من قال بأن الملائكه من نور
من قال بأن الملائكه من نور

أسامة قفيشة في الثلاثاء ١٦ - فبراير - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

من قال بأن الملائكه من نور

الملائكه هي مخلوقات مثل سائر الخلق خاضعه لقوانين و سنن عولمها التي خلقت فيه , ساتحدث عنها حسب المعطيات المتاحه لنا من كتاب الله عز و جل , متأملين فيها و متدبرين لها بما منحنا الله سبحانه من عقل نستنتج به ما علمنا اياه و اطلعنا عليه من غيبه في كتابه الكريم .

الايمان المطلق يتطلب الايمان بالله و الملائكه و الكتب السماويه و الرسل بدون تفريق قال تعالى ( امن الرسول بما انزل اليه من ربه و المؤمنون كل امن بالله و ملائكته و كتبه و رسله لا نفرق بين احد من رسله و قالوا سمعنا و اطعنا غفرانك ربنا و اليك المصير ) 285 البقرة , اما الكفر المطلق فقال ( و من يكفر بالله و ملائكته و كتبه و رسله و اليوم الاخر فقد ضل ضلالا بعيدا ) 136 النساء , نلاحظ من عناصر الايمان المطلق و عناصر الكفر المطلق عدم ذكر الجن .

اولا  ابليس من الملائكه

1 – ابليس من الملائكه , كان معهم و في حضرتهم حين خلق الله ادم عليه السلام , و هو ملك مثلهم تماما قال تعالى ( و اذ قلنا للملائكه اسجدوا لادم فسجدوا الا ابليس كان من الجن ففسق عن امر ربه افتتخذونه و ذريته اولياء من دوني و هم لكم عدو بئس للظالمين بدلا ) 50 الكهف , و قال ( و اذ قلنا للملائكه اسجدوا لادم فسجدوا الا ابليس ابى و استكبر و كان من الكافرين ) 34 البقرة , انظر ( كان من الجن ) و ( كان من الكافرين ) نلاحظ ان ابليس لم يكن من الكافرين و لكنه رفض السجود امتثالا لامر الله فأصبح من الكافرين فكذلك لم يكن من الجن بل اصبح من الجن , أي ان ( كان ) تفيد معنى ( اصبح ) في هذا الموضع , فمن هنا نقول أي ملك من الملائكه ان عصا ربه يصبح كافرا و يطرد من السماء الا عولم جديد و هو الارض ليصبح فاقدا لبعض خصائصه التي كانت تناسب عولمه و يطلق عليه لقب جن , قال تعالى ( قال فاهبط منها فما يكون ل كان تتكبر فيها فاخرج انك من الصاغرين ) 13 الاعراف , و يصبح يحمل خصائص جديده تناسب عولم الارض مثل ادم حين هبط من جنة المأوى فأصبح يجوع و يأكل و يمرض و يتكاثر و له اعضاء تناسله فأصبح له ذريه ذكورا و اناثا .

2 – جاء الأمر الالهي فقط للملائكه بالسجود لادم , قد يقول البعض بأن ابليس ليس من الملائكه و هذا يقتضى انه غير مطالب بالسجود و هذا ايضا مرفوض لقوله تعالى ( فسجد الملائكه كلهم اجمعون * الا ابليس استكبر و كان من الكافرين * قال يا ابليس ما منعك ان تسجد لما خلقت بيدى استكبرت ام كنت من العالين ) 73-75 ص . و الدليل على ان ابليس مطالب و مأمور بالسجود كون الملائكه هم المطالبون بالسجود قوله تعالى ( ما منعك الا تسجد اذ امرتك قال انا خير منه خلقتني من نار و خلقته من طين ) 12 الاعراف , اذا ابليس حاله حال الملائكه جميعا و هو مخلوق من نار فالملائكه ايضا من نار و لكنه عصا امر ربه فقال له سبحانه و تعالى ( قال فاخرج منها فانك رجيم * و ان عليك لعنتي الى يوم الدين ) 77-78 ص , كذلك ادم حين عصا امر ربه فقال له ( قلنا اهبطوا منها جميعا فاما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم و لا هم يحزنون ) 38 البقره , فالجن كما الانس مطالبون بالايمان و العباده لله وحده عز و جل .

3 – من اين جاءت ذرية ابليس ان كان هو فقط من عصا ربه و هبط الا الارض , هل كافئه الله سبحانه و تعالى على معصيته و خلق له ( ابليسه ) كي يتكاثر معها و يصبح له ذريه , طبعا هذا غير صحيح , و لكن سبقه بالمعصيه من قبله فاصبحوا من الجن منهم من حمل صفات ذكوريه و منهم من حمل صفات انوثيه و اصبح هناك ذريه باتت تعرف بالجن ( افتتخذونه و ذريته ) .

4 – تكاثر الجن على الارض كما الانسان , و بعث الله عز و جل برسالاته لهم جميعا , فأمن بعض من الجن و أمن بعض من الانس قال تعالى ( قل اوحي الي انه استمع نفر من الجن فقالوا انا سمعنا قرآنا عجبا * يهدي الى الرشد فامنا به و لن نشرك بربنا احدا ) 1-2 الجن , هؤلاء من ذريه الجن الكافر حين سمعوا كلام الله آمنوا به و لم يشركوا بالله عز وجل و اتبعوا كلام الله , فلهم الجنه يوم القيامه يدخلونها كما الانسان المؤمن الذي آمن بربه و لم يشرك به احدا , و من اشرك منهم فله جهنم كمن اشرك من الانس .

ثانيا  الملائكه غير معصومون

قلنا انه من عصا منهم اصبح يسمى جنيا , و اصبح يعيش بعولم جديد طبقا لسنن و قوانين هذا العولم و بخصائص جديده و مختلفه .

1 – لو كان الملائكه معصومين هذا يتطلب عدم المحاسبه نظرا لأن المعصوم لا يخطئ ابدا , فمن غير المعقول ان تحاسب من لا يخطئ , ولكن الملائكه محاسبون و مساءلون ايضا لقوله تعالى ( و يوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكه أهؤلاء اياكم كانوا يعبدون * قالوا سبحانك انت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن اكثرهم بهم مؤمنون * فاليوم لا يملك بعضكم لبعض نفعا و لا ضرا و نقول للذين ظلموا ذوقوا عذاب النار التي كنتم بها تكذبون ) 40-41-42 سبأ , نلاحظ من تلك الايات بأن الملائكه تتبرأ من الذين عصوا الله منهم و ينؤون بانفسهم عنهم و انه لا علاقة لهم بهم فتقول الملائكه يومها لله عز و جل ( بل كانوا يعبدون الجن ) و ليس نحن .

2 – الملائكه مخلوقات لها عالمها الغيبي الذي لا ندركه فلعلهم لا يرون الله عز و جل , فهم مأمورون و منهيون ايضا لقوله سبحانه ( اذ يوحي ربك الى الملائكه اني معكم ) هنا يأمر عز و جل الملائكه عن طريق الوحي .

3 – ذكر الله عز و جل في كتابه الكريم بعضا مما تفعله الملائكه و اخبرنا بان تلك الافعال و الوظائف هي تنفيذا لامر الله قال تعالى مخاطبا الملائكه ( يعلم ما بين ايديهم و ما خلفهم و لا يشفعون الا لمن ارتضى و هم من خشيته مشفقون ) 28 الانبياء فهم يخشون الله عز و جل و يخافونه ايضا حيث قال ( يخافون ربهم من فوقهم و يفعلون ما يؤمرون ) 50 النحل و قال ( و يسبح الرعد بحمده و الملائكه من خيفته و يرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء و هم يجادلون في الله و هو شديد المحال ) 13 الرعد .

4 – مثلما اصطفى الله سبحانه من الناس رسلا كذلك اصطفى من الملائكه رسلا ايضا قال تعالى ( الله يصطفي من الملائكه رسلا و من الناس ان الله سميع بصير ) 75 الحج , و الاصطفاء يعني اختيار الافضل و الانسب أي انهم متفاوتون فيما بينهم .

5 – يوضح الله عز و جل من خلال آياته بأن الملائكه لها قدرات عقليه من خلال حوارها مع الله و يخبرنا بان الملائكه هي ايضا يمكن لها ان تخفي امورا في نفسها فقال ( قال يا ادم انبئهم بأسمائهم فلما انبأهم باسمائهم قال الم اقل لكم اني اعلم غيب السماوات و الارض و اعلم ما تبدون و ما كنتم تكتمون ) فالملائكه تبدي امورا و تخفي امور .

ثالثا  الملائكه محاسبون و هم تحت طائلة التهديد

1 – ورد تهديد للملائكه بصيغة النفي حين اخبرنا عز و جل عن عيسى عليه السلام وهو حاله مختلفه عن باقي البشر كونه من ام و بلا اب حيث خضع عليه السلام و امتثل بالعبوديه خاضعا لله رب كل شيء و رب السماوات و الارض فقد شمل هذا التهديد الملائكه المقربون ايضا قال تعالى ( لن يستنكف المسيح ان يكون عبدا لله و لا الملائكه المقربون و من يستنكف عن عبادته و يستكبر سيحشرهم اليه جميعا ) 172 النساء .

2 – لقد حذر الله عز و جل عباده الملائكه من ادعاء الالوهيه حيث قال ( و من يقل منهم اني اله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين ) 29 الانبياء , اذا فهم غير معصومين و محاسبون و هم تحت طائلة التهديد و الوعيد كما البشر .

3 – يقول عز و جل بكل وضوح بأن الملائكه عباد لله ( و جعلوا الملائكه الذين هم عباد الرحمن اناثا أشهدوا خلقهم سنكتب شهادتهم و يسألون ) 19 الزخرف , و هنا ايضا ينفي عز و جل صفة الجنس عن الملائكه و يتوعد الذين قالوا ان الملائكه اناثا و هذا يقتضي بان الملائكه ايضا ليسوا ذكورا , و قلنا من قبل بان ابليس له ذريه , كان في السابق من الملائكه فعصا فاصبح من الجن , و قال ايضا ( ام خلقنا الملائكه اناثا و هم شاهدون ) 150 الصافات .

رابعا  الملائكه المقربون ليسوا كسائر الملائكه

1 – الملائكه حين امروا بالسجود لآدم و هو سجود تقدير و احترام لا سجود عباده و طاعه , بل بسجودهم هذا عباده و طاعه لله و ذلك بخضوعهم لتنفيذ امره , بين الله لنا بان الملائكه حين امروا بالسجود سجدوا جميعا و كلمه جميعا تفيد انه كان من الممكن ان لا يسجد الجميع كما فعل ابليس و لذلك قال الله عنه بانه كان من الجن لان من لم يمتثل لامر الله يخرج من تصنيف الملائكه فورا فقال ( فسجد الملائكه كلهم اجمعون ) 30 الحجر .

2 – من خلال الايات التي تتكلم عن الملائكه بشكل عام و نلاحظ انه ذكر لنا القليل من اسمائهم و بعض وظائفهم و المهمات الموكلون بها و غالبا ما ورد ذكر بعضهم بصيغه الجمع و بشكل شامل تحت مسمى ( الملائكه ) قال تعالى ( و اذ قالت الملائكه يا مريم ان الله اصطفاك و طهرك و اصطفاك على نساء العالمين ) 42 آل عمران , فهنا ليس المقصود جميع الملائكه بل البعض و هم من اوكل لهم بتبشير مريم عليها السلام .

3 – قال تعالى ( فكيف اذ توفتهم الملائكه يضربون وجوههم و ادبارهم ) 27 محمد , هنا ايضا ليس المقصود جميع الملائكه و انما من اوكل له بهذا الامر ( قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم الى ربكم ترجعون ) 11 السجده , و الامثله على ذلك لا يمكن حصرها .

4 – من الملائكه المقربون هنالك جبريل و ميكال و مالك و هنالك حملة العرش و ملائكة الموت و هكذا .

5 – جزنة جهنم يوم القيامه هم فقط من ورد ذكرهم بالقرآن بانهم لا يعصون الله ما امرهم و هذا يوم القيامه و لا يمكن تعميمه على سائر الملائكه بل يخص خزنة جهنم قال تعالى ( يا ايها الذين امنوا قو انفسكم و اهليكم نارا وقودها الناس و الحجاره عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما امرهم و يفعلون ما يؤمرون ) 6 التحريم .

خامسا  الملائكه يوم القيامه يدخلون الجنه

1 – يوم ينفخ بالصور يفنى من في الارض من انس و جان و يفنى من في السماء من ملائكة قال تعالى ( و نفخ في الصور فصعق من في السماوات و من في الارض الا من شاء الله ثم نفخ فيه اخرى فاذا هم قيام ينظرون ) 68 الزمر , و قال ( ولا تدع مع الله الاها اخر لا اله الا هو كل سيء هالك الا وجهه له الحكم و اليه ترجعون ) 88 القصص .

2 – الملائكه الذين عبدوا الله و لم يعصوا اوامره حتى يوم القيامه سيدخلون الجنه كما المؤمنون الصالحون من الانس و الجن قال تعالى ( جنات عدن يدخلونها و من صلح من ابائهم و ازواجهم و ذرياتهم و الملائكه يدخلون عليهم من كل باب ) 23 الرعد .

و اخيرا عذرا على الاطاله ,

ان كانت الملائكة مخلوقات من نار فهل من المكن ان تكون النار التي رأها موسى عليه السلام هي ملك الوحي جبريل حيث قال سبحانه و تعالى ( فلما جاءها نودي ان بورك من في النار و من حولها و سبحان الله رب العالمين ) 8 النمل , فكيف نفهم ( بورك من في النار ) ؟؟!

ان كان ما كتبته و قلته استعباط فاني اعتذر الى الله عز و جل اولا و اليكم من بعده .

و استغفر الله العظيم رب العرش العظيم ولا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين . 

اجمالي القراءات 27416