العقل الخليجي
العقل الخليجي

سعيد علي في الأربعاء ٣٠ - نوفمبر - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

 

 

 

غالبا ما يُنظر للمواطن الخليجي على أنه إنسان مترف تمتلئ جيوبه و حساباته البنكية بالمال عطفا على الثروة الهائلة من النفط التي تتمتع بها البلاد الخليجية و في تصريح للرئيس الأميركي دونالد ترامب يقول فيه أن أقل مواطن كويتي يعيش كملك !! هذا التصريح قاله عام 1988 !! و منذ ذلك الوقت و مازالت فكرة أن الخليجي غني – معششة في عقله – و كررها حتى في بعض لقاءاته إبان الحملة الرئاسية في صراعه الذي كسبه ضد المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون هذه الفكرة من أسف سائدة لدى الكثير من الناس و الحقيقة عكس ذلك تماما !!

في نظرة سريعة على البلاد الخليجية قبل إكتشافات النفط كانت تعاني من الفقر و الجهل و المرض كانت عبارة عن قبائل تعتمد أغلبها على التجارة البحرية لعل دولة الكويت ومنذ تأسيسها و تولي أسرة آل صباح مقاليد إدارة البلاد في تلك الدولة بدأت تتشكل الدولة بمفهومها الحديث و قد سبقت الكويت رغم صغرها أخواتها في تشكيل الدولة الحديثة ربما يرجع ذلك إلى قربها من العراق حيث كانت العراق أكثر تقدما لا سيما أثناء الحكم الملكي .

سلطنة عمان هي الدولة الخليجية الأقدم من حيث تاريخها كدولة و نظام حكم مستقر و لكنها وقعت بين مطرقة الصراع على سيطرة الممر البحري للهند و سندان التخلف و الفقر و المرض فظلت تصارع بين كونها دولة ذات سيادة و حكم مستقر وصل سيطرتها إلى شرق أفريقيا و البحرين .

ظهرت الدولة السعودية الثالثة بقيادة عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود بفكر ديني و أديولوجية سلفية و توسعت بالقوة لنشر الفكر الديني ليس على مستوى الخليج بل وصل إلى مصر و بفعل البترول تغلغل الفكر الوهابي ليصل إلى الأزهر – راجع مقالات الدكتور أحمد حول هذه النقطة – تزامن ذلك مع بداية قيام دول الخليج كدول حديثة أمامها تحديات كثيرة في كافة المستويات أهمها التعليم .

قامت أغلب دول الخليج بطفرة في كافة المستويات بداية من عام 1970 و مع إرتفاع أسعار النفط و وصوله إلى مستويات قياسية 45 دولار للبرميل إنتشر التعليم ببناء المدارس و إستقطاب المعلمين لا سيما من مصر و هنا بدأ يتشكل العقل الخليجي الذي أعنيه في هذا المقال !!

توافد على دول الخليج العديد من خريجي الأزهر المتشبعين بالفكر السلفي ليقوموا بتدريس مادة التربية الإسلامية و إلقاء خطب الجمع و الدروس الدينية لنشر الفكر السلفي و السنة بشكل عام من كتب الأحاديث و السيرة و مازالوا !!

واحدة من أهم تشكيل العقل الخليجي هي فكرة الزواج المبكر و من إستطاع منكم الباءة فليتزوج !! هنا بداية القصة في معاناة الخليجي فأغلب الخليجيين خصوصا ممن توظفوا في الحكومات لا سيما و أن أغلب الحكومات كانت تريد توظيف عدد هائلا من المواطنين لسد العجز في كافة المجالات فاصبح الخليجي موظفا و لديه دخل ثابت أي توفر لديه عنصر – الباءه – فتزوج مبكرا دون إدراك لأهمية الزواج و تكوين الأسرة الحقيقية و ما يتطلب الزواج من أسس حقيقية لتشكيل لبنة أساسية لمجتمع أكثر وعيا .

و من هنا بدأ المواطن الخليجي في المعاناة حيث أن متطلبات الزواج هي أرض و بيت و أشياء أخرى و لكي يوفر الخليجي كل ذلك لجأ إلى أسهل وسيلة تمويلية و هي البنوك و من هنا بدأت معاناة هذا المواطن فأصبح أسيرا لهذه البنوك و فوائدها التي لا تنتهي برغم أن الفكر السلفي ضد هذه القضية !!

أغلب الخليجيين مقيدون بقيد القروض من البنوك بل تصل النسبة أحيانا في بعض الدول إلى 90% .

تشكل العقل الخليجي بفعل الأيديولوجية السلفية التي قزمته و جعلته أسيرا لها في كل حركاته و سكناته و طغى الحرام على الحلال و إنتشرت الفرق ذات التوجه الديني كجماعة الدعوة و التبليغ و السلف و حتى الإخوان و كلها ذات قاسم مشترك واحد هي تكتيف العقل و ربطه و تقييده بحيث لا يخرج عن هذه الدائرة .

و للمقال تكملة إن شاء الله ..

 

اجمالي القراءات 7710