صلاتهم التى تأمر بالفحشاء والمنكر والبغى

آحمد صبحي منصور في الثلاثاء ١٢ - أبريل - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

أولا :بين الصلاة الاسلامية والصلاة القُرشية

1 ـ الصلاة الاسلامية ليست مجرد حركات قيام وركوع وسجود وكلمات تُقال ، فهكذا كانت تفعل قريش فى تأديتها السطحية للصلاة . وهى بهذا الشكل أقرب ما تكون الى اللهو واللعب ، وهذا وصف رب العزة جل وعلا لصلاتهم عند البيت الحرام (وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ (35) الانفال  ). حافظت قريش هلى تأدية صلاة سطحية تؤدى نفس الصلاة الابراهيمية التى نعرفها الآن ، ولكن بلا خشوع وبلا تقوى . الصلاة الاسلامية هى أن تخشع لربك وانت تصلى له ، ثم أن تنهاك صلاتك عن الفحشاء والمنكر ( العنكبوت 45 ) . بدون ذلك تصبح الصلاة وسيلة للفسوق والعصيان ، أى فطالما تُصلّى فلا عليك مهما فعلت .

2 ـ بدخول قريش فى الاسلام وقيادتها المسلمين إحتاجت قريش للمبالغة فى ( تأدية ) هذه الصلاة السطحية خدمة لمصالحها ولتبرير مظالمها . أقنعت قريش الأعراب إن الغزو الاحتلال والبغى والسلب والسبى هو فريضة اسلامية ، لذا كان لا بد أن يصاحب جهادهم هذا تأدية لصلاة سطحية تؤكد لهم إقتناعهم بأنهم على الحق . وبعض الاعراب الذين إقتنعوا بدين قريش هذا هم الذين ثاروا على قريش وخرجوا عليها وتطرفوا فى سفك الدماء بنفس تطرفهم فى صلواتهم السطحية . وهنا يبدو التناقض هائلا بين المؤمن الخاشع الذى يصلى ويخاطب ربه فى الصلاة قائلا ( إهدنا الصراط المستقيم ) 17 مرة يوميا ، ثم إذا عرضت له معصية بين الصلوات تذكر دعاءه لربه جل وعلا وقوله ( إهدنا الصراط المستقيم ) فيخجل من نفسه إذ كيف يعصى ثم كيف له فى الصلاة التالية يقول لربه جل وعلا ( إهدنا الصراط المستقيم ) . اما هذا ( السلف الصالح ) من الصحابة والتابعين فقد إمتلأ جوفه من الأموال السُّحت المغتصبة من دماء وعرق الشعوب التى إحتلوا أوطانها وإعتبروهم مواطنين من الدرجة الدنيا ، مجرد ( موالى ) .

3 ـ وبرز دور الصلاة السطحية فى التحريض على الفسوق والعصيان منذ خلافة ابى بكر والفتوحات الى خلافة (على ) والفتنة الكبرى الأولى ( 35 : 40 ) الى الفتنة الكبرى الثانية التى نبحثها ( 61 : 73 ) وما بعده ـ وحتى الآن . وفى عصور الخلفاء نرى ملامح لدور الصلاة ، وهى : أن يكون الخليفة هو إمام الصلاة ، وأن يكون الوالى أو الأمير فى الولاية هو والى الصلاة ، المقدم فى الرتبة على والى الخراج والقاضى ، أن يكون المسجد هو مركز السياسة والاعلام ، وبالتالى أن تكون الصلاة مصاحبة للنشاط السياسى والاقتتال العسكرى ، يحافظون على ( تأديتها ) فى مواقيتها ، يؤدون الصلاة ثم يقتتلون بعدها . ونعطى بعض التفاصيل عن مصاحبة الصلاة والمسجد لسنوات الفتنة الكبرى خلال سنوات ( 61 : 73 )

ثانيا : إمامة الصلاة

1 ـ الخليفة هو إمام الصلاة ، والذى يطمع للخلافة تكون الصلاة خلفه اعترافا بإمامته السياسية . فى موقعة الجمل تقول الرواية : ( وخرجت عائشة ومن معها من مكة، فلما خرجوا منها وأذن مروان بن الحكم، ثم جاء حتى وقف على طلحة والزبير فقال: " على أيكما أسلم بالإمرة وأؤذن بالصلاة ؟   )  قول مروان بن الحكم : (على أيكما أسلم بالإمرة وأؤذن بالصلاة ؟  ) ربط بين الامامة السياسية والامامة فى الصلاة .

2 ـ وفى حكم الولايات كان أمير الصلاة هو الأعلى رتبة ، ولأن المال هو الاله المعبود للخلفاء القرشيين فقد جعلوا واليا للخراج فى كل ولاية ، يجمع المال للخليفة ويتبعه مباشرة . تقول الرواية ( وفيها استعمل معاوية (عبد الله بن عمرو بن العاص ) على الكوفة، فأتاه المغيرة ابن شعبة فقال له: " استعملت عبد الله على الكوفة وأباه على مصر فتكون أميراً بين نابي الأسد " . فعزله عنها واستعمل المغيرة على الكوفة. وبلغ عمراً ما قال المغيرة، فدخل على معاوية فقال: " استعملت المغيرة على الخراج فيغتال المال ولا تستطيع أن تأخذه منه، استعمل على الخراج رجلاً يخافك ويتقيك. " فعزله عن الخراج واستعمله على الصلاة.) . أى جعله أمير الصلاة ، أى الحاكم السياسى وليس أمير الخراج أى الذى يجمع المال للخليفة .

3 ـ وفى هذه الفتنة الكبرى الثانية ،انضمت الكوفة لابن الزبير لإبن الزبير فعيّن واليا للصلاة وواليا للخراج ( .. ، ثم قدم عليهم عبد الله بن يزيد الخطمي الأنصاري على الصلاة، وإبراهيم بنمحمد بن طلحة على الخراج من عند ابن الزبير. )  

4 ـ وحضور الصلاة فى المسجد الرسمى كان دليل الولاء للخليفة القائم ، ولقد حرص الأمويون على لعن (على ) فى خطبة صلاة الجمعة ، إستغلالا للمسجد فى سياستهم ، وكان حضور شيعة (على ) إلزاميا ، تقول الرواية ( فكتب معاوية إلى المغيرة ليلزم زياداً وحجر بن عدي وسليمان بن صرد وشبث بن ربعي وابن الكوا بن الحمق بالصلاة في الجماعة، فكانوا يحضرون معه الصلاة. وإنما ألزمهم بذلك لأنهم كانوا من شيعة علي.)
 5ـ وكانت الصلاة خلف الوالى إعترافا بشرعيته ، لذا قيل أن الحسن والحسين كانا يصليان خلف مروان بن الحكم فى ولايته على المدينة . وإشتهر عبد الله بن عمر بصلاته خلف الحجاج ، إعترافا بولايته .

ثالثا : المسجد ( مساجد الضرار )

تعبير مسجد الضرار ينطبق على المساجد التى أسسها العرب فى البلاد المفتوحة . هى مساجد أُنشئت على ارض مغتصبة وبأموال حرام ، وهى تعبّر عن السلطة القائمة المحتلة . وكان المسجد عاكسا ومعبرا عن الصراعات القائمة ، وكان خلفية الأحداث ،من عقد مؤتمرات ومفاوضات وقتال ، ونعطى بعض التفصيلات :  .  

1 ـ كان مركز الاعلام وقتها ، عند الأمور الهامة يؤذّن بنداء ( الصلاة جامعة ) فيأتى الناس لسماع الخبر . ومن الطبيعى أن يكون هذا فى المسجد الأكبر ، ومنه إكتسبت بعض المساجد وصف ( الجامع ) .

2 ـ بعد قتل الحسين أعلن ابن زياد هذا يبشر أهل الكوفة ، تقول الرواية : ( ثم نادى: الصلاة جامعة، فاجتمع الناس، فصعد المنبر فخطبهم وقال " : الحمد لله الذي أظهر الحق وأهله، ونصر أمير المؤمنين يزيد وحزبه، وقتل الكذاب ابنالكذاب الحسين بن علي وشيعته."، فوثب إليه عبد الله بن عفيف الأزدي ... ،وكان ضريراً قد ذهب إحدى عينيه يوم الجمل مع علي والأخرى بصفين معه أيضاً، وكان لايفارق المسجد يصلي فيه إلى الليل ثم ينصرف، فلما سمع مقالة ابن زياد قال: يا ابنمرجانة! إن الكذاب ابن الكذاب أنت وأبوك والذي ولاك وأبوه! يا ابن مرجانة أتقتلونأبناء النبيين وتتكلمون بكلام الصديقين؟ فقال: عليّ به. فأخذوه، فنادى بشعار الأزد: يا مبرور! فوثب إليه فتية من الأزد فانتزعوه، فأرسل إليه من أتاه به فقتله وأمربصلبه في المسجد، فصلب. ) .هنا يلعب المسجد الأموى أدوارا شتى ، فهو مركز إعلامى ، وأيضا ساحة للقتل والصلب .

3 ـ ومعاوية بن يزيد بن معاوية ــ ذلك الشاب التقى النقى الذى إعتزل الخلافة ، أعلن إعتزاله فى المسجد ، تقول الرواية : ( ولما كان في آخر إمارته أمر فنودي: الصلاة جامعة، فاجتمعالناس، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فإني ضعفت عن أمركم فابتغيت لكم مثلعمر بن الخطاب حين استخلفه أبو بكر فلم أجده، فابتغيت ستة مثل ستة الشورى فلمأجدهم، فأنتم أولى بأمركم فاختاروا له من أحببتم. ثم دخل منزله وتغيب حتىمات.) .

4 ـ وتحت عنوان ( ذكر حالابن زياد بعد موت يزيد )تقول الرواية : ( لما مات يزيد وأتى الخبر عبيد الله بن زياد  ..، فأمر فنودي: الصلاة جامعة، فاجتمع الناس،وصعد المنبر فنعى يزيد وثلبه.. وقال: يا أهل البصرة إنمهاجرنا إليكم ودارنا فيكم ومولدي فيكم،...) أراد ابن زياد التحبب الى أهل البصرة فعقد هذا المؤتمر الجامع فى المسجد .

5 ـ وهرب ابن زياد الى الشام ، ووقعت إضطرابات بين القبائل وفى تفصيلات عديدة يأتى ذكر المسجد ساحة للقتال ، ونقتطفها من بين السطور : (  وصعد مسعود المنبر وسارمالك بن مسمع نحو دور بني تميم حتى دخل سكة بني العدوية فحرق دورهم  ... وجاء بنو تميم إلى الأحنف فقالوا: يا أبا بحر، إنربيعة والأزد قد تحالفوا وقد ساروا إلى الرحبة فدخلوها. فقال: لستم بأحق بالمسجدمنهم. ... فسار عبس إلى المسجد، فلما سار عبس جاء عبادفقال: ما صنع الناس؟ فقيل: سار بهم عبس. فقال: لا أسير تحت لواء عبس، وعاد إلى بيتهومعه ستون فارساً. فلما وصل عبس إلى المسجد قاتل الأزد على أبوابه ومسعود علىالمنبر يحضض الناس.. ) ( واجتمعت تميم إلى الأحنف فقالوا له: إن الأزد قد دخلوا المسجد. قال: إنما هولهم ولكم. قالوا: قد دخلوا القصر وصعد مسعود المنبر.. ) (  .. فجاءت عصابة منهم حتىدخلوا المسجد ومسعود على المنبر يبايع من أتاه..)

6 ـ ويتردد ذكر المسجد فى خروج الضحاك بن قيس الفهرى على الأمويين ومعه قبائل قيس وانضمامه لابن الزبير ، وما نتج عن ذلك من عقد مؤتمر الجابية ثم معركة مرج راهط ، ونقتطف من بين السطور : ( ثم خرج الضحاك إلى المسجد فجلس فيه وذكر يزيد بن معاوية فسبه، فقام إليهشاب من كلب فضربه بعصا، فقام الناس بعضهم إلى بعض فاقتتلوا، قيس تدعو إلى ابنالزبير ونصرة الضحاك، وكلب تدعو إلى بني أمية  ...ودخل الضحاك دار الإمارة ولم يخرج من الغد إلى صلاة الفجر . ) ، أى كان معتادا أن يذهب للمسجد الأموى ، فلما بدأ فى تحويل ولائه الى ابن الزبير أعلن سبّ يزيد بن معاوية فى المسجد تمهيدا للخروج من طاعة الأمويين ، وحين عورض إنقطع عن صلاة الفجر فى المسجد . فالمسجد هنا والصلاة فيه هو خلفية الأحداث .

7 ـ وفى صراع المختار الثقفى فى العراق يبدو تركيزه على المساجد .  نقتطف هذه السطور :

7 / 1 ـ عن تجميعه الناس ليبايعوه نرى المختار يستخدم المساجد : (. ثمركب راحلته نحو الكوفة فوصل إلى نهر الحيرة يوم الجمعة فاغتسل ولبس ثيابه، ثم ركبفمر بمسجد السكون وجبانة كندة لا يمر على مجلس إلا سلم على أهله وقال: أبشروابالنصرة والفلج، أتاكم ما تحبون.) (ومر على حلقة من همدان فقال: قد قدمت عليكم بما يسركم، ثم أتى المسجد واستشرف لهالناس، فقام إلى سارية فصلى عندها حتى أقيمت الصلاة وصلى مع الناس ثم صلى ما بينالجمعة والعصر ثم انصرف إلى داره، واختلف إليه الشيعة، وأتى إسماعيل بن كثير وأخوهوعبيدة بن عمرو فسألهم فأخبروه خبر سليمان بن صرد وأنه على المنبر، فحمد الله ثمقال: إن المهدي ابن الوصي بعثني إليكم أميناً ووزيراً ومنتخباً وأميراً وأمرني بقتلالملحدين والطلب بدم أهل بيته والدفع عن الضعفاء، فكونوا أول خلق اللهإجابةً.فضربوا على يده وبايعو؛.. ) وتجمع معه جيش صلى بهم الفجر : (فلحقوا بالمختار، فتوافى إلى المختار ثلاثة آلاف وثمانمائة مناثني عشر ألفاً كانوا بايعوه، فاجتمعوا له قبل الفجر، فأصبح وقد فرغ من تعبيته وصلىبأصحابه بغلس.)

7 / 2 ـ الخصم هنا وهو ابن مطيع والى ابن الزبير على الكوفة استخدم المسجد أيضا ، إذ أمر أتباع بالاجتماع بالمسجد الرسمى ، ومن لا يحضر فقد برئت منه الذمة : (  وأرسل ابن مطيع إلى الجبابين فأمر من بها أن يأتوا المسجد، وأمرراشد بن إياس فنادى في الناس: برئت الذمة من رجل لم يأت المسجد الليلة. فاجتمعوافبعث ابن مطيع شبث بن ربعي في نحو ثلاثة آلاف إلى المختار، وبعث راشد بن إياس فيأربعة آلاف من الشرط.فسار شبث إلى المختار، فبلغه خبره وقد فرغ من صلاة الصبح،فأرسل من أتاه بخبرهم.. ) هنا الصلاة أيضا فى وقت الحرب الأهلية .  وانتصر المختار فدخل قصر الامارة والمسجد الرسمى : ( ودخل المختارالقصر فبات فيه، وأصبح أشراف الناس في المسجد وعلى باب القصر، وخرج المختار فصعدالمنبر فحمد الله وأثنى عليه فقال: الحمد لله الذي وعد وليه النصر، وعدوه الخسر،وجعله فيه إلى آخر الدهر، وعداً مفعولاً وقضاء مقضياً، وقد خاب من افترى.. )  

7 / 3 : وعن الكرسى الذى زعم المختار أن ينتصر به تقول الرواية ان المختار ( عقد مؤتمرا صحفيا فى المسجد ) : ( ثم دعا: الصلاة جامعة، فاجتمع الناس، فقال المختار: إنه لم يكن في الأمم الخالية أمر إلاوهو كائن في هذه الأمة مثله، وإنه كان في بني إسرائيل التابوت، وإن هذا فينا مثلالتابوت. فكشفوا عنه، وقامت السبئية فكبروا.)
 7 / 4 : وأراد الشاعر سراقة بن مرداس ــ وهو أسير ـ أن ينجو من القتل فزعم للمختار أن الملائكة كانت تقاتل معه ، فأمره المختار أن يعلن ذلك ( فى مؤتمر صحفى ) : ( وقال سراقة بن مرداس للمختار وقال : أصلح الله الأمير،أحلف بالله الذي لا إله إلا هو لقد رأيت الملائكة تقاتل معك على الخيول البلق بينالسماء والأرض. فقال له المختار: اصعد المنبر فأعلم الناس. فصعد فأخبرهم بذلك ثمنزل، فخلا به المختار فقال له: إني قد علمت أنك لم تر شيئاً وإنما أردت ما قد عرفتأن لا أقتلك، فاذهب عني حيث شئت لا تفسد علي أصحابي.. )

7 / 5 : وفى موقف آخر نرى الصلاة السطحية ركنا أساسيا  فى هذه الحرب الأهلية : (   ثم سار ( ابن الأشتر )  ليلته كلهاومن الغد فوصل العصر وبات ليلته في المسجد ومعه من أصحابه أهل القوة. ولما اجتمعأهل اليمن بجبانة السبيع حضرت الصلاة، فكره كل رأس من أهل اليمن أن يتقدمه صاحبه،فقال لهم عبد الرحمن بن مخنف: هذا أول الاختلاف، قدموا الرضى فيكم سيد القراء رفاعةبن شداد البجلي، ففعلوا، فلم يزل يصلي بهم حتى كانت الوقعة.)

7 / 6 : وجاء مصعب بن الزبير واليا على البصرة فدخل الى مسجدها مباشرة : ( فقدمها مصعبملثماً  ، ودخل المسجد وصعد المنبر، فقال الناس: أمير أمير! وجاء الحارث بن أبي ربيع،وهو الأمير، فسفر مصعب لثامه فعرفوه، وأمر مصعب الحارث بالصعود إليه فأجلسه تحتهبدرجة ثم قام مصعب فحمد الله وأثنى عليه ثم قال.. ). الناس حين رأوا مصعب يصعد المنبر عرفوا أنه الأمير الجديد .  مصعب  يجعل الوالى السابق يجلس تحته بدرجة على المنبر .

7 / 7 : وقتل مصعب بن الزبير المختار ، وجىء له برأس المختار : ( وأمر مصعب بكف المختار بن أبي عبيدة فقطعت وسمرت بمسمارإلى جانب المسجد، فبقيت حتى قدم الحجاج فنظر إليها وسأل عنها عقيل: هذه كف المختار،فأمر بنزعها.) .

8 ـ وكان المسجد والصلاة فيه خلفية لنشاط عبد الملك بن مروان

8 / 1 : قتل عبد الملك بن مروان ابن عمه عمرو بن سعيد  غدرا بعد أن أعطاه العهود والمواثيق بالأمان . قتله وهو يواظب على الصلاة السطحية فى المسجد  : ( وأذنالمؤذن العصر فخرج عبد الملك يصلي بالناس ، وأمر أخاه عبد العزيز أن يقتله، فقام إليهعبد العزيز بالسيف، فقال عمرو: " أذكرك الله والرحم أن تلي قتلي، ليقتلني من هو أبعدرحماً منك"!.فألقى السيف وجلس، وصلى عبد الملك صلاة خفيفة ، ودخل.. ) ( ودخل عبد الملك حين صلى فرأىعمراً بالحياة، فقال لعبد العزيز: ما منعك أن تقتله؟ فقال: إنه ناشدني الله والرحمفرققت له. فقال له: اخزى الله أمك البوالة على عقبيها، فإنك لم تشبه غيرها! ثم أخذعبد الملك الحربة فطعن بها عمراً فلم تجز، ثم ثنى فلم تجز، فضرب بيده على عضده فرأىالدرع فقال: ودرع أيضاً؟ إن كنت لمعداً! فأخذ الصمصامة وأمر بعمرو فصرع، وجلس علىصدره فذبحه . )

 8 / 2 : من على المنبر أعلن عبد الملك بن مروان هزيمة التوابين الشيعة : ( ولما سمع عبدالملك بن مروان بقتل سليمان وانهزام أصحابه صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال: أما بعد فإن الله قد أهلك من رؤوس أهل العراق ملقح فتنةٍ ورأس ضلالةٍ سليمان بنصرد،..)   

 رابعا  : الصلاة وقت سفك الدماء  

حين لا يكون هناك مسجد ، ويحدث قتال يحافظ المقاتلون على تأدية صلاتهم السطحية ، بينما هم يتقاتلون فى سبيل الدنيا ، وليس فى سبيل الله جل وعلا بل فى سبيل الشيطان .

1 ـ فى مذبحة كربلاء يتردد بين سطورها أن القوم كانوا يصلٌّون وقت الاقتتال : ( وجاء القوم وهم ألف فارس مع الحر بن يزيد التميمي ثماليربوعي، فوقفوا مقابل الحسين وأصحابه في نحر الظهيرة ... فلم يزل مواقفاً الحسينحتى حضرت صلاة الظهر، فأمر الحسين مؤذنه بالأذان، فأذن ..فسكتواوقالوا للمؤذن: أقم، فأقام، وقال الحسين للحر: أتريد أن تصلي أنت بأصحابك؟ فقال: بلصل أنت ونصلي بصلاتك. فصلى بهم الحسين، ثم دخل واجتمع إليه أصحابه وانصرف الحر إلىمكانه، ثم صلى بهم الحسين العصر. ) ( ..
فلما أمسوا قاموا الليل كله يصلون ويستغفرون ويتضرعونويدعون. فلما صلى عمر بن سعد الغداة يوم السبت، وقيل الجمعة، يوم عاشوراء، خرج فيمنمعه من الناس، وعبى الحسين أصحابه وصلى بهم صلاة الغداة، وكان معه اثنان وثلاثونفارساً، وأربعون راجلاً،  ...ولما حضر وقت الصلاة قال أبو ثمامة الصائدي للحسين: نفسي لنفسك الفداء! أرى هؤلاء قد اقتربوا منك، والله لا تقتل حتى أقتل دونك، وأحب أن ألقى ربي وقد صليتهذه الصلاة! فرفع الحسين رأسه وقال: ذكرت الصلاة جعلك الله من المصلين الذاكرين ،نعم هذا أول وقتها، ثم قال: سلوهم أن يكفوا عنا حتى نصلي. ففعلوا، فقال لهم الحصين: إنها لا تقبل. فقال له حبيب بن مطهر: زعمت لا تقبل الصلاة من آل رسول الله، صلىالله عليه وسلم، وتقبل منك يا حمار! فحمل عليه الحصين، وخرج إليه حبيب فضرب وجهفرسه بالسيف فشب فسقط عنه الحصين فاستنقذه أصحابه . ثم صلوا الظهر، صلى بهمالحسين صلاة الخوف، ثم اقتتلوا بعد الظهر، فاشتد قتالهم.)

2 ـ واشتهر الخوارج بالتطرف فى العبادة السطحية والتطرف فى سفك الدماء . وتحت عنوان ( ذكرمقتل أبي بلال مرداس حدير الحنظلي ) تقول الرواية  : (  وبلغ ذلك ابن زياد ارسل إليه ثلاثة آلاف عليهم عباد بن الأخضر ..  فاتبعه حتى لحقه بتوج ، فصف له عباد وحمل عليهم أبو بلال فيمن معه، فثبتوا واشتد القتال حتى دخل وقت العصر، فقال أبو بلال: هذا يوم جمعة وهو يوم عظيم وهذا وقت العصر فدعونا حتى نصلي. فأجابهم ابن الأخضر وتحاجزوا، فعجل ابن الأخضر الصلاة، وقيل قطعها، والخوارج يصلون، فشد عليهم هو وأصحابه وهم ما بين قائم وراكع وساجد لم يتغير منهم أحد من حاله، فقتلوا من آخرهم وأخذ رأس أبي بلال.)

اجمالي القراءات 8317