مواجيد الإحسان
لطائف قرآنية (11) - الإحسان

محمد خليفة في الأحد ٢١ - أغسطس - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

لطائف قرآنية (11)

الإحسان :

أولا  : أوضح النبي فيما معناه في حديثه إلى عبد الله بن عباس عن الإحسان

قال...................... (أن تعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فإنه يراك)
 ويصعب علي رجل الشارع العادي أن يدرك المعاني التي جاءت في هذا التعريف ولتوضيح ذلك نقول أن الإحسان ثلاثة مراتب أو ثلاث طبقات.

 

أولها : إحسان التطوع

وقد يسرها الله بان جعل لكل فرض من الفروض المفروضة علي المسلم نافلة من نفس نوعها، فالصلاة نافلتها صلاة التطوع / والزكاة نافلتها الصدقة / والحج نافلته العمرة / والصوم نافلته الصوم التطوعي، فمؤدي النوافل تطوعا قد أدرك احدي مقامات الإحسان فهو محسن إلي نفسه بأداء النوافل تقرباً إلي خالقه.

 

ثانيا : إحسان الإتقان

وهذا النوع من الإحسان هو أكثر الأنواع بعداً عنا والأجدر بنا كمسلمين أن يكون ذلك عنوان أداءنا للأعمال، ونبدأ بالإشارة إلى التوجيه الإلهي  بوجوب تحري الإتقان حيث قال الحق في محكم التنزيل

 {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ

 صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ (88)} سورة النمل
 أيضا يحضرنا من توجيهات رسول الله عليه أفضل الصلوات وله أتم التسليم في هذا الخصوص، أن الرسول أشار في حديثه فيما معناه  [ إن ذبحتم فأحسنوا الذبحة ].

أي إن شرعتم في ذبح أي ذبيحة فأحسنوا ذلك بشحذ السكين وإضجاع الذبيحة علي جنبها الأيمن وعرض الماء عليها قبل الذبح ولا يصح أن تذبح ذبيحة أمام ذبيحة وهكذا من شروط صحة الذبيحة والمقصود هنا أن نتقن كل ذلك ونؤديه بإخلاص قلبي طمعاً في نول الجزاء جزاءً إحسان الإتقان.

[ لذا يوصينا الرسول فيما معناه إذا عمل أحدكم عملا فليتقـنه ]

 

ويعني ذلك أن الوصول إلى الإتقان، يتطلب

1.  تحديد الهدف أو الحلم المفروض تنفيذه وبدقة

2.  وضع خطوات لتنفيذ الهدف وتحديد خطة زمنية للأداء.

3.  وضع مواصفات محددة ، ودقيقة،  وجازمة.

4.  وضع معايير ضبط جودة تنفيذ المواصفات، على مستوى الخطوات

           ،ثم أيضا على المستوى التجميعي ، ثم على المستوى الكلي

5.  إخلاص النية لله ، وقصد الخيرية، وأن يكون الله في قلبك قبل وأثناء وبعد التنفيذ.

 

ففي الإتقان تنفيذ لوصية الرسول ومحاولة للوصول إلى الكمال هو مستحيل، لكنه محاولة وتوصف هذه المحاولة بأنها أحسن وهي من مراتب الإحسان وفيها مرضاة الرب

 

ثالثها : إحسان التفضل

وهو ما تعارف عليه الناس بأنه العمل الطيب ودماثة الخلق، فصلة الرحم إحسان، وعيادة المريض إحسان، ومساعدة الكَلْ والمريض والضعيف إحسان، والصدق إحسان،  والأمانة إحسان،  كل ذلك يدخل في دائرة هذه الطبقة من مقامات الإحسان.

 

م / محمد ع. ع. خليفة

 

 

لطائف قرآنية (12)

الإحسان وسورة يوسف،

تكرار ظهور لفظة المحسنين لخمس مرات وصفا لنبي الله يوسف لممارسته  لمقامات الإحسان الثلاث ( التطوع‘ والإتقان، والتفضل )  ، فهي تصف يوسف بأنه يعرف ويمارس ويعيش بمقامات الإحسان الثلاثة ويملك مواجيد الإحسان الثلاثة. ولقد سبق الحق في صدر السورة أن أشار إلى أحكمها وأكثرها حاجة للمسلمين أن يمتثلوا إليه ( الإتقان)  حيث قال  في الآية الثالثة منها

{ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآَنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (3)} سورة يوسف

 

ولقد وردت صفة المحسنين وصفا لنبي الله يوسف في خمسة مواقع من السورة

{ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (22) }

{  وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الْآَخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (36) }

{  وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (56) }

{قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (78)}

{  قَالُوا أَئِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَالْمُحْسِنِينَ (90)}

 

 

 

 

 

 

 

فهو محسن بالتطوع.....  بأداء الفروض من العبادات والنوافل، فالله في                                             قلبه،  وصلته بالله كائنة دوما.

، ومحسن بالإتقان.... يقوم بالعمل على أكمل وجه وطبقا لمواصفات متزامنة بحيث تجيء النتائج كنتيجة منطقية للمقدمات.

، ومحسن بالتفضل ....  فهو الخلوق المبتسم الهادئ المساعد للمريض والكل، 

  والحَكَمْ العدل، إن حدَّث صدق، وإن عاهد نفِّذ، وإن  عهد له أحد بأمانة أداها.

 

م / محمد ع. ع. خليفة

اجمالي القراءات 7457