تدبر فى قصة موسى والعبد الصالح (5 من 7 )

آحمد صبحي منصور في الأحد ٠٣ - يناير - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

 تدبر فى قصة موسى والعبد الصالح (5  من 7 )

لا زلنا فى تدبر الآيات الكريمة ( 60 : 82 ) من سورة الكهف . ونتوقف هنا مع :

سابعا :حول نقل الاقوال البشرية فى القرآن الكريم

يتردد فى القصص القرآنى نقل أقوال بشرية ، وهى تنقسم من حيث القائلين الى أقول من الأنبياء والمؤمنين وأقوال الكافرين .و تنقسم من حيث تاريخها الى نوعين : احدهما  ماضى ، ينتمى الى الزمن السابق على نزول القرآن الكريم ، ويأتى فى قصص الانبياء ومنها أقوال فرعون موسى و الكفرة من قوم نوح وهود وصالح وشعيب وابراهيم  ، والاخر معاصر ، ينتمى الى عصر نزول القرآن الكريم مما قاله النبى والمؤمنون والمشركون العرب واهل الكتاب . وتنقسم أيضا الى نوعين من حيث الموضوع ، أحدهما جاء فى القصص وما تناثر فيه من حوار ، والآخر جاء حوارا قائما بذاته مع من عاصر نزول القرآن الكريم وعاند وكفر .ومن حيث الموضوع تنقسم أيضا الى نوعين ، منها ما ذكره الله جل وعلا وقام بالردّ عليه مباشرة ، والاخر ذكره الله جل وعلا  دون الرد المباشر عليه لأن الرد واضح وقد تكرر من قبل ومن بعد . وفى موضوع الرد نفسه هناك أقوال لهم قام رب العزة بالرد فيها دفاعا عن النبى و المؤمنين ، وهناك أقوال قام جل وعلا فيها بالرد عن ذاته.  هو موضوع طويل معقد نرجو أن يتسع الوقت لتأصيله . ولكن نعطى أمثلة للتوضيح أورد فيها رب العزة أقوال الكافرين وردّ عليها :

1 ـ الكافرون من أهل الكتاب : (وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّامًا مَّعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ  ) ( البقرة 80 : 82 )

(لَّقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ  ) (آل عمران 181 : 182 )

(وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاء وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا  ) (المائدة 64  )

الكافرون  العرب : (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (12)  العنكبوت  ).

2 ـ وذكر رب العزة قول موسى لقومه : ( وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمْ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (54) البقرة ). قول موسى لقومه أن يقتلوا أنفسهم هو رأى خاص به ، وليس تشريعا .

3 ـ ومن قصة موسى مع هذا النبى جاءت أقوال موسى وفتاه وهذا النبى . وترددت فيها  كلمة ( قال ) ليكون القائل مسئولا عن قوله .

ثامنا :  لمحات بلاغية :

  المجاز :

1 ـ فى القرآن الكريم أسلوب علمى تقريرى يأتى خصوصا فى التشريع وغيره ، مثل قوله جل وعلا عن الاسراء (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ) (1) الاسراء ). هنا كلمات محددة بالذى أسرى وهو رب العزة (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى  ) ، وبالذى أُسرى به ، وهو (بِعَبْدِهِ ) والبداية للرحلة (مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ) والنهاية (  إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى) والهدف من هذه الرحلة الليلية (لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا  ).

ولكن الاسلوب المجازى من مشاكلة وتشبيه وكناية واستعارة يؤتىبه فى مجالات الدعوة ، ومنها القصص وما يعرف بالسمعيات أى الغيوب التى لم نرها بعد مثل أحوال الآخرة والملائكة ، أو فيما يخص رب العزة جل وعلا الذى يعلو على كل الأفهام . ومنه التعبير عن ملكوت الرحمن بالعرش والكرسى وعن تحكمه جل وعلا فى ملكوته بالاستواء على العرش .

2 ــ  مثلا يأتى أسلوب المشاكلة المجازى فى : ( وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (50) النمل ) (  وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (54) آل عمران ) (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً (15) وَأَكِيدُ كَيْداً (16)الطارق ) ، أى على ( شاكلة ) الفعل البشرى يأتى الرد الالهى باسلوب المجاز . ومن أسلوب المشاكلة قول عيسى عليه السلام لربه جل وعلا : (تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (116) المائدة ). إضافة النفس لرب العزة أسلوب مجازى جىء به بالمشاكلة . وهناك إستعمالات أخرى لكلمة ( نفس ) مضافة للرحمن جل وعلا على سبيل المجاز ، ومنها قوله جل وعلا : (وَيُحَذِّرُكُمْ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (28) (وَيُحَذِّرُكُمْ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (30) آل عمران  ) (قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ  ) (12) (وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (54) الانعام  ) ، لا يمكن أن يزعم أحد هنا أن لرب العزة جل وعلا ( نفسا ) بالاسلوب العلمى التقريرى مثل الذى نعرفه من صفات البشر لأن رب العزة يقول (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ )( آل عمران 185 ) الأنبياء (35) العنكبوت(57)) ، وهو جل وعلا الحى الذى لا يموت. أى فاستعمال النفس هنا هو بالاسلوب المجازى غير الحقيقى .  وكلمة ( الأعمى ) تأتى فى التشريع بالاسلوب العلمى الحقيقى ( لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ )(61) النور) (لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ )(17)الفتح).ويأتى (اعمى) بالاسلوب المجازى بمعنى الضلال فى الدنيا والآخرة ( أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ (19)الرعد )( وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً (72) الاسراء )  ويستحيل فى ضوء عدل الرحمن ان يكون المصاب بالعمى بالمعنى العلمى التقريرى من أهل النار لمجرد أنه أصابه العمى أو خُلق أعمى . أى فلا بد هنا من التسليم بوجود اسلوب مجازى وأسلوب علمى، ولكل مقام مقال .  

3 ــ من هنا نفهم الاسلوب المجازى فى قوله جل وعلا :( فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ   ). ليس الجدار كائنا حيا ( يريد ) شيئا . هنا إستعارة مجازية ، وهو اسلوب مجازى بالغ الدلالة ورائع التعبير عن جدار آيل للسقوط .

4 ــ القائلون بأنه ليس فى القرآن ( مجاز ) يقعون فى ضلال هائل ، فالقرآن الكريم نزل بلسلن عربى مبين . وأسلوب المجاز هو الأبرز فى الشعر العربى قبل نزول القرآن الكريم وبعده ، حتى إنه يقال ( أعذب الشعر أكذبه ) أى عذوبته فى المجاز والمبالغة فيه بدءا من مدح المحبوبة فى الغزل الى المبالغة فى الفخر كقول عمرو بن كلثوم: ( إذا بلغ الرضيع منا فطاما   تخر له الجبابر ساجدينا )  . وبهذه الكذبة الكبرى صارت قصيدته فخرا لقومه من بنى تغلب ومن المعلقات السبع . رب العزة يستعمل اسلوب المجاز فى القرآن الكريم بالصدق لتقريب المعنى للافهام البشرية دون أن ينال المجاز من صُدقية القول .

  اختيار اللفظ :

  1 : يقول جل وعلا : ( فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً (61) فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَباً (62) قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيه إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً (63)) عن الحوت فى الآية 61 : (فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً (61) ) هنا وصف رب العزة جل وعلا للمشهد ، فبمجرد أن نسيا حوتهما (فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً ) . الفاء فى (فَاتَّخَذَ ) هى للعطف السريع ، تقول : ( جاء محمد فأحمد ) أى جاء أحمد مباشرة بعد محمد . وهناك العطف بالواو الذى يفيد المصاحبة ( جاء محمد وأحمد ) وهناك العطف ب ( ثم ) وهو الذى يفيد التراخى : ( جاء محمد ثم أحمد ) . من اسلوب العطف السريع  بالفاء قوله جل وعلا عن ( حمل ) مريم بالمسيح كآية من رب العزة : (فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَاناً قَصِيّاً (22) فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْياً مَنْسِيّاً (23) فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً (24) مريم  )  الحمل تلاه مباشرة الاعتكاف فى مكان قصى بعيد ومجىء المخاض ..الخ. الآية 63 : عن قول فتى موسى عن الحوت  :( وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبا ) أى يتعجب من تسرب الحوت للبحر ، واستعمل العطف بالواو . لأنه لم يكن شاهدا على ما حدث ، إذ نسى الحوت ( وإتخذ الحوت سبيله للبحر .. يا للعجب .!! ) بينما وصف رب العزة المشهد باستعمال العطف بالفاء أى بمجرد تركهما الحوت تسرب الى البحر .

 2 / 2 : ونرى تنوعا فى إختيار اللفظ فى كلام موسى لصاحبه . الأصل فى موسى تلك النفس الراقية المهذبة ( طالما لا يحس بالخوف والخطر ) . وهو فى تعامله مع هذا النبى كان يتكلم معه فى رُقى هائل ، نلمح هذا فى قوله بكل أدب لنبى مثله : (هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً (66)). طلب منه بسؤال مهذب أن يكون تابعا له يتعلم منه بعض علمه . لم يستكبر ولم يستنكف أن يطلب التعلم منه بهذا الاسلوب المهذب . وموسى كان مدركا لطبيعته الغاضبة المتسرعة لذلك طلب من ربه جل وعلا أن يكون أخوه هارون مساعدا له : (قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (12) وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلا يَنْطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ (13) وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (14) الشعراء ) (قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (33) وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (34) القصص  )

 وكان موسى يضبط ردود أفعاله فى حدود الممكن ، حين خرق صاحبه السفينة قال : ( أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً (71) أى شيئا عجبا . ثم إذا قتل الغلام زادت نبرة التعليق لتكون إحتجاجا بالانكار : (( قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً ). قالها موسى مستنكرا ، وهو الذى لم ينس كيف تسرّع من قبل فقتل رجلا مصريا معتديا .

وصاحب موسى حذّره من البداية : ( قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْراً (67) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً (68) ورد موسى بكل تواضع :( قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً (69) فاشترط عليه صاحبه  (قَالَ فَإِنْ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً (70) وطبعا وافق موسى على هذا الشرط . وحين إحتج موسى على خرقه السفينة قال له صاحبه يُذكّره : ( قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْراً (72)وردّ موسى برجاء : ( قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً (73) وعندما قتل الغلام وارتفعت نبرة موسى بالاحتجاج قال له صاحبه ( أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْراً (75)) . المراد هنا فى ( إختيار اللفظ ) أنه فى الاية 72 (( قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْراً (72)) لم يأت فيها بكلمة ( لك ) ، اى كان لوما من صاحبه مهذبا . ولكن فى المرة التالية وجّه له الخطاب بلوم مباشر إستعمل فيها كلمة ( لك ) :( أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْراً (75)) .  

وهناك مواضيع أخرى تدخل فى موضوع معقد هو الحتميات التى يتعرض لها البشر ، ومنها الموت قتلا ، نعرض لها فى المقال التالى . 

اجمالي القراءات 8866