أيهما أهب إليك الله س.ت. أم محمد؟
مؤمنون يحبون أندادا أكثر من حبهم لله!

الشيخ احمد درامى في الأحد ٢٥ - ديسمبر - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

مؤمنون يحبون أندادا أكثر من حبهم لله!

رأيت في الجزائر، أيام كنت طالبا هناك، أناس من "مسلمين" إذا غضبوا سبوا الله، جل وعلا، علنا! عند مرأى ومسمع الجميع! ثم لا أحدا يعبأ بهم في ذلك! وهو شيء مألوف عندهم. سبحان الله!

ولكن لو أن أحدا منهم سب النبي ص. علنا، لقتلوه! "على الطول"! 

إذن أيهما أعزّ عندهم؟ ألله سبحانه وتعالى، أم محمد؟

 

وماذا لو واحد سب أبابكر الصديق علنا! أو سبعمر ابن الخطاب، أو الإمام البخاري ؟؟؟!!!  إذن لكانوا عليه لبدا !

واضح أن محمدا و"الخلفاء الراشدين"أعز عندهم من الله جل جلاله. لذا يحبونهم ويغيرون عليهم أكثر مما يحبون الله. وإن كان أكثرهم لا يعون بذلك. قال جل وعلا: (ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله!) أو أشد حبا! [البقرة: 165]

 

لكنه جل وعلا أعلن أنه لن يرضى أبدا أن يعظّم الناس عباده أكثر منه؛ سبحانه وتعالى! أو يتخذونهم أولياء من دونه. وقال جل وعلا:(أفحسب الذين كفروا ("من أهل الكتاب ومن الذين آمنوا" أنني سأرضى) أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء!؟ إنا أعتدنا جهنم للكافرين نزلا!). (للكافرين) أي للذين يفعلون ذلك.[كهف: 102]

(أم اتخذوا من دونه أولياء؟ فالله هو الولي! وهو يحيي الموتى! وهو على كل شيء قدير!) [الشورى: 9]

من عادة المسلمين إذا قيل "الذين كفروا" يبعدون       ذلك الوصف عن أنفسهم ويجعلونه مقصورا على الكفار أو اليهود أو النصارى. في حين أنه كما يوجد "الذين كفروا من أهل الكتاب" يوجد كذلك "الذين كفروا من المسلمين". إن المراد ب"الذين كفروا"، في مواطن كثيرة من القرآن، هم أناس من المسلمين. منها الآية المذكورة أعلاه.

منها كذلك قوله جل وعلا: (وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة! (من المؤمنين)وإذا ذكر الذين من دونه (أي أندادهم) إذا هم يستبشرون!)

وقوله: (ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم! وإن يشرك به تؤمنوا! فالحكم لله العلي الكبير!)

وقد نبه الأستاذ أحمد صبحي منصور عن هذه الظاهرة في بعض كتاباته، أنه "إذا ذكر اسم الجلالة "الله" لا يتجاوب معه أحد؛ (بسبحانه وتعالى)، أما إذا ذكر اسم محمدترهم يعظمونه ويبجلونه بقولهم معا {تلقائيا وبلا وعي أحيانا}: صلى الله عليه وسلم".

وإذا سمعوا قول "لا إله إلا الله" لا يتبعونه بالتبجيل والتعظيم اللائق باسم الجلالة؛ بل إنهم يعظمون النبي محمد محل ذلك. بقولهم: "محمد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم"

في حين أن "لا إله إلا الله" ليس مقرونا ب "محمد رسل الله صلى الله عليه وسلم" كما أُفهموا. بالدليل أن "لا إله إلا الله" أقدم بكثير من محمد رسول الله. إذ كان المسلمون، قبل مجيء محمد، يقولون "لا إله إلا الله" دون إضافة "محمد رسول الله...." أو "إبراهيم رسول الله" أو "موسى رسول الله" أو شيئا من هذا القبيل. إنما كانوا يضيفون إليه التبجيل والتعظيم للفظ الجلالة سبحانه وتعالى. كقوله تعالى:(الله لا إله إلا هو "رب العرش العظيم".) [النمل: 26](إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو "وسع كل شيء علما".) [طه: 98]

فالتجاوب مع "لا إله إلا الله" ليس أن تقول: "محمد رسول الله" أو "إبراهيم رسول الله" أو "موسى رسول الله" أو "عيسى رسول الله". وإنما التجاوب مع "لا إله إلا الله" هو أن تقول: "وحده لا شريك له، وله الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير."أو تقول:"الكبير العظيم جل جلاله".أوتعظمه بكل وصف يليق بجلالتهسبحانه وتعالى.أما إضافتك:"محمد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم" عند سمعك "لا إله إلا الله" ليس تعظيما لله.وإنما غرضك منه هو إيتاء محمد (هو كذلك) نصيبه في التعظيم.حيث أنك لا تستحسن تعظيم الله وحده فحسب، دون التفات إلى محمد وإيتائه نصيبه هو كذلك في التعظيم. ولو ذكرت الله دون محمد لكان ذلك في ثقافتك جفاء له. كما افتروا ونسبوا إلى النبي ص. حديث القائل: " من حج "للهوحده"ولم يزرني "أنا محمد"فقد جفاني!". حاشا أن يكون هذا الكلام من النبي صلى الله عليه وسلم!

إنني أقدّر النبي صلى الله عليه وسلمحق قدره؛وأنزله المنزل الذي يليق به.لكنني أكره أن أعظم مع الله مخلوقا.

تلك هي عقيدتي: " الله وحده فوق، ومن سواه على الأرض".

إن حب الله سبحانه وتعالى واجب على كل مخلوق. وإن لم يفعلوافسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه! الله لطيف بالعباد وهو أرحم الراحمين. الراحمون هم الآباء والأمهات. فالله أرحم منهم بأولادهم.

تصور أن أباك قال لك في صباح وقبل خروجه: اعمل لي كذا وكذا، أو اذهب إلى مكان فلاني وجيب لي كذا وكذا. ثم عند رجوعه في النهار وجد أنكلم تفعل شيئا مما طلب منك. ولم يكن عندك مبررا آخر سوى قولك أنك نسيت، أو كنت نائما، أو لم يكن عندك وقت كاف! فغضب وصاح عليك. ثم في اليوم التالي حصل معك نفس السلوك فشاجر معك، فتدخل أناس وتركك. ثم في اليوم الثالث عملت نفس الشيء. فسيطردك من داره رغم كونك ابنه. فإن تضامنت معك أمك تطرد هي كذلك معك! 

ولا يتحمّل مثل ذلك العصيان سوى الغفور الودود، ذو الرحمة والمنّ على خلقه بلطفه. الله سبحانه وتعالى هو الحليم البر الرحيم. تأكل كل يوم طعامه وتشرب شرابه، وتتنفس هواءه، وتمشي على أرضه وتستظل سماءه، ثم تعصي له كل أمر! ومع ذلك يمضي في إطعامك وإسقاءك وإرزافك، وأنت تمضي في معصيته في كل ما أمر، دون خشية طرد أو حرمان. هل والداك يسمحان لك ذلك؟ طبعا لا. إذن أي من الله، جل وعلا، أو والديك أرحم بك؟ الجواب: الله.

 (الله لطيف بعباده يرزق من يشاء وهو القوي العزيز.)  له الحمد والشكر،على كل حال ومآل.

اللهم، أرنا الحق حقا وارزقنا جرأة اتباعه وحده، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا جرأة هجره وتنديده.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون؛

وسلام على المرسلين؛

والحمد لله رب العالمين.

اجمالي القراءات 6276