الطائفي والكلب

سامح عسكر في الثلاثاء ٢٤ - يناير - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

عُذرا..ليست شتيمة أو سبة..فلم أعهد هذا الأسلوب من قبل، ولكن سأتحدث عن العلاقة بين الطائفي والكلب من ناحية علمية..

من منا لم يرَ كلبا ينبح على كلب آخر أو أي مخلوق يراه في منطقته؟..وبالأخص لو كانت هذه المنطقة معزولة؟...

يعني كلب مكث فترة ليست بالقليلة –أيام أو شهور- لم يرَ فيها أي مخلوق ، أو ربما رأى صاحبه فقط..هذا يضع الاحتمال أن يُصبح الكلب عُدوانيا تجاه من يراه أياً كان هذا المخلوق مُسالِم..

هذا ما يحدث مع الطائفي..

سبب كبير- إن لم يكن الأصلي- في تطرف الشخص الطائفي وجعله عدوانيا هو (عُزلته) سواء كانت هذه العزلة على مستوى الأسرة أو القبيلة أو المجتمع أو الدولة، وكلما ضاقت دائرة العُزلة كلما أصبح هذا الشخص أكثر عدوانية تجاه الجميع..وهذا لا يتوقف على كراهيته لشخص دون آخر..هو يكره الجميع بالأساس، ويتربص بالكل ويرى فيهم خطراً على حياته..

هذا يعني أن الطائفي الذي يكره الشيعة من السنة ويتربص بهم ويراهم خطرا على حياته ..هو يرى المسيحيين بنفس الرؤية، واليهود والملحدين كذلك..وعندما ينبغ هذا الشخص في مجتمع يجري توظيفه حسب مصالح الساسة والزعماء والمشايخ، فهذا الثنائي (السياسي والشيخ) في مجتمعات العرب هو (الموجه) الأول للمجتمع، فإذا رأى خطرا على سلطته في التوجيه يستخدم كل أسلحته للدفاع عن مصالحه..ومنها توظيف هذا الشخص الطائفي واستغلال كامل لعدوانيته في النزاع..

لذلك في علم النفس جعلوا التخلص من نتائج العزلة السلبية وأمراضها الخطرة بالانفتاح، ليس على مستوى الشخص فقط ولكن على مستوى المجتمع أيضا، فلربما يكون المجتمع كله مريض، وقتها يكون الانفتاح له دواء يشفى به من الهلاك..

في فترة اكتشاف الأمريكتين كان يحدث صراع بين الكشّافين وبين السكان الأصليين ، أو عُرِفوا حتى الآن بالهنود الحُمر، أصل هذا النزاع هو عُزلة الهنود المناطقية Uncontacted peoples فلو كان هناك سابق معرفة لتفاهموا، لكن فور رؤية الهندي أي مكتشف مباشرة كان يرفع عليه السلاح، وهذا مشابه للغريزة العدوانية عند الحيوان إذا شعر بالخطر على نفسه أو على مصالحه، وهو نفس الشعور الذي يجتاح الطائفي جراء عُزلته عن العالم..

هذا يعني أن علاج الطائفية في مجتمعات العرب هو (بالانفتاح) الموضوع لا يخص سنة ولا شيعة، أو مسلمين ومسيحيين، ولكن يخص مجتمع معزول ينطبق عليه المثل القائل أن (الإنسان عدوّ ما يجهل) وكثير من السنة الذين لم يختلطوا بالشيعة من قبل كرهوهم ، ولكن فور اختلاطهم بهم سواء في العراق أو في الإحساء رأوهم أناس عاديين جدا، وإسلامهم لا يختلف كثيرا عن إسلام السنة، ومساجدهم ليست بالقُبح الذي صُوّر لهم في إعلامهم المعزول، وهم كأشخاص فيهم معتدلين ومنصفين، وأن الأديان جميعها تريد الخير لكن ما يجعل الشر حاضرا هو مصالح من تكلمنا عنهم ، وهي ثنائية الدمار (تحالف السلطة مع رجال الدين)..

نفس الحال مع الهندي الأحمر، لو كان رأى المكتشف كإنسان مثله واستطاع التخاطب معه بأي لغة لتعايشا سويا، والعكس صحيح، أي أن المكتشف كان يرى الهندي أشبه بالحيوان يريد أن يفترسه فيضطر للدفاع عن نفسه وهو بعيد عن موطنه آلاف الأميال، وقتها فقط كان سيتغير التاريخ، وبدلا من أن نسمع عن مجازر الهنود الحمر لرأينا إمبراطورية تعايش أمريكية منذ اللحظة الأولى..

كذلك الحال بالنسبة للطائفي، لو كان يرى من يكرهه إنسان طبيعي يصلح للتفاهم معه لتغير التاريخ، وقتها فقط كنا سنرى رجل الدين يبحث عن وظيفة أخرى غير استغفال واستغلال مشاعر الناس، أو كنا سنرى السياسي حاكم عادل يبحث عن السلام والوحدة بدلاً من اللعب على خلافات البشر..

اجمالي القراءات 6746