العنوسة أسباب الأزمة وحلها

شادي طلعت في الثلاثاء ٣١ - مايو - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

إرتفعت نسبة العنوسة بشكل، غير مسبوق بعد القرن 21، ولهذا أسباب، منها الزيادة السكانية، وتدني الأحوال الإقتصادية، مما أدى بدوره إلى تدهور الأحوال الإجتماعية، فساءت الأخلاق، وتفكك المجتمع الذي كان متماسكاً قبل دخول القرن 21، والحقيقة أنني لا أستبعد السياسة والساسة، عن هذا المشهد القميئ، فكل سلطة ديكتاتورية أو شمولية تأتي، لا تستتب لها الأمور إلا في ظل تفكك مجتمعي، منشغل بالبحث عن اللذات الغير متوافرة.
 
إن أسباب العنوسة، عديدة ومنها أمور لابد من توضيحها، فقد يظن البعض أنها بعيدة عن الأزمة، فبداية علينا أن نعلم أن المجتمعات الديمقراطية أكثر تماسكاً من المجتمعات الديكتاتورية والشمولية.
فقد لا يعلم الكثيرين، أن المجتمعات الغربية، متماسكة وتقدر وتحترم المرأة، كما تقدس العلاقة فيما بين الرجل والمرأة سواء بزواج أو غير زواج، لأن كل العلاقات في الغرب هي في حكم الزواج أمام المجتمع، ووجه الإختلاف هنا ليس إلا في التوثيق، بيد أن كثير من الغربيين لا يفضلون توثيق الزواج، نظراً للإلتزامات المادية المترتبة عليه، في حال حدوث إنفصال أو طلاق.
كما أن المجتمعات الغربية، تحترم المرأة، ولا زالت تبحث عن سد كل ناقصة من حقوقها، فهي مجتمعات، لا تنظر إلى حق المرأة في ممارسة الجنس، على أنه خزي أو عار، كما هو الأمر في المجتمعات الشرقية، بل إنها ترى أن حاجة المرأة للجنس، هو أمر طبيعي، مثله مثل حقها في الحياة، ومن هذا المنطلق، لا توجد التعقيدات النفسية الموجودة في المجتمعات الشرقية، فمسألة الإنفصال أو الطلاق، أمر لا ينتقص من المرأة على الإطلاق.
 
أما في المجتمعات الشرقية، فإننا نعاني من النظرة السيئة للمرأة المطلقة أو المنفصلة، مما يفرض على العديد من النساء، الإبقاء على حياتهن الأسرية، حتى وإن كانت تعج بالتعاسة، لأن لقب المطلقة، لا يتقبله المجتمع المريض.
ونعود هنا إلى السياسة ودورها في تماسك المجتمع أو تفكيكه، ففي الدول الديمقراطية كما ذكرنا، نجد تماسكاً في المجتمع، بينما في المجتمعات الشرقية، ولنأخذ أوربا الشرقية على سبيل المثال لا الحصر، سنجد أنها كانت في فترة ما تعيش تحت أنظمة حكم، ديكتاتورية أو شمولية، وهذه الأنظمة المستبدة، لا تبحث إلا عن الإستقرار في الحكم، والذي لن يتأتى، إلا بتفشي الفقر، والرذيلة فيما بين أفراد المجتمع، فانتشرت الموبقات فيها ومنها الزنا، بل زاد الأمر إلى تفشي ظاهرة زنا المحارم، وأصبح الأفراد غير قادرين على الإنفاق على الأطفال، وبالتالي تتدخل الدولة لتقوم بدور الأب والأم معاً، فتتولى هي تربية الأطفال، لينشأوا على السمع والطاعة للحاكم الملهم من السماء، وينشغل الأفراد بالبحث عن مصادر دخل تكفي للطعام والشراب، ثم البحث عن المتعة، من خلال ممارسة الرذائل، دون أن يتوجه تفكير الأفراد إلى السياسة، والساسة المنعمين بالحياة الكريمة، ومثال على ما ذكرت، فقد سمح "أدولف هتلر" للشباب من الذكور، بالإرتباط بأكثر من فتاة، علماً بأن ذلك يتعارض مع القوانين واللوائح الكنسية، فقد كان غرضه، أن تقوم الدولة بتربية الأطفال لينشأوا على عبادة الحاكم، ويؤمنوا بالنازية، هكذا تلعب السياسة دورها في تماسك المجتمع أو تفكيكه.
 
من أسباب العنوسة أيضاً الثقافة العامة المتخلفة.
إن المجتمعات الشمولية والديكتاتورية تهتم، بالسيطرة على الإعلام، فهو الوسيلة المباشرة، للسيطرة على عقول الناس بل وأفئدتهم، فيتم من خلال الإعلام توجيه النساء، إلى ضرورة المال في الزواج، بل والمغالاة فيه في بعض الأحيان، والهدف من نشر تلك الثقافة، هو الحد من الزواج، حتى تتحقق عدة أمور تكون مفيدة للأنظمة المستبدة، منها على سبيل المثال : الحد من الزيادة السكانية، وحدوث تفكك مجتمعي من خلال إنتشار الرذيلة، وإنشغال الأفراد بالبحث عن الملذات وترك كل ما يخص الشأن العام، لتتحكم الأنظمة المستبدة في مقاليد الأمور لكل شيء، ويستتب لها الإستقرار في الحكم.
 
ويأتي في المقام الثالث التطرف الديني، إذ أنه سبب رئيسي لفقدان المرأة أنوثتها.
عندما تتواجد النساء في مجتمعات متطرفة دينياً، فإن أنوثتهن تضيع، فلا يكون للجمال قيمة، ليندثر بين الملابس المهلهلة، والأحذية الأرضية، ويغيب الكعب العالي، والرائحة الزكية، وكل ما يتعلق بجمال المرأة، وتنسى النساء أنه لا يوجد رجل على وجه الأرض، لا يتأثر بالجمال، فجميعهم يضعف أمام المرأة الجميلة، مهما كانت درجة تدينهم، إنها الطبيعة التي خلق الله الإنسان عليها.
 
أما السبب الرابع من أسباب العنوسة، فهو المغالاة في المهر وكل ما يلحق به :
المهر هنا لا يعني المبلغ المالي الذي يدفعه الرجل للمرأة حتى تتزوج منه فقط، لكنه يعني هذا، وكل ما يلحقه من تبعات أخرى، مثل المغالاة في شكل المسكن، أو ما يلزم أن يكون فيه من أثاث معين، أضف إلى ذلك ما يتكبده الرجال من مصاريف وهدايا في كل عيد أو مناسبة دينية أو حتى وطنية، بيد أن النساء لا تنتبهن إلى مثل تلك الأمور، بقدر ما ينتبهن إلى مظهرهن العام أمام نظيراتهن، للتفاخر فقط ليس إلا، غير منبهات إلى أن مثل تلك الأمور، قد تجعلن منهن عوانس مدى حياتهن، بسبب عادات وتقاليد حان الوقت أن ترفضها الأجيال الحالية والقادمة.
 
وفي المقام الأخير من أسباب العنوسة تأتي التربية الغير سوية.
إن الكبت في التربية والتضيق على البنات في نشأتهن، مع طبيعة أغلب النساء التي تجعلهن غير مباليات لمعاناة مثيلاتهن، حتى وإن كن في سن بناتهن، كل ذلك ينشأ جيل من النساء معقد، غير سوي، فالنساء في الشرق لا يعرفن الحرية، والكبت يولد الإنفجار، ويولد التمرد على القيود المجتمعية، وجميع ما ذكر يؤدي إلى تفكك المجتمع، فبعدما ينتشر الكذب، تعم الرذيلة.
 
والآن وبعد ما طرحناه من أسباب، بقي لنا أن نطرح حلاً للأزمة، والحل ينقسم إلى  جزئين، أحدهما على المدى البعيد، والآخر على المدى القريب.
 
وسأبدأ بطرح الحل على المدى البعيد :
 
- لابد من تغيير الثقافة المجتمعية تجاه المرأة، بأن يحترم الرجال العلاقة مع النساء.
 
- على النساء أن تناصر قضيتهن، وأن تبحثن عن حقوقهن، فالحقوق تنتزع ولا توهب.
 
- على النساء أن لا تخشى من خوض تجربة الزواج، خوفاً من الطلاق، فالمجتمعات السوية لا تفرق بين المطلقة وغير المطلقة، ومن أجل هذا... لابد من سن قوانين جديدة، تسرع في إجراءات الطلاق في المحاكم، وسن قوانين أخرى بها تمييز إيجابي للمطلقات.
 
الحل على المدى القريب :
 
- لابد من تغيير الثقافة المجتمعية حول الزواج بالنسبة للنساء، من رجال ليسوا أغنياء، وعلى المرأة أن تعلم أنها شريك في الحياة مع الرجل، فالرجل ينفق في حالة القدرة، أما في حالة ضيق الحال، فواجب عليها أن تعمل، وهذا ليس بمن منها على الرجل، إنما هو الواجب.
 
- على النساء أن يتفاخرن بإنوثتهن، وأن يظهرن جمالهن، فلا يوجد رجل لا ينجذب للجمال.
 
- على الأهل أن يبحثوا عن زواج بناتهن، وليس أبنائهم، فالرجل لا يعرف العنوسة، بينما النساء هن من يعانين منها، والأهل اللذين يتشبثون بتقاليد وعادات مجتمعية، على حساب سعادة بناتهن، هم جناة في الحقيقة، إذ أن جرمهم في حياة بناتهن، قد يستمر معهن، طوال حياتهن، فآثار الجرم ستبقى، بينما قد تتغير العادات والتقاليد، ولكن بعد فوات قطار الوزاج لبناتهم.
 
- على كل فتاة أن تعلم أن حياتها ملك لها، فإن أحبت شخصاً ما، فعليها أن تضحي من أجل حبها، فإن عارضها الأهل، لسبب العادات، أو التقاليد، أو المال، فلتعلم أنها هي صاحبة القرار، فإن ضاع منها حبها، فإنها لا تلوم إلا نفسها، فهي من ضحت به وليس أهلها.
 
وعلى الله قصد السبيل
 
شادي طلعت
اجمالي القراءات 8814