دولة العسكر

شادي طلعت في الخميس ٠٤ - فبراير - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

يردد كثيرون مصطلح "دولة العسكر" من دون علم بماهية دولة العسكر، فالبعض يجتزئ المصطلح، لكون الحاكم عسكري سابق، والواقع أن هذا الإجتزاء ليس صحيحاً، فقد يكون الحاكم من أصول عسكرية، إلا أن الدولة تكون مدنية، وبداية علينا أن نعلم أن أنظمة الحكم لها عدة أشكال، سواء أكانت ملكيات أم جمهوريات أم أي شكل سياسي آخر، وأشكال الحكم : إما أن يكون الحكم مدنياً أو عسكرياً أو دينياً، وأمثلة الحكم المدني مثل الولايات المتحدة الأمريكية، وأمثلة الحكم العسكري مثل كمبوديا، وأمثلة الحكم الديني مثل إيران.
 
وللتوضيح إذا ما نظرنا إلى أمريكا سنجد أنها دولة حكمت في بعض الفترات من رؤساء لهم خلفيات عسكرية مثل أيزنهاور، إلا أنها ظلت دولة مدنية، وفي فرنسا حكمها شارل ديجول، صاحب الخلفية العسكرية أيضاً، إلا أنها ظلت دولة مدنية، لذلك من الممكن أن تكون الدولة مدنية مع أن على سدة الحكم فيها رجل ذو خلفية عسكرية، فـ للدولة العسكرية ملامح إن توافرت، فإننا أمام "دولة العسكر".
 
سمات دولة العسكر :
 
أولاً/ دولة العسكر تتطلب توغل الأجهزة الأمنية في كل مفاصل الدولة، حتى الفن والأدب، نجدهما يرضخان لها، وهنا يندثر الإبداع المدني على كل المستويات وفي كل المجالات.
 
ثانياً/ دولة العسكر تعني تولي المناصب التنفيذية، لقيادات من العسكر بشكل كبير، ثم الشرطة بشكل أقل، ثم القضاء بشكل أقل من سابقيه، والمناصب التنفيذية نعني بها على سبيل المثال الوزراء والمحافظين ورؤساء الأحياء.
 
ثالثاً/ دولة العسكر لا تأمن للإنتخابات الحرة والنزيهة سواء في البرلمان أو المحليات، ونزولاً إلى إنتخابات الإتحادات الطلابية، فدائماً ما تكون الإنتخابات أقرب إلى التعينات، وما الإنتخابات إلا إجراء شكلي فقط.
 
رابعاً/ دولة العسكر لا تعرف حرية الإعلام، فتكون أياديها منبسطة على كافة وسائل الإعلام، فتختار الأجهزة الأمنية المذيعين، ومقدمي البرامج، وكذلك تختار ضيوف البرامج، ولا سيما تختار أيضاً محاور الحديث.
 
خامساً/ دولة العسكر تقمع حرية الرأي والتعبير، فلا تسمح بالتظاهر، ولا بأي أسلوب من أساليب التعبير.
 
سادساً/ دولة العسكر لا تهتم بالشأن الإجتماعي أو الإقتصادي، ولكن تهتم فقط بشئون الحكم وآليات تثبيت دعائمه.
 
سابعاً/ دولة العسكر لا تكافئ إلا ثلاثة مؤسسات فقط، وهم المؤسسة العسكرية والمؤسسة الشرطية والمؤسسة القضائية، أما باقي مؤسسات الدولة، فإنها لا تكافئ حتى وإن نجحت، فالنجاح عليها يكون واجباً، أما المؤسسات الثلاثة، يكون نجاحها إنجازاً يستحق التقدير، ولا يعد واجباً.
 
ثامناً/ دولة العسكر لا تعترف بمنظمات المجتمع المدني، لأنها لا تسعى إلى تنوير الشعب وتثقيفه وتنميته، بل تريد أن يعم الجهل الناس، حتى يستتب الحكم لها.
 
تاسعاً/ دولة العسكر يعم الفقر فيها فيما بين الناس.
 
عاشراً/ دولة العسكر دائماً ما تشعر الناس بأن البلاد مستهدفة وتتعرض للمؤامرات، وكل من يعارضها فهو إما عميل أو خائن أو متطرف.
 
الحادي عشر/ دولة العسكر لا تعرف التعددية الحزبية، وإن وجدت الأحزاب، فإنها تعمل على إضعافها، لتكون شكلاً ليس أكثر.
 
 الثاني عشر/ دولة العسكر تكون السيادة فيها للقوة، وليس للقانون، ويكون التفاوت في تطبيق القانون ظاهراً، لا يعرف المواربة.
 
مما سبق إن توافرت معظم تلك السمات أو جميعها في دولة ما، فإنها تكون دولة العسكر.
 
وعلى الله قصد السبيل
 
شادي طلعت
اجمالي القراءات 8908