نبذة عن الأمثال فى القرآن
شيطان التفصيلات فى الهجص السنى فى الأمثال القرآنية

آحمد صبحي منصور في الثلاثاء ٠٥ - يوليو - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

مقدمة :

1 ـ  رب العزة جل وعلا يستخدم فى الدعوة للهداية أساليب شتى من الحوار العقلى والتساؤلات المُفحمة والقصص القرآنى للعبرة والعظة .  ومنها ضرب الأمثال المتنوعة . يقول رب العزة جل وعلا : ( وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ) (58) الروم) ، ومع ذلك يظل الكفر سائدا معاندا ، يقول رب العزة جل وعلا:( وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً (89) الاسراء )، ويقول رب العزة جل وعلا : ( وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً (54) الكهف ).

2 ـ  و قبل التعرض لنماذج من الهجص السنى عن الأمثال فى القرآن الكريم ، نعطى لمحة عن ( الأمثال فى القرآن الكريم )

 أولا : ضرب المثل من أساليب الدعوة فى الماضى وفى الحاضر :

1 ـ فى الحاضر وقت نزول القرآن الكريم : ضرب الله جل وعلا مثلا لقريش التى كان يأتيها رزقها رغدا من كل مكان بسبب اليت الحرام والحج اليه . وفى هذا المثل تحذير مسبق لقريش بسبب كفرها بأنعم الله جل وعلا .  يقول رب العزة جل وعلا : ( وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (112) وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (113) النحل )

نتذكر هنا قوله جل وعلا عن قريش ورفضها للحق القرآنى : ( وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعْ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (57) القصص ) ثم التحذير بعدها فى قول رب العزة جل وعلا : ( وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلاَّ قَلِيلاً وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ (58) وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلاَّ وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ (59) القصص )، وقوله جل وعلا : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ (67) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ (68) العنكبوت   )

2 ـ فى الماضى: يقول رب العزة جل وعلا عن ضرب الأمثال للأمم السابقة : ( وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَاباً أَلِيماً (37) وَعَاداً وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُوناً بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيراً (38) وَكُلاًّ ضَرَبْنَا لَهُ الأَمْثَالَ وَكُلاًّ تَبَّرْنَا تَتْبِيراً (39) الفرقان ).

3 ـ ضرب الأمثال للبشر فى كل زمان ومكان : يقول رب العزة جل وعلا : ( وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (27) الزمر) ، ويقول رب العزة جل وعلا : (  وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (21) الحشر ). الهدف من ضرب الأمثال للناس هو الهداية بالتذكر والتفكر ، وهذا حتى لا يموتوا على ضلال ثم يكون تذكيرهم بتلك الأمثال فى اليوم الآخر وهم فى النار .

4 ـ التذكير بالأمثال فى المستقبل ( الآخرة ) : يقول رب العزة جل وعلا : ( وَأَنذِرْ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعْ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ (44) وَسَكَنتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمْ الأَمْثَالَ (45) ابراهيم ).

 ثانيا  : عناصر الأمثال القرآنية : يشمل ضرب الأمثال أهم الأحياء المرئية :

  البشر : مثال إفتراضى :

1 / 1 : يقول رب العزة جل وعلا :( ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (29) الزمر ). الرجل هنا هو عنصر هذا المثل القرآنى ، وهو عن رجل مملوك لرجل واحد ، يتلقى أوامر من مصدر واحد ومن سيّد واحد . الآخر مملوك لمجموعة متشاكسة ، هذا يقول له إفعل وذاك يقول له لا تفعل . هذا يطلب شيئا من مكان والآخر يطلب منه فى نفس الوقت شيئا من مكان آخر . الهدف هنا واضح . المؤمن الذى يُخلص قلبه لربه جل وعلا مستريح لأنه له رب واحد وإله واحد وكتاب واحد وتشريع واحد . أما المشرك فتتعدد آلهته وأئمته وهم فى شقاق ، وهو لا يستطيع التوفيق بين آرائهم وأوامرهم وأحاديثهم وفتاويهم وخرافاتهم .

1 / 2 : يقول رب العزة جل وعلا : ( ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنفِقُ مِنْهُ سِرّاً وَجَهْراً هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (75) وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهُّ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (76) النحل). هنا أمثلة على التفاوت بين البشر فى العمل بما يستوجب عدم المساواة بينهم فى الأجر . فالذى لا يقدر على شىء لا يمكن أن يتساوى بالذى يفعل الخير ،والفرد العاجز الساكن العالة على غيره الذى لا يفعل خيرا لا يمكن أن يستوى بالفعّال للخير المتمسك بالصراط المستقيم . وهذه الحقيقة القرآنية جاءت بأسلوب الاستفهام الانكارى فى قوله جل وعلا:(أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36) القلم ) (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ (28) ص ) (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (21)الجاثية ))

البشر فى مثال واقعى :

يقول رب العزة جل وعلا : ( ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنْ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (10) وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنْ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11) وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنْ الْقَانِتِينَ (12) التحريم ). زوجة نبى كانت كافرة ، وزوجة فرعون آمنت . والمعنى ان الهداية مسئولية شخصية ، والكفر أيضا مشيئة شخصية ، ولا أحد يهدى أحدا ولا أحد ينفع يوم القيامة أحدا .

الحيوانات

1 ـ قطيع الأنعام يتبع القائد بلا تفكير ، والقطيع يتبع بالغريزة ما توارثه عن أسلافه دون تغيير ، وهنا يأتى هذا المثل للمشركين  ( السلفيين )الذين يعبدون ما وجدوا عليه آباءهم واسلافهم ، يقول رب العزة جل وعلا : ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ (170) وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لا يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ (171) البقرة ).

2 ـ وعن فقهاء وأئمة المشركين المتلاعبين بآيات الله جل وعلا يقول رب العزة يضرب فيهم مثلا : ( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنْ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصْ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176) الاعراف ). وهو نفس الحال فيمن تحمل مسئولية التوراة فلم يقم بالمسئولية ، يقول رب العزة جل وعلا : (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (5)  الجمعة  )

الحشرات :

1 ـ  ( البعوضة ): يقول رب العزة جل وعلا : ( إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ (26) البقرة ). الجاهل يستحقر البعوضة ، وهذه البعوضة تمٌصُّ دمه وقد تهلكه ، والعالم المتخصص فى الاحياء يذهله تركيب البعوضة ، ومع أنها مخلوق هشّ إلا إنها معجزة فى طيرانها وفى سباحتها على الماء وفى مصها الدماء . لاحظ الاعجاز العلمى هنا فى ذكر ( البعوضة ) الأنثى ، وليس الذكر . المرض يأتى من الأنثى وليس من الذكر .

2 ـ ( العنكبوت ) : يقول رب العزة جل وعلا : ( مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (41) إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (42) وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ الْعَالِمُونَ (43) العنكبوت ) فى هذا المثل إعجاز علمى لأن الله جل وعلا يتكلم عن انثى العنكبوت التى تعد فراش الزوجية للذكر وبعد أن ينهى مهمته تقتله وتأكل رأسه ، فهذا ذكر العنكبوت يأتى الى الفراش محملا بأمنيات جميلة فيأتيه مهلكه ، وكذلك الذى يأتى للقبر المقدس يزوره معتقدا الفلاح فيخسر حيث يتوقع الخير . هنا إعجاز علمى فى (تاء التأنيث ) فى قوله جل وعلا ( إتخذت بيتا ) ونقرأ فيما بعد ( وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون ). العالمون جمع ( عالم ) بكسر اللام.  .

3 ــ ( الذباب).يقول رب العزة جل وعلا:(يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوْ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمْ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (73) الحج ) لا يستطيع مخلوق أن يخلق ذبابة . والمشركون يعبدون مخلوقات ، من عيسى الى محمد و(على ) و ( الحسين ) والصحابة وآل البيت ..الخ . جميعهم لو إجتمعوا وتعاونوا على خلق ذبابة فلن يستطيعوا . ولو سلبهم الذباب شيئا فلن يستطيعوا إستنقاذه منه . فالذباب يقوم بهضم طعامه قبل أن يبتلعه ، فلو أخذ بلورة من السكر فهو يسارع بتحليلها الى عناصرها الأولى فلا تصبح كما كانت ( سكرا ) . هنا إعجاز علمى فى هذا المثل ، وكون يتكلم عن الذباب ذكرا وأنثى معا .

النبات

1 ـ الشجرة : يقول رب العزة جل وعلا : (  أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26) الرعد )، الكلمة الطيبة كالشجرة الطيبة، ثوابها يتضاعف عند رب العزة  ، والكلمة الخبيئة كالشجرة الخبيثة لا أصل لها ولا خير فيها .

2 ـ يقول رب العزة جل وعلا  عن الجزاء المُضاعف للإنفاق جهادا فى سبيل رب العزة جل وعلا وفى الصدقة :( مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261) البقرة )

3 ـ يقول رب العزة جل وعلا عن الصدقة الباطلة والإنفاق المقبول فى سبيل الله جل وعلا وإبتغاء مرضاته  : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِوَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (264) وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَتَثْبِيتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (265)  البقرة ).

4 ـ النبات يبدأ بذرة فينمو ويزدهر ثم يخبو ويندثر ، وهذا مثل يضربه رب العزة جل وعلا للحياة الدنيا الفانية مهما بدا إزدهارها ، يقول رب العزة جل وعلا : ( إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنْ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتْ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (24) يونس )،  ويتكرر ضرب هذا المثل فى سورة الكهف (  وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنْ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً (45)الكهف ) لذا فإن : (  الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً (46) الكهف )، وفى سورة الحديد ، يقول رب العزة جل وعلا : ( اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ (20) الحديد ) ، لذا فالتسابق يجب أن يكون من أجل الجنة ، وليس من أجل دنيا فانية ، ( سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (21) الحديد )

ثالثا : المعنوى والمادى فى ضرب المثل

أغلب ضرب الأمثال يندرج تحت ( التشبيه ) ،والتشبيه له أركان أربعة : المشبه والمشبه به ، وأداة التشبيه ، ووجه الشبه . مثلا تقول ( الفتاة كالقمر ) : الفتاة ( مشبه ) ، والقمر ( مشبه به )، و ( الكاف ) هى أداة التشبيه . ووجه الشبه هو الجمال .  وهناك تشبيه المادى بالمادى كالمثال السابق ، أو تشبيه المادى بالمعنوى كقولك ( البحر فى سكونه مثل سعادة حانية ، وفى ثورته يشبه غضب الحليم ) ، أو يكون العكس : تشبيه المعنوى بالمادى . وهذا هو الأغلب فى ضرب الأمثال فى القرآن الكريم ، حيث أن ضرب المثل القرآنى هو فى الدعوة للهداية ونبذ الضلال ، والهداية شىء ( معنوى ) وكذلك الضلال لذا يأتى تشبيه المعنوى بالمادى   . ونعطى أمثلة : 

 1 ـ يقول رب العزة جل وعلا : (اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (35) النور).( نور الله جل وعلا ) كناية عن الهداية ، وهى شىء معنوى ، والله جل وعلا يهدى لنوره من يشاء من البشر الهداية، يقول جل وعلا:(وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69) العنكبوت) . نور الله جل وعلا ( معنوى ) المشبه به ( مادى ) المشكاة والمصباح والزجاجة ..

 2 ـ  يقول رب العزة جل وعلا : (أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (122) الانعام ). الحياة هنا هى الهداية ، والضلال هو الموت ، والضّال يكون كالمغمى عليه قد زيّن له الشيطان سوء عمله فرآه حسنا . المشبه معنوى ( الهداية والضلال ) والمشبه به مادى ، نراه فى الأشخاص المهتدين المسالمين والأشخاص المعتدين الضالين . ونحو ذلك فى قول رب العزة جل وعلا : ( مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالأَعْمَى وَالأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً أَفَلا تَذَكَّرُونَ (24) هود )

3 ـ يقول رب العزة جل وعلا : ( أَنزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رَابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ (17) الرعد ). الحق و الباطل كلاهما معنوى ، والمشبه به مادى .

رابعا : المشركون وضربهم الأمثال  للنبى يتهمونه بأنه مسحور

1 ــ كان كفار قريش فى مكة يتندرون على النبى :( وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ لَوْلا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً (7) أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَسْحُوراً (8) الفرقان )، وعن إتهامهم للنبى محمد عليه السلام بأنه ( مسحور ) يأتى التعليق بقول رب العزة جل وعلا  ( انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً (9) الفرقان). وتكرر هذا وهم يتناجون سرا يتهمونه عليه السلام بأنه مسحور ، يقول رب العزة جل وعلا الذى يعلم أسرارهم :( نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَسْحُوراً (47)الاسراء)،وعن إتهامهم للنبى محمد عليه السلام بأنه ( مسحور ) يأتى نفس التعليق بقول رب العزة جل وعلا ( انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً (48) الاسراء ) .

2 ـ لم يقل جل وعلا عنهم ( كفار قريش ) أو ( مشركو مكة ) لم يحدد القائلين ، لأن مشركين كفارا سيأتون فيما بعد يكررون مقالة كفار قريش فى إتهام النبى محمد عليه السلام بأنه ( مسحور ). فعل ذلك البخارى الملعون فى حديث زعم فيه أن يهوديا سحر النبى محمدا . وتفاصيل ذلك فى كتابنا ( القرآن وكفى .. ) .

خامسا : ضرب الأمثال فى تصوير نعيم الجنة :

1 ــ لا يمكن للعقل البشرى أن يتخيل أو أن يتصور نعيم الجنة ، فسيكون أصحاب الجنة خلقا آخر ، ليس فيهم ذكر وأنثى ، بل يخلق الله جل وعلا من أعمالهم الحور العين ، ويكون الزمن خالدا ثابتا أبديا لا يمكن لنا تصوره ، لذا يقول جل وعلا عن نعيم الجنة ( فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17) السجدة ). ولذا يأتى وصف نعيم الجنة بأسلوب المجاز من التشبيه والاستعارة والكناية ، ولا يمكن أن يأتى بالاسلوب العلمى المجرد لأن مداركنا تعجز عن ذلك. وبهذا يأتى ضرب الأمثال عن نعيم الجنة ليقرّب الصورة الى خيالنا .

2 ـ  يقول رب العزة جل وعلا : (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ (35) الرعد ). ما نأكل فى هذه الدنيا لا بد أن يتحول الى براز وبول ورائحة كريهة . ليس هذا فى طعام الجنة . وكذلك ظلال الجنة الدائمة .

3 ــ يقول رب العزة جل وعلا : ( مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ (15) محمد ). أنهار الدنيا  يأسن ماؤها ، و لبن الدنيا يتغير طعمه ، وخمر الدنيا كريهة الرائحة والمذاق ، والعسل فى الدنيا لا يخلو من شوائب . ليس هذا فى الجنة . 

سادسا : تصوير حبط الأعمال :

لا يخلو الكافر من الأعمال الصالحة ، ولكن يحبطها رب العزة ، أى يضيع ثمرتها فكأنها لم تكن . ويضرب الله جل وعلا الأمثال فى هذا :

1 ـ يقول رب العزة جل وعلا : ( مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ (18) ابراهيم )

سابعا : أمثلة بدون ذكر كلمة ( مثل )

  يقول رب العزة جل وعلا  عن حبط العمل المشار اليه آنفا  : ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (39) أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلْ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ (40) النور ) . تشبيه عملهم بالسراب فى الصحراء ، وكظلمات فى قاع البحر . ولم يرد هنا ضرب المثل ، مع أنه ضرب رائع للمثل .

ونتوقف مع : شيطان التفصيلات فى الهجص السنى فى الأمثال القرآنية : (التشبيهية )  و (القصصية العادية ) و ( قصص الانبياء ). 

اجمالي القراءات 9089