وكم من "غائط" من دون سلمى..
ولـ"الغائط" مفهوم آخر

حافظ الوافي في الخميس ١٨ - فبراير - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

لم أطرح هذا الموضوع للجدل ولا أرى ما يتضمنه الحق اليقين.. لكني في لحظة تدبر ووصلت الى ذلك فآثرت اطرحه للنقاش لنستفيد من بعض فكلنا تلاميذ أمام كتاب الله..

 

"الغائط".. الغيط "يطلق على الوادي الواسع لكنه جعل كناية عن التبرز لأن العرب كانت تختار الأودية للتبرز هكذا قال التراثيون..

من كلام العرب نستنتج أن الغائط هو الوادي ولكن استخدم اسم المكان كناية عن الحدث لما يحدث فيه، كما نستنتج أن "الغائط" يستخدم كناية عن الالتزام بالعمل كقولهم:" من البيت الى الغيط" يعني ملتزم بالعمل من البيت الى الوادي فقط لا يجد وقتا للذهاب الى مكان اخر.

بمعني ان الغائط "الوادي" أصبح يطلق عليه الحمام.. فبدلا من ان اقول جاء فلان من الحمام أقول جاء فلان من الوادي لان العرب كانت تستخدم الأودية مكانا للتبول والتبرز.. هكذا فسروا الآية.. والقران نزل بلسان عربي مبين لا علاقة له بلغة او مفردات يستخدمها  قوم بعينهم  فهو نزل للناس كافة..

وقد قال معد بن يكرب:

وكم من غائط من دون سلمى.. قليل الأنس ليس به كتيع..

 والكتيع : المنفرد من الناس

والشاعر يريد ان يقول ان الاودية صارت بعد سلمى موحشة.. "فكم من واد من دون سلمى لا أنس فيه ..

والى الان يطلق " غوطة دمشق" على موضع اجتمع فيه الماء و الشجر...

( جاء أحدكم من الغائط).. قد يقصد به الرجوع من المزرعة او من مكان العمل وهذا رأي أحد المعلقين على هذا المقال بعد نشره على احد مواقع التواصل الاجتماعي.

في كتب الفقهاء والمفسرين وجدنا من قولهم هذا : " ان جاء أحد منكم من الغائط .. أصل الغائط المكان المطمئن من الأرض فكانوا إذا أرادوا قضاء الحاجة أتوا غائطا من الأرض ففعلوا ذلك فيه فكنى عن الحدث بالغائط.

" والغائط ما اتسع من الأودية وتصوب وجعل كناية عن قضاء حاجة الإنسان لأن العرب كانت تختار قضاء حاجتها في الغيطان فكثر ذلك منها حتى غلب عليهم ذلك فقيل لكل من قضى حاجته التي كانت تقضى في الغيطان حيث قضاها من الأرض متغوط وجاء فلان من الغائط يعني به قضى حاجته التي كانت تقضى في الغائط من الأرض .

وذكر عن مجاهد أنه قال في الغائط الوادي

9580 - حدثني المثنى قال حدثنا أبو حذيفة قال حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد : أو جاء أحد منكم من الغائط قال الغائط الوادي .

الغَيْطُ : المطمئنُّ الواسعُ من الأَرض

الغَيْطُ : حقل ، أرض واسعة يعمل الفلاَّحون في الغيط

"مِنْ البَيْت إلى الغيط او الغائط" : كناية عن الالتزام في العمل والحياة

ما ورد سالفا هو كلام المفسرين والفقهاء والمعاجم وليس من عندي.. أتساءل هنا:

-         هل من دقة القران وفصاحته ان يستخدم لفظة الغائط بمعنى التبرز والتبول وان يتحول مصطلح الوادي يعني الحمام او مكان التبرز والتبول..  أم ان له علاقة بالعمل لارتباط الوادي بالعمل.. بمعنى ان من جاء من سفر او عمل ولم يجد ماء فعليه بالتيمم .. ان كنتم على سفر "رحلة طويلة" أو جاء احدكم من الوادي "رحلة قصيرة" ولم تجدو ماء فتيمموا صعيدا طيبا ..

كما انه من الضروري التطهر للصلاة كما في حالة الجنابة لا يجوز لك ان تقرب الصلاة وانت جنب مالم تطهر الا في حالة كنت مسافر رحلة طويلة او جئت من عمل في الوادي وغيره "رحلة قصيرة"  وهو ما ورد في الآية: " إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ".. قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سكارى حتى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حتى تَغْتَسِلُوا... اذا لابد من التطهر بالغسل إلا في حالة ان يكون المرء عابر سبيل أي "مسافر او سائر في طريق ما"

* التطهر للصلاة في القرآن:

قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُوا ۚ... يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)..

وقال تعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ۚ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ۚ وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ۚ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَٰكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ..)

-         اذا دخل المرء الحمام للتبرز  ولم يجد الماء فماذا يفعل ؟.. هل يقوم بمسح وجهه ويديه بالصعيد الطيب وهل بهذه العملية يكون قد تطهر طالما القصد من الوضوء والتيمم هو التطهر ورفع الحرج.. وما علاقة مسح الوجه واليدين بإزالة اثار التبرز والتبول ..

اذا كان الغائط يعني التبرز فالسياق يقتضي انه في حالة انعدام الماء يتم الاستنجاء بالأحجار او المناديل النظيفة وليس ان يتم مسح الوجه واليدين بالصعيد الطيب لان التبرز لا علاقة له بالوجه او اليدين.. وبالنسبة للتطهر من البراز فهذا شيء معروف ولا نتصور ان الناس قبل بعثة الرسول كانوا يتغوطون ولا يتطهرون من بقايا التبرز والتبول فهذا مالا يصدقه عقل والأمر كان معروف لديهم والقران قول فصل وما هو بالهزل وبالتالي فهو لا يفسر المفسر ولا يوضح الموضح.. لان تفسير المفسر وتوضيح الموضح يعتبر نوعا من الهزل والقران ليس بهزل.. لهذا يأمرنا القران في حال التوجه للصلاة ان نقوم بالتطهر بغسل الوجه واليدين ومسح الرأس والرجلين الى الكعبين وفي حالة الجنابة التطهر بالاغتسال وفي حالة كان هناك حالة مرض او سفر او عمل او ان الماء بعيدا ووقت جلبه سيؤدي الى التأخر عن وقت الصلاة أي هناك ادراك التأخير يكون التيمم بالصعيد الطيب هو البديل للماء.. ولعل ما ذكر عن ملامسة النساء وفسر بالجماع يحتاج الى اعادة النظر كون الجنابة ذكرت في الفقرة السابقة في قوله "وان كنتم جنبا فتطهروا" ولفظ النساء تأتي بمعنى التأخير لان "النساء" في الاصل جمع نسيء وليس جمع امرأة وانما يطلق على الاناث صفة النساء كصفة لان العرب كانوا يتعاملوا معهن من الدرجة الثانية ولأنهن متأخرات فيما الرجال متقدمين بكل شيء في مجتمع ذكوري فمصطلح النساء ليس اسم جنس بل صفة تطلق غالبا على الاناث ولا تطلق دائما على الاناث وكذا لفظ الرجل ليس اسم جنس وانما صفة يطلق في الغالب على الذكور..  فان جاءت لفظة النساء كصفة للمرأة لابد ان يكون هناك قرينة تثبتها وبالنسبة لهذا لدلالة لفظة النساء هنا فهي محتاجة لبحث أعمق كون ما يخص الجنابة ذكر في الآية السابقة لها..

 

* الكاتب: عبدالحافظ الصمدي

اجمالي القراءات 26036