يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ.

Brahim إبراهيم Daddi دادي في الأحد ٢٨ - أغسطس - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

عزمت بسم الله،

قصص القرءان هي القصص الحق، وهي من أحسن الحديث الرباني، منها ما هو للتذكير والبشرى، ومنها ما هو للعبرة والإرشاد، لئلا يكون للناس على الله حجة أن يقولوا ما أتانا من نذير. قال رسول الله عن الروح عن ربه: رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجةبعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما. النساء 165.لنرى قصة يوسف عليه وعلى جميع الأنبياء السلام، لما كان في بيت العزيز، وقصته مع أهل العزيز التي راودته عن نفسه، ولقد أصرت على أن تمكنه من نفسها. وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِيبَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَيُفْلِحُ الظَّالِمُونَ.وأكيد لقد تزينت حتى تحرك مشاعره لتشفي غليلها منه، ما دام يوسف عليه وعلى جميع الأنبياء السلام، بشر فقد تحركت غريزته وهم بها، بدليل قول عالم ما تخفي الصدور. وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّبِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ. نعم لقد همت به وهم بها، لولا أن رأى برهان ربه ( أي سيده) لاستسلم لأمرها، لكن الله تعالى صرف عنه السوء والفحشاء، لاستعصامه، ولكونه من عباد الله المخلصين.

 

لنرى كيف تصرف العزيز لما اكتشف خطأ زوجته، بعد أن سمع مرافعة يوسف عليه وعلى جميع الأنبياء السلام، وشهادة شاهد من أهلها. قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ. وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِن الصَّادِقِينَ.

لم يكن يخفى على العزيز خطأ أهله وأنها المذنبة، وأنها التي راودته عن نفسه، لذلك استبقها إلى الباب هربا من كيدها وعفة منه احتراما وتقديرا لما يلقاه من سيده.

فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ.

فكان قول العزيز: يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ. وحفاظا على كرامته وكرامة زوجته أمر بسجن يوسف، لتنسى القضية، إذ من غير المعقول أن يترك يوسف في بيته بعد ما رأى من زوجته.

 

نستفيد من هذه القصة رزانة العزيز وأخذه للأمر مأخذ الحكيم الذكي،  رغم أنه كان متيقنا من خطأ زوجته وبراءة يوسف، لكنه تصرف معها بحكمة ولطف، فأبعد عن عينها يوسف عليه وعلى جميع الأنبياء السلام، خاصة لما شاع في المدينة خبر مراودتها لفتاها. وَقَالَ نِسْوَةٌ فِيالْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْشَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ. وبعد أن سمعت بمكرهن أرسلت إليهن لتضعهن أمام الأمر الواقع، فأعدت لهن متأكا ولكل واحدة منهن سكينا، ثم أمرته أن يخرج عليهن فتنظر ما يفعلن بأنفسهن، وفعلا تحقق تخطيتها فاعترفن بجماله ورفعناه إلى مرتبة الملائكة، معنى هذا أنهن لم يشهدن مثله في الجمال. فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّأَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّوَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّارَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ. وتمنت كل الحاضرات ما تمنته امرأة العزيز...

ولما رأى يوسف أنه مستهدف ولم تشفي امرأة العزيز غليلها، وأنها اعترفت لهؤلاء النسوة قائلة: قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِيلُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَالصَّاغِرِينَ. وسمع أنها تنوي سجنه إن لم يفعل ما تأمره، تضرع إلى الله قائلا: قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّإِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّيكَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ. فقد اختار السجن على أن يقترف الفاحشة ويكون من الجاهلين.

 ورأى العزيز أن يدخله السجن لينهي هذه المشكلة التي ألمت به. فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن وأُدخل السجن ليخرج منه بعد مدة منتصرا معززا مكرما واعترفت النسوة وامرأة العزيز أنهن اللائي راودنه عن نفسه. قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَاْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ. ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ. وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ. يوسف 53.

والسلام على من اتبع هدى الله تعالى فلا يضل ولا يشقى.

اجمالي القراءات 9478