مقال تقييمي حول وضعية الامازيغية في الاعلام العمومي خلال الولاية الحكومية الحالية بنظرة شمولية
مقال تقييمي حول وضعية الامازيغية في الاعلام العمومي خلال الولاية الحكومية الحالية بنظرة شمولية

مهدي مالك في الثلاثاء ٠٥ - يناير - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

 

 

مقال تقييمي حول وضعية الامازيغية في الاعلام العمومي خلال الولاية الحكومية الحالية بنظرة شمولية

مقدمة عامة                                                     

نحن الان في يناير 2016 اي في الفترة الاخيرة من عمر الحكومة الحالية التي جاءت في سياق ما بعد المصادقة على دستور فاتح يوليوز 2011 و جاءت في سياق ثورات الربيع الديمقراطي الهادفة الى الكرامة و حقوق الانسان و فصل بين السلطات و غيرها من هذه الشعارات البارقة في ندوات الحركة الامازيغية و النسائية الخ من هذه الظروف المؤدية الى هذه الحالة التي نعيشها الان على كافة الاصعدة و المستويات .....

 ان المشكلة تتمحور ان الاسلاميين ذوي التوجه السلفي التنظيري فازوا بانتخابات 25 نونبر 2011 ببلادنا بنسبة 45 في المائة و قادوا الحكومة الحالية نحو الفشل الذريع في مجموعة من القضايا الاستراتيجية  ذات الأولوية الكبرى  مثل تفعيل الطابع الرسمي للامازيغية و قضية المناصفة بين الجنسيان و النهوض باوضاع الاشخاص المعاقين سواء في المدار الحضري او القروي الخ من هذه القضايا الاستراتيجية بمعنى ان الاسلاميين عرقلوا الانتقال الفعلي نحو مدنية الدولة و نحو الديمقراطية الاصيلة  في مجتمعنا قبل دخول الاستعمار الى المغرب سنة  1912 حيث ان خطابهم السياسي يتماشى مع خطاب المخزن الديني بشكل متقارب  و احيانا بشكل تام في موضوع الامازيغية و في موضوع حقوق الانسان كما هي معروفة دوليا ..

 ان هؤلاء الاسلاميين المغاربة ان صح التعبير اختاروا العمل السياسي في اطار شرعية الدولة  منذ سنوات عديدة عبر حركة التوحيد و الاصلاح و عبر حزب العدالة و التنمية لكنهم بالمقابل اختاروا البقاء ضمن الايديولوجية السلفية الاخوانية التي مازالت تحلم بعودة امجاد الخلافة الاسلامية و مازالت تعتبر العروبة الاساس الجوهري للاسلام و مازالت تعتبر المراة ناقصة العقل و الدين الخ من خرافات من كتب التراث السلفي منذ 1200 سنة بمعنى ان الاسلاميين المغاربة ليس من مصلحتهم تفعيل الطابع الرسمي للامازيغية كلغة و كثقافة و كقيم اصيلة و كسياسة عمومية الخ لان هذا التفعيل سيعني تعميق النقاش العمومي حول مجموعة من الثوابت لدى التيار الاسلامي ببلادنا و اعادة طرحها من جديد  من قبيل المسالة الدينية لدى اجدادنا الامازيغيين و اصالة السلفية في مجتمعنا الامازيغي المسلم بين الواقع التاريخي و الوهم الايديولوجي الخ من هذه القضايا المطروحة في كتابي الجديد ..

الدخول الى صلب الموضوع                            

ان اثارة هذا الموضوع بهذا التوقيت بالذات له مبرراته الجوهرية مثل تصريحات وزير الاتصال امام مؤتمر اللغة العربية بالرباط اواخر دجنبر الماضي حيث اعتبر ان الامازيغية هي مجرد لهجة و ان تدريسها يعتبر وهم الخ من هذه التصريحات الخطيرة من وزير وصي على قطاع حساس و اساسي الا و هو قطاع الاعلام الذي هو سلاح قوي لترسيخ اية سياسة ثقافية او  لغوية  او دينية داخل مجتمع معين .

لقد ظل ملف الامازيغية في الاعلام العمومي مطروحا منذ تاسيس الحركة الامازيغية ببعدها الثقافي بحكم ان دولة الاستقلال طبقت حصارا فضيعا على الاذاعة الامازيغية عبر اجبارها ان تكون ذات خطاب التخلف القروي كما اسميه في كتابي القديم صوت المعاق و ذات خطاب السلفية الدينية حسب المقاس الايديولوجي للسلطة و حركتها الوطنية المزعومة قصد تحويل الامازيغيين الى شعب فاقد لذاكرته التاريخية و الهوياتية لكي يسهل تعريبه عن طريق الخطاب الديني الرسمي حيث استمرت هذه السياسة الاعلامية الموجهة الى الامازيغيين عبر الاذاعة الامازيغية المركزية او اذاعتا اكادير و تطوان الجهويتان عقود من الزمان حتى جاء المعهد الملكي للثقافة الامازيغية بتصور تحديثي للاذاعة الامازيغية من حيث الكم و الكيف دون المساس بمضمون الخطاب الديني المعارض اصلا للامازيغية كلغة و كثقافة اسلامية لكن في نطاقها العلماني المغربي كما شرحته مطولا في كتابي الجديد.

 و دون نسيان الدور الذي لعبته بعض الاذاعات الخاصة في نشر و ترسيخ الثقافة الامازيغية و في مقدمتها اذاعة راديو بلوس اكادير التي تتوفر على اطر عالية في مجال الاعلام السمعي الامازيغي ..

و بالاضافة الى انشاء القناة الامازيغية في فاتح مارس 2010 اي بعد تسع سنوات من انشاء اركام الذي حاول ادماج الامازيغية الاولي في قنواتنا التلفزيونية من خلال البرامج الناطقة بالامازيغية ابتداء من دجنبر 2006 في القناتان الرسميتان طبعا مع ملاحظات كثيرة حول طبيعة تلك البرامج و جودتها من ناحية معلوماتها التاريخية و تقديسها للشخصيات التاريخية المشرقية من قبيل المعتمد بن عباد المدفون بمنطقة اغمات نواحي اقليم مراكش بينما تم احتقار امير المسلمين يوسف بن تاشفين الخ من هذه الملاحظات الجوهرية ...

ان تقييم وضعية الامازيغية في الاعلام العمومي خلال الولاية الحكومية الحالية يجب ان ينطلق من الوضعية القانونية للامازيغية في الوثيقة الدستورية الحالية و من مقتضيات دفاتر تحملات القطب العمومي التي خرجت الى الوجود سنة 2012 بعد نقاش طويل بين وزارة الاتصال و رموز الاعلام ببلادنا حول قضايا هوياتية مثل ان القناة الثانية اصبحت بوجوب هذه الدفاتر تبث الاذان و تنقل صلاة الجمعة مباشرة الخ من هذه المقتضيات التي تحمل بصمة ايديولوجية الاسلاميين الهادفة الى اسلمة الاعلام العمومي على المنهج السلفي الدخيل من السعودية او مصر حيث لا مشكلة لي مع رفع الاذان ابدا لكن اسلمة الاعلام العمومي شيء مستحيل بالاعتبار الى المغرب ليس بلدا سلفيا على المستوى التاريخي بل هو بلد علماني منذ قرون طويلة الى سنة 1956 حيث تم اقبار علمانيتنا الاصيلة و احلال مكانها العلمانية الغربية الى يومنا هذا بدليل بسيط الا و هو ان القناة الثانية كانت لا ترفع الاذان اطلاقا الا في شهر رمضان عند الافطار.

 ان وزارة الاتصال لم تنفذ اطلاقا مجموعة من المقتضيات المنصوص عليها في دفاتر تحملات القطب العمومي لفائدة تعزيز مكانة الامازيغية باعتبارها لغة رسمية في دستورنا الحالي حيث اننا في يناير 2016 و لا شيء قد تحقق في هذا السياق .

انني مازلت اتذكر اول حلقة من برنامج شؤون امازيغية في اربيل 2012 حيث استضاف الاستاذ عصيد وزير الاتصال للحديث حول واقع الامازيغية في الاعلام العمومي وقتها و وعد الوزير بمجموعة من الوعود التي هي نفسها المقتضيات المنصوص عليها في هذه الدفاتر مثل بث الاذاعة الامازيغية المركزية و القناة الامازيغية على مدار 24 ساعة و احداث نشرة خاصة في القناة الاولى باللغة الامازيغية المعيارية .

و من بين هذه المقتضيات كذلك بث كل الاذاعات الجهوية على مدار 24 ساعة غير ان اذاعة اكادير الجهوية مازالت تبث من الساعة الثامنة صباحا الى الساعة الثانية زوالا على الصعيد الجهوي  بينما عندما كنت في الدار البيضاء لاحظت ان اذاعتها الجهوية  تبث على مدار الساعة اي 24 ساعة ...

و بالاضافة الى وضعية الامازيغية في باقي القنوات الاذاعية و التلفزيونية سواء العامة  او الخاصة ليست بخير حيث هناك تراجعات كأن الامازيغية ليست لغة رسمية بعد دستور 2011 بحكم ان القناة الاولى و الثانية مازالتا تبثان البرامج الناطقة بالامازيغية على علتها في الساعة التاسعة صباحا كأن الامازيغيين لا يتوفرون على اعمالهم و على شؤونهم الحياتية سواء مشاهدة التلفزة .

و هنا استحضر نموذج  قناة ميد1 تيفي الخاصة التي تتجاهل الامازيغية على طول الخط كانها تعيش في بلد اخر غير المغرب علما ان من حق شخص ما ان يخلق قناة تلفزيونية او اذاعية خاصة به  بعد تحرير قطاع السمعي البصري و ظهور الجيل الاول من الاذاعات الخاصة و القناة التلفزيونية الوحيدة حيث ربما ان وزارة الاتصال الحالية لا تريد الترخيص للمزيد من القنوات التلفزيونية الخاصة او الجهوية بينما في مصر مثلا تتوفر على العديد من القنوات التلفزيونية الخاصة و الجهوية و كذا فرنسا و اسبانيا الخ .

و خلاصة القول ان وضعية الامازيغية في الاعلام العمومي خلال الولاية الحكومية الحالية لم تحقق اي تقدم مهما كان حسب رايي المتواضع لان هذه الحكومة اصلا لا تريد تفعيل ترسيم الامازيغية كلغة و كثقافة و كقيم اصيلة لهذا الشعب قبل اسلامه و بعد اسلامه ............

المهدي مالك صاحب كتاب الامازيغية و الاسلام من اجل اسقاط ايديولوجية الظهير البربري نهائيا  

اجمالي القراءات 7512