موجز وتقديم للهوامش
اللطائف القرآنية (60) هوامش على دفتر الهجرة

محمد خليفة في الجمعة ٠٧ - أكتوبر - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

اللطائف القرآنية (60)

هوامش على  دفتر الهجرة

 

مقدمة  :

تعتبر حادثة الهجرة، من أبرز بل وأهم أحداث السيرة النبوية العطرة، فقد مكث الرسول عليه أفضل الصلوات وله أتم التسليم  قبلها ثلاثة عشر عاما في مكة يدعو إلى الإيمان بوحدانية الله، في محاولة شديدة الجدية والدأب لإعادة بناء الشخصية العربية والمتواجدة في القرب، بما يتوافق وتعاليم الإسلام الحنيف، وذلك لإعادة ترتيب لبناتهم الفكرية والوجدانية القلبية  ليكونوا أهلا لتحمل تعاليم هذا الدين، ولنشر هذا الدين، وذيوعا لجوهر الوحدانية والمبادئ السامية التي نادى  بها الإسلام، وإلى التوسم بالأخلاق الحميدة التي جاء بها وكان مثالا لتطبيقها رسول الله محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.

 

كانت سور القرآن الكريم تتنزل عليه في تعاقب منظوم، نظمه خالق الكون، لكي ترشده وترشد المؤمنين برسالته، إلى أسلوب بناء الإنسان الجديد والذي سوف يقع علية بناء مفاهيم حضارية جديدة ومستحدثة، ومن ثم بناء حضارة أخلاقية قوية ومتماسكة، وقد انتظمت فيها العلاقة بين المرء وربه، وكذا العلاقة بين البشر والكون، المتمثل في أسرته وأهله وقبيلته وبلده والبيئة المحيطة به.

 

هكذا نجح رسول الله في بناء شوامخ إنسانية فيمن آمن به وبرسالته، لم يكن عدد من آمن به كثير، لكن دستور بناء الشخصية الإيمانية كان قد تحدد، بنزول ستة وثمانون سورة قرآنية ( بدءا بسورة العلق وانتهاء بسورة المطففين ) ، وقد رسخت فيها مفاهيم بناء الحضارة.


كان قد مر على رسول الله ، وكما أسلفنا ثلاثة عشر عاما يدعو لرسالته، وتواكبت معها أحداث جسام هددت حياة الرسول ذاته بل وحياة من اتبعوه، وهكذا جاءت هجرتين متتابعتين لمجموعات من المسلمين الأوائل إلى الحبشة، ولم يكن هناك بد من الحركة خارج نطاق المنطقة المحيطة بالبيت الحرام، بل مكة كلها واتخذت الأحداث شكلا خاصا أجبرت الرسول على التفكير في الرحيل والخروج من البلدة الحرام -  وهي أحب بقعة إلى نفس رسول الله - ولما جاء إذن السماء، شرع الرسول في الخروج في رحلة محفوفة بالمخاطر صوب يثرب.

لقد ذكرت كتب التراث تفاصيل هذا الحدث، وأضافت إليه من عندياتها الكثير، ونظرا ولأنه حدث فاصل في مسار الدعوة ، ولأهميته في كونه أهم أحداث السيرة النبوية قاطبة، فكان والأمر كذلك من المتوجب تحقيق أحداثه وترصد دقائقه، والتحقق من كينونة وقوعها بذات النمط التي وردت عليه، أم أن هناك أشياء مغايرة لما امتلأت به كتب السيرة ؟.

 

أعلم أن ما سأقوله غريب على الأذن العربية، والتي اعتادت التغني بأمجاد مختلقة، وخيالات مـُـزَّينة ، وتهاويم ساذجة، وكان الوجدان العربي  ينتشي بترديد ما يقوله شعراء الربابة بصحبة أنين المزمار وحكاوي الحكواتية، وكانوا يتيهون عجبا بهذه الشذرات، ويرددونها في محافلهم وجلساتهم وأسمارهم، وكانوا بين هازا لرأسه في حركات ترددية، ومصمصا للشفاه في آهات تعجبية، موقنين بوقوعها وكما جاءت في الأقصوصة المتداولة بينهم، بل وينقلونها إلى المتعاقب من الأجيال بعدهم على أنها حقيقة لا خلاف عليها ولا ريب فيها، وفي هذا الطامة الكبرى ، هذا لأنهم واقع الأمر جسدوا الخيال واقعا، ثم أضفوا على هذا الخيال المجسد قداسة لا تمس ومحظور الاقتراب منها أو حتى مجرد التفكير فيها، بل ولعنة وتكفير من يتطاول عليها أو ينال منها، فأخرجوها بذلك من مصاف التسالي وقطع الوقت ، إلى الترديد الخاشع المتبرك  به ، وقد آن الأوان للتمرس بدروع العلم وحراب المعرفة وسهام المنطق وإيقاد قناديل العقل للتصدي لهذا الفكر والدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة.

 

من هذا المنطلق، يجئ هذا البحث ليس للتحدث عن أسباب ما أطلق عليه حدث الهجرة، ولا لنتائجها، ولا عن الإنفجارة الدعوية التي حدثت بعدها، وإنما للبحث في هوامش هذا الحدث

لذا سوف تنقسم مباحث هذا الحدث إلى سبعةمحاور بحثية :

المحور الأول      :     مفهوم الهجرة.

الحدث كان إخراجا وتهجيرا، وليس بها مقومات الهجرة.

المحور الثاني     :     تثنية الرسول.

لا يستقيم أن يكون الرسول هو الثاني، وصاحبه الأول.

المحور الثالث     :    مصاحبة الرسول

المعية مع الله أم مع الرب.

المحور الرابع     :    التخفي  والتواجد في الغار

جنود الله أمام الغار، لم تكن مرئية

المحور الخامس  :     الجد في التقصي وراءه  والبحث عنه..

المبالغات التي وردت في القصص التراثي‘ بخصوص سراقة

المحور السادس  :     الاستقبال في يثرب

نشيد الإستقبال في يثرب مختلق، وأدخل على أحداث التهجير

المحور السابع    :     التأريخ الهجري

التهجير كان حدثا مأساويا، فلا معنى لإختياره أساسا للتقويم القمري

وسنبدأ في تناول البحث في هذه المحاور واحدا إثر آخر.

 

م / محمد ع. ع. خليفة

الأحد 2 أكتوبر  2016

       1 المحرم  1438 هـ

اجمالي القراءات 6001