اية علاقة تجمع بين الذكرى 86 لصدور ظهير 16 ماي 1930 لتنظيم المحاكم العرفية و بين الذكرى 13 لاحداث 16 ماي 2003 الارهابية ؟
اية علاقة تجمع بين الذكرى 86 لصدور ظهير 16 ماي 1930 لتنظيم المحاكم العرفية و بين الذكرى 13 لاحداث 16 ماي 2003 الارهابية ؟

مهدي مالك في الخميس ١٢ - مايو - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

 

 

اية علاقة تجمع بين الذكرى 86 لصدور ظهير 16 ماي 1930 لتنظيم المحاكم العرفية و بين الذكرى 13 لاحداث 16 ماي 2003 الارهابية ؟

 مقدمة مطولة                                                               

يدرج هذا الموضوع في اطار الدفاع عن افكاري المعلنة في كتابي الجديد الامازيغية و الاسلام من اجل اسقاط ايديولوجية الظهير البربري نهائيا حيث ظلت الحركة الامازيغية منذ سنة 1967 الى خروج كتاب الظهير البربري اكبر اكذوبة سياسية في المغرب المعاصر للاستاذ محمد منيب سنة 2002 تتعامل بالحذر الشديد مع هذه الايديولوجية الخطيرة بامتياز بحكم ان الجيل الاول من النضال الامازيغي كان يؤسس لفكر ثقافي وطني صرف من خلال مطالب ميثاق اكادير في غشت 1991 حيث تدور تلك الاخيرة بين الاعتراف الدستوري بالاعتبار ان الامازيغية لغة وطنية ليس الا و ادماجها في التعليم و في الاعلام بسبب ان المناخ السياسي السائد وقتها لم يكن يعترف اطلاقا بوجود شيئا اسمه الامازيغية كلغة و كثقافة و كتاريخ حتى بعد خطاب 20 غشت 1994 الشكلي بالنسبة لي الان بمعنى ان الجيل الاول من النضال الامازيغي كان محكوم بمجموعة من الخطوط الحمراء الواضحة مثل عدم تناول حدث صدور ظهير 16 ماي 1930 بالدرس و التحليل في اي لقاء جمعوي و في اي مقال صحفي لان انذاك كان الاعلام العمومي بشموليته ممنوعا على جمعيات الحركة الامازيغية على الاطلاق بغية وضع العراقيل على الوعي الامازيغي الثقافي  وقتها..

  من  الامثلة البارزة على ذلك المناخ الحالك حيث كم كان من الصعب الاعلان رسميا عن ترجمة القران الكريم الى الامازيغية حيث انتظرت الجمعية المغربية للبحث و التبادل الثقافي طويلا قبل ان تعلن في مارس 1999 عن هذا المشروع الضخم في احدى دورتها و تعرض الاستاذ الحسين جهادي اباعمران للتكفير الخ من طرف احد علماء فاس بمجرد علمه بخبر ترجمة معاني القران الكريم الى الامازيغية عبر وسائل الاعلام الدولية.

 و كم كان من المستحيل وقتها القول ان الثقافة الامازيغية هي نفسها الثقافة الاسلامية المغربية في الجرائد الوطنية على الاقل بحكم سيادة ايديولوجية الظهير البربري بشكل فضيع على كافة مناحي الحياة العامة قبل خطاب  اجدير التاريخي  .....

لكن بعد مرور 14 سنة من السياسة الامازيغية الجديدة كما اعتبرها الاستاذ محمد بودهان مازالت ايديولوجية الظهير البربري تدبر حقلنا الديني الى حد الان حيث يكفي فقط ان تسال احد اعضاء  المجلس العلمي الاعلى  عن موقفه الشخصي من المسالة الامازيغية بصفة عامة و سيرد عليك مباشرة بدون اي تردد بالقول ان الاستعمار الفرنسي اراد في سنة 1930 زرع التفرقة بين المغاربة و تنصير البربر و فرنستهم باعتبارهم اي  البربر كما يسمى عند نخبتنا الدينية الحالية هم قوم تعاودوا على الفوضى و التمرد ضد المخزن الحامي للاسلام .

و كما ان البربر هم قوم تعاودوا على الجاهلية طيلة تاريخهم قبل اسلامهم و بعد اسلامهم بحكم ان اعرافهم هي بعيدة كل البعد عن الاسلام و ثقافتهم هي وثنية اي بعيدة عن الاسلام الحقيقي الموجود حسب اعتقاد هؤلاء العلماء في المشرق العربي حيث كانت الخلافة الاسلامية العادلة و خالية من  المناكر حسب هذا التصور الخيالي لدى نخبتنا الدينية الحالية   .

و يكفي ان ترى برامج قناة السادسة الدينية كلها لكي تدرك ان الامازيغية كلغة و كثقافة اصيلة مازالت تعامل كانها دخيلة الينا بينما تعامل ثقافة المشرق العربي كانها اصيلة في  بلادنا حيث شخصيا لم اشاهد على هذه القناة برنامج واحد يتحدث عن اسهامات الثقافة الامازيغية في نشر الاسلام في منطقة شمال افريقيا او العلاقة القوية بين العرف الامازيغي و الاسلام او دور الفنون الامازيغية في ترسيخ مبادئ الاسلام و اركانه الخمس كأن الثقافة الامازيغية ليست ثقافة اسلامية مغربية على الاطلاق. 

قد قلت في احدى المقالات  ان ظهير 16 ماي 1930 يعد محطة تاريخية بامكانها ان تكون في صالح الامازيغيين كتصور علماني اصيل للدين الاسلامي لقرون طويلة داخل ارض المغرب باعتراف المخزن التقليدي في ذات نفسه و حقائق تاريخنا الاجتماعي التي استعرضتها كاملة في كتابي الجديد حيث لم انطلق ابدا من الوهم الايديولوجي لدى حركتنا الامازيغية بل انطلقت من صفحات تاريخنا الاجتماعي الحقيقي التي مازالت بعيدة عن مقرراتنا الدراسية بعد 14 سنة من السياسة المخزنية الجديدة للشان الامازيغي عبر تاسيس معهد ملكي بغية جعل الامازيغية قضية ثقافية ضيقة للغاية من اجل تفادي النبش في تاريخ الحركة الوطنية الاسود تجاه الامازيغيين باعتبارهم السكان الاصليين لمنطقة شمال افريقيا و باعتبارهم مسلمين اسلاما على المذهب المالكي السلفي من طبيعة الحال غير ان هذا المذهب كان يراعي المصالح المرسلة و علمانية الامازيغيين الاصلية و نزوعهم الطبيعي نحو الديمقراطية المحلية الخ من قيم الامازيغيين المسلمين.....

و  قلت في مقدمة كتابي الجديد انني استشعر اهمية هذا الكتاب كمشروع بدات التفكير فيه منذ سنة 2010 حيث كنت اعي تام الوعي انذاك ان الظهير البربري هو اولا قبل كل شيء ايديولوجية خطيرة ساهمت في خلق عداء مفتعل بين الامازيغية و الاسلام منذ سنة 1930 على مستوى السلطة و نخبتها الفاسية الى الان بشكل  متفاوت لكن على مستوى المجتمع لا يوجد أي عداء بين الامازيغية كثابت اصيل في شمال افريقيا منذ الازل و الاسلام كدين اغلبية الشعب المغربي منذ ما اسميه بالغزو الاموي للمغرب  و ليس فتحا اسلاميا ابدا لان بني امية دولة عرقية لا علاقة لها بمنهج الرسول الاكرم صلى الله عليه و سلم عندما اسس دولته الاسلامية على اسس التعدد بمفهومه  الواسع بينما ان الدولة الاموية اسست على تقديس الجنس العربي و تحقير الاجناس الاخرى   كالامازيغيين مثلا...

طبعا ان اغلبية امازيغي المغرب هم مسلمون لكن منذ الاستقلال وجدوا أنفسهم  في دولة لا تعترف اصلا بوجودهم و بوجود ثقافتهم الاصيلة التي ساهمت بشكل عظيم  في انتشار الاسلام في اكبر رقعة جغرافية حدودها وصلت الى تخوم فرنسا الحالية شمالا و الى الصحراء الافريقية الكبرى جنوبا..

  و في ترسيخ هذا الدين العالمي في القلوب قبل العقول من خلال بناء الحضارة الامازيغية الاسلامية المستقلة عن المشرق بشكل كبير مما جعل اجدادنا يجتهدون في امور كثيرة مثل العلمانية الاصيلة التي ساحاول شرحها في كتابي هذا بمعنى ان الامازيغيين لم  يؤمنوا قط بعقلية السلف الصالح نهائيا.

و امام هذه الحقائق التاريخية او جزء صغير للغاية منها قررت الحركة الوطنية دون أي اعتبار لهذه الحقائق نفي كل ما يتعلق بالبعد الامازيغي من خلال اختراعها لاكذوبة الظهير البربري تحضيرا لما بعد الاستقلال من تولي المناصب العليا في البلاد و نهب خيراتها الرمزية مثل الدين و الوطنية و خيراتها الاقتصادية الخ... 

لكن هل ما فعلته الحركة الوطنية يدخل في اطار الدفاع عن استمرارية الاسلام في المغرب بعد الاستقلال فعلا ام يدخل في اطار مشروعها الهادف الى تحويل المغرب من بلد امازيغي الانتماء و الهوية الى بلد عربي الانتماء و الهوية لكن بالقوانين التي تركها الاستعمار الفرنسي لتسيير الدولة الى اليوم بمعنى ان المغرب لم يطبق الشريعة الاسلامية إطلاقا منذ 1956 الى الان انما طبق قوانين وضعية فرنسية لان الحركة الوطنية  عندما خرجت للتظاهر في مدن الرباط سلا فاس ضد ظهير 16 ماي 1930 حيث كانت اسبابها المعلنة هي ان العرف الامازيغي يتعارض مع الاسلام بشكل كلي و بالتالي فانه قانون جاهلي ما انزل الله من سلطان.

 غير ان اسبابها الخفية تفيد ان الحركة الوطنية تخاف من بروز الامازيغيين كقوى سياسية و ايديولوجية تهدد مصالحها مع الاستعمار نفسه و مع السلطة بعد سنة 1956 لا اقل و لا اكثر..

ان ايديولوجية الظهير البربري  استطاعت ان تستمر الى حد هذه الساعة بفضل مجموعة من الاسباب  التي يجب عليها ان تموت الان بعد اصدار  العديد من الكتب مثل الظهير البريري اكبر اكذوبة سياسية في المغرب المعاصر للاستاذ محمد منيب سنة 2002 أي بعد خطاب اجدير التاريخي و تاسيس المعهد الملكي للثقافة الامازيغية حيث صرح احد رجالات الحركة الوطنية لجريدة الاحداث المغربية سنة 2000 و هو المرحوم ابو بوبكر القادري ما يفيد ان الظهير البربري  مجرد خرافة لا اساس لها  من الصحة.

و توالت هذه الاصدارات لعل اخرها حسب علمي المتواضع هو كتاب الظهير البربري حقيقة ام خرافة للاستاذ محمد بودهان المدير الاسبق لجريدة تاويزا المناضلة حيث ارسل لي نسخة منه مشكورا مما يعني ان النخبة  الامازيغية تدرك خطورة بقاء هذه الاكذوبة الحقيرة تتداول في حقلنا الديني و في  مقرراتنا الدراسية الان بعد ترسيم الامازيغية في دستور 2011 ...

و لعل من اهم الاسباب التي دفعتني شخصيا الى كتابة هذا الكتاب هو هجوم السلفيين على الامازيغية و حركتها المدنية منذ يناير 2013  من خلال تحريم الاحتفال بالسنة الامازيغية من طرف الشيخ حسن الكتاني و تصريحات الاستاذ احمد الريسوني من قطر يتهم فيها الحركة الامازيغية بالعداء للاسلام ثم الضجة العظمى التي خلقها السلفيين تجاه تصريحات الاستاذ عصيد حول رسائل النبي الى ملوك عصره حيث ان السلفيين لهم عقدة مع زمانهم الآني و لهم حلم يستحيل تحقيقه الا و هو الرجوع الى ما يسمى بالخلافة الاسلامية  في عالمنا الاسلامي  بينما الامم المسيحية تقدمت تقدما كبيرا في مختلف ميادين الحياة مثل العلم و الديمقراطية و حقوق الانسان  الخ بينما نحن المسلمون نسعى الى المزيد من التخلف و التكفير من لا يؤمن بالمنهج السلفي ..

ثانيا انني اهدف من خلال هذا الكتاب الى الاظهار ان الامازيغية تتوفر على الشرعية الدينية بحكم ان اغلبية  امازيغي المغرب هم  مسلمون و الثقافة الامازيغية في مضامينها هي ثقافة اسلامية لكن في طابعها العلماني المغربي من طبيعة الحال غير ان منذ استقلال المغرب قامت السلطة بمحو اية علاقة بين الامازيغية و الاسلام بغية خدمة لايديولوجية الظهير البربري و خدمة لمشروع الحركة الوطنية القاضي بربطنا دينيا و ايديولوجيا الى الابد بالمشرق العربي و بالتالي تحويلنا اجبارا الى عرب باستغلال الدين الاسلامي الذي امن به الكثير من الشعوب العجمية مثلنا كالشعب التركي و الشعب الايراني الخ من هذه الشعوب المسلمة دون الحاجة الى التعريب او الى القراءة السلفية للاسلام.

ان من بين المصطلحات الواردة في مقدمة كتابي الجديد هي الشرعية الدينية حيث كيف يعقل للامازيغية كثقافة اسلامية مغربية ان تظل بعيدة كل البعد عن مجال الشرعية الدينية و لو بعد ترسيم الامازيغية في دستورنا الحالي حيث ان الجواب المنطقي على سؤالي يقول يجب اسقاط ايديولوجية الظهير البربري من مجال الشرعية الدينية بغية تحرير خطابنا الديني بصفة نهائية من كل مظاهر الاحتقار و الميز تجاه هوية هذه الارض الاصلية ...

الى صلب الموضوع                              

لو ان مغرب الاستقلال قرر ان يعترف بامازيغية هذه الارض على مختلف الاصعدة و المستويات لاصبحنا دولة امازيغية اسلامية علمانية بالتمام و الكمال حيث منذ سنة 1956 اختار المغرب نفي الامازيغية بكل ابعادها من خلال جعلها العدو الاول للاسلام و للوحدة الوطنية و اختار المغرب منذ ذلك الزمان سن سياسة مشرقية كل شيء حتى الدين الاسلامي عبر تعريب الحقل الديني  تعريبا ايديولوجيا و جعله حقلا يخدم الاتجاه السلفي لدى السلطة و حركتها الوطنية المزعومة حيث ان ايديولوجية الظهير البربري اسست اصلا على الولاء المطلق للشرق و الخيانة المطلقة للاسلام الامازيغي الاصيل في المغرب منذ ما قبل الغزو الاموي الوحشي لمنطقة شمال افريقيا.

ان مشرقية حقلنا الديني الرسمي لم تنج لنا الا كوارث تلو كوارث طيلة 60 سنة من الاستقلال الشكلي حيث ان احداث 16 ماي 2003 الارهابية هي احدى النتائج الجوهرية لمشرقية الدين الاسلامي حيث قلت في كتابي الجديد بالحرف منذ سنة 2003 اصبح المطلب العلماني ضمن ادبيات جل مكونات الحركة الامازيغية كنتيجة طبيعية للغاية للعمليات الارهابية التي شهدتها العاصمة الاقتصادية للمغرب الدار البيضاء ليلة يوم 16 ماي 2003 حيث عرف المغاربة لاول مرة في تاريخهم المعاصر مثل هذه العمليات الارهابية التي كانوا يشاهدونها عبر وسائل الاعلام الوطنية و الدولية لكنهم لم يتصوروا قط ان هذا الارهاب الجهادي ببعده السلفي المتطور سيقع في بلادنا المعروفة اجتماعيا على الاقل باسلامها المتسامح مع الاقليات المسيحية و اليهودية منذ قرون من الزمان بحكم ان نزعة التطرف الديني لا تتوفر على اي اصل في ثقافتنا الاصيلة على الاطلاق.

 فان اجدادنا الامازيغيين المسلمين قد تعاملوا مع الاقلية اليهودية في العديد من المناطق المغربية بالاحترام و التقدير بالاعتبار ان هذه الاقلية كانت قديمة الاستقرار بالمغرب حتى قبل الاسلام بقرون حسب قول الباحثين بمعنى ان اليهود هم جزء من الذاكرة الجماعية و جزء من الثقافة المغربية مما يعني ان اجدادنا الامازيغيين احترموا معتقدهم الديني حتى هجرتهم الجماعية نحو اسرائل ابتداء من سنة 1948 لاسباب لن ادخل في تفاصيلها باعتباري لست مؤهلا للخوض في هذا الموضوع .

و من هذا المنطلق فان ثقافتنا الامازيغية هي اسلامية بالضرورة لكن في طابعها العلماني المغربي المعارض لاي تدخل سلفي مهما كان حيث ان احداث 16 ماي 2003 الارهابية كانت محطة مؤلمة بالنسبة للامة المغربية جمعاء و كذا كانت محطة حاسمة في تاريخ الحركة الامازيغية التي اعلنت بكل الوضوح و الجراة عن مطلبها العلماني بحكم ان ذلك السياق التاريخي لا احد كان يعرف او يتخيل ان العلمانية لها جذور في تاريخنا الاجتماعي.

ان السلطة و حركتها الوطنية جعلتا اغلب المغاربة ذوي النزعة السلفية يتجهون نحو المشرق فكريا و عقائديا و في نفس الوقت جعلتا المغاربة ذوي النزعة الحداثية يتجهون نحو الغرب من اجل انتساخ نماذجه في الديمقراطية و العلمانية .

ان اجدادنا اخترعوا هذه الانظمة المتطورة منذ قرون في عز الحضارة الامازيغية الاسلامية من خلال العرف الامازيغي و مؤسسة اكادير أي المخزن الجماعي للحبوب و البدور الخ من هذه المسائل الفلاحية و النسائية كالحلي و المجوهرات الخ بمعنى اننا نستطيع اعتبار مؤسسة اكادير بمثابة بنك الامازيغيين الاوائل و نظام الكيد و السعاية  حيث يعترف الزوج لزوجته بالسعاية و الكيد أي نظام عرفي اصيل يرمي الى اعطاء المراة حقوقها المادية بسبب سهرها الدائم على الاعمال الفلاحية أي تقاسم الثروة بين الزوجان أي قبل سنة 1912 كان مجموع التراب الوطني تحت حكم هذه الانظمة الديمقراطية و العلمانية .

و من هذا المنطلق اعلنت الحركة الامازيغية وقتها عن المطلب العلماني بعد عقود طويلة من الانتظار حتى الحصول على الاعتراف النسبي بالامازيغية من طرف اعلى سلطة ببلادنا عبر خطاب اجدير و تاسيس المعهد الملكي للثقافة الامازيغية و انطلاقة تطبيق سياسة الدولة الجديدة مع الملف الامازيغي ببعده الثقافي الضيق  بمعنى ان لا يمكن للحركة الامازيغية المخاطرة بالاعلان عن المطلب العلماني قبل 2001 او بدايات تسعينات القرن الماضي بحكم سيادة ايديولوجية الظهير البربري بشكل رهيب على كل مناحي الحياة العامة..

 لكن السؤال المطروح هو ما الداعي لظهور الحركة الاسلامية المشرقية ببلادنا منذ عقود مادام ان المغرب دولة اسلامية و يحكمها امير المؤمنين ؟

تحليل واقعي                                     

يجب التذكير هنا بمجموعة من الامور الجوهرية اولا ان دور السلفية الرسمية في جعل الامازيغية تتناسب مع  مصطلح الالحاد هو صريح و واضح لا يحتاج الى جدال طويل لان الحركة الوطنية استعملت مرات عديدة مصطلح الجاهلية الذي يعني بكل بساطة الالحاد  مثل قولها انالبرابر انسلخوا عن الاسلام و رضوا بما فرض عليهم الاستعمار من الابتعاد عن نظام الشريعة الاسلامية و قبلوا التحاكم الى الاعراف الجاهلية بمعنى ان اجدادنا الامازيغيين كانوا يعيشون في الجاهلية طيلة هذه القرون الطويلة حتى ميلاد الحركة الوطنية المزعومة سنة 1930 بمعنى كما قلت مرارا عبر كتابي هذا ان الحركة الوطنية حاولت نشر السلفية الدينية حسب مقاسها الايديولوجي بحكم ان دولة الاستقلال لم تطبق الشريعة الاسلامية نهائيا بل طبقت القانون الوضعي الفرنسي على مختلف مناحي الحياة العامة  باستثناء الاحوال الشخصية و الشان الديني أي المقاس الايديولوجي للحركة الوطنية كان لا يرمي الى تطبيق الشريعة الاسلامية ابدا كما هو الحال بالنسبة للسعودية و السودان الخ بل يرمي الى جعل الامازيغيين عبيدا و بل سجناء للسلفية الدينية بحكم عاطفتهم القوية  نحو الاسلام و نحو العربية كلغة فقط و خصوصا نخبتهم الدينية قصد تحقيق التعريب الهوياتي الشامل أي الانتماء الى المشرق العربي ايديولوجيا و سياسيا و عقائديا..

و من هذا المنطلق فالدولة منذ الاستقلال الى الان مارست نوعا من العلمانية الغربية بتطبيقها للقوانين الوضعية الفرنسية عوض قوانين الشريعة الاسلامية بحكم ان المغرب دولة اسلامية يحكمها امير المؤمنين الخ من هذه الامور المعروفة لدى العامة.

 غير ان سبب ظهور الحركة الاسلامية المشرقية ببلادنا منذ عقود هو بكل بساطة عدم تطبيق الشريعة في بلادنا بعد الاستقلال حيث كما نعرف فالحركة الوطنية هي حركة سلفية مارست نوعا من النفاق الديني و السياسي حيث دافعت عن الشريعة الاسلامية في اوائل الثلاثينات و كفرت كل ما هو امازيغي عبر اختراعها لاكذوبة الظهير البربري التي اصبحت بعد سنة 1956 سلاحا يستهدف قتل أي وعي بامازيغية هذه الارض.

و بينما ان الحقيقة تقول ان  المقاس الايديولوجي للمخزن التقليدي و لحركته الوطنية  بعد الاستقلال سمح ببقاء ثانوية في مدينة الدار البيضاء تحمل اسم المقيم العام الاول للاستعمار الفرنسي ليوطي و سمح لوجود الصحافة الناطقة بالفرنسية و سمح ببث الاخبار باللغة الفرنسية داخل التلفزيون المغربي حيث وجدت التلفزة المغربية منذ اواخر الثمانينات  تبث الاخبار بالفرنسية و الرسوم المتحركة بالفرنسية و المسلسلات البرازيلية المترجمة الى الفرنسية و سمح في سنة 1989 بتاسيس قناة تلفزيونية لنشر المنظور الحداثي للدولة انذاك و القائم على تشجيع الفرنسية لغة و ثقافة و تشجيع التعريب الهوياتي لجزء كبير من المغاربة خصوصا في المدن الكبرى بحكم ان البث التلفزي الارضي كان ضعيف للغاية خصوصا في البوادي حتى عرف الناس هناك البث الفضائي عبر الصحون .

اذن ان العلاقة بين الذكرى 86 لصدور ظهير 16 ماي 1930 و الذكرى 13 لاحداث 16 ماي 2003 الارهابية هي علاقة قوية حيث ان ظهير 16 ماي 1930 لم يكن استعماريا على الاطلاق بل كان وطني حامل لتوقيع المرحوم محمد الخامس  حيث لم ياتي هذا الظهير ابدا لتنصير الامازيغيين او فرنستهم بل جاء لتنظيم شيء اصيل يتماشى مع الاسلام الامازيغي العميق في تاريخ المغرب حيث من فتح الاندلس و من قرر استقلال المغرب عن الخلافة القرشية في المشرق كما اسميها و من ترك لنا العمران الامازيغي الاسلامي الذي يتكون من المساجد و الزوايا في بلاد شمال افريقيا و الاندلس  و جنوب الصحراء الافريقية بينما الاعراب كما سماهم الله في القران الكريم هم بعيدين عن اية حضارة مهما كانت باعتبارهم كانوا بعد اسلامهم اكثر جاهلية و كفرا برسالة الرسول الاكرم حيث قتلوا الاف و اغتصبوا النساء سواء المتزوجات منهن  او غير ذلك ....

ان احداث 16 ماي 2003 المؤلمة جاءت كنتيجة طبيعية لمشرقية الدين الاسلامي حيث تربيت نخبتنا الدينية الرسمية طيلة هذه  العقود الست على جهل تاريخ المغرب الحقيقي و تربيت على مبادئ ايديولوجية الظهير البربري اي الولاء المطلق للمشرق و الخيانة المطلقة للاسلام الامازيغي حيث اعرف ان مازال الطريق طويلا امام افكاري هذه حيث اصبحت مغضوب عليه من طرف بعض اساتذة المعهد الملكي للثقافة الامازيغية المحترمين بسبب مواقفي الواضحة تجاه هذه المؤسسة المحترمة.........

توقيع المهدي مالك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

اجمالي القراءات 7655