الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ

لطفية سعيد في السبت ٠٩ - أبريل - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

 الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2)الملك
! ـ لم بدأت الآية بذكر خلق الموت قبل خلق الحياة  ، وهل الموت مخلوق ؟ ولم سميت الموتة الأولى بهذا الاسم ؟ مع أننا كنا أمواتا قبل أن ندخل في الأجسام البشرية، ثم أخيرا ما الهدف من خلق الموت والحياة ؟ أسئلة بسيطة سنحاول الإجابة عنها ، من  قراءة خاصة للآية الثانية من سورة الملك ، فعلى الله قصد السبيل..
س ا لم بدأت الآية بذكر  خلق الموت ، قبل خلق الحياة ؟    
لأن الموت سابق عن الحياة ،سبق زمني،  فقد كنا أموات قبل دخولنا في الجسم الإنساني :   
) كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (28) البقرة)
س2لماذا تصف آية سورة الدخان الموت بعد الحياة الأولى بأنه الموتة الأولى:    
لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاَّ الْمَوْتَةَ الأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (56) الدخان
لأن الله سبحانه يقول : لا يذوقون ، وهذا الاستثناء  الذي يشترط الذوق ،لا يكون إلا للأحياء فقط ، ولهذا  هو حكر على الموتة الأولى بعد الحياة الأولى ، أما الموت الذي حكت عنها سورة البقرة : ( كنتم أمواتا ) فقد كان لا ذوق فيه للموت إذ لا حياة قبله ( والله اعلم ) 
نفهم من ذلك أن الموت يذوقه  الإنسان ؟  نعم  وهويختلف عن الفعل( تذوق ) إذ أن التذوق فيه إرادة من الإنسان ، ولكن (ذوق) بتشديد الواو (بالتضعيف )تعطي معنى الإجبار فقد تم  دون إرادة منه (رأي شخصي )
س3ما عدد مرات الموت ، ومرات الحياة التي يمر بها الإنسان ؟ أربع   ، اثنتين للموت ، واثنتين للحياة ،وسنلاحظ ان العدد بدأ بعد الموت أولا  ، فسبحان الخالق العظيم :   
قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل (11غافر)
 س4 وهل الموت مخلوق ؟ نعم  ، قد خلقه رب العزة ،كما خلق الحياة في الجسم الإنساني وقدر سبحانه في نفس الجسم  الإنساني عوامل فنائه داخله ، وهذا يحدث كل يوم بموت الخلايا داخل جسم الإنسان وتجديدها ، وقدر رب العزة أن تكون الأجسام المناعية نفسها ، والتي  تدافع عن الجسم ، في بعض الأحيان تتحول بعض هذه الخلايا المناعية من دفاعية  إلى مهاجمة تهاجم بشراسة خلايا الجسم حيث لا تستطيع التفرقة بين الخلايا الغريبة من الخلايا العادية   !!  ومن يحكم هذا التوازن في الجسم البشري هو الخالق عز وجل !!
س5 هل الموت يأتي بسبب المرض ؟  لا ،  المرض حالة والموت حالة أخرى  كل إنسان له  أجل (عمر )  قد حدده رب العزة  من بداية  ولادته حتى وفاته ، ففي كل يوم يعيشه  يتناقص فيه عمره الأرضي ويزيد فيه رصيد اعماله ، (أو لنقل عمره العملي )حتى ينتهي أو يتوفى رصيده في الحياة الدنيا  ، والتي فيها اختباره :( وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَاباً مُؤَجَّلاً وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا ،وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ (145) آل عمران  
 وكم من مريض عاش طويلا ، وكم من صحيح مات فجأة ،  فجسم الإنسان فيه عوامل هدم وعوامل بناء بشكل لا إرادي ، لا يستطيع الإنسان السيطرة عليه ..
 والرائع ان  إبراهيم عليه السلام  ، قد فصل تماما بين المرض والشفاء  من ناحية ، والموت والحياة من ناحية أخرى:  وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (81الشعراء)     
س6 ـ هل يمكننا الفرار من الموت، بأي وسيلة  ؟: لا ، فالموت محيط بالإنسان ،  فهو ملاقي الإنسان ( مواجهها له ) مهما فر منه : 
قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (8) الجمعة
وهو سوف يدركه  ، يلحق به أيضا: 
 أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُّمْ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ(78النساء)
والموت حقيقة  غير قابلة للشك ،مؤكدة كما نقرأ في سورة الزمر، قد تم التاكيد على موت النبي محمد وعلى موت المختلفين معه أيضا ، بإن والكاف ، (إنك ) إن والضمير( إنهم ) وبدأت الآية بتأكيد موت النبي أولا ،فلا خلود إلا لله سبحانه : (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30الزمر)   
وأخيرا ما الهدف من خلق الموت والحياة ؟ خلق الموت والحياة لهدف واحد هو الاختبار  ، وما موضوع الاختبار ؟ أيكم احسن عملا ، ليس أحسن جمالا ولا أوعى للمال ،ولا أفصل سياسة ، بل أحسن  عملا ، و موضوع الابتلاء واضح ومحدد  هو :  :لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ) اللام للتعليل  ، ونلاحظ أنه لا ذكر  لشيء إلا العمل ، فعلى أساسه يكون التمايز والابتلاء ،  وتختتم الآية بتذكيرنا بصفتين للخالق  عز وجل  :( وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ)  
ودائما صدق الله العظيم 
اجمالي القراءات 13827