مصطلح الجاهلية القرشية هو خير تعبير عن رفض تجديد الخطاب الاسلامي داخل مجتمعاتنا المسلمة
مصطلح الجاهلية القرشية هو خير تعبير عن رفض تجديد الخطاب الاسلامي داخل مجتمعاتنا المسلمة

مهدي مالك في الخميس ٢٥ - فبراير - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

 

 

 

مصطلح الجاهلية القرشية هو خير تعبير عن رفض تجديد الخطاب الاسلامي داخل مجتمعاتنا المسلمة

مقدمة  متواضعة         

قبل البدء في هذه المقدمة المتواضعة استنكر باشد العبارات تصريحات رئيس المجلس العلمي لمدينة وجدة الاستاذ مصطفى بنحمزة تجاه الامازيغيين و الامازيغية كثقافة اسلامية مغربية حيث بصفتي كاتب كتاب الامازيغية و الاسلام من اجل اسقاط ايديولوجية الظهير البربري نهائيا اعتبر ان هذه التصريحات سابقة خطيرة في هذا السياق المتميز بترسيم الامازيغية شكليا في دستورنا الحالي و فتح النقاش العمومي حول مراجعة مادة التربية الاسلامية بغية العودة الى اسلامنا التاريخي حيث لا يمكن ان يتحقق الا بالامازيغية كلغة  و كثقافة و كعلمانية اصيلة و ليس بالجاهلية القرشية بعد الاسلام...

يدخل هذا المقال في اطار النقاش العمومي الذي انطلق بعد القرار الملكي الشجاع بمراجعة مادة التربية الاسلامية في جميع اسلاك التعليم العمومي و العتيق من طبيعة الحال حيث يتجدد الحديث عن حتمية تجديد الخطاب الاسلامي بشموليته بحكم ان اي دين سماوي يجب ان يساير العصر و ضرورياته الجوهرية من قبيل الدولة الحديثة و حقوق المراة و حقوق الاقليات الدينية او المذهبية الخ من هذه الاسس الأممية ..

لكن و اقولها بكل المرارة و الواقعية ان التراث الوضعي السلفي اي تم وضعه من طرف مجموعة من البشر منذ 1200 سنة في سياق الخلافة الاسلامية من اجل استجابة لحاجات ذلك النسق الاستبدادي على كل المستويات و الاصعدة..

ان هذا التراث الوضعي السلفي لن يساهم في بناء الدولة المدنية او إحقاق حقوق النساء و الاقليات الدينية او المذهبية بل سيجرنا اليوم باعتبارنا  مسلمي القرن الواحد و العشرين قرون عديد الى الوراء اي نحو الجاهلية القرشية  بعد الاسلام مع كامل الاسف الشديد عبر اختراع احاديث نبوية تبيح قتل المرتد عن الاسلام و سبي النساء اي اغتصابهن بصريح العبارة تحت ذريعة ملك اليمين المشوه في كتب التراث السلفي بغية تطبيق العادات العربية قبل الاسلام تحت تاويل ديني خطير لكي يتماشى مع غرائز العرب المسلمين في السلطة و في المال و في الجنس بطبيعة الحال حيث علينا ان نفرق بين القران الكريم بوصفه كلام الله و التراث الوضعي السلفي الذي  ظهر بعد انصرام قرنان من الزمان على  انتقال الرسول الاكرم الى الرفيق الاعلى....

 يجب الاعتراف ان المغرب يعد بلد متاخر في النقاش الديني بمقارنة مع مصر

بحكم ان المغرب منذ استقلاله الشكلي قام بتاطير نخبته الدينية الرسمية على الانكار التام لهوية هذه الارض الاصلية و على سلفية المخزن و حركته الوطنية المزعومة و بالتالي فهذه النخبة على مدار 60 سنة من الاستقلال الشكلي لم تستطيع انتاج اي تنوير اسلامي داخل الدولة و المجتمع لكن هذا لا يمنع من وجود رموز التنوير في تاريخ المغرب الاسلامي لكننا لم نتوصل للاسف الشديد باسماءهم و او باجتهاداتهم نظرا لان التاريخ الرسمي لا يهتم بهذه المسائل بل يهتم بتحريف الحقائق و جعل الامازيغيين دعاة الجاهلية و الفوضى...

و سيتساءل البعض لماذا  لم اذكر المرحوم علال الفاسي ضمن رموز التنوير الاسلامي ببلادنا و الجواب سيكون بكل الواقعية حيث ان هذا الرجل كان ضمن مؤسسي لايديولوجية الظهير البربري المعادية لكل ما هو امازيغي و المانعة لاية علاقة بين الامازيغية و الاسلام على مستوى مشهدنا الديني الرسمي الان و ليس في سنة 1956 ..

الى عمق الموضوع                                       

ان من الملاحظ ان مصر قد انجبت رموز التنوير الاسلامي منذ اوائل القرن الماضي مثل محمد عبده و جمال الدين الافغاني و قاسم امين و احمد صبحي منصور الذي اسس تيار اهل القران داخل مصر منذ ثمانينات القرن الماضي لكنه عانى الكثير سواء مع نظام مبارك المتحالف مع العربية السعودية و مع تيارات  الاسلام السياسي حتى قرر الهجرة الى الولايات المتحدة الامريكية سنة 2001 قصد التعريف بافكاره المناهضة لفكر السلف جملة و تفصيلا حيث كان يكتب في موقع الحوار المتمدن و تعرفت على افكاره عبر ذلك الموقع و عبر فيديوهاته حول فضح السلفية قبل الانضمام لموقعه اهل القران ككاتب في مارس 2015  ..

ان الحقيقة المؤلمة يجب ان تقال هنا بان مصر ظلت تابعة سياسيا و ايديولوجيا للسعودية و مذهبها الوحشي داخل الازهر  الشريف و داخل التيارات المدعية الدفاع عن الاسلام من قبيل جماعة الاخوان المسلمين المعارضة لسلطة الانقلاب كما اسميها و الجماعات السلفية المؤدية لهذه السلطة الانقلابية و لها قنواتها التلفزيونية لنشر الوهابية و مهاجمة الاخوان المسلمين على مدار الساعة باعتبارهم خوارج هذا العصر حسب تعبير هذه القنوات الوهابية المصرية مما يظهر مدى الخلاف بين الاخوان المسلمين و الوهابية بالرغم من انهم سلفيين أصليين يدعون الى الرجوع للجاهلية القرشية بعد الاسلام طبعا....

انني قلت في مقالا نشرته قبل رمضان الماضي حول ظاهرة اسلام البحيري السجين الان في مصر بسبب ارائه الناقدة لكتب السلف حيث قلت في ذلك المقال بالحرف ان السلفيين اخترعوا دينا اخرا غير ديننا الاسلامي حسب راي القرآنيين و راي الاستاذ اسلام بحيري باعتباري مجرد انسان في مرحلة التعليم لدى هذه المصادر المتنورة حيث ان شيوخ السلفية الحاليين يرفضون اي نقد عقلاني لتراثهم البشري لكن في نظرهم يعتبرونه تراثا يحمل طابع القداسة المطلقة حتى اذا خالف مع النصوص القرانية او مع العقل البشري في اي زمان كان.

 ان الاستاذ اسلام بحيري حاول بصفته باحث اسلامي ان ينور العقل الاسلامي عبر التمييز بين القران الكريم و كتب التراث السلفي عموما دون ان اذكر الاسماء تفاديا لتكفيري و اخراجي من الملة الاسلامية كسلاح يستعمله هؤلاء القوم لقتل اي تنوير ياتي من داخل الدائرة الاسلامية بحكم ان تاريخنا الاسلامي نفسه عرف صراعا عميقا بين النزعة السلفية و النزعة العقلانية...

ان هذه الكتب السلفية حسب راي الاستاذ اسلام بحيري و راي الاستاذ احمد صبحي منصور هي سبب كل ما نراه الان من القتل و التكفير و احتقار المراة على امتداد عالمنا الاسلامي حيث ان جماعات الاسلام الوهابي كما اسميها مثل داعش و القاعدة الخ تطبق مضامين هذه الكتب حرفيا على ارض الواقع المعاصر بذريعة احياء الخلافة الاسلامية المزعومة لكنها  موجودة في كتبهم الرجعية لان الدعوة الوهابية باعتبارها  النسخة الاصلية للسلفية هي تحث على قتل كل مسلم ذو عقيدة مخالفة لها مثل الشيعة الخ من هذه الطوائف المسلمة غير ان الوهابية تعد الفرقة الناجية و غيرها على الظلال المبين حتى جماعة الاخوان المسلمين المغضوب عليها من طرف سلطة الانقلاب بمصر و النظام السعودي ..

ان ممانعة لاي تجديد في الفكر الاسلامي داخل مجتمعاتنا المسلمة ترجع بالاساس الى انتشار الامية و الجهل في صفوف عامة الناس و تركيز الخطاب الديني الرسمي لاغلب دول المسلمين على كتب السلف دون ادخال اي تجديد هادف الى بناء الدولة الاسلامية العصرية كما هو واقع دولة الرسول المدنية و متعددة الديانات كما شرح لنا الاستاذ صبحي منصور في مقالاته و كتبه المنشورة في موقع اهل القران الذي ساهم في تنويري شخصيا ....

     ان ممانعة لاي تجديد في الفكر الاسلامي داخل مجتمعاتنا المسلمة ترجع كذلك الى انتشار التيارات المدعية الدفاع عن الاسلام  ببعدها التنظيري و بعدها الجهادي على امتداد المغرب الكبير و الشرق الاوسط حيث تنطلق هذه التيارات كلها بداية من منطلق  نشر الوعي الاسلامي الشرعي كما يسمى لديها  مثل النقاب واللحية  من اجل نشر الفضيلة  و محاربة الفواحش كأن الخلافة الاسلامية كانت منارة عليا  للفضائل و القيم الاسلامية الخ بينما الواقع التاريخي يعطينا صورة اخرى مخالفة للصورة الوردية التي تقدم لنا عبر فضائياتهم المدعومة من اموال الذهب الاسود السعودي لكي نتخلف اضعاف مضاعفة ..

و تقول الصورة الحقيقية لجاهليتهم القرشية بعد اسلامهم يجوز للرجال ان يشترون الجواري من اسواق النخاسة  لممارسة الجنس دون عقد الزواج الشرعي تحت ذريعة ملك اليمين المشوه في كتب السلف الوضعية اي ان النساء من السبي او من الحروب يعرضن للبيع امام الملا بلا ملابس  حيث ماذا سنسمي هذا السلوك الدعارة الاسلامية طبعا كلا لان القران الكريم جاء لمحاربة هذه العادات الجاهلية و لتكريم المراة و لاعطاءها المكانة المحترمة داخل مجتمعنا الاسلامي بينما تراث السلفي الوضعي وضعها في السجن المنزلي او في الدعارة السلفية كما يحدث الان داخل دولة داعش ...

اختم هذا المقال بالقول ان المغرب يتوفر  على اسلامه التاريخي حيث لا بد  من الرجوع اليه عبر تقاليدنا الامازيغية التي ليست جاهلية على الاطلاق بل انها اسلامية لكن في طابعها العلماني المغربي اي انها بنت هذه الارض...

توقيع المهدي مالك

mehdi1983k@gmail.com

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

اجمالي القراءات 7753