Pipeline Inspection Gauge
شرح مبسط في تآكل الأصول الحديدية والتحكم به في صناعة انتاج الغاز والبترول (3)

أبو أيوب الكويتي في الجمعة ١٢ - أغسطس - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

شرح مبسط في تآكل الأصول الحديدية والتحكم به في صناعة انتاج الغاز والبترول (3)

كتب: أبو أيوب الكويتي , سالم قنبر محمد جاسم الحسين. ماجستير العلوم في تخصص هندسة التآكل ,جامعة مانشستر 2012/2013 وعضو محترف نشط في معهد المعادن والفلزات والمناجم البريطاني.

 

مقدمة:

أعزائي القراء أهلا بكم, سوف نبدأ اليوم من حيث انتهينا في المقال السابق حين ناقشنا التحكم في التآكل الخارجي للأصول الحديدة عن طريق كسر ضلع الوسط الإلكتروليتي ((لا تآكل لا ماء)) ونتابع معا ما يلي عطفا على ما انتهينا عنده في آخر مقال.

 

أولا: سبل التحكم المتاحة بالتآكل الداخلي والخارجي للأصول الحديدية في قطاع الصناعات البترولية:

أ- التحكم بالتآكل عن طريق كسر ضلع من أضلاع مربع التآكل (الأنود , الكاثود, الوسط الالكتروليتي, الوسط الالكتروني):  

 

1- (كسر ضلع الوسط الالكتروليتي) "لا ماء لا تآكل":

 

2.1 المنشئات النفطية المشيدة تحت سطح الأرض أو المغمورة تحت سطح الماء (بحر أو نهر):

 

1.2.1 التحكم في التآكل عن طريقطلاء المنشئات المعدنية بالأصباغ الصناعية:

 

راجع التوبيب  1.1.2 في طلاء المنشئات المعدنية بالأصباغ الصناعية المندرج تحتالقسم ((1.1 المنشئات النفطية المشيدة فوق الأرض )) فوظيفة الطلاء هنا تتشابه مع ما سبق ذكره في المقال السابق تحت التبويب المشار اليه وذلك تفاديا للتكرار وايضا حفاظا على وقت القاريء الكريم مع أهمية لفت نظر القاريء الكريم ان الطلاء يمكن أن يطبق داخل السطح الداخلي للأنبوب ويكون بذلك طلاء داخلي أو يمكن أن يطبق على السطح الخارجي للأنبوب وبذلك يكون طلاء خارجي وتختلف أنواع الطلاءات باختلاف الظروف المحيطة والوظيفة المنوطة بذلك الطلاء للعمل على عزل المادة الحديدية للأنبوب الحديدي على سبيل المثال قدر الامكان عن الوسط المائي المحيط به.

 

1.3 العمل على ازاحة الماء المتراكم داخل الأنبوب النفطي في النقاط المنخفضة الممتدة على مسار الأنبوب الجغرافي بوسائط ميكانيكية ((الخنزيرة)):

 

كما علمنا سادتي القراء فان للماء دور مهم في التسبب في التآكل البارد للأصول الحديدية. نناقش هنا وسيلة مهمة في كسر ضلع الوسط الالكتروليتي وهي ازاحة الماء ودفعة بواسطة الخنزيرة وهي عبارة عن كبسولات كبيرة ((ان جاز التعبير لأنها تشبه الكبسولة من حيث الشكل)). ولتسميتها بالخنزيرة قصة مختلفة عما يعتقد القارئ الكريم ذلك لأن اسمها بالإنجليزية:

Pipeline Inspection Gauge (PIG)

 

فمن التسمية يتبين لنا أن الوظيفة الأساسية للخنزيرة هو فحص الأنابيب من الداخل لمعرفة السماكة المتبقية للأنبوب للتأكد من أن التآكل في الحدود المسموحة وذلك لضمان الأمن الصناعي ولضمان صلاحية الأنبوب لتحمل الضغط المصمم من أجله ويمكن بواسطة ذلك الفحص اعادة حسابات الضغط المفترض ان يعمل به الخط النفطي لتقليل ضغط الضخ ان استدعى الأمر ذلك لضمان تحمل الخط للضغوط الداخلية وضمان استمرارية الانتاج والاستفادة من الخط لأطول وقت ممكن.

 

جدير بالذكر هنا أن للخنزيرة أنواع كثيرة , فمنها ماهو مصمم للفحص فقط كالخنزيرة الذكية التي تركب عليها مجسات تعمل بالموجات فوق الصوتية لحساب السمك المتبقي للانبوب ويمكن تقفي أثرها بواسطة الاقمار الصناعية لمعرفة مكان العطب بالتحديد لتمكين فرق الصيانة الميكانيكية من التعامل المباشر مع الأجزاء المتآكلة بالقص والاستبدال ان تطلب الأمر ذلك.

 

يتوفر أيضا نوع آخر من الخنازير المصممة خصيصا للتنظيف ويمكن تمييزها بوجود بروز معدنية على سطوحها الخارجية ((فرشة حديدية)) على سبيل المثال تعمل على كشط الأوساخ الملتصقة بالجدار الداخلي للأنبوب والتي قد تكون من نواتج التآكل والتي يمكنها أن تعيق تدفق النفط داخل الأنبوب وتسبب في تفاوت في الضغوط على امتداد الخط اضافة الى مساعدة هذه الأوساخ على توفير بيئة مثالية للتآكل أسفل منها.

 

أنواع الخنزيرة هنا كثيرة لكن ما يهمنا هنا في موضوعنا هو الخنزيرة المصممة خصيصا لدفع وازاحة المياه المتراكمة في النقاط المنخفضة على امتداد المسار الجغرافي للأنبوب. فكلما امتد طول الأنبوب يمكن للموائع أن تنفصل ويتغير نمط وطراز السريان لتلكم الموائع السائلة ويمكن أن تتم عملية فصل بين النفط الخام والماء المصاحب لعملية انتاجه فبتغير اللزوجة والحرارة والضغوط ووجود نقاط منخفضة هي بمثابة مصائد للماء سوف ينفصل هذا الماء المصاحب ويستقر اسفل من النفط الخام الأقل كثافة ويتمكن من التماس المباشر مع المادة الحديدية للأنبوب وبذلك تبدء عملية التآكل.

لو كانت نسبة الماء المصاحب لانتاج النفط الخام قليلة لسوف يتمكن النفط الخام من التماس المباشر مع المادة الحديدية للأنبوب وهذه أخبار جيدة لمهندس التآكل حيث أن النفط بحد ذاته لا يساعد على التآكل مثل الماء.

 

مثال آخر مهم جدا وقدد لمست أنا شخصيا من واقع تجربتي أن كثير من الناس لا يعطون هذا الأمر حقه من الاهتمام من حيث التحكم بالتآكل الداخلي على الوجه المطلوب و هو مثال خطوط الغاز الطبيعي حيث يخطيء الكثير حين يظنون أن خطوط الغاز لا يحدث لها تآكل داخلي وذلك بسبب انهم يفترضون أن الغاز المضغوط والذي يسري بداخل الأنابيب انما هو غاز جاف ولكن الحقيقة أن حقول الغاز تنتج في الغالب ما نطلق عليه اصطلاحا (( غازا مبلول)) وليس غاز جاف خالي من بخار الماء. فلو اتيحت الفرصة لبخار الماء باختلاف الضغوط والحرارات وسرعة الانفلات لتكثف واستقر على جميع النواحي الداخلية لأنبوب الغاز ((راجع الديناميكا الحرارية)) وبذلك يبدا التآكل.

 

جدير بالذكر هنا أن التسرب في خط النفط يهون مقارنة بتسرب خط الغاز وذلك بسبب انك حين تضخ الغاز في انبوب فانك تفرض عليه ضغطا مهولا فكأنك وضعت ماردا جبارا في قمقم لو اتيحت له الفرصة ان يتفلت من هذا القمقم لدمر الدنيا وذلك بسبب الحقيقة العلمية التي اجمع عليها "أهل العلم" بان الغاز حين يتفلت الى الوسط الجوي المحيط به من ضغط كان مفروضا أو ممارسا عليه فانه سوف يحتل اضعاف حجمه حين يتفلت ويتسرب الى الجو مسببا في خلخله للضغط والغاز كما نعلم سريع الاشتعال فيمكن لثقب ولو صغير جدا ناتج بسبب التآكل أن يتسبب بدمار هائل وانفجار محيط نصف قطره يمكن ان يمتد لمئات الأمتار.

 

كل ذلك يمكن التحكم به والاقلال منه بعمل صيانة دورية لخطوط الغاز المبلول المشبع ببخار الماء وذلك بتمرير خنزيرة بشكل دوري وفترات زمنية مدروسة تعمل على ازاحة الماء المتجمع ازاحة ميكانيكية حيث كما هو معلوم للجميع انه يمكن للماء ان يستقر من بعد أن يتكثف في النقاط المنخفضة من الخط و بسبب تجاوز زاوية الانحدار للانبوب زاوية حرجة لايمكن للماء ان يتجاوزها صعودا و أيضا بسبب عدم توفر طاقة ديناميكية دافعة كافية لدفع الماء لمنعه من التجمع في هذه النقاط المنخفضة سوف تتغلب طاقة وضعه على الطاقة الديناميكية الحركية لنظام الدفع أو الضخ للأنبوب وبذلك سوف يجد الماء متسعا من الوقت ليسبب تآكل الخط عند تلكم النقاط المنخفضة بذلك تشكل الخنزيرة عاملا مساعدا هاما لمنظومة الضخ في الانابيب للتخلص من المياه الراكدة.  

 

بذلك نصل هنا الى نتيجة بان أهمية الفحص الدوري لا تقل شأنا عن التحكم بالتآكل. فمهندس الفحص يتكامل في عمله مع مهندس التآكل ونعطي على ذلك مثالا لتوصيل الصورة للقاريء الكريم:

فلنفترض مثلا أن لاعب كرة القدم اليوغسلافي ((الصربي)) الاسطوري السابق سنيسا ميهايلوفيتش وهو بالمناسبة من افضل ((ان لم يكن الأفضل على الاطلاق)) ممن يجيدون تسديد الركلات الحرة المباشرة كانت عليه شمال مجرمة ((ولاعزاء لرشيد الداوودي اسطورة كرة القدم المغربية ولا لمساعد ندا لاعب القادسية الكويتي)) عموما فلنفترض ان سنيسا قد اصيب بكسر في قدمه اليسرى وذهب لطبيب المنتخب اليوغسلافي. سوف يطلب طبيب المنتخب من دكتور الأشعة أن يعمل أشعة موضعية لموضع الكسر لكي يتمكن من تقييم شدة الاصابة وتقييم جدوى العلاج اللازم ان كان عن طريق عملية جراحية أو الاكتفاء بالجبيرة ((الجبس)) أو حتى الأدوية والعلاج الطبيعي لكي يعالج سنيسا ليمتعنا بأهداف أخرى جميلة ورائعة.

هذا بالضبط ما يقوم به مهندس التآكل مع مهندس الفحص. فمهندس التآكل هنا هو طبيب المنتخب اليوغسلافي ومهندس الفحص هنا هو دكتور الأشعة وعلى ضوء تلك الأشعة التي يوفرها مهندس الفحص يستطيع مهندس التآكل أن يقيم مدى صحة الأنبوب ان كان مريضا بالتآكل أم لا وايضا يمكنه تقييم شدة الاصابة بالتآكل ان كانت مقبولة أو أن يستدعى اجراء عاجل بالبتر عن طريق فريق الصيانة الميكانيكية لكي لا ينتشر التآكل أكثر في الأنبوب فالتآكل هنا مثل السرطان الا ان التآكل لو بدء لايتوقف ولكن يمكن التحكم به...

 

نختم بالقول أن لتفادي تفاقم اصابة الأنبوب بالتسربات التي لا يحمد عقباها وأثرها على الأمن الصناعي وعلى الانتاج والاقتصاد والبيئة والانسان والحيوان يتطلب ذلك تكاملا وعملا حثيثا بين مهندس التآكل ومهندس الفحص فالعمل بروح الفريق هنا بينهما هو ما يعزز من دور وريادة فريق سلامة الاصول الحديدية

Asset Integrity Team.

 

حسنا نتوقف هنا سيداتي وسادتي القراء الأكارم ونكمل في المقال القادم بإذن الله تعالى

ملحوظة:

1- تمت الاستعانة بكتابة هذا المقال بالعملاق عمر خيرت بالاستماع الى البومه الرائع ((ضمير أبله حكمت))

2- لمن لايعرف الجزار سنيسا ميهايلوفيتش يمكنه أن يستمتع بالنقر على الرابط التالي :

https://www.youtube.com/watch?v=IXczH7YQB7A

 

شكرا جزيلا 

اجمالي القراءات 6080