بماذا تقضى يا معاذ ؟

علي عبدالجواد في السبت ٣١ - مارس - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

بماذا تقضى يا معاذ ؟ رأيت على شاشات الفضائيات و سمعت كثيرا من حبايبنا الدكاترة الازهريين و هم اساتذة فى كليات اصول الدين و الدعوة و هم يكررون رواية بماذا تقضى يا معاذ ؟
و للأسف لم يكلف أحد الدكاترة خاطره ليتعرف على نوع هذه الرواية أهى مرسلة او مرفوعة او معلقة او شاذة او متواترة او ضعيفة او احد الانواع الستون التى ذكرها النووى فى كتاب التقريب و بدلا من أن يحذروا الناس من شرالروايات الغير صحيحة قاموا بالتدليس على المشاهدين و أوهموا المشاهدين ان هذه الرواية من &l; أحاديث رسول الله الصحيحة بقولهم دائما و أبدا قال رسول الله !
و اذا سألت واحد منهم لماذا لا تتحقق من صحة الحديث قبل أن تنطق به يقول لك أن هذا ليس تخصصه !!
و أنا أقول له يا مولانا يا من تلبس لباس الدين ليكون التأثير على فكر المشاهد و المستمع كما لو انك رجل مرسل من السماء تتكلم باسم الدين و لا تراعى الا مصلحتك المادية و لا تنظر الى ما تحدثه من تخريب فى العقيدة من كثرة ما تقول من هذه الروايات الغير محققة !
أما الرواية موضوع المقال التى تكرر سماعها فهى موجودة فى سنن الترمذى رقم 1240 كتاب الاحكام و كذلك سنن ابو داود رقم 3119 كتاب الاقضية و ايضا فى سنن الدارمى رقم 168 فى المقدمة و كلها منقولة بحذافيرها من الكاتب الاول بدون اعمال الفكر و العقل و هى تقول :
حدثنا هناد حدثنا وكيع عن شعبة عن ابى عون الثقفى عن الحارث بن عمرو عن رجال من اصحاب معاذ أن رسول الله بعث معاذ الى اليمن فقال كيف تقضى ؟ قال معاذ اقضى بما فى كتاب الله قال رسول الله فإن لم يكن فى كتاب الله ؟ قال فبسنة رسول الله . قال فإن لم تجد فى سنة رسول الله قال اجتهد رأيى قال الحمد لله الذى وفق رسول رسول الله .
و قال ابوعيسى هذا حديث لا نعرفه الا من هذا الوجه و ليس اسناده عندى بمتصل و ابو عون الثقفى اسمه محمد بن عبيد الله .

و سند هذه الرواية محكوم عليه بالضعف و عدم القبول من نص الرواية بقول ابو عيسى ان السند ليس بمتصل !!!
ثم أن الراوى المدعو الحارث بن عمرو مجهول الهوية فى كتب الرجال و رتبته مجهول !!!
وكيف ان الراوى الاول هناد رتبته ثقة و الثانى ايضا وكيع رتبته ثقة ايضا و كلاهما روى عن شعبة المتوفى 160 هـ ( و هو من أئمة الحديث القائلين ما رأيت احدا من اصحاب الحديث الا يدلس الا بن عون و عمرو بن مرة و القائل لان ازنى احب الى من ان ادلس ) الذى روى عن ابى عون الثقفى الذى هو ايضا ثقة و كلهم رددوا كلام واحد عن مجهول الهوية لا يعرف له عائلة و لا اصل ؟ !!!
فكيف تطلق صفة الثقة فى كتب الرجال على من ينقل الحديث عن واحد مجهول ؟ الا يوجد لخبطة فى الحكم على رجال الروايات و التى نعتمد عليها فى اثبات صحة الحديث من عدمه ؟
ثم تأتى المصيبة الكبرى و هى ان هذه الرواية سمعت من رجال مجرد رجال من اصحاب معاذ !!! كم عددهم لا أحد يعرف ؟ من اى بلد ؟ لا احد يعرف ؟ هل حضروا كلام رسول الله ؟ لا احد يعرف !!
فكيف يتقول الدكاترة اساتذة الازهر و يتشدقوا بأن هذه الرواية قالها رسول الله ؟؟ اليس هذا كذبا على رسول الله ؟
الم يقل رسول الله من كذب على فليتبوأ مقعده فى النار !! الا تخافون ؟
و انى لأتحرج من ذكر اسمائهم لأنهم ملء السمع و البصر و كلهم اعرفهم جيدا !!!من اصحاب مدرسة النقل بدون عقل !!
أما من حيث المتن فعلّته و شذوذه فى الاتى :
1. عقليا عندما قرر رسول الله ارسال معاذ الى اليمن فهو يعلم من هو معاذ ! و بالتالى فلا داعى لسؤاله امام الناس عن كيفية القضاء !
2. قول معاذ اقضى بكتاب الله حقيقة نصدقها بدون عنعنة لأن رسول الله يقضى بكتاب الله ولكن المشكلة فى الادعاء بقول رسول الله فان لم تجد ! و كأن رسول الله يعلم ان القرءان ناقص اى ليس به أحكام تكفى !! و الله يقول ()أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (العنكبوت:51)
3. أمر الله النبى باتباع الكتاب فقط فى الاحكام فقال()إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيماً) (النساء:105) فكيف يحكم النبى برأيه؟؟
4. و شدد الامر حتى لا يكون هناك ترك لبعض الاحكام ()وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ َ) (المائدة:49)
5. و حتى لا يكون هناك زيادة فى احكام الله فى القرءان قال الله ()وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ ()لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ()ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ) (الحاقة:46) وكذلك ()وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) (يونس:15)
فكيف يقول النبى بعد هذه الايات فإن لم تجد فى كتاب الله؟؟
6. ثم ادعى الراوى ان معاذ قال ان لم اجد فى القرءان فسوف اجد فى سنة رسول الله و كأن سنة رسول الله مختلفة عن القرءان او مكملة للقرءان الذى اكمله الله !! و لم يرد فى الرواية من اين يأتى بالحكم من السنة ! هل هى كتاب كتبه رسول الله وسماه السنة ؟ ام ان معنى السنة هى اعمال و بيان رسول الله ؟ و هى طبعا التطبيق العملى للقرءان و البيان الفعلى للقرءان فلماذا ايضا لن يجد الحكم فى تطبيق رسول الله للقرءان و هى السنة الصحيحة ؟
و الخلاصة ان هذه الرواية ضعيفة سندا و متنا و تحض المسلمين على البعد عن احكام الكتاب و توهم الناس ان السنة الصحيحة تختلف عن القرءان و ان رأى الناس هو الحل فى حالة عدم العثور على الحكم من القرءان و كأن القرءان نزل ناقصا !!!
أقول لأصحاب دين الرواية كفى تدليسا على المسلمين و عودوا الى الاية تطبيقا لقول الله ()اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ) (لأعراف:3)
اقول قولى هذا و استغفر الله لى و لكم

لواء مهندس استشارى / على عبد الجواد
خطيب و مدرس معتمد من الازهر
Aliabdelgawad.com





اجمالي القراءات 24205