النبى محمد فى حوار مع ال (سى إن إن ): نشأة ابراهيم بين القرآن والعهد القديم ( 1: 2 )

آحمد صبحي منصور في الجمعة ٢٠ - يناير - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

النبى محمد فى حوار مع ال (سى إن إن ): نشأة ابراهيم بين القرآن والعهد القديم ( 1: 2 )

قال المذيع :  بعد أن عرفنا قصص الأنبياء العرب هود وصالح وشعيب الذين لم يذكرهم العهد القديم ، ندخل فى قصة ابراهيم .  

قال النبى محمد عليه السلام  :   نعم .

قال المذيع :  فى الاصحاح الحادى عشر من سفر التكوين كلام عن تارح والد ابراهيم وأولاده ابرام ( الذى صار ابراهيم ) وناحور وهاران . ( 11 :26 و عاش تارح سبعين سنة و ولد ابرام و ناحور و هاران )

قال النبى محمد عليه السلام  : والد ابراهيمإسمه فى القرآن ( آزر ) . قال جل وعلا : ( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (74) الانعام )

 قال المذيع : هذا أول إختلاف . ليس فقط فى الاسم ولكن فى المنهج ايضا لأن الآية القرآنية تذكر إسم آزر فى سياق دعوة ابراهيم أبيه الى لا إله إلا الله . بينما السياق فى العهد القديم هو سلسلة النسب . يقول : (11 :26 و عاش تارح سبعين سنة و ولد ابرام و ناحور و هاران . 11 :27 وهذه مواليد تارح ولد تارح ابرام و ناحور و هاران و ولد هاران لوطا . 11 :28 و مات هاران قبل تارح ابيه في ارض ميلاده في اور الكلدانيين ).

قال النبى محمد عليه السلام :   ليس مذكورا فى القرآن الكريم نسب ابراهيم أو موطنه الذى يقال إنه أور الكلدانيين .  

قال المذيع : بعدها تكلم عن زواج ابرام ( ابراهيم ) من ( سارة )، وزواج أخيه ناحور ( ملكة ) قال :  ( 11 :29 و اتخذ ابرام و ناحور لانفسهما امراتين اسم امراة ابرام ساراي و اسم امراة ناحور ملكة بنت هاران ابي ملكة و ابي يسكة.)   

قال النبى محمد عليه السلام :  ذكر رب العزة زوجة ابراهيم عليه السلام دون ذكر إسمها ، قال جل وعلا (وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَقَ يَعْقُوبَ (71)) هود ) 

قال المذيع :  ثم قال  : ( 11 :30 و كانت ساراي عاقرا ليس لها ولد )

قال النبى محمد عليه السلام : كونها عاقرا يتفق مع ما جاء فى القرآن الكريم عن زوجة ابراهيم ، كان هذا حين بشرتها الملائكة بإسحاق ثم يعقوب ، ولكن هذا التبشير بأن تلد جاءها وهى عجوز ، فكانت عجوزا عقيما ، وكان ابراهيم شيخا وقتها . قال جل وعلا :  (فَأَقْبَلَتْ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ (29)  الذاريات ) ( وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَقَ يَعْقُوبَ (71) قَالَتْ يَا وَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (72) هود ) . هذا يخالف ما جاء فى العهد القديم . 

قال المذيع :  ثم قال : ( 11 :31 و اخذ تارح ابرام ابنه و لوطا بن هاران ابن ابنه و ساراي كنته امراة ابرام ابنه فخرجوا معا من اور الكلدانيين ليذهبوا الى ارض كنعان فاتوا الى حاران و اقاموا هناك . 11 :32 و كانت ايام تارح مئتين و خمس سنين و مات تارح في حاران )

قال النبى محمد عليه السلام   :  هذا يعنى ان ابراهيم عاش حياة عادية فى العراق مع ابيه المسمى تارح ، وذهب به أبوه الى منطقة حوران ومعه حفيده لوط ، وهو ابن أخ ابراهيم

قال المذيع :   هذا هو المفهوم فعلا .

قال النبى محمد عليه السلام  :  طبقا للقرآن الكريم فإن ابراهيم عليه السلام كان مخالفا لأبيه آزر فى الدين وأن ابراهيم فى طفولته لم يقع فى الشرك بالله مثل أبيه وقومه الذين كانوا يعبدون الله ويعبدون اصناما وآلهة مع الله جل وعلا ، ولم يكن مطلقا من المشركين . وقد بحث بنفسه عن الهداية فهداه الله جل وعلا ، وبعد أن إهتدى لم يسكت بل دعا للهداية أباه ثم قومه ثم الملك الذى زعم الألوهية   ، ورفضوا وإضطهدوه ، كل هذا وهو فى صباه ، ولم يقتنعوا بدعوته تمسكا منهم بعبادة أصنامهم . فعزم على أن يلقنهم درسا عمليا يثبت لهم أن آلهتهم مجرد حجارة ، لا تستطيع الدفاع عن نفسها وأنها لا تسمع ولا تبصر ولا تغنى عن نفسها ـ فضلا عن غيرها شيئا ــ فقام بتحطيم أصنامهم إلا الصنم الأكبر وزعم لهم أن الصنم الأكبر هو الذى حطّم الأصنام الأخرى ، وفى المحاكمة التى عقدوها له إعترفوا بأن آلهتهم لا تنطق ، فغلبتهم الحجة وقرروا إحراقه بالنار ، فأنجاه الله جل وعلا ، وتركهم ومعه لوط الى الشام . هذه هى الفترة الأولى من حياة ابراهيم عليه السلام فى العراق قبل هجرته الى الشام .

قال المذيع : ليس هذا مذكورا هنا فى العهد القديم .

قال النبى محمد عليه السلام  : وفيما سبق لم أسمع مما قرأت فى العهد القديم عن نوح شيئا يشفى الغليل عن نبوة نوح ودعوته ( لا إله ألا الله ) . أى هو نفس المنهج القصصى الذى يركز على الأنساب والأماكن والأشخاص ، مع تجاهل تام لدعوة الأنبياء .

قال المذيع :   هذا صحيح ، وليست هنا مشكلة لأنه تأريخ للبشر من آدم ومن جاء بعده من الأنبياء المعروفين لديهم .  

قال النبى محمد عليه السلام  :   ولكنه ليس تأريخا فى الحقيقة . هو كتاب مقدس لديهم ، هو عندهم ( العهد القديم ) الذى يعتبرونه أساس دينهم . أى لا بد من إحتوائه على التفاصيل الدينية ، وليس مجرد السرد التاريخى صحيحا كان أو باطلا .

قال المذيع : أختلف معك ، لأنه كتاب دينى فيه قصص بمنهج معين ليس فيه العظة بالمنهج القرآنى ، وما فيه من تفصيلات دينية تتفق مع عقيدتهم فى الإله ، وهو عندهم ذو ملامح بشرية ، وهو كما سبق فى قصة نوح يعطى وصايا ومواثيق ، وفى القصص التالية ستكون فيها وصايا وتشريعات وأحكام تشريعية . كل ما هنالك أنها تختلف فى العقيدة وفى التشريعات مع ما جاء فى القرآن الكريم

 قال النبى محمد عليه السلام : معك الحق . هو إختلاف أساس بين القرآن الكريم والعهد القديم فى الدين ، وهذا الاختلاف ينعكس على قصصص الأنبياء . القصص القرآنى يركّز على ( لا إله إلا الله ) ، والقصص فى العهد القديم يتجاهلها تماما ، بل يخلق إلاها ذا ملامح بشرية خاصا ببنى إسرائيل .     

قال المذيع :  هذا صحيح . ولكن أسأل لماذا لم تطرح هذه الناحية بقوة من قبل ؟

قال النبى محمد عليه السلام :  لأن ابراهيم عليه السلام بحث عن الهداية بنفسه رافضا وقوع أبيه وقومه فى الشرك ، عن هدايته المبكرة قال جل وعلا :  (وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ (51) الانبياء ). ولم يقع مثلهم فيما وجدوا عليه آباءهم . عن عدم وقوعه فى الشرك قال جل وعلا : ( وَقَالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ (135) البقرة ) (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلا نَصْرَانِيّاً وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ (67)( ( قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ (95)   ) آل عمران ) (( قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ (161) الانعام ) (  ( إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (120) شَاكِراً لأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (121)  ( ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنْ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ (123) النحل  )

قال المذيع :   هذا تأكيد عجيب . هل ورد مثله لنبى آخر ؟

قال النبى محمد عليه السلام  :  لم يحدث هذا فى القرآن الكريم مع قصة نبى كان مولودا فى بيئة مشركة وخالفهم فى صباه . هناك أنبياء من ذرية ابراهيم ومن بنى اسرائيل عاشوا فى بيئة إيمانية فلم يكن إيمانهم غريبا ، وهناك أنبياء عاشوا مثل قومهم فى الشرك ثم إهتدوا مثل النبى شعيب الذى قال له قومه : ( قَالَ الْمَلأ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا ) الأعراف )، أى كان فى ملتهم ثم خرج عنها ، وهم يريدونه أن يعود اليها .

قال المذيع :  وماذا عنك .؟

قال النبى محمد عليه السلام : وكنت قبل أن أكون نبيا مثل قومى ، ضالا مثلهم ، فبحثت عن الهداية فهدانى الله جل وعلا ، وإمتنّ علىّ ربى جل وعلا فقال : (وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَى (7 ) الضحى ) ونهانى عن الرجوع للشرك فقال : (قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قُلْ لا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً وَمَا أَنَا مِنْ الْمُهْتَدِينَ (56) ) الانعام )   (قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَمَّا جَاءَنِي الْبَيِّنَاتُ مِنْ رَبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (66)  غافر ) (وَلا تَكُونَنَّ مِنْ الْمُشْرِكِينَ (87) وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (88) ) القصص ) (وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً وَلا تَكُونَنَّ مِنْ الْمُشْرِكِينَ (105) وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنْ الظَّالِمِينَ (106)  يونس )  

قال المذيع :  هذه حقيقة قرآنية عن حياتك قبل أن تكون نبيا ، لا شكّ أنها تُزعج الذين يرفعونك فوق مستوى البشر وفوق مستوى الأنبياء .  

 قال النبى محمد عليه السلام : أنا برىء مما يقولون ومما يعتقدون ، وساكون لهم خصما يوم الدين .

اجمالي القراءات 6756