاء، وهم مختلفون فيها.

إذاً أنتم مع إنكار السنة؟

بالطبع، لأننا نشاهد أفظع الأشياء الموجودة في عقيدة البعض من نسبة أحاديث الفقهاء، إلى النبي محمد ظلماً وعدواناً، مع أنها أقاويل تعبر عمّن قالها وعن عصرها، وليست على الإطلاق جزءاً من الإسلام، لأن الإسلام اكتمل باكتمال القرآن، وبموت النبي محمد، والمكتوب بعده إنما يعبر عن المسلمين وليس عن الإسلام.

ولماذا لا يصح نسبتها للنبي كما تزعمون؟

ببساطة شديدة، لأن نسبة تلك الأحاديث للنبي محمد بعد موته، وفي العصر العباسي واعتبارها جزءاً من الإسلام، هو اتهام للنبي بأنه ترك جزءاً من الرسالة الإسلامية لم يبلغه، أي أنه تركه للناس يختلفون فيه، ولا يعرفون له أولاً ولا آخر، ويمتلئ بالخرافات والأساطير وتشريعات الضلال وسفك الدماء. نحن بهذا نبرئ النبي محمداً عليه السلام من هذه الآفة.

وماذا عن السنة التي ذكرت في القرآن؟

السُنّة طبقاً للقرآن هي الشرع الإلهي والمنهاج الإلهي في التعامل مع المشركين، أي هي سُنّة الله جل وعلا. أما الرسول فهو "أسوة حسنة" وليس سُنة حسنة. وأقاويل الرسول هي في القرآن الكريم، الذي تكررت فيه كلمة (قل)، لتحصر ما يجب أن يقوله. بالتالي السُّنّة هي في القرآن وأقوال الرسول في القرآن، والقرآن كاف للمسلم، كما أكّد رب العزة في القرآن الكريم.

الفارق بيننا وبين السنيين أنهم يقولون إن السنة العملية هي العبادات وهذا نتفق معهم فيه، والسُّنّة القولية هي أحاديث البخاري وغيره، وهذا ما نخالفهم فيه. فالله جل وعلا سيحاسبنا وفق ما جاء في كتابه وليس ما افتراه البخاري وغيره.

القرآنيون في العالم الإسلامي: أبرز رموزهم، أعدادهم، أين ينتشرون؟

نحن أول من بدأ التيار القرآني من أربعين عاماً حين بادرنا بتحطيم تقديس البخاري في قلعة الأزهر، وشققنا الطريق ومهدناه لمن جاء بعدنا ودفعنا الثمن. وعلى هامش جهادنا حدث تغيير هائل، منه: أن بعض السنيين تراجع وبدأ ينتقد بعض الأحاديث مع تمسكه بالسنة ديناً، واستفاد من تغيير المناخ الذي أرسيناه. فأصبح يكتب في منطقة آمنة ينتقد البخاري وبعض الفروع والتفصيلات. ومنه أيضاً أن موظفي  الأزهر العاجزين عن الاجتهاد أصبحوا في دفاعهم عن وجودهم ينتقمون ممن يكون تحت سلطانهم، وهذا ما يحدث في مصر.

ماذا عن الأزهر، ومن يستمعون إليه؟

نحن نعذر ضحايا الأزهر في مصر، لأننا نقرر أنه طبقاً لديننا "القرآن وكفى"، أولئك، مع الاحترام لهم، ليسوا منا، وهم لا يزالون في مرحلة تخطيناها منذ ثلاثين عاماً.

هل القرآنيون على منهج واحد؟

القرآنيون تيار فكري مركب ومتعدد، لذلك يستحيل تعداد أفراده. أما عن أهل القرآن، فهم آلاف مؤلفة موزعون في شتى العالم. وأهل القرآن هم الغالبية العقلية، حين نحتكم إلى التجديد الديني. مئات الملايين من السنيين يقولون قولاً واحداً متوارثاً، أي هم في النهاية شخص واحد بلسان واحد، مجرد جهاز تسجيل يردد ما قيل من قبل، ويجتر المتوارث من دون علم ولا هدى ولا كتاب منير. كذلك الشيعة، والصوفية. أما نحن فآلاف العقول المتحركة إلى الأمام، تجتهد في إصلاح المسلمين بالإسلام.

وهناك من ينتسب إلى القرآنيين، ولا يملكون سوى الجرأة من دون علم، يتجرأون على نفي الصلاة والعبادات ويقولون منكراً من القول وزوراً. وقد طردناهم من موقعنا بسبب إنكارهم العبادات، وهي مع "لا إله إلا الله" من أهم حقائق الإسلام.

ما هو موقفك من كتب الحديث والسيرة؟ وعلى ماذا تبني رأيك؟

في الإسلام لا إيمان إلا بحديث واحد هو حديث الله جل وعلا في القرآن الكريم. قال رب العزة جل وعلا: "فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (185) - الأعراف"، "وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (49) فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (50) -المرسلات"، "تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ (6) وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (7) يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (8) - الجاثية".

 سيرة النبي محمد الحقيقية هي في القرآن الكريم، ابن اسحاق أول من كتب السيرة في العصر العباسي، كتبها من دماغه، وأورد فيها أكاذيب هائلة، ومن جاء بعده أخذ عنه وأضاف افتراءات، وكلها صنعت شخصية وهمية للنبي محمد تتناقض مع شخصيته. يكفي أن الله جل وعلا، أرسل رسوله بالقرآن الكريم رحمة للعالمين (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107) - الأنبياء) فجعلوه إرهاباً للعالمين. ونحن الذين نبرئ خاتم النبيين من هذا التشويه، والذين نعاني في سبيل تبرئة الإسلام العظيم من تراث المسلمين وجرائم الوهابيين.

هذه السيرة مع تلك الأحاديث المفتراة تعتمد على أضحوكة اسمها الإسناد والعنعنة. فكيف تتأكد من قول قيل شفهياً عبر رواة موتى لا يعرفون شيئاً عن هذا الكذاب، الذي ينسب إليهم أقوالاً، لا يعرفون عنها شيئاً هو اجتراء على الغيب بالكذب والبهتان. من الذي أعلمك أن فلاناً قال لفلان كذا؟

ثم هو ليس قولاً واحداً بل ملايين الأقوال المنسوبة كذباً للرسول، عبر عدة قرون. إذا قيل "قال الرسول كذا" ارتفعت الحناجر بالصلاة على النبي مصدقين مهللين، كما لو أن القائل كان جالساً مع النبي من خمس دقائق وسمع منه وجاء يبلغهم حديثه.

انتقدت صحيح البخاري في أكثر من مناسبة؟ لماذا "يقدّس" البعض هذا الكتاب؟ وما رأيك بأبرز كتب الحديث الأخرى التي يعتمد عليها المسلمون؟

تعرض كتاب البخاري لانتقادات للرواة في عصر "الاجتهاد العباسي" ثم تحول إلى كتاب مقدس في عصر التقليد، بداية من العصر المملوكي فالعثماني. وصار له ميعاد سنوي في شهر رمضان يتم فيه "ختم البخاري" في حضور السلطان المملوكي، وانطلق انتقاد بعض أحاديث البخاري على استحياء. فعل ذلك الشيخ عبد الرحمن الوكيل، رئيس أنصار السنة الأسبق، وتركز النقد على بعض الأحاديث في المتن، مثل حديث الذبابة وحديث رهن النبي درعه عند يهودي، وحديث اليهودي الذي سحر النبي.

وحين كنت سنياً معتدلاً إصلاحياً، قمت بنقد كتاب البخاري بمنهج جديد هو عرضه كله على القرآن الكريم، ثم تطور الأمر إلى إثبات عداء البخاري للإسلام، من خلال طريقة صياغته للأحاديث، ومنهجه في عرضها، وفي تكرارها ونثرها في كتابه، ثم تطور الأمر في ما بعد، ومنذ عام 1987 إلى الاكتفاء بالقرآن الكريم وحده، والبحث عن الإسلام وشريعته، وقيمه العليا من خلاله فقط.

تحدثت عن تقديس المسلمين للقرآن برغم عدائهم له. ما هي هذه الفكرة؟

المسلمون في معظمهم يقدسون المصحف وليس القرآن. فغالبيتهم لا يؤمنون بالقرآن إلا إذا كان معه كتاب بشرين يجعلونه حكماً على القرآن وأعلى من القرآن. مثلاً: في القرآن الكريم نحو 150 آية قرآنية تنفي شفاعة النبي، لا يؤمن بها المسلمون تمسكاً ببضعة أحاديث تزعم شفاعة النبي. بل يتطرف بعضهم، فيزعم أن أحاديث السنة تنسخ أو تلغي أحكام القرآن. أي يرفعون البخاري ورواة الأحاديث فوق رب العزة جل وعلا. هم أسوأ من قوم الرسول الذين اتخذوا القرآن مهجوراً، والاضطهاد الذي يتعرض له أهل القرآن، لمجرد دعوتهم الإصلاحية إلى الاحتكام للقرآن الكريم، أكبر دليل على أن من يضطهدنا يكفر بالقرآن.

هل هنالك حضور في التراث الإسلامي لتيار القرآنيين؟ مَن هم أبرز وجوهه وماذا قالوا؟ وما كان موقف بقية العلماء منهم؟

نحن لا ننسب هذا التراث إلى الإسلام، بل ننسبه إلى أصحابه، وعليه هناك تراث سني وتراث شيعي وتراث صوفي، والغريب أن الذين يقدسون هذا التراث لا يفقهون فيه شيئاً. نحن أصحاب الاختصاص فيه، ونعتبره عملاً بشرياً يعبّر عمّن كتبه، وليست له أي صلة بالإسلام سوى التناقض.

ومن واقع تخصصنا في تراث المسلمين وتاريخهم، عثرنا على تيار قرآني، بدأ بأبي حنيفة، ووقف ضد الشافعي، فاضطر للرد عليه، واستمر هذا التيار، لكنه وقع في خطيئة كبرى، فكان يهاجم أصحاب الحديث بطريقتهم، أي يصنع أحاديث في فضل القرآن والاكتفاء بالقرآن، وفي النهي عن كتابة الحديث وعن رواية الحديث.

لديك اعتراض على صيغة الأذان التي يعتمدها المسلمون. هل يمكن أن تخبرنا عن اعتراضك وسبب اعتراضك؟

تتبعنا التطور التاريخي للأذان، وما حدث فيه من إضافات عبر العصور. الأذان الإسلامي الذي يبدأ بعنوان: "الله أكبر"، ينفي أن يكون فيه ذكر لغير الله جل وعلا. هو "الله أكبر الله أكبر. لا إله إلا الله. حي على الصلاة حي على الفلاح".

لماذا تعتبر أن النبي محمد ليس أفضل الأنبياء؟

لم أقل هذا ولا يمكن أن أقوله، لكن قلت في كتاب "الأنبياء في القرآن الكريم" الذي تسبب في أزمة مع جامعة الأزهر عام 1985، إن التفاضل بين الأنبياء مرجعه لله، الذي يعلو فوق الأنبياء والجميع، وليس لنا. وهذا غيب لا نعرفه وليس لنا أن نتحدث فيه، وقلت إننا ممنوعون من التفريق بين الأنبياء، وأن التفريق بينهم كفر، بحسب ما جاء في القرآن الكريم.

أنكرت عذاب القبر. لماذا؟ ما هي برأيك أبرز الأفكار الدينية الخاطئة التي يتعامل معها معظم المسلمين كحقائق؟

أديان المسلمين الأرضية من تصوف وسُنّة وتشيع، كلها تختلف بعضها مع بعض، وكلها تتفق في تناقضها مع الإسلام الذي نزل به القرآن، بدءاً من تقديس البشر والحجر، إلى اختراع شرائع تستحل الحرام وتحرم الحلال. ألا يكفي أنهم يحرمون الغناء الحلال ويستحلون قتل النفس البريئة؟

ما سبب اتهامك بالردة من قبل بعض الأزهريين؟

لهم دينهم ولنا ديننا. بدأت بتمحيص التصوف في رسالتي للدكتوراه، وأنا مدرس مساعد فتعرضت لاضطهاد استمر ثلاث سنوات، وانتهى بأن حذفت ثلثي الرسالة. ثم بدأت في غربلة الأحاديث، وإصلاح ما يعرف بالسُّنّة، فأسفر الأمر عن محاكمتي خلال عامين، ثم تركي الأزهر وإدخالي السجن "1985 - 1987". أسفر ذلك عن وصولي إلى ما أؤمن به الآن، وهو القرآن وكفى. ومن المؤسف أن تفتح مصر أبوابها للوهابيين، بينما اضطر أنا للهجرة من بلدي.

ولو تبنى النظام المصري ما أدعو إليه، لتم إصلاح الأزهر وتحجيم خطر الوهابية وأطيافها من سلفيين وإخوان وتنظيمات إرهابية لا أول لها ولا آخر، ولتبوأت مصر مكانتها وريادتها بدلاً من أن تجعل السعودية المولودة عام 1932 الشقيقة الكبرى لمصر "أم الدنيا"، وأقدم دولة في العالم.

كيف ترى تعامل الأزهر مع المخالفين له حتى من الأزهريين أنفسهم؟

هم يملكون السلطة ولا يملكون الحجّة. نحن نملك العلم والحجة ومستضعفون. كل منا يحارب بما لديه، نحن نواجههم بالعلم والحجّة، وهم يواجهون أهل القرآن بـ"أمن الدولة" والحبس الاحتياطي والسجن، بتلك التهمة المضحكة "ازدراء الأديان".

ما رأيك بخريجي الأزهر اليوم؟ هل هم نموذج للمسلم المعتدل القادر على خوض كافة السجالات التي يطرحها علينا عالم اليوم؟

حين كنت مدرساً في جامعة الأزهر "1980 - 1985" كنت أتعجب من جهل الأساتذة أنفسهم، وإصرارهم على أن يكون تلاميذهم أجهل منهم، وهذا هو السبب الحقيقي في الاضطهاد الذي تعرضت له. بعدها بثلاثين عاماً صار أولئك التلامذة أساتذة في الأزهر. تحكمت الوهابية فيهم، فجمعوا بين الجهل وثقافة الإرهاب، ولا خير فيهم طالما ظل الأزهر بدون إصلاح جذري في مناهجه وفي قانونه.

سبق أن حللت زواج المسلمة بمسيحي أو يهودي. إلى ماذا استندت؟ ولماذا برأيك يحرّم جميع المسلمين ذلك؟

هذا طبقاً للقرآن الكريم. قال تعإلى "الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ".

 الإسلام دين العدل. يجوز لنا أكل طعامهم ويجوز لهم أكل طعامنا، ويجوز لنا نكاح نسائهم ويجوز لهم نكاح نسائنا. الشرط هو توفر السلام، لأن الإسلام في التعامل السلوكي هو السلام، وأي إنسان مسالم، هو مسلم بغض النظر عن ملته واعتقاده، وأي شخص يستبيح دماء الآمنين بتأويل ديني، فهو كافر طبقاً لسلوكه الظاهري، وهذا يحرم تزويجه والزواج منه.

الشريعة السنية تتناقض مع الإسلام في هذا، لأن الفقهاء كانوا يؤمنون بأن أهل الكتاب في الداخل هم "أهل ذمة"، ولا يتساوون بالمسلمين فيجب إذلالهم، كما اعتبروا أهل الكتاب في الخارج هم "دار الحرب" الذين يجب قتالهم. كان هذا في عصور الخلفاء، وهو ما تنفذه داعش، وما يؤمن به فقهاء داعش في الأزهر وفي المحيط السلفي.

ما هي مواصفات الخطاب الديني الذي يحتاجه العالم الإسلامي اليوم؟

هو ما نقوم به في موقعنا "أهل القرآن". هو توضيح التناقض بين الإسلام وشريعته القرآنية وقيمه العليا السامية العدل والإحسان والرحمة وكرامة الإنسان، والحرية المطلقة في الدين، بناءً على تأجيل الحكم في ما يخص الدين إلى يوم الدين أمام الله، وبين شرائع المسلمين التراثية خصوصاً الوهابية السُّنّية.

هل مؤسسة الأزهر قادرة على تجديد الخطاب الديني؟ وهل هناك مَن يمكنه أداء هذه المهمة بشكل أفضل؟

تحدثت عن الأزهر في ندوة منذ التسعينات بعنوان "الأزهر والتنوير"، وكان محور حديثي جواباً عن سؤال: لماذا يتخرج في الأزهر أئمة الإصلاح ويظل الأزهر مع هذا قلعة التخلف؟ كانت الإجابة هي في التناقض بين القرآن والتراث، وهما معاً عمودا المؤلفات في الأزهر. إذا أسلم الأزهري عقله للقرآن، أصبح متمرداً وإماماً تنويرياً مثل محمد عبده وطه حسين والطهطاوي إلى حد ما. إذا أسلم نفسه إلى التراث، سار في قطيع الغالبية من الشيوخ.

وفي كتابنا "دين داعش الملعون" دعونا لإصلاح الأزهر، لأنه بوضعه الراهن عبء على مصر، يعيق تقدمها ويهبط بها إلى الحضيض.

الإسلام والعلمانية. هل هناك تناقض؟ وهل يمكن تغيير أحكام الشريعة الإسلامية لتتلاءم مع العصر الحديث كما يقترح البعض؟

الإسلام دين علماني، لا مكان فيه للكهنوت والسلطة الدينية، والإسلام هو ضد استغلال الدين، أي دين، في السياسة، والشريعة الإسلامية الحقيقية هي الشريعة القرآنية، التي تتناقض مع تشريعات الفقهاء، السنيين خصوصاً.

كتبنا في هذا مئات المقالات، وعشرات الكتب بالعربية والإنجليزية، منها عن الحرية الدينية المطلقة في الإسلام، وتناقضها مع دين السنيين، ووظيفة القضاء بين الإسلام والمسلمين، والشورى الإسلامية بمعنى الديمقراطية المباشرة. بالإضافة إلى كتب عن النسخ والتأويل و"هجص" مالك في الموطأ و"هجص" القرطبي في التفسير، بالإضافة إلى برنامجنا، فضح السلفية، وفيه توضيح التناقض بين الإسلام والسلفية في أمور شتى، منها زي المرأة وزينتها.

اجمالي القراءات 10405