النبى محمد فى حوار مع ال (سى إن إن ) عن النبى صالح وقومه ثمود

آحمد صبحي منصور في السبت ١٤ - يناير - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

قال المذيع :  نناقش الآن قصة النبى صالح مع قومه ثمود .

قال النبى محمد عليه السلام  :  هم قوم من العرب من الذين خلفوا قوم عاد .  وقد بعث الله جل وعلا لهم النبى صالح  يقول لهم نفس ما قاله قبله نوح وهود ، قال جل وعلا : ( وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ) 73 ) الاعراف ) و ( هود 61 ). وقال جل وعلا : (كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ (141) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلا تَتَّقُونَ (142) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (143) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (144) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِي إِلاَّ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (145) الشعراء )

قال المذيع :  تكرر هذا من قبل . نريد كلاما جديدا يتميز بإشارات عن قوم ثمود خلال الجدل بينهم وبين  نبيهم صالح.:

قال النبى محمد عليه السلام : لا بد من التأكيد على أنهم كانوا يعبدون الله جل وعلا ويعبدونه ولكن يعبدون معه أولياء وآلهة أخرى .

  قال المذيع : هذا سيأتى فى سياق الحوار بيننا . دعنا نتعرف من خلال الجدل ملامح من حياتهم .

قال النبى محمد عليه السلام  :فى عنادهم كانوا يطلبون الاهلاك ، فدعاهم الى أن يستغفروا ربهم جل وعلا  ( قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (46) النمل )،وقال لهم عن رب العزة الذى يؤمنون به ويعبدونه:( هُوَ أَنشَأَكُمْ مِنْ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ (61) هود ) . هنا إشارة الى يعترفون بأن الله جل وعلا هو الذى أنشأهم من الأرض ، وإستعمرهم فيها ، ويدعوهم الى التوبة الى الله جل وعلا بنبذ تقديس الآلهة المفتراة .

قال المذيع : هذا مفهوم ، ولكن ما معنى ( استعمركم فيها ) ؟

قال النبى محمد عليه السلام  :يفسره قوله لهم : (وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتاً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ (74) الاعراف ) ، أى خلفوا قوم عاد ويعرفون ما حاق بهم ، وأن الله جل وعلا أمكنهم من الأرض ، يحولون السهول الى قصور ينحتون وينقلون أحجارها من الجبال ، وينحتون فى داخل الجبال بيوتا ، فعليهم أن يذكروا نعم الله جل وعلا عليهم . هم بذلك قاموا بتعمير السهول والجبال بفضل الله جل وعلا ونعمته .

قال المذيع : وماذا ايضا ؟

قال النبى محمد عليه السلام  :قال لهم صالح عليه السلام : ( أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ (146) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (147) وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ (148) وَتَنْحِتُونَ مِنْ الْجِبَالِ بُيُوتاً فَارِهِينَ (149) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (150) وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ (151) الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ (152) الشعراء ).كانت لهم جنات وعيون ونخل ، وكانوا يشعرون بالأمن فى بيوتهم وقصورهم الجبلية ، فحذرهم من عاقبة تكذيبهم لأنه بتكذيبهم لن يتركهم الله جل وعلا يعيشون فى أمن. ودعاهم الى طاعته وتقوى الله جل وعلا ، وألّا يطيعوا الملأ المسرفين المفسدين .  

قال المذيع : معنى وجود الملأ ـ كالعادة ـ وجود أقلية تحتكر السلطة والثروة وتفسد فى الأرض ، وتعارض دعوة النبى الاصلاحية .؟

قال النبى محمد عليه السلام   : نفسية هذا الملأ تظهر من نوعية إستكبارهم وحسدهم للنبى صالح . إنتظروا أن ينزل لهم رب العزة ملائكة :( إِذْ جَاءَتْهُمْ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ قَالُوا لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لأَنزَلَ مَلائِكَةً فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (14) فصلت ) ، وإستكثروا أن يتبعوا بشرا مثلهم ، ولماذا يكون هو الوحيد الذى تنزل عليه الرسالة ، قال جل وعلا :  ( كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ (23) فَقَالُوا أَبَشَراً مِنَّا وَاحِداً نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ (24) أَؤُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ (25) سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنْ الْكَذَّابُ الأَشِرُ (26) القمر )

 قال المذيع :   سبق القول بأن فى كل قرية أكابر المجرمين المفسدين الذين يعارضون الرسالة الإلهية لأنهم يعتبرون أنفسهم الأحق بأن تنزل عليهم تلك الرسالة، ويمكرون وينتهى الأمر بإهلاكهم .

قال النبى محمد عليه السلام   : نعم ، قال جل وعلا : (  وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (123) وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ (124) ) الانعام ). وهذا ما حدث مع قوم ثمود .

قال المذيع :  هل كانت هناك خصوصية فى قصة صالح مع قومه ثمود ؟

قال النبى محمد عليه السلام : نعم . يبدو أنه كان من الطبقة العليا من القوم ، وكانوا يؤهلونه للقيادة ، فلما بعثه الله جل وعلا رسولا خاب أملهم فيه .

قال المذيع : كيف ؟

قال النبى محمد عليه السلام : نفهم هذا من قولهم له : ( قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوّاً قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (62) هود )

قال المذيع :هذا عن صالح نفسه . فكيف عن قومه ثمود ؟ ما هى الخصوصية فيهم التى تميزهم عمن سبقهم ؟

قال النبى محمد عليه السلام :  كانوا يؤمنون بالتفاؤل والتشاؤم ، وقد تشاءموا بدعوة صالح : ( قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ (47) النمل )

 قال المذيع : وماذا أيضا ؟

قال النبى محمد عليه السلام : يبدو أنه كان فيهم إستقطاب بين الأقلية المستكبرة والأكثرية المستضعفة     

قال المذيع : كيف ؟

قال النبى محمد عليه السلام   : قال جل وعلا : ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً أَنْ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ (45) النمل ). أى إن دعوة صالح أسفرت عن تقسيمهم الى فريقين متخاصمين ، فريق المستكبرين وبعض أتباعهم من المستضعفين ، ثم فريق المستضعفين المؤمنين ، وقد دار جدل بين الفريقين المتخاصمين ، نفهم هذا من قول المستكبرين للمؤمنين المستضعفين : ( قَالَ الْمَلأ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ (75) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (76) الاعراف ) . كفروا بما آمن به المستضعفون غطرسة وأنفة .

قال المذيع : وكيف إنتهى هذا الاستقطاب ؟   

قال النبى محمد عليه السلام   :  بمحاولة قتلهم صالح لأنهم رأوا خطورة وجوده حيا ، فقد أعطى جُرأة للمستضعفين وجعلهم يجهرون امام السادة بإيمانهم بما جاء به النبى صالح .، سلطوا عليه تسعة من كبار القتلة المفسدين الذين تعاهدوا وأقسموا بالله على قتل صالح وأهله ليلا ، ثم يعلنون براءتهم من سفك دمه . قال جل وعلا : ( وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ (48) قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (49) النمل )

قال المذيع :   الغريب أن يحلف هؤء المفسدون بالله على قتل نبى الله . هذا يؤكد فعلا أنهم كانوا يؤمنون بالله ويقسمون بإسمه فى الأمور الخطيرة ، ولكن المشكلة كانت ــ ولا تزال ـ فى تقديس الأولياء مع الله .

قال النبى محمد عليه السلام : نعم.

قال المذيع :   وكيف إنتهت مؤامرتهم .

قال النبى محمد عليه السلام : بإهلاكهم . قال جل وعلا عن مكرهم :  ( وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (50 ) فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (51) النمل )

 قال المذيع :   هل هذا هو السبب الوحيد فى اهلاكهم ؟  

 قال النبى محمد عليه السلام : كلا . بل تزامن هذا مع عقرهم الناقة .

قال المذيع : الناقة ؟ ما هى قصة هذه الناقة ؟

قال النبى محمد عليه السلام  : إتهموه بأنه مسحور ، وطلبوا منه معجزة حسّية ( آية ) ليثبت لهم صدقه : ( قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنْ الْمُسَحَّرِينَ (153) مَا أَنْتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنْ الصَّادِقِينَ (154) الشعراء )

قال المذيع : وكانت الناقة هى الآية ؟

قال النبى محمد عليه السلام : طلب صالح من ربه جل وعلا أن يجعل لهم آية ، فقال له رب العزة : ( إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ (27) القمر) ،أى كانت آية لإختبارهم . خلق الله جل وعلا لهم ناقة من الصخر رأوها وأبصروها بأعينهم ، قال جل وعلا : (وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً ) (59) الاسراء ). قال جل وعلا للنبى صالح :  ( وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ (28) القمر )، أى يكون الماء قسمة بينهم وبين الناقة .

قال المذيع :   لماذا ؟

قال النبى محمد عليه السلام   : حتى يعايشوا فى حياتهم اليومية هذه المعجزة المخلوقة من الصخر ، وهم يشربون من لبنها يوما ، ويتركون لها الماء لتشرب وحدها يوما .  وليعرفوا أنها ( ناقة الله ) ولا بد ان يضمنوا لها السقيا ، قال لهم صالح عليه السلام : ( فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا (13) الشمس ) وقال لهم صالح إنهم جميعا  سيشربون من لبن هذه الناقة يوما ، مقابل أن تشرب هى وحدها الماء يوما :     ( قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (155) الشعراء )، وطلب منهم أن يدعوها تأكل من المرعى كيف شاءت وألّا يتعرضوا لها بسوء ، وإلا وقع بهم العذاب : ( قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73) الاعراف )( وَيَا قَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ (64) هود ) ( وَلا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ (156) الشعراء )

 قال المذيع : ثم عقروا الناقة ؟    

قال النبى محمد عليه السلام  : نعم .   كلفوا أشقى واحد فيهم بقتل الناقة ،قال جل وعلا : ( فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ (29) القمر )( كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا (11) إِذْ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا (12) الشمس )

 قال المذيع : أليس هذا تحديا لله جل وعلا ؟

قال النبى محمد عليه السلام : نعم . عقروها وطلبوا العذاب الذى هددهم به صالح عليه السلام : ( فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنتَ مِنْ الْمُرْسَلِينَ (77)الاعراف )

  قال المذيع :هل نزل بهم الهلاك فجأة ؟   

قال النبى محمد عليه السلام : لا . أنذرهم صالح عليه السلام بإنتظار الهلاك بعد ثلاثة أيام يتمتعون فيها بحياتهم الدنيا ، ثم يتحقق فيهم الوعد الى لا مفرّ منه ، قال جل وعلا عنهم : ( فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ (65) هود )

قال المذيع : ولماذا هذه المهلة ؟

قال النبى محمد عليه السلام : هى عذاب نفسى ، ذلك أنهم رأوا معجزة تحققت أمام أعينهم ، وجاء معها التحذير ، وفى غمرة العناد عقروا الناقة ، وتوعدهم صالح بعذاب بعد ثلاثة أيام . رأوا صدق الوعد بخلق الناقة من الصخر ، فلا بد ان يصدق الوعد بإهلاكهم . لذا عاشوا هذه الأيام الثلاثة فى ندم ينتظرون الهلاك ، قال جل وعلا : ( فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ (157) الشعراء )

قال المذيع : يعنى لم تُفلح المعجزة الحسية فى هدايتهم .

قال النبى محمد عليه السلام :   نعم . وهذا ما قاله لى ربى جل وعلا .  

 قال المذيع : كيف ؟

قال النبى محمد عليه السلام :   كانت قريش تطلب منى آية حسية على سبيل العناد ولأنهم كانوا يكفرون بالقرآن الكريم و لا يرونه معجزة كافية ، وكنت أحزن بسبب منع نزول آية حسية أملا فى أن تؤمن قريش ، فقال رب العزة جل وعلا : (وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلاَّ أَنْ كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً (59) الاسراء ). أى إن اية الحسية لم تفلح فى هداية أى قوم ، ويكفى أن قوم ثمود رأوا بأعينهم خلق الناقة من الصخر ومع ذلك لم يؤمنوا بل عقروا الناقة . وكان هلاكهم بعدها لأن إنزال آية يعقبه الإهلاك بسبب إستمرار الكفر بعدها ، لذا يكون إرسال الآية تهديدا وتخويفا .

قال المذيع :  كيف كان إهلاكهم ؟

قال النبى محمد عليه السلام :  لنتذكر أنهم كانوا يعيشون فى قصور منحوتة فى الجبال ، وقصور من الصخر فى السهول والوديان ، قال جل وعلا عنهم (وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِي (9) الفجر )، أى ينحتون من صخر الجبال بيوتا يشعرون فيها بالأمن ، ويحتمون بها من تقلبات المناخ . هم على عكس قوم عاد الذين أهلكتهم الرياح فى سبعة ليالى وثمانية أيام . قوم ثمود بعد أن إنتظروا العذاب ثلاثة أيام نزل بهم فأهلكهم فى داخل قلاعهم الصخرية التى يحتمون بها .

قال المذيع :  أيضا : كيف   ؟

قال النبى محمد عليه السلام :توجد أوصاف لطريقة إهلاكهم . منها الوصف بأنه عذاب طاغ . قال جل وعلا : ( فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ (5) الحاقة ) ، أى عذاب ماحق طاغ أهلكهم فى داخل بيوتهم . ومنها أنه (الصاعقة  ) قال جل وعلا : ( فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمْ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنظُرُونَ (44) فَمَا اسْتَطَاعُوا مِنْ قِيَامٍ وَمَا كَانُوا مُنتَصِرِينَ (45) الذاريات )، أصابتهم صاعقة أهلكتهم فى مكانهم وهم ينظر بعضهم الى بعض . قال جل وعلا عن إذلالهم وقت هلاكهم بالصاعقة :( وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (17) فصلت ). ومنها الصيحة ، قال جل وعلا : (وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (67) هود )، وهى صيحة واحدة أهلكتهم وجعلتهم كالهشيم : ( إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ (31) القمر ) ، وأحسوا برجفة أسلمتهم للموت فى الصباح . ( فَأَخَذَتْهُمْ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (78) الاعراف ) . أى هى صاعقة ماحقة لم تمنعها الغرف الصخرية ، أخذتهم فى داخلهم ، وكانت مصحوبة بصوت إنفجار هائل ، ربما تشبه القنبلة الاشعاعية التى تنفذ فى الصخر تقتل البشر وتترك المبانى .

 قال المذيع : ولكن هذه القنبلة الاشعاعية تقتل كل الأحياء فى نفس المنطقة . فهل قتلت كل القوم ؟

قال النبى محمد عليه السلام  :  هنا الإعجاز الالهى ، فالعذاب المهلك أصاب الكافرين فقط بينما نجا منه المؤمنون فى نفس الزمان والمكان ، قال جل وعلا عن الكافرين الماكرين :( فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (51) النمل ) بينما نجا المؤمنون ، قال جل وعلا : ( وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (18) فصلت ) ( وَأَنجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (53) النمل ) ( فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحاً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (66) هود ).

قال المذيع : وماذا عن قصورهم وبيوتهم ؟

قال النبى محمد عليه السلام  :  ظلت سليمة آية لمن يتعلم ويتعظ ، قال جل وعلا : ( فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (52) النمل ) .

قال المذيع : وماذا بعد هلاكهم ونجاة المؤمنين ؟  

 قال النبى محمد عليه السلام  :  بعد الهلاك ، وقف النبى صالح ينظر الى جثثهم آسفا ، كانوا من علية القوم ، وكان هو منهم ، ولكن كفروا وانتهى أمرهم الى الهلاك . قال جل وعلا :( فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ (79)  الاعراف ).

قال المذيع : العادة أن الكهنوت فى كل زمان ومكان والمفسدين لا يحبون الناصحين .

اجمالي القراءات 6717