حب الجهاد محمود، وكره القتال كذلك.

الشيخ احمد درامى في الثلاثاء ٢٤ - يناير - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

حب الجهاد محمود، وكره القتال كذلك.

 

الدافع إلى الجهاد فيسبيلالله هو المودة والرحمة للعالمين،أما القتال في سبيلالله فهو بلاء حسن.

المسلم هومن يجاهد طوعا ويقاتل كرها.

 

الجهاد يغاير القتال.

لقد قلت في بحث لي في صفحتي هنا بعنوان:(مفهوم الجهاد):

أن الجهاد في سبيل الله هو: ببذل مؤمن جهده في أنشطة يقصد بها جلب نفع أو دفع ضرر لصالح البشر أو الحيوانات أو البيئة، دون طلب أجر.

من أنماط الجهاد في سبيل الله

-        أن "تقتحم العقبة". بإطعامك، في شدة، يتيما بائسا، أو مسكينا يائسا، أو تعين أخا غير عزيز لك، بلا منّ ولا أذى، ثم بعد ذلك تقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة، تكون من المؤمنين حقا! 

-        فالجهاد في سبيل الله هو الاعتناء بالبائسين، والسعي لتحسين مستواهم المعيشية والصحية والسكنية، وتعليم أبنائهم، وهدى من يشاء من الآباء والأمهات بالتحمّـل والشفقة والمحبة.

-        تعلم العلوم النافعة وتعليمها لصلح الحياة في الأرض.

-        القيام ببحوث علمية نافعة للإنسان والحيوان والنبات إذا كنت مؤهلا لها، وإلا المشاركة في تمويلها.

-        السعي إلى صيانة الحيوانات المهددة بالانقراض، وإصلاح البيئة للإنسان والحيوانات والأسماك، وكل عمل من هذا القبيل هو جهاد في سبيل الله. الجهاد في سبيل الله هو إصلاح الحياة في الأرض، وتحسينها وصونها للإنسان والحيوانات والنبات.

-        ومن الجهاد في سبيل الله البحث عن الآثار التاريخية والمحافظة عليها للاتعاظ. وذلك من الفرائض الإسلامية المهملة. بالرغم من أن الله جل وعلا حثنا عليه، ترك لنا منها آيات وعلامات كي نبحث عنها وندارسها لنتعظ بها نحن والأجيال التالية من بعدنا. وقال تعالى:

في هلاك قوم لوط:(وتركنا فيها آية للذين يخافون العذاب الأليم)؛ يجب البحث عن تلك الآيات ودراستها علميا ودينيا.

(فأخذتهم الصيحة مشرقين. فجعلنا عاليها سافلها، وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل. إن في ذلك لآيات للمتوسمين.). يجب البحث عن تلك الآيات والآثار، ودراستها علميا ودينيا.

(أفلم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم؟ إن في ذلك لآيات لأولي النهى.) [ط:125]، ترك منها آيات، أي علامات، لنا. لبحث عنها وندرسها علميا ودينيا

 (فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن في ذلك لآية لقوم يعلمون.) [النمل 52] عن آثار مسكن قوم ثمود. يجب البحث عن تلك الآيات، أي الآثار، ودراستها علميا ودينيا.

(وأنجينا موسى ومن معه أجمعين. ثم أغرقنا الآخرين. إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين.) وهو موجود فعلا في متحف مصر.

 

(وكأين من آية في السماوات والأرضيمرون عليها وهم عنها معرضون.) الاستفهام للتوبيخ. إذن يتعيّن علينا البحث في آيات الكون والفضاء، وآثار العمران في الأرض، ودراستها علميا ودينيا

(وحملناه على ذات ألواح ودسر.تجري بأعيننا جزاء لمن كان كفر. ولقد تركناها آية فهل من مدكر.) [القمر]آثار سفينة نوح عليه سلام. يجب البحث عنها ودراستها علميا ودينيا للاتعاظ والعبرة.

(إنا منزلون على أهل هذه القرية رجزا من السماء بما كانوا يفسقون.ولقد تركنا منها آية بينة لقوم يعقلون.) يجب البحث عن تلك الآيات، أي الآثار، ودراستها علميا ودينيا

بات السير في الأرض للبحث عن آثار الذين من قبلنا واجبا دينيا دعا إليه القرآن، وغفل عنه المسلمون. هل من المسلمين من يكرس حياته في دراسة الديدان والفيران والخنازير والشعابين والجراد والقمل والضفادع؟ أم يعتبرون دراسة خلق الله عبثا؟. والقرآن الكريم يدعوهم إليها وقال تعالى: (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ۚ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.) وكل دلك من مجهودات الجهاد العلمي النافع للإنسانية. والذي يجب على المؤمنين القيام بها. لقد كلفنا الله جل وعلا، في آيات كثيرة من القرآن، بالقيام على البحث عن آثار الذين من قبلنا. وترك لنا منها علامات وإشارات. فأهملناها (إلا مصر) وتركناها للآخرين.

-        ومن الجهاد في سبيل الله أن تكون ربانيا؛ بتدارسك القرآن وببيان معانيها للناس برفق، وتواضع ومحبة، والجدال بالتي هي أحسن؛ مع اتقاء عنف تكفير المصلين.

-        (ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ان ربك هو اعلم بمن ضل عن سبيله وهو اعلم بالمهتدين.) [النحل: 125]

 

-        (ولا تجادلوا اهل الكتاب الا بالتي هي أحسن الا الذين ظلموا منهم (وحتى أولئك قولوا لهم قولا لينا)وقولوا امنا بالذي انزل الينا وانزل اليكم والهنا والهكم واحد ونحن له مسلمون.) [العنكبوت: 46]

 

 

أما القتال في سبيل الله.

القتال في سبيل الله معناه التصدي لمحاربة البغي والظلم والجور. والعمل لاستعادة العدالة وصيانة الحريات وإحلال السلام للجميع. وذلك هو القتال في سبيل الله. وما سواه فهو القتال في سبيل الطاغوت.

 

القتال الجهادي هو قتال بدون حقد. المقاتل في سبيل الله لا يكره الذين يحاربهم. بل يجبهم ويشفق عليهم. ويكره سلوكهم. ويكون همه الوحيد هو منعهم عن الظلم والبغي، وإرجاعهم إلى الرشد والعدالة.

 

ليس في الإسلام القتال لنشر الدين مطلقا. وإنما يقاتل المسلم لأجل إحلال السلام، وحفظ كرامة الإنسان، بصيانة الحقوق والحريات؛ {حق المرء في إعلام عقيدته، وحريته في الإيمان والكفر، دون خوف ولا تهديد عليه}

ليس هدف القتال في سبيل الله هو القتل، ولكن الحيلولة دون القتل، ومحاربة الإساءات التي تستهدف الأبرياء؛ كفتنة الناس في الإيمان والكفر. أو استغلالهم وفرض حكم مستبد عليهم باسم الدين.

 

الهدف في القتال الجهادي هو استعادة السلام وصيانة الحريات والعدالة، والضرب، إذا لزم الأمر، على أيدي المعتدين، ومطالبة تعويضات منهم.

بالجهاد نفرض عقوبات رادعة كفيلة لإحباط نوايا أولئك الذين يضمرون في نفوسهم رغبة في الاعتداء على الأبرياء. (… فشرّد بهم من خلفهم؛ لعلهم يذكرون.) (تعبير رائع) [الأنفال: 57]

القتال في سبيل الله، مؤسسة اسلامية ترمي إلى منع الفتنة وإحلال السلام والعدالة، وحماية الضعفاء والمستضعفين.

ويجب البدء بمقاتلة الطغاة البغاة من المسلمين أولا ! الذين يتألهون على الناس ويبغون في الأرض بغير الحق.قال جل وعلا: (فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى يفيء إلى أمر الله!)[الحجرات: 9]

وينبغي ألا يكره المجاهد من يحارب نزعتهم العدوانية، بل يهدف فقط إيقافهم عن الشر. مع الأمل أن الخصم اليوم يعود غدا إلى الرشد، ويوقف الاستفزاز والعنف، ويصبح صديقا وشريكا؛ أو، في أسوأ الأحوال، يبقى إنسانا مسالما من بني آدم، الذين كرّمهم الله فنحترمه.قال جل وعلا: (ولقد كرمنا بني آدم) وقم يقل ولقد كرمنا المسلمين أو المؤمنين، وإنما قال "بني آدم". إذن فعلى الجميع (المسلمون في مقدمهم) إكرام ما كرّمه الله. (مع الملاحظة ان الإكرام أعلى من الاحترام.)

 

الله هو الذي يحكم بين عباده يوم القيامة (إن يوم الفصل ميقاتهم أجمعين.) [الدخان: 40]. فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء. فلا تستعجلوا اللهفي عباده. بل(عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم) [المائدة: 105)

 

الجهاد المسلحعنف يجب أن يكون المجاهد نفسه أول من يستنكره، ويتأسف لإحالة الأمر إليه. الإسلام دين السلام والصبر. لأن ربنا، بعد ما أجاز الجزاء بالمثل، حث المسلمين على العفو والصفح والصبر.

لا يجيز الله العنف من الفعل والقول إلا للمظلومين غير قادرين على الصبر. مع حثهم قائلا: (ولئن صبرتم لهو خير للصابرين.) (واصبر وما صبرك إلا بالله) (إن الله مع الصابرين) العفو والصفح والصبر هو القاعدة؛فالمعاقبة استثناء مباحة فقط. ودعانا ربنا إلى العفو والصفح والصبر قائلا لنبيه الكريم: (ولا تطع الكافرين والمنافقين؛ ودع أذاهم، وتوكل على الله. وكفى بالله وكيلا.)[الأحزاب: 48]

المسلم المخلص لدينه لا يقوم بالقتال الجهادي إلا مضطرا وعلى مضض. كما اتضح ذلك في السيرة الصحيحة للأنبياء والرسل في القرآن.

 

والله س.ت. أعلم.

 

 

 

اجمالي القراءات 7452