إستراحة مع الفنّ .. وأطباء مصر العظام

آحمد صبحي منصور في الثلاثاء ٢٤ - مايو - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

مقدمة :

1 ـ فى تعليق على مقال الاستاذة نهاد حداد ( لحظة حب ) وقد أهدت لى ولزجتى (أم محمد ) أغنيتين للفنان ( لطفى بوشناق ) قلت (لقد إستمعنا ـ وإستمتعنا ـ بالأغنيتين ، وكان أمس وما قبله مناسبة لاحتفالنا ـ مع الأولاد ـ بعيد زواجنا الثامن والثلاثين ، وأهديت لرفيقة العمر ـ أكرمها الله جل وعلا ـ بهذه المناسبة ـ على الفسيبوك المقطع الأخير من أغنية أم كلثوم ( أنساك .. ) والتى تقول فيه ( كان لك معايا أجمل حكاية فى العمر كله ...) . لدى ولع بالأغانى ، وفى أغلب الأحيان أكتب وأنا أستمع اليها ، ويعجبنى صوت ام كلثوم وعبد الوهاب وعبد الحليم وفيروز وصباح فخرى ووديع الصافى ووردة و صباح وشادية ...ومن الجيل الجديد بوشناق ، واراه صوتا أصوليا وشخصا محترما . ولى مقال منشور هنا بعنوان ( يسألونك عن فيروز ) . وكتب دكتور رضا عامر ـ اكرمه الله جل وعلا ـ تعليقا يقول فيه : (  أسعدتنى يا دكتور منصور بحبك للموسيقى والغناء : وذكرت سيادتك الاصوات التى تحب الاستماع اليها والتى لا يختلف عليها اثنان ويمكن لو سمحت ان اقترح اضافة السيدة فايزه ونجاه ونجاح سلام وسعاد محمد ووديع الصافى وغيرهم..) ثم ذكر قصة حزينة عما آل اليه حال بعض المصريين من كراهية للغناء تمسكا بما قاله الراحل د فرج فودة ( فقه النكد ) .

2 ـ أكتب هذا المقال فى إستراحة من الكتابة العلمية الأصولية ، وتحية الى أطباء مصر العظام ، ومنهم الصديق العزيز د رضا عامر الذى لم أتشرف بلقائه شخصيا .

أولا : أطباء مصر العظام

1 ـ تأثرت بكتابات ثلاثة أراهم أعظم المفكرين المصريين فى العصرالحديث ، وهم : الامام محمد عبده( 1849 : 1905 ) ، والاستاذ أحمد أمين ( 1886 : 1954 ) والطبيب الفيلسوف محمد كامل حسين ( 1901 : 1977).

2 ـ ينتمى الطبيب محمد كامل حسين الى جيل ( ثقافى ) من الأطباء الأدباء ، منهم ( يوسف ادريس 1927 : 1991) ، (ابراهيم ناجى : 1898 : 1953 ) ، ( سعيد عبده  1901 : 1983 )، ( مصطفى محمود ( 1921 : 2009 ). من هذا الجيل ( الثقافى ) المعاصر من الأطباء تشرفت بمعرفة د حسام البدراوى و د محمد ابو الغار ود . وسيم السيسى ، والصديق العزيز الأديب د يحيى الرخاوى ، والراحل د محمد شعلان ، كما أعتز بمعرفة د رضا عامر معلقا فى موقعنا أهل القرآن . هذا الجيل ( الثقافى ) من أطباء مصر العظام يمزج المعرفة الطبية بالثقافة الانسانية الرفيعة وحب الأدب والموسيقى ، وينبغ فى الطب نبوغه فى العلوم الانسانية .

3 ـ هذا الجيل من الأطباء الانسانيين الأدباء أصبح أقلية فى مصر وهى فى محنتها الحالية . ويحتاج إنقاذ مصر الى إصلاح دينى سياسى تعليمى يبدأ بإصلاح الأزهر، أى إصلاح مناهجه وقانونه ، وهذا الاصلاح ضرورة حتمية ، لأنّ إصلاح الأزهر يساعد فى إصلاح مصر ، وإصلاح مصر يساعد فى إصلاح العرب ، وإصلاح العرب يساعد فى إصلاح المسلمين . ليس هذا تبسيطا للموضوع ، ولكنه ـ فى إعتقادى ـ جوهر الموضوع لأن إنقاذ مصر من التخلف السنى الوهابى هو حجر الأساس فى الاصلاح ، ولايمكن أن تنهض مصر وهى تحمل على كاهلها هذا الأزهر بعقليته الماضوية التى تكبل مصر وتمنعها من النهوض . وفى عهد عبد الناصر بدأ إصلاح الأزهر بإدخال المواد الحديثة والكليات العملية ، وجاءت نكسة 67 ، فتعطلت المرحلة الثانية من إصلاح الأزهر ( إصلاح المناهج ) ، ثم جاء السادات وأدخل مصر الى الحقبة الوهابية السعودية ، وتوسع فيها مبارك ومن تلاه  ، وتم إفساد التعليم المصرى والعقلية المصرية بفيروس الوهابية ، ووصل الأمر الى الكليات العملية ليس فى الأزهر وحده بل فى الجامعات الأخرى ( العلمانية ).

4 ـ المشكلة أن المنهج العلمى للعلوم الطبيعية لا يعرف التوسط ولا الرأى الآخر ، فعلم الحساب فيه رأى واحد فقط فى الجمع والطرح والقسمة ، والمعادلات الكيمائية لا توسط فيها . بهذا يتطابق المنهج العلمى فى صرامته مع الدين الأرضى المتطرف الذى لا يسمح بالرأى الآخر والذى يصادر الحرية الدينية والفكرية ، كلاهما قائم على أساس ( أبيض ولا أبيض ) ولا وسط بينهما . هذا يخالف الحرية الدينية الفكرية المطلقة فى الاسلام ، وكتبنا هذا فى بحثنا بالانجليزية المقدم للمفوضية الأمريكية للحرية الدينية ، وبحثنا هذا منشور فى القسم الانجليزى من موقعنا ، عدا كتابات أخرى فى نفى حد الردة ونقد الوهابية .

5 ـ تتعقد المشكلة حين يسيطر دين أرضى متزمت متطرف ( كالوهابية ) على العقلية المجتمعية ،وتتم تنشئة الشباب عليه لا يعرف سوى رأيا دينيا واحدا ويحكم بتكفير ما عداه . حين يدخل الشباب بهذه العقلية المشوهة الى الكليات العملية ( طب / هندسة صيدلة ، زراعة ، علوم ..الخ ) يجد تناغما بين المنهج العلمى ( الطبيعى ) ومنهجه الدينى ، فيتخرج فى كليته العملية عاهة بشرية تسير على قدمين .

6 ـ لذا فإن المنهج التعليمى فى الغرب يقوم على التزاوج بين العلوم الانسانية ( ادب وتاريخ وفلسفة وإجتماع ) والعلوم الطبيعية ، فطالب الطب يكون قد درس العلوم الانسانية التى توسع مداركه ، وتجعله يتعامل مع المريض ليس كحالة مرضية جسدية ولكن كإنسان . و بهذا المنهج تخرج عظماء الأطباء المصريين  السابقين المُشار اليهم، وبهذا المنهج يتمسك عظماء الأطباء المصريين المعاصريين بارك الله جل وعلا فيهم . والمؤسف  أنه فى الفساد الذى تعيشه مصر الآن فقد اصبحوا أقلية ، بينما ترى الأغلبية من الأطباء والمهندسين والصيادلة ..الخ .. قد اصبحوا وهابيين ضمن الاخوان أو السلفيين ، ويكفى سيطرتهم على ال (نقابات) وتحويلها الى ( نفايات ). ويكفى عارا على كليات الطب المصرية وجود الطبيب ( ياسر البرهامى ) الحاصل على ماجيستير طب الأطفال وليسانس الشريعة (الوهابية) من جامعة الأزهر ، والذى نسى علمه الطبى وتفرغ فى إصدار فتاوى وهابية مخجلة .!!

7 ــ نتمنى أن يتم إصلاح تعليمى يختفى فيه أمثال البرهامى وبديع واحمد الطيب ، وأن يدير الأزهر من هم على شاكلة د حسام البدراوى الطبيب الداعى لاصلاح التعليم المصرى .

ثانيا : إستراحة مع الفن

1 ـ  بالنسبة للفن فقد وقع الوهابيون وغيرهم من أصحاب الديانت الأرضية فى المحظور ؛ المباح فى الاسلام جعلوه حراما ، والمحرم فى الاسلام جعلوه شعيرة دينية .!!

الفن  العلمانى ( من الموسيقى والغناء والتمثيل ) مباح حلال فى الاسلام ولكن جعلوه حراما . فى نفس الوقت جعلوا الحرام فى الاسلام شريعة دينية عندهم . جعلوا ( الغناء الدينى ) ضمن العبادات ، فيما يسمى بالانشاد الدينى وتحويل الدعاء الى أغانى وتواشيح وتحويل قراءة القرآن الى تغنى بالقرآن وسماع لصوت المغنى الذى يُلهى عن تدبر آيات القرآن الكريم . هذا كله حرام فى تشريع الاسلام ، فالعبادة لرب العزة هى خضوع ، وليس التغنى خضوعا ، بل هو ( لهو ولعب ) وبهذا وصف رب العزة دينهم فى الدنيا فقال جل وعلا : (وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا )(70) الانعام ) ، وعن أصحاب النار يوم القيامة يقول جل وعلا : (وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنْ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ (50) الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (51) الاعراف  ). أما الغناء العادى والفنون العادية ( فنون تشكيلية وبصرية وسمعية ) فهى مُباحة ولا يملك أحد تحريم المُباح ، وحتى ما يدخل فى إطار الحرام كأفلام البورنو والرقص العارى الفاحش الداعر فهو ليس من الكبائر ، بل هو من ( اللمم ) أى السيئات الصغائر ، وإذا إجتنب الانسان الكبائر غفر الله جل وعلا هذه السيئات الصغائر، يقول جل وعلا : ( إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً (31)  النساء) (وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى (31) الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ )(32) النجم  ). المشكلة فى هذا الذى يحرّم الحلال المباح والذى يُشيطن الصغائر بينما يقع فى أكبر الكبائر وهو تحريم الحلال المباح وإستحلال الحرام ( قتل النفس البرئية مثلا ) . إنّ مجرد تحريم الحلال واستحلال الحرام هو إعتداء على حق صاحب الشرع جل وعلا صاحب الدين . فكيف بتطبيق شريعتهم التى هى تناقض مع شريعة الاسلام ؟!. ألم يأتكم نبأ ما يحدث فى السعودية ..وفى داعش؟!

 2 ـ وقد أتى على مصر حين من الدهر كان فيه عظماء الفن المصرى من ( رجال الدين ) وقت أن كان الدين السائد هو التصوف السنى ، ويقع فيه الغناء الدينى موقع الصدارة فى الموالد والاحتفالات الدينية ، ومنها إنبثق الغناء العلمانى ، يبدأ أحدهم بالغناء الدينى الأصولى ثم يحترف الغناء العلمانى ويحتفظ بلقب المشيخة بدءا من الشيخ سيد درويش الى الشيخ أبو العلا محمد ( استاذ ام كلثوم ) والشيخ صالح عبد الحى  ونهاية بالشيخ سيد مكاوى و ( الشيخ إمام ) . والنشأة الدينية ( الانشاد الدينى ) نراها فى بداية أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب . ولا تزال الموالد الصوفية تزود الفن العلمانى بنوابغ وأصوات رائعة بعيدا عن جفاء الوهابية وجفافها .

3 ـ بالنسبة لمفكر اسلامى وشيخ أزهرى مثلى ، فمن الصبا أحبّ السماع للغناء ( العلمانى ) ومشاهدة الدراما . وأخلط السماع والمشاهدة بالتحليل . وبسرعة أقول :  

3 / 1 : عموما : لا أحب كل أغانى فلان من المطربين ، ولكن أحب هذه الأغنية أو تلك . أحبٌّ معظم أغانى أم كلثوم وعبد الوهاب وعبد الحليم وصباح فخرى ..الخ .. ومن أغانيهم ما لا أطيق سماعها . وأحب الغناء النوبى للفنانين المصريين محمد حمام ومحمد منير وأحمد منيب ، والغناء الشعبى الصعيدى للفنان متقال . والغناء الشعبى للدلتا للفنان محمد طه . وتعجبنى القصائد التى تغنيها فيروز وعبد الوهاب وأم كلثوم ونجاة وعبد الحليم وصباح فخرى .

3 / 2 : تُعجبنى بساطة محمد فوزى وتلقائيته فى الغناء . يغنى كأنما يتنفس مبتسما راضيا . وتأخذنى روعة أم كلثوم ( وعبد الوهاب ) فى إسترجاع الكلمة وتنويع غنائها ، بما يتيح للسمّيعة التأمل فى روعة الصوت وقمة الاجادة فى الغناء والتمكن فى الأداء .  لدى ولع بالمواويل ، وأراها ميزانا لقوة الصوت وحلاوته وإتساعه ، ما أجمل أن تسمع لمواويل  لمحمد عبد المطلب وصباح فخرى وصباح ووديع الصافى ومحمد الكحلاوى ونجاح سلام والمطربة الشعبية الاسكندرانية بدرية السيد.

3 / 3 يعجبنى الصوت الذهبى لمحمد عبد الوهاب ، صوته يقف على قمة الأصوات ذات المساحة الضيقة ولكن تملىء بالعذوبة والروعة ، والى نفس النوعية تنتمى أصوات عبد الحليم وشادية و شريفة فاضل ونجاة وفيروز ومحمد فوزى ومحمد رشدى وكارم محمود وسيد مكاوى ونادية مصطفى  وشيرين عبد الوهاب و.. حكيم .

3 / 4 : أهيم حبا بالأصوات المتمردة واسعة المساحة التى يبذل صاحبها جهدا فى كبح جماحها ، والتى تثور على تقييدها بالألحان مثل صوت صباح فخرى ( وما أروعه فى القصائد وما أروعه حين يغنى رائعة سيد درويش : شمس الشموسة ) ومثل صوت وديع الصافى والشحرورة صباح ووردة و فهد بلان ، وحاليا لطفى بوشناق .

3 / 5 : سيدة  الغناء العربى أم كلثوم هى جوهرة هذا الصوت المتمرد واسع المساحة . وأرى أن السّر فى تفوق أغانيها أن الملحنين الكبار ( القصبجى ، زكريا أحمد ، السنباطى ، ثم بليغ حمدى ) جعلوا اللحن تابعا لصوت أم كلثوم . لم يعجبنى ـ من صغرى ـ لحن أغنية ( إنت عمرى ) لأن عبد الوهاب دخل بلحنه الموسيقى منافسا لصوت أم كلثوم ، حاول إخضاع صوتها المتمرد الى موسيقاه ، وبدأ عصر المقدمة الموسيقية الطويلة ، هى مقدمة موسيقية مبهرة بلا شك ، ولكن من الظُّلم لصوت أم كلثوم أن يكبله عبد الوهاب فى طبقة صوت منخفضة ضيقة من التى ينتمى اليها صوته وصوت عبد الحليم . نفس الخطأ وقع فيه عبد الوهاب فى تلحينه للمطربة وردة فحاول إعتقال صوتها ، ومنعه من الانطلاق، بينما تجلت عبقرية عبد الوهاب فى التلحين للأصوات ذات المساحة المحدودة لنجاة وفيروز وعبد الحليم .  

3 / 6 : هناك من المطربين الشعبيين من يتمتع بهذا الصوت واسع المدى ،ولا أخجل من الاعلان بإعجابى بأصواتهم مثل المطرب عبد الباسط حمودة .

وبمناسبة الغناء الشعبى ( العلمانى ) فقد كانت العادة فى الستينيات وصفه بأنه ( الغناء الأصيل ) نوعا من الاعتذار لكونه مهمشا وقتها حيث ساد فى الفن وقتها أن يكون معبرا عن الطبقة الوسطى ( طبقة الأفندية ) سواء فى الدراما أو فى الغناء ، وظهر هذا فى نجومية عبد الحليم ونجوم التمثيل وقتها وقبلها من انور وجدى الى عماد حمدى وعمر الشريف ، ثم تضاءلت الطبقة الوسطى مع إنفتاح السادات ، واصبح الموظفون هم المعذبون فى الأرض ، وانتفخت جيوب الحرفيين من ( الاسطوات ) جنبا الى جنب مع سيطرة الوهابية وتدينها السطحى المظهرى الاحترافى . وبعد ان كان يقال فى عصر عبد الناصر ( يا أفندى ) اصبح يقال فى عصر السقوط والانكسار ـ للحرفى يا باشمهندس ويا حاج ويا حاجة . وانعكس هذا على الفن فتوارى دور الأفندى المحترم وإنخفض الطلب على الممثل الوسيم ، وإرتفع الطلب على الممثل الذى يجد الحرفيون أنفسهم فى ملامحه ، فاشتهر عادل إمام ثم توابعه من محمد هنيدى الى محمد سعد . واضطر حسين فهمى الى القيام بأدوار الحرفيين للبقاء فى الساحة . أنعكس الوضع على الغناء . كان محمود شكوكو قانعا مع اسماعيل ياسين بالمونولوجات أو الأغانى الخفيفة الظريفة بنفس قناعة شفيق جلال ، وسارت على نفس المنوال لبلبة فى البداية . ثم بتغير الأحوال وبهبوط المستوى الفنى تجرأ على الغناء سمير صبرى بل ومحمود عبد العزيز وأحمد زكى وغيرهم ، مما جعل سيد مكاوى يغنى فى نهاية العمر بعد أن حرم الناس من حلاوة صوته حين كان يخجل من الغناء وهو يعاصر أم كلثوم وعبد الوهاب .

3 / 7 : حين ظهر أحمد عدوية قوبل بإستنكار ورفضته الاذاعة ، وقد تصور موظفوها أنهم لا يزالون يتحكمون فى الساحة الغنائية . لم تصل الى مكاتبهم العتيقة تلك الحقيقة :أن سوق الكاسيت فتحت مجالا جديدا للشهرة الغنائية بعيدا عن تحكمهم ، وهم الذين رفضوا من قبل صوت عبد الحليم حافظ وصوت صباح  . لذا إشتهر عدوية برغم أنوفهم لأنه كان يعبر عن عصر السقوط فى بدايته . وبالمناسبة فهناك أغانى تعجبنى لعدوية منها ( يا بنت السلطان ) و ( زحمة يا دنيا زحمة ) ( أنا صابر) ، وفى صوته (بحّة ) رائعة . الأساس هو فى الكلمة وفى اللحن ، من أغانيه الهابط مثل ( سلامتها أم حسن ) و الأغنية الى سرق مطلعها من شكوكو شهرته ( السح إدح امبو ) و ( حبة فوق ) ، لكن تبقى حلاوة صوته بلا شك .

3 / 8 : سار على ( سُنّة ) عدوية مقلدون ، منهم من كان يتمتع فعلا بحلاوة الصوت مثل حسن الأسمر ، ومنهم من يصلح صوته أداة للتعذيب لأى مثقف ذى إحساس مرهف يقع فى مسالخ ( أمن الدولة ) . يكفيه وهو فى السجن أن يتعرض لسماع صوت شعبان عبد الرحيم (شعبولا ) حتى يعترف بكل شىء ، يعترف بأنه قاتل عمر بن الخطاب وجون كيندى والسادات .. ومستقبلا : عبد الفتاح السيسى .! .  

4 ـ وطالما وصلنا الى عبد الفتاح السيسى فقد تكهرب الجو .. وانتهت مهلة الاستراحة ..

5 ــ وقاكم الله جل وعلا من شر من خلق ومن شر ما خلق . 

اجمالي القراءات 8347