فحدث من الحديث أم من التحديث ؟
وأما بنعمة ربك فحدث..!!

محمد خليفة في الأربعاء ٣٠ - نوفمبر - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

لطائف الإحصاءات القرآنية  (15 / 1 )

نظرات متجددة حول تدبر الآية الأخيرة من سُورَةُ الضُّحَىٰ

 

{ بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ  

وَٱلضُّحَىٰ (١) وَٱلَّيۡلِ إِذَا سَجَىٰ (٢) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ (٣)

وَلَلۡأٓخِرَةُ خَيۡرٞ لَّكَ مِنَ ٱلۡأُولَىٰ (٤) وَلَسَوۡفَ يُعۡطِيكَ رَبُّكَ فَتَرۡضَىٰٓ (٥) أَلَمۡ يَجِدۡكَ يَتِيمٗا فَ‍َٔاوَىٰ

(٦) وَوَجَدَكَ ضَآلّٗا فَهَدَىٰ (٧) وَوَجَدَكَ عَآئِلٗا فَأَغۡنَىٰ (٨) فَأَمَّا ٱلۡيَتِيمَ فَلَا تَقۡهَرۡ (٩)

وَأَمَّا ٱلسَّآئِلَ فَلَا تَنۡهَرۡ (١٠) وَأَمَّا بِنِعۡمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثۡ (١١) } الضحى

 

 

الآية الأخيرة من سُورَةُ الضُّحَىٰ، وكلماتها هي   " وَأَمَّا بِنِعۡمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثۡ (١١) }

وسوف نركز الضوء على الكلمة الأخيرة منها    " ... فَحَدِّثۡ "

وهذه الكلمة قد يذهب معناها إلى واحد من ثلاثة أقوال

 

القول الأول  :

وهو ما ذهب إليه معظم قدامي المفسرين، إذ أرجعوا معناها إلى التحدث بالحديث القولي والكلامي، بمعنى أن تتحدث إلى الناس بما أنعم الله به عليك، وتعدد نعم الله عليك، وفي هذا القول نقطة ضعف مهمة، وهي أن تظهر هذه الأقوال للناس على أنها تعالي وتفاخر ومباهاة وترائي بالنعمة، وقد تثير حنقهم وغيظهم، بل قد تدفعهم إلى رزيلة الحسد، بل قد تؤدي إلى الكفر بأنعم الله، والوقوع في هوى الأسباب وإنكار المسبب.

 

 ودليل ذلك ما جاء في الآيات الكريمات

{ وَكَانَ لَهُۥ ثَمَرٞ فَقَالَ لِصَٰحِبِهِۦ وَهُوَ يُحَاوِرُهُۥٓ أَنَا۠ أَكۡثَرُ مِنكَ مَالٗا وَأَعَزُّ نَفَرٗا (٣٤)وَدَخَلَ جَنَّتَهُۥ وَهُوَ ظَالِمٞ لِّنَفۡسِهِۦ قَالَ مَآ أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَٰذِهِۦٓ أَبَدٗا (٣٥) وَمَآ أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قَآئِمَةٗ وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَىٰ رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيۡرٗا مِّنۡهَا مُنقَلَبٗا (٣٦) قَالَ لَهُۥ صَاحِبُهُۥ وَهُوَ يُحَاوِرُهُۥٓ أَكَفَرۡتَ بِٱلَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٖ ثُمَّ مِن نُّطۡفَةٖ ثُمَّ سَوَّىٰكَ رَجُلٗا (٣٧) لَّٰكِنَّا۠ هُوَ ٱللَّهُ رَبِّي وَلَآ أُشۡرِكُ بِرَبِّيٓ أَحَدٗا (٣٨) وَلَوۡلَآ إِذۡ دَخَلۡتَ جَنَّتَكَ قُلۡتَ مَا شَآءَ ٱللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِٱللَّهِۚ إِن تَرَنِ أَنَا۠ أَقَلَّ مِنكَ مَالٗا وَوَلَدٗا (٣٩) فَعَسَىٰ رَبِّيٓ أَن يُؤۡتِيَنِ خَيۡرٗا مِّن جَنَّتِكَ وَيُرۡسِلَ عَلَيۡهَا حُسۡبَانٗا مِّنَ ٱلسَّمَآءِ فَتُصۡبِحَ َعِيدٗا زَلَقًا (٤٠) أَوۡ يُصۡبِحَ مَآؤُهَا غَوۡرٗا فَلَن تَسۡتَطِيعَ لَهُۥ طَلَبٗا (٤١) } الكهف

 

القول الثاني  :

والتحدث في هذا المعنى، لن يكون كلاما أو وصفا، بل سيكون في إظهار هذه النعمة، والتمتع بها، فلن تتاح للمرء الفرصة بالإستمتاع بالنعمة إذا ما حاول إخفاءها، وكأن المعنى يذهب إلى أن إظهار النعمة هو بمثابة أنها تتحدث عن نفسها وتصف مآثرها ومميزاتها.

 

القول الثالث  :

والمعنى الذي نود لو نعرضه هنا يأتي من التحديث والحداثة، وأداة هذا التحديث هو نعمة العقل والذي خـُصَّ به الإنسان ومُيِّـز به فوق كل مخلوقات الله.

 

وهذا يعني أنه إذا أنعم الله عليك بنعمة ما، فلا تقف بها عند حدودها المرسومة لها،  بل عليك أن تـُعـْمِل فكرك وطبقا لقواعد التحديث المتوافرة لديك، وتطور من وظائفها وإمكانياتها.

 

فهي... إذاً ... دعوة من الحق لإعمال نعمة العقل  في التحديث والتطوير الدائم، بحيث أن يكون هناك دائما الجديد والجديد والذي يتناسب مع رفع درجة تحضر البشر، ويوافق مطلوب الله من الإنسان في خلافة الأرض.

 

أيضا يمكننا إضافة أن المقصود بالآية الأخيرة هو دوام الشكر على ما أنعم الله به عليك من نِعَم .. وشكر النِعَم بشكر الرب المعبود ( ولئن شكرتم لأزيدنكم ) والزيادة هنا معناها المداومة على الأعمال الصالحة والإكثار منها ذلك لأن الله وفقك لفعلها.

 

م /  محمد ع. ع. خليفة

الإثنين  28  نوفمبر  2016

          28  صفر     1438 هـ

اجمالي القراءات 11435