اللاجئون السوريون فى ألمانيا : المخاطر و الحل

آحمد صبحي منصور في الثلاثاء ٢٨ - يونيو - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

أولا : مقدمة للتوضيح

 1 ـ: الاسلام ليس شعبا أو أشخاصا ، هو أوامر ونواهى ، تتلخض فى الوصايا العشر التى جاءت فى السورة رقم 6 ، آيات 151 : 153 . والبشر لهم الحرية فى الطاعة او المعصية ، وسيأتى يوم الحساب لمحاسبة كل فرد على إيمانه وعمله فى حياته الدنيا . ولكى نفهم الاسلام على حقيقته لا بد أن نقرأ القرآن الكريم وفقا لمصطلحاته العربية الفريدة التى تختلف عن مصطلحات المسلمين فى تراثهم وتاريحهم وقواميسهم . ولو فعلنا ذلك لفوجئنا أن الحضارة الغربية هى الأقرب الى الاسلام من شرائع المسلمين .

2 ـ المسلمون بشر ، لهم تراثهم البشرى وتاريحهم البشرى ، ولهم أديان أرضية صنعوها بأنفسهم، أبرزها الآن : السنة والتشيع والتصوف تعتمد على مقولات منسوبة زورا للنبى محمد بعد وفاته بقرنين وأكثر .

3 ـ وهناك فروق أساس بين أديان المسلمين الأرضية : (التصوف) متخم بالخرافات ، ولكن الصوفية مع السلام وحرية الدين . (التشيع ) عانى الشيعة من الاضطهاد ، وعاشوا فى خندق الدفاع ، ولكن إذا وصلوا الى السلطة قهروا غيرهم ومارسوا الاستبداد كما فى ايران. دين ( السنة ) نشأ وترعرع فى أحضان السلطة ، لذا يمثل التسلط والإكراه فى الدين وحرب الآخر المختلف معه ويمارس معه شريعته الدموية فى الجهاد .

4 ـ أديان المسلمين الأرضية تتنوع الى طوائف ومذاهب ، فالتصوف يتجزأ الى آلاف الطرق الصوفية وتشعباتها ، والتشيع فيه عشرات الطوائف ، ما بين الامامية الاثناعشرية الايرانية الى الامامية الاسماعيلية الامامية كالبهرة والدروز فى اسرائيل ولبنان  ،الى الزيدية فى اليمن والى النصيرية العلوية فى سوريا وبشار الأسد . أما دين السنة ( الأكثر تعصبا وتزمتا وطرفا ودموية ) فقد إنقسم الى أربعة مذاهب شهيرة : الأحناف ، المالكية ، الشافعية ثم أشدها تطرفا وتعصبا وهو المذهب الحنبلى . كان هذا فى العصور الوسطى ، وعندما سيطرت الحنبلية على العراق قامت بتدميره فى القرن العاشر الميلادى وبعده . وقد شرحنا هذا فى كتابنا ( الحنبلية ـ أم الوهابية ـ وتدمير العراق فى العصر العباسى الثانى ) وهو منشور هنا . ثم سيطر دين التصوف على المسلمين وأضاع نفوذ الحنابلة  وظل الأمر هكذا حتى ظهرت الوهابية حديثا  .

5 ـ ظهرت الوهابية بالدولة السعودية، تجدد الدين السنى الحنبلى الدموى المتطرف وبصورة اشد ، وبالبترول تمكنت السعودية من نشر الوهابية ـ على أنها الاسلام ـ فى دول المسلمين وفى الجاليات المسلمة فى الغرب .

6 ـ بالوهابية أقامت الأسرة السعودية دولتها الأولى ( 1745 : 1818 ) ثم دولتها الثانية ( 1819 : 1891 ) ، ثم أعاد إقامتها عبد العزيز آل سعود فيما بين 1901 : 1926 ، وأعطاها إسم اسرته عام 1932 .

 إنتشار الوهابية وعملها بالسياسة أدخل اتباعها فى انقسامات سياسية ، فنشأت معارضة وهابية داخل السعودية ، وقد شرحناها فى كتابنا ( المعارضة الوهابية فى الدولة السعودية فى القرن العشرين ) وهو منشور هنا . وخلق السعوديون فى مصر وغيرها منظمات دعوية ( سلفية ) تنشر الوهابية على أنها الاسلام ، وتسيطر على المساجد وتتغلغل فى المجتمعات ، ومنظمات سياسية حركية تسعى للوصول الى السلطة كالاخوان المسلمين . بالعمل السياسى إنشق عن التبعية للسعودية كثيرون مثل الاخوان المسلمين  الذين نشروا الوهابية والطموح السياسى لإقامة ( الخلافة ) التى تضم كل المسلمين فى مواجهة الغرب واليهود . وتكاثرت المنظمات الوهابية الساعية للسلطة وللحرب ضد الغرب ، وآخرها حاليا ( القاعدة وداعش والنصرة ..الخ ) . وبهذا نشرت الوهابية السعودية حمامات الدم فى العالم كله. ونتج عن حمامات الدم التى أشعلتها الوهابية ودينها الوهابى تدمير أفغانستان والعراق وسوريا وليبيا واليمن . وهناك دول تتأهب للحروب الأهلية مثل مصر والسودان وتونس والجزائر ونيجيريا وباكستان .

7 ـ وبسيطرة الوهابية على المساجد والتعليم والاعلام والرأى العام فى دول المسلمين أصبح الجيل الحالى والشباب بالذات مقتنعين أن الوهابية هى الاسلام .وإقتنع الغرب بهذا فأسماهم ( إسلاميين ) مع إنهم فى الحقيقة أعدى أعداء الاسلام .

وعندما ظهر ( أهل القرآن ) بتوضيح حقائق الاسلام فى انه دين السلام والحرية والتسامح والرحمة ووجهوا بعصف السلطة العسكرية فى مصر التى تؤيد الوهابية وتتبع السعودية . 

8 ـ وأخيرا، نتج عن تلك الحروب الأهلية التى أشعلتها الوهابية هجرة السوريين وغيرهم الى أوربا ، وألمانيا على وجه الخصوص

ثانيا : اللجوء السورى الى ألمانيا :

1 ـ إستقبلت ألمانيا أكثر من مليون لاجئ في عام 2015، ومعظمهم مسلمون هاربون من جحيم الاقتتال فى سوريا . وهناك  حوالي 4 ملايين مسلم (5% من إجمالي عدد سكان البلاد) يقيمون في ألمانيا . وقد هرب من سوريا حوالى 4 مليون و900 ألف لاجىء ، بعدها أفغانستان ، ونزح منها 2.7 مليون لاجئ ثم الصومال بـ1.1 مليون.وتوجه جزء من هذه الهجرات الى أوربا ، مما كان له أثار متنوعة على صعيد الاتحاد الأوربى ، وعلى أصعدة أخرى محلية فى ألمانيا وغيرها من دول الاتحاد الأوربى.

 2 ـ فى ألمانيا : إحتدم الجدل بين المؤيدين والمعارضين لقبول اللاجئين ، وتعرضت المستشارة إنجيلا ميركيل لانتقادات بسبب تعاطفها مع المهاجرين ،  وأشار استطلاع للرأي العام إلى أن ألمانيا تشهد تنامي "رهاب الإسلام" على خلفية تدفق اللاجئين إلى البلاد، حيث قال أكثر من 40% من المستبينة آراؤهم بوجوب حظر دخول المسلمين إلى ألمانيا..

3 ـ وحدثت جرائم على هامش هذا الجدل ، فقد إندلع حريق ضخم يوم الثلاثاء 7 يونيو 2016  في إحدى الصالات التابعة سابقا لمدينة المعارض بمدينة دوسلدورف الألمانية، كانت قد تحولت إلى مأوى للاجئين. و وفى يوم الاثنين (20  يونيو 2016) حكمت محكمة مدينة "جيرا" الألمانية بالسجن ثلاث سنوات وثلاثة أشهر على شخص يبلغ من العمر (29) عاما بتهمة إضرام النيران في نزل للاجئين في مدينة ألتنبورغ بولاية تورينغن بشكل متعمد.

4 ـ وإرتكب لاجئون جرائم  مخنلفة، من سوريا والعراق وأفغانستان وهم يشكلون أكبر التجمعات بين طالبي اللجوء في ألمانيا. حدث هذا خلال عام 2015 : 2016 . 

ثالثا :  المخاطر  

 1 ـ من الملاحظ  أن الهجرات التى قدمت لألمانيا وغيرها من آسيا ـ مثل هجرات الفيتناميين ـ إندمجت فى المجتمع الجديد. ومن الملاحظ أيضا أن الأتراك الذين هاجروا لألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية حافظ معظمهم على إنغلاقهم وإنعزالهم ، ولكنهم لم يكونوا شوكة مؤذية للشعب الألمانى ، لأنهم يدينون بالتصوف المُسالم وليس بالوهابية الارهابية . لذا إقتصروا على عدم الاندماج ، وحافظوا على هويتهم وتعاليهم .

2 ـ المشكلة فى هجرات المسلمين منذ تسيد الوهابية . فمعظم المهاجرين واللاجين تعلم من الوهابية أن العالم ينقسم الى معسكرين ( دار السلام / بلاد المسلمين ) و ( دار الحرب والكفر ) وهو الغرب ، وان الجهاد واجب ضد الغرب بكل المستطاع ، وأنهم ( الطابور الخامس ) داخل معسكر الحرب الكافر المعادى للاسلام .

3 ـ وأدى ظهور داعش الى تضخيم المشكلة ، ليس فقط لأنها سببت لجوء الملايين للغرب ، ولكن لأنها تستخدم الحرب الفكرية بالانترنت لاستقطاب وتجنيد المسلمين داخل الغرب ، ودفعهم لارتكاب مذابح . ثم تلك المساجد الوهابية والمراكز الوهابية والتى تحمل إسم الاسلام زورا وبهتانا ، والتى تقوم بإعداد الشباب ليكونوا إنتحاريين ، وعلى إستعداد لخدمة داعش وغيرها . ومن الطبيعى أن المهاجر أو اللاجىء يعانى من صعوبات تؤزمه نفسيا ، وبهذه الأزمات يلجأ الى المسجد فيجد من يستغل أزمته ليجعل منه ضحية يقتل نفسه والآخرين .

4 ـ لو كنا نتحدث عن شخص واحد ، وإمكانية أن يتحول الى إرهابى فتلك مشكلة . فما البال حين نتحدث عن ملايين ، أغلبهم تم غسل دماغه بالوهابية ، ويعانى ظروفا صعبة ، وقد يواجه تعصبا من أهل البلد ، وكل هذا يجعل تلك الملايين من السنيين قنابل موقوته ستنفجر عاجلا أو آجلا إن لم يوجد لها حل سريع لانقاذ ما يمكن إنقاذه .

رابعا : الحل

1 ـ إعادة تأهيل أولئك اللاجئين والمهاجرين ليندمجوا فى المجتمع الالمانى ، ويتحولوا الى ألمان مخلصين لوطنهم وشاعرين بالعرفان بالجميل للشعب الألمانى الذى إستضافهم وأنقذهم.

2 ـ لا يمكن أن تكون إعادة التأهيل هذه بالثقافة الغربية ، بل من داخل الاسلام نفسه ، أى بحقائق الاسلام المجهولة المنبوذة التى تم تغييبها 14 قرنا من الزمان ، والتى لا تزال محفوظة فى القرآن الكريم ـــ إذا قرأنا القرآن العربى وفهمناه بمصطلحاته هو وليس بتحريفات السنيين والشيعة والصوفية ، الذين غيروا معانى القرآن بما يسمى بالتفسير ، وأبطلوا شريعته باسم ( النسخ ) وأخضعوه لشريعتهم الملطخة بالدم . حقائق الاسلام المجهولة هذه هى نفسها القيم العليا التى يؤمن بها الغرب ، وبسسببها إستضافت ألمانيا اللاجئين السوريين وغيرهم .

3 ـ لا بد من إجراءات حاسمة ضد أولئك المتطرفين الذين يتحكمون فى المساجد ويحولونها الى بؤر إرهاب ، والذين يستغلون حرية الرأى والفكر والدعوة والدين فى نشرالوهابية وفى الدعوة لكراهية المجتمع الذى إستضافهم وأطعمهم من جوع وآمنهم من خوف . لا بد من محاصرتهم وعزلهم عن مواقع التأثير فى المسلمين وإحلال مسلمين مستنيرين محلهم فى المساجد والمدار الدينية التى تحمل إسم الاسلام .

4 ـ يتزامن هذا مع إصلاحات لأحوال المسلمين الفقراء ورعاية لهم لكسب قلوبهم .

خامسا : أهل القرآن هم الحل

1 ـ يتخصص أهل القرآن :

(أ )فى إصلاح المسلمين من داخل الاسلام بإقناعهم بأن الاسلام هو دين السلام والتسامح والعدل والحرية الدينية والسياسية وحقوق الانسان وكرامته.

 (ب ) فى الحرب الفكرية العقلية السلمية ضد الارهاب الوهابى لإنقاذ الشباب من الوقوع فى مصيدة أئمة الارهابيين .

2 ـ قام أهل القرآن بمهتهم فى مصر فتعرضوا لموجات إعتقال ، وإنتقلت قيادتهم الى أمريكا فتمتعوا بالأمن وواصلوا دعوتهم بقيادة المركز العالمى للقرآن الكريم ، وشركة (أبن رشد ) وموقع ( اهل القرآن ) بقسميه العربى الانجليزى .

3 ـ  فى أمريكا نجح أهل القرآن ـ بإمكاناتهم المحدودة ( موقع أهل القرآن وبعض البرامج ) فى إحداث نقلة نوعية إيجابية فى تفكير ملايين المسلمين ، وسار بعدهم كثيرون . ولو وجد أهل القرآن من يتعاون معهم لحققوا إصلاحا هائلا ينقذ آلاف الضحايا ويوفر بلايين الأموال .

4 ـ منذ عام 2002 يناشد اهل القرآن السلطات الأمريكية أن تتعاون معهم فى الحرب الفكرية ضد الوهابية ومنظماتها الارهابية مثل داعش ، ولكن يقف النفوذ السعودى حائلا ، ولهذا يظل خطر الارهاب قائما فى أمريكا دون حل جذرى .

5 ـ فهل يوجد نفوذ سعودى فى ألمانيا أيضا ؟     

اجمالي القراءات 8549