ردا على تساؤلات بشأن المقال السابق : (بين الزواج الجاهلى والزواج الاسلامى )

آحمد صبحي منصور في الجمعة ١٥ - يوليو - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

مقدمة : كتب د عثمان يتساءل :(  

1 ـ حضرتك ذكرت أنه يحرُم تزويج الزانى من المؤمنة إلى  أن يتوب ويُقلع عن إرتكاب كبيرة الزنا .ولكن كلام حضرتك كان مقصورا على الزانى الغير مُتزوج ويرغب فى الزواج ، فماذا عن الزانى المُتزوج ، فهل يستمر زواجه  بزوجته المؤمنة  حتى لو لم يتب ويُقلع عن إرتكاب كبيرة الزنا  ورضيت هى بإستمرار الزواج بسبب الأطفال أو لأى سبب آخر ، أم أن سلطة المُجتمع تفرض عليه ان يُطلقها إلى أن يتوب ؟؟؟
- 2 ـ  بالنسبة للتوبة من المُفترض انها تكون بين العبد وربه ولا يتدخل فيها أحد على الإطلاق  ، وإلا فنحن بذلك سنوافق على ما يفعله المشايخ من إتخاذهم من أنفسهم  وسطاء بين الله وعباده فى موضوعات ما يُعرف (برد الدين ) او ما شابه ذلك  التى يقوم بها بعضهم من أئمة المساجد الكبرى  مثل الأزهر والسيده والحسين . وهكذ وبالتالى فليس من الضرورى أن يُعلن مرتكب كبيرة الزنا (الذى لم يتم ضبطه مُتلبسا ) للناس انه قد إرتكبها ،وأنه يُشهدهم على توبته منها لكى يتزوج من المؤمنات فيما بعد ، وإلا كانت فضيحة علنية ستُلاحقه  وتُطارده  إلى يوم الدين
3 - الآية الكريمة تتحدث عن الزواج من  (زانى أو مُشرك ،او زانية أو مُشركة ) . والشرك كما نعلم إما شرك عقيدى ،وإما شرك عدائى سلوكى . فما نوعية الإشراك هُنا هل هو عقيدى ام سلوكى ؟؟
وإذا كان عقيدى فهل يُقابله مفهوم الإيمان العقيدى فى (وحُرم ذلك على المؤمنين ) ؟وإذا كان شركا سلوكيا ،فهل (المؤمنين ) هُنا تعنى  المُسالمين الآمنين ؟؟ وإذا كانت تعنى  الإيمان السلوكى فمعنى ذلك أن هذا التشريع ليس قاصرا على المُسلمين فقط، ولكن على كل مواطنى الدولة الإسلامية المُسالمين بمختلف اديانهم ومذاهبهم ،اليس كذلك ؟؟ ).

وأرد بتوضيحات نؤكد فيها ما سبق أن ذكرناه عن حقائق الاسلام ودولته الاسلامية  :

أولا :  المراد هو الاسلام السلوكى والايمان السلوكى وليس الايمان القلبى والاسلام القلبى :

1 ـ الآيات الكريمة فى سورة النور تخاطب المسئولين فى الدولة الاسلامية ،فى قول رب العزة جل وعلا : (سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (1) الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ (2) الزَّانِي لا يَنكِحُ إلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (3) وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ (4) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5) وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلاَّ أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنْ الصَّادِقِينَ (6) ). وبالتالى فالتعامل هنا على أساس الاسلام السلوكى والايمان السلوكى . اى المواطنة لكل الأفراد المسالمين بغض النظر عن إنتمائهم القلبى الدينى .

2 ـ وقلنا إن الله جل وعلا أمر المؤمنين فى بداية إقامتهم فى المدينة وتكوين دولتهم الاسلامية بإجتناب الرجس من الأوثان لأنهم كانوا كافرين عقيديا ولكن كانوا مسلمين سلوكيا بمعنى السلام ، قال جل وعلا لهم   : (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنْ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30) حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنْ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ (31) الحج  ) . والاجتناب لا يعنى تدمير الأوثان وإجتثاثها من الأرض ، ولكن فقط الابتعاد عنها ، لأن العيب ليس فى بناء الوثن أو القبر المقدس ، ليس العيب فى الحجارة والطوب والرمال والزجاج والستائر ، العيب فى تقديسها والتبرك بها والاعتقاد فيها ، وهو ما يجب التطهر منه . كانت تلك الأوثان مُقامة فى المدينة فى دولة النبى محمد الاسلامية ولم يأمر بتدميرها بل نزل الأمر بإجتنابها فقط.

3 ـ ولكنهم لم يجتنبوا أوثانهم وقبورهم المقدسة ، فكان من أواخر ما نزل هو تكرار نفس الأمر بإجتناب الرجس من الخمر والميسر والأنصاب (أى القبور المقدسة) والأزلام،اى الزعم بعلم الغيب،اى قول الزور، قال جل وعلا لأولئك الصحابة المؤمنين سلوكيا الكافرين عقيديا ولكل المؤمنين المسالمين:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) المائدة ) . وتأمل قوله جل وعلا بعدها : ( إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ (91))، وتدبر قوله جل وعلا لهم : ( فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ ) ، أى لم ينتهوا ، بل ظلوا عليها عاكفين متمسكين بالكفر العقيدى وبالاسلام الظاهرى بمعنى السلام . ثم تدبر ما جاء بعدها فى إخلاء مسئولية الرسول وفى قصر مهمته على التبليغ وفقط  وتحذيرهم إن تولوا وأعرضوا وعصوا : (  وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ (92) المائدة  ) .  بعدها مات النبى ودخل معظم الصحابة فى الكفر السلوكى ( الفتوحات ) بالاضافة للكفر العقيدى .

ثانيا : هذا يؤكد هذه الحقائق الاسلامية :

1 ـ الحرية الدينية المطلقة فى الاسلام ودولة الاسلام . فلا إكراه فى الدين ، لا إكراه فى دخول الدين ولا إكراه أو عقوبة فى الخروج منه ولا إكراه فى إقامة شعائره، قالها جل وعلا للنبى يلومه وهو فى مكة  : (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (99) وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ (100) يونس)، واكدها رب العزة جل وعلا قانونا عاما فى المدينة حيث تأسست الدولة الاسلامية ( لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256) البقرة ).

2 ـ ليس على الرسول سوى البلاغ ، ثم تكون حرية البشر فى الدين ومسئوليتهم يوم الدين على هذه الحرية بالخلود فى النار أو الخلود فى الجنة ، وسيأتى الرسول يتبرأ من قومه ( صحابة الفتوحات ) معلنا أنهم هجروا الرسالة القرآنية : (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً (30) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنْ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً (31)  الفرقان ).

3 ـ أن المواطنة فى الدولة الاسلامية هى للمسالمين المأمون جانبهم طبقا للاسلام الظاهرى بمعنى السلام والايمان الظاهرى بمعنى الأمن والأمان ، بغض النظر عن إنتمائهم للدين السماوى أو لأى دين أرضى . هم جميعا أفراد متساوون فى الحقوق والواجبات وفى التمتع بالمواطنة الاسلامية والدولة الاسلامية القائمة على العدل والقسط والحرية الدينية والسياسية والرعاية الاجتماعية والسلام والأمان . ولا يكون مواطنا فى هذه الدولة من يكون كافرا مشركا بمعنى الاعتداء الحربى المسلح ( أو الارهاب بمفهوم عصرنا ) .

ثالثا : الايمان القلبى غيب لا مجال له فى تطبيق الشريعة الاسلامية فى هذه الدنيا .

1 ـ محمد عليه السلام لم يكن يعلم الغيب ولم يكن مسموحا له أن يتكلم فيه . وقلنا إن هذا الاسلام الظاهرى إنتشر وساد فى أواخر عهد النبى محمد عليه السلام ، فالقبائل العربية المتحاربة ركنت الى السلام وتقفت الحروب ودخل الناس فى دين الله أفواجا ، وقال جل وعلا لخاتم النبيين عليهم جميعا السلام : (  إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً (2) النصر ) .

2 ـ ولأنه عليه السلام لم يكن يعلم غيب القلوب ، فإن الله جل وعلا هو الذى يعلم وحده حقيقة الايمان القلبى ، وهو جل وعلا القائل فى سياق موضوع الزواج من المؤمنات المملوكات (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمْ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنْ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (25) النساء ) والمؤمنات المهاجرات : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمْ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنفَقُوا وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (10) الممتحنة  ). فالامتحان لهن ليس محكمة تفتيش تفتش عن غيب القلوب ، ولكنه إمتحان (أمنى ) حتى لا تكون إحداهن جاسوسة للمشركين الكافرين المعتدين ، لأنها فى هذه الحالة ستكون كافرة معتدية لا مكان لها فى الدولة الاسلامية المبنية على الأمن والسلام .

3 ـ ولأنه عليه السلام لم يكن يعلم غيب القلوب فلم يكن يعلم بحقيقة المنافقين الذين مردوا على النفاق والذين توعدهم رب العزة جل وعلا بالعذاب مرتين فى الدنيا ثم العذاب الفظيع يوم القيامة ، أى ظلوا على كتم نفاقهم فى حياة النبى الذى لم يكن يعلم بهم ، فتقربوا منه وحازوا مكانة ووجاهة دون ان يعلم بهم بشر ، ثم بعد موته عليه السلام قفزوا على السلطة وارتكبوا ما استحقوا أن يعاقبهم به رب العزة مرتين فى الدنيا ثم ينتظرهم فى الآخرة عذاب عظيم ، عن صحابة الفتوحات والخلفاء الفاسقين نتحدث . وهم المقصودون بقول رب العزة جل وعلا : (  وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنْ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ (101) التوبة ) .

4 ـ  أى أنه عليه السلام لم ير قلوب الناس الداخلين فى دين الله أفواجا . رأى فقط دخولهم السلوكى فى الاسلام السلوكى بمعنى السلام . ثم تغير الحال بعد موته بفعل قريش وأولئك الذين مردوا على النفاق ، وإتخذوا القرآن مهجورا .

5 ــ وقلنا إن تطبيق الشريعة الاسلامية يتعامل مع الاسلام السلوكى بمعنى السلام والايمان السلوكى بمعنى الأمن والأمان ، وليس بما فى غيب القلوب . وقلنا ان دعائم الزواج هى الاسلام السلوكى والايمان  السلوكى والعفة و التراضى . وفى كل ما سبق يكون تنفيذ العقوبات ومنها تحريم زواج الكافر والمشرك ( المعتدى سلوكيا / الارهابى بمفهوم عصرنا أو الداعى للارهاب ) بمؤمنة ، والعكس ( المؤمن بكافرة ). ولانه سلوك فإن التوبة واردة ، وعند التوبة العلنية تسقط العقوبة ( الجلد والمنع من الزواج ) . أما التوبة القلبية التى لا يعلمها إلا رب العزة جل وعلا فالحكم فيها يوم القيامة لمن يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور ، سبحانه وجل وعلا .

6  ـ بالتالى فإنه يحرم إبتداءا الزواج من المشركين والمشركات ( بالسلوك ) ، كما يحرم إبتداء الزواج من الزناة .

7 ـ  السؤال هنا ـ ونحن نتكلم عن سلوكيات متغيرة ـ ماذا لو حدث العكس ؟ أى مؤمن مسالم أو مؤمنة مسالمة ، أو مؤمن عفيف أو مؤمنة عفيفة وقع ظاهريا فى الكفر السلوكى او الزنا وصمم عليه ؟

إذا كان بالاعتداء المسلح على الآمنين فهنا يتم تطبيق عقوبة الحرابة عليه ، وأقلها النفى ، ويتم التفريق بينه وبين زوجه المؤمن . إذا وقع فى الزنا وصمم علي بلا توبة ، هنا أيضا يكون التفريق .

وبالتالى تكون هذه العقوبات ــ أو الخوف من هذه العقوبات رادعا يمنع مقدما من الوقوع فى الإثم الكبير ، أو تكون حافزا مشجعا على التوبة عند الوقوع فى هذا الإثم الكبير .  ولا فارق هنا بين من كان متزوجا ثم وقع فى هذا الإثم أو من وقع فيه وهو أعزب .

8 ـ كل عذاب الدنيا يهون أمام عذاب جهنم الخالد . والذى يفلت من عقوبة الدنيا بتوبة علنية زائفة لن ينجو من الخلود فى النار . وشتان بين مائة جلدة دنيوية يزول أثرها سريعا وبين خلود أبدى فى عذاب الحريق .

9 ـ المشكلة أننا لا نؤمن باليوم الآخر كما ينبغى ، أو على الأقل نستهين بعذاب جهنم ..مشكلتنا أننا مهمومون مهووسون بهذه الدنيا الزائلة ، مع أننا نعيش عمرا قصيرا فيها يعقبه الموت . مشكلتنا أننا لا  نعى أن الواحد منا فى إقامته فى هذه الدنيا كمن يقف على شريحة من جليد فوق سطح المحيط ، وتتآكل شريحة الجليد بسرعة 60 دقيقة فى الساعة ، وعندما ينتهى تآكلها يسقط الفرد منا فى عُمق المحيط الذى أتى منه . هذا المحيط هو البرزخ ، والذى سنرجع منه يوم البعث لنشهد عمليا ما كنا نسخر منه وما كنا نستخف به . عندها لن ينفع الندم .!!

أخيرا : أحسن الحديث :

كان بعض المنافقين يخدعون النبى والمؤمنين بإعتذارات قولية يبررون قعودهم عن الخروج للقتال الدفاعى ، وهو نوع من التوبة العلنية ، فأمر رب العزة جل وعلا النبى محمدا أن يقول لهم : حققوا توبتكم وإعتذاركم عمليا بحيث نراها ، ثم سيأتى يوم القيامة حيث يحكم رب العزة جل وعلا على حقيقة عملكم وتوبتكم وينبئكم بما كنتم فعلا تعملون لأنه جل وعلا عالم الغيب غير المرئى وعالم الشهادة المرئية.  قال جل وعلا : (  يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (94) التوبة  ) .

ودائما : صدق الله العظيم .!!

اجمالي القراءات 8101