الدين البهائي
الكتاب الأقدس

عبدالوهاب سنان النواري في الأحد ٠٩ - أكتوبر - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

المقدمة:

1- كنا من بعيد نسمع عن البهائيين في مصر والعراق وإيران وغيرها من البلدان، وكانت قصة اضطهادهم تألمنا كثيرا، ولكننا لم نحاول أن نتعرف عن قرب علی هذه الديانة الجديدة، نظرا لانشغالنا بشؤننا الإسلامية الداخلية، فنحن والحمد لله لدينا من الهموم والمشاكل الدينية ما إن مفاتيحها لتنوء بالعصبة أولي القوة.

2- مع بداية اطلاقتنا في العمل الدعوي الجهادي في العام 2011م، بدأنا نحتك أكثر بالعديد من الجماعات الدينية واللادينية، وقد كان لنا شرف التعرف علی بعض الشخصيات البهائية عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي في العام 2014م، وفي بداية هذا العام التقيت ببعضهم شخصيا، وسمعت منهم، وعرفتهم عن قرب، ومع هذا لم أهتم لأمرهم كثيرا.

3- والفضل في جذب انتباهنا لأمر هذا الدين يعود للأمن القومي اليمني، الذي شن حملة اعتقالات غاشمة وحقيرة طالت حتی نساء وأطفال أبناء هذه الطائفة، مما دفعنا إلی إطلاق حملة دفاع عن حقوقهم وحريتهم تحت شعار (كلنا بهائيون) ، وكاعتراف بالجميل عبر عدد من البهائيين عن شكرهم وامتنانهم، وأرسلوا لي بموجب طلبي نسخة pdfمن كتابهم المقدس، المعروف بالكتاب الأقدي.

أولا- محتويات الكتاب الأقدس:

1- تعريف الكتاب:

يقدم التعريف نبذة تاريخية مختصرة عن الجهود التي بذلت في سبيل إعداد وترجمة وطباعة الكتاب الأقدس بشكل دقيق ونشره علی نطاق واسع خلال الفترة (1953-1992م) ، وما تم في تلك الفترة من إعداد ملخصات لتعاليم الدين البهائي، وتزويد الكتاب بالإيضاحات والحواشي والملحقات التي تسهل فهم نصوص الكتاب.

مشيرا إلی ما عني به رسم نص الكتاب من اهتمام خاص، أثناء مقابلة نص الكتاب مع أمهات الألواح، وأخصها مخطوط يرجع إلی عام 1890م، بخط وتوقيع زين العابدين الملقب بزين المقربين، أبرز من اعتمد عليهم حضرة بهاء الله في كتابة ألواحه ونسخها، وقد كتبت نصوص الكتاب بالرسم الذي اتبعه زين المقربين في مخطوطه، رغم اختلافه في أكثر من موضع عن الهجاء المألوف في اللغة العربية.

2- تقديم الكتاب:

يحدثنا التقديم عن مولد حضارة عالمية جديدة، تتميز ببلوغ البشرية طور رشدها ونضجها. وأنه لا بد من تغيير النظم التي حكمت العلاقات البشرية في الماضي، وتطويرها لتلائم ظروف الحياة الجديدة علی الأرض.

وأن الكتاب الأقدس سيلعب دورا دينيا مقدرا ألا يقل مداه عن ألف سنة كاملة، معللا أهمية الكتاب الأقدس - من بين نيف ومائة مجلد جمعت فيها آثار حضرة بهاء الله - ذلك أن تعمير العالم هو غاية الدين البهائي ومحور رسالته، والكتاب الأقدس هو دستور هذا التعمير، وعماد الحضارة الجديدة المقبلة، التي جاء هذا الدين ليرفع قوامها.

مشيرا إلی أن الكتاب الأقدس جاء مصدقا للأديان للأديان السماوية السابقة، فثبت الحقائق الجوهرية الخالدة، ونادی بوحدانية الله، وحث علی حب الخير، وأمر بالمودة بين الناس، وحض علی البر والتقوی، واعتبر السمو الروحاني، وحسن الأقوال والأعمال - علی وجه العموم - غاية الحياة الدنيا ومأربها. وأنه في نفس الوقت أبطل أحكام الشرائع السابقة التي استنفذت أغراضها.

وأن هناك قواعد تفسيرية لنصوص الكتاب الأقدس، وتشربع الأحكام المكملةله، وفقا للنظام الذي وضعه حضرة بهاء الله، ويرتكز هذا النظام أساسا علی الدور الذي أسنده إلی ولده الأرشد حضرة عبدالبهاء، الذي اجتمعت في شخصه الفريد في الوقت ذاته ثلاث وظائف: فهو المثل الأعلی لنمط الحياة التي أمر بها في كتابه، وهو المبين الملهم لتعاليمه، وهو مركز ومحور العهد والميثاق الذي أبرمه حضرة بهاء الله مع كل من فاز بعرفان مشرق الوحي السماوي ومطلع الأمر الإلهي.

وأنه في غضون السنوات التسع والعشرون، التي حمل فيها حضرة عبدالبهاء أعباء خلافته، قد أفاض في بيان أحكام الكتاب، وشرح التعاليم التي وسعها، فبسط أمام أهل البهاء آفاقا فسيحة لفهم الغايات التي توخاها والده في هذا الدور المجيد، ثم أنه وظيفتي التفسير والتشريع: فأوصی بولاية أمر الله لحفيده الأرشد حضرة شوقي أفندي، وعينه من بعده المبين المعصوم لتعاليم هذا الدين. وأكد السلطة التشريعية والهداية الربانية، اللتين خص بها حضرة بهاء الله بيت العدل الأعظم في كل الأمور التي لم ينص عليها الكتاب الأقدس صراحة، وعلی هذا تعتبر ولاية أمر الله وبيت العدل الأعظم معا خلافة ثنائية لحضرة بهاء الله وحضرة عبدالبهاء، فهما معا المرجع الأسمی والسلطة العليا للنظام الإداري الذي وضع أساسه وبشر بقيامه الكتاب الأقدس، ثم فصله مركز العهد والميثاق في كتاب وصاياه.

وأنه إبان السنوات الست والثلاثين لولاية حضرة شوقي أفندي، قد تمكن من رفع بنيان المحافل الروحانية، التي أسماها الكتاب الأقدس (بيوت العدل) ، وبمعاونتها شرع وبمنهجية دقيقة وضعها مركز العهد والميثاق لإبلاغ أمر الله إلی كافة أرجاء العالم، وأن حضرته أعد التدابير الأولية لانتخاب هيئة بيت العدل الأعظم، قمة النظم الإدارية التي برزت إلی الوجود في نيسان (أبريل) من عام 1963م، يجري تجديد انتخاب أعضائها بأكثرية الأصوات في اقتراع سري، في عملية انتخابية تتم كل خمس سنوات، علی ثلاث مراحل، يشترك فيها الراشدون من البهائيين في جميع أنحاء العالم.

تنقسم أحكام الكتاب إلی ثلاثة أقسام: فمنها ما يحكم علاقة الأفراد بالله، ومنها ما ينتفع به الأفراد أنفسهم، ومنها ما يحكم الروابط بين الأفراد، وبينهم وبين المجتمع. ويمكن ترتيب هذه الأحكام في أربعة أبواب: باب العبادات، باب الأحوال الشخصية، باب الوصايا والأوامر والنواهي، وباب إبطال الأحكام السابقة. وابرز خصائص هذه الأحكام هو إيجازها الشديد، وذلك أنها نواة تشريع مفصل واسع النطاق سيسنه بيت العدل الأعظم علی مر القرون المقبلة.

تؤكد التعاليم البهائية علی أنه لا بد من التدرج في تطبيق أحكام الكتاب الأقدس، فنشر هذا الكتاب لا يعجل بتنفيذ أحكام جديدة غير تلك الأحكام واجبة الاتباع في الوقت الحاضر، وعندما يحين الوقت، سيتم إبلاغ البهائيين بالأحكام الإضافية التي يلزم اتباعها من قبل بيت العدل، مع تزويدهم بأي توجيه أو تشريع لازم لتطبيقها.

لا يعتبر الكتاب الأقدس آخر ما يعتقد البهائيون أنه نزل من سماء الوحي، فلديهم الألواح المباركة التي يؤمنون أنها نزلت بعده، وكانت رسالة (سؤال وجواب) من بين هذه النصوص اللاحقة، وقد حوت تفصيل بعض أحكامه وشرح مضمونه، وتعد تلك الرسالة ملحقا وليس نظيرا للكتاب الأقدس.

يؤمن البهائيون بأن الكتاب الأقدس نزل كاملا باللغة العربية، ليكون اللسان العربي لغة الصلاة، ولغة تنزيل أم الكتاب لشريعته، ولغة أصول أحكامه، مع أن العربية لم تكن لغة قوم حضرة بهاء الله، لإعتقادهم أن الكتاب الأقدس نزل خطابا للبشرية قاطبة.

3- وصف الكتاب الأقدس:

يعتبر الكتاب الأقدس تمهيد لغيض أعظم، ويعتبر أيضا أبرز أثر من آثار دورة حضرة بهاء الله، فهو مصدر الشريعة، الذي ستبقی أحكامه سارية إلی ما لا يقل عن ألف سنة، فهو أعظم ما فاض به إلهام حضرة بهاء الله، وأم الكتاب لدورته، ودستور نظامه العالمي الجديد. حوی الكتاب الأقدس الأحكام والأوامر الأساسية التي سيشيد عليها صرح نظامه العالمي، كما اسند مسؤولية التفسير إلی خليفته - علی النظم والهيئات الضرورية التي بها وحدها يمكن الحفاظ علی وحدة شريعته وتماسكها حسب اعتقاده.

يعتقد البهائيون بأن شريعتهم هي الشريعة التي تنبأ بها " إشعياء " النبي، والتي وصفها " يوحنا اللاهوتي " في رؤياه بأنها (السماء الجديدة) ، و (الأرض الجديدة) . وبأنها (مسكن الله مع الناس) ، و (المدينة المقدسة) ، و (العروس) ، و (أورشليم الجديدة النازلة من السماء) ، فقد أعلن حضرة بهاء الله عن مجيء " الناموس الأكبر " إلی ملوك الأرض وسلاطينها، وأسماهم " المماليك " ونادی نفسه " مالك الملك " ، ونفی أي قصد للاستيلاء علی ممالكهم، واختص نفسه بقلوب عباده.

وحذر رؤساء الدين في العالم من أن يقيسوا الكتاب الأقدس بما لديهم من موازين، وأكد أن الكتاب الأقدس هو " قسطاس الحق بين الخلق " ، وأمر فيه بتأسيس " بيت العدل " ، وحدد وظائفه، وعين موارده، وسمی أعضاءه " رجال العدل " ، و " وكلاء الله " ، و " أمناء الرحمن " ، ونوه بمن سيصبح " مركز العهد والميثاق " ، وخوله حق تفسير آثاره، وأشار ضمنا إلی نظام ولاية الأمر، وأعلن أن للمظهر الإلهي - الرسول - العصمة الكبری، وأن هذه العصمة هي من الصفات الملازمة لمن يبعثه الله، ولا يشاركه فيها غيره.

وعلاوة علی ذلك، فرض في هذا الكتاب: الصلاة، وسن حقوق الله جل وعلا، وشرع أحكام المواريث، وحرم التسول والرهبنة وصعود المنابر، ومنع تعدد الزوجات، وحرم القمار وتعاطي المسكرات، وأوجب ضرورة طاعة الحكومة .. الخ.

4- نص الكتاب الأقدس:

النص ليس طويلا فهو (112) صفحة لا غير، وهو قطعة واحدة غير مجزئة إلی سور أو عناوين، وفقرات جمله غير مرقمة، فهي تنتهي فقط بعلامة (*) ، وله رسمه الخاص، وإليكم مقتطفات من نص الكتاب الأقدس، أبدئها بما بدأ به الكتاب، وأختمها بما ختم به، وبين هذا وذاك نصوص متفرقة، وذلك بنفس طريقة الكتابة التي كتب بها:

- بسمه الحاكم علی ما كان وما يكون

- ان اول ما كتب الله علی العباد عرفان مشرق وحيه ومطلع امره الذي كان مقام نفسه في عالم الامر والخلق من فاز به قد فاز بكل الخير والذي منع انه من اهل الضلال ولو يأتي بكل الاعمال *

- يا قلم الاعلی قل يا ملأ الانشاء قد كتبنا عليكم الصيام اياما معدودات وجعلنا النيروز عيدا لكم بعد اكمالها كذلك اضائت شمس البيان من افق الكتاب من لدن مالك المبدء والمآب *

- تلك حدود الله لا تعتدوها باهواء انفسكم اتبعوا ما امرتم به من مطلع البيان *

- قد كتب علی السارق النفي والحبس وفي الثالث فاجعلوا في جبينه علامة يعرف بها لئلا تقبله مدن الله ودياره اياكم ان تاخذكم الرأفة في دين الله اعملوا ما امرتم به من لدن مشفق رحيم *

- يا عبادي اصلحوا ذات بينكم ثم استمعوا ما ينصحكم به القلم الاعلی ولا تتبعوا جبارا شقيا *

- يكتب للرجال ولله ما في السموات والارض وما بينهما وكان الله بكل شيء عليما *

- اتقوا الله يا اولي الالباب*

5- ملحقات للكتاب الأقدس:

هي ألواح يعتقد البهائيون أنها نزلت بعد الكتاب الأقدس، تشتمل علی نصوص متممة لأحكام الكتاب الأقدس، وقد نشر بعض هذه النصوص في صفحات هذا الكتاب الذي بين أيدينا، وهي: نبذة من لوح الإشراف، والصلوات الثلاث المنوه عنها في رسالة " سؤال وحواب " ، وكذلك صلاة الميت.

6- رسالة سؤال وجواب:

اشتملت هذه الرسالة علی (107) سؤال، في مختلف جوانب التشريع البهائي.

7- خلاصة وترتيب أحكام الكتاب الأقدس وأوامرة:

وهي خلاصة محكمة وفي غاية الإتقان، وموجز موضوعاتها كالتالي:

أولا- تعيين حضرة عبدالبهاء خلفا لحضرة بهاء الله ومبينا لتعاليمه:

أ- الأمر بالتوجه إلی حضرة عبدالبهاء.

ب- الأمر بالرجوع إلی حضرة عبدالبهاء.

ثانيا: الإشارة إلی ولاية الأمر.

ثالثا- هيئة العدل:

أ- الأمر بتأسيس بيت العدل.

ب- تعيين وظائفه.

ج- تحديد موارده.

رابعا- الأحكام والأوامر والوصايا:

أ- الصلاة.

ب- الصوم.

ج- الأحوال الشخصية.

د- أحكام وأوامر، ووصايا شتی.

خامسا: لوم وذكری ونذر خاصة.

سادسا: موضوعات متنوعة.

8- الشرح:

وهو شرح تفسيري تفصيلي لبيان معاني الكلمات والعبارات ذات الرموز والإشارات الخاصة، التي وردت في نص الكتاب الأقدس، وكذلك تفصيل للتشريعات الواردة فيه، وقد شمل الشرح (194) نقطة تفسيرية.

9- فهرست عام:

يقتصر هذا الفهرست علی الأبواب التالية: نص الكتاب، رسالة سؤال وجواب، والشرح. وقد اتخذت اللجنة المكلفة بطبع الكتاب الأقدس هذا القرار تسهيلا للقارئ، وتجنبا للتكرار، دون المساس بوظيفة الفهرست الأساسية. ويشمل الفهرست أبرز الكلمات الواردة هذه الأبواب، مشيرا إلی الموضوعات التي وردت فيها، ورقم الصفحة.

ثانيا- قراءتنا للكتاب الأقدس:

1- انتهيت للتو من قراءة هذا الكتاب الشيق والرائع، للمرة الثانية علی التوالي، وهو كتاب مهم للغاية، ولا بد من قراءته أكثر من مرة، لما يتميز به من حيث الأسلوب والمحتوی، ولما فيه من الفائدة، لذا أنصح الجميع بقراءته قراءة فاحصة وناقدة.

2- علی عكس ما أنصحكم به من قراءة فاحصة وناقدة، فقد كانت قراءتي لهذا الكتاب، قراءة إطلاع وحب معرفة، وذلك لما أكنه للإخوة البهائيين من مشاعر الحب والاحترام والعطف، نظرا لما يتمتعون به من حسن السيرة والسلوك، ولما يعانونه من اضطهاد، وحملات تشويه.

3- لم أقم بنقد هذا الكتاب أو تفنيده، لان الدين البهائي دين مسالم ومستقل بذاته، ولا يدعي وصلا بالقرآن الكريم، لذا فإن علاقتنا به تقوم علی أساس الاحترام المتبادل، وعلی قاعدة: لكم دينكم ولي دين. ثم إنه لا شرف لنا في الدخول في صراع فكري مع دين مسالم ضعيف يعاني الإضطهاد والقمع.

أخيرا:

1- تمنياتنا للإخوة البهائيين بالتوفيق والسداد، ونرجو من الحق تبارك وتعالی: أن يسدد علی طريق الخير خطاهم، وأن يزيدهم هدی، وأن يكون عونا وسندا لهم في محنتهم، وأن يعجل بزوالها.

2- الكتاب الأقدس منتج وتأليف بشري، ولا يمكن أن يكون وحيا إلهيا، وصدق الله القائل: قل لئن اجتمعت الإنس والجن علی أن يأتوا بمثل هذا القرءان لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا (88) الإسراء

اجمالي القراءات 14355