مسوخ بشرية

نهاد حداد في الأحد ٠٦ - ديسمبر - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

الكثير من أفلام الخيال العلمي تسافر بِنَا بعيدا إلى عالم المخلوقات المشوهة جراء الحروب النووية  أو التغييرات الجينية في الخلايا أو غيرها من من التغيرات التي تحول البشر إلى مسوخ تشمئز النفس من رؤيتهم ، لكن ذلك يبقى في إطار الخيال العلمي المحدود ، ولو أن كارثة تشيرنوبيل كانت لها عواقب وخيمة ومازالت بعض العائلات الروسية ترفض الاهتمام بأطفالها المشوهين الذين ولدوا في الأماكن المتضررة من الإشعاعات النووية .وتبقى هذه التشوهات مرئيّة يحاول الأطباء والعلماء التعامل معها وإيجاد الحلول لها !  ولكن الكارثة العظمى هي حين تحدث تشوهات خطيرة على مستوى النفس البشرية فلا ينتبه لها المصاب بها ولا حتى المحيطون به ! فيصبح المشوه طبيعيا في نظر المجتمع والسوي شاذا ! ولكن قبل أن تحكموا على هذه الكارثة الأخلاقية ، إليكم حوارا بين سني وشيعي . 
خرج داعية سني على إحدى القنوات الفضائية ليتبرأ مما تفعله الرافضة من مفاخذة للرضيعة ، وطبعا ، آلم هذا الكلام  أحد دعاة الشيعة فشمرعلى ساعديه وأحاط نفسه بمجموعة من "  الشيعة " ليرد على الاتهامات المغرضة للسني ! وطبعا كان رأيهم من رأي صاحبهم ! 
لن أترككم تنتظرون كثيرا ، فحتى موليير ، لو أوتي له عمر آخر ، لن يستطيع أن يخترع مسرحية أكثر هزلا من هاته ! ربما يستطيع فلاسفة العبث تخيل أشياء مماثلة لكن الحقيقة هنا منافسة لأسقط وأحط مايمكن أن يخطر على بال بشر ! إليكم إذا هذاالمسخ والانحطاط الأخلاقي الذي نزل إليه الدين الأرضي بمعتنقيه . 
أشير إلى أن الرد الشيعي كان باللهجة الخليجية لكننا سنورده بالفصحى ، فالعامية وكذلك الحوار الشفوي يكون فيه الكثير من التكرار وسنحاول تفادي هذا ! حيث لا تهمنا المصداقية هنا بل مضمون الحوار ، ولمن أراد الإستماع إليه ، فهو على الإنترنت ، أذاعه برنامج الدليل المسيحي في حلقته الثانية والثمانين ! 
السني: " ...كذلك وهي قاصمة الظهر ولا يمكن أن تصدر إلا عن شاذ ! نعم ! إلا عن إنسان شاذ وهو التمتع بالرضيعة، من يقبل هذا؟ أي عاقل؟ أي شريف؟ أي إنسان يقبل أن يأتي إلى رضيعة عمرها لم يتجاوز السنة ، خمسة أشهر، ستة أشهر، عشرة أشهر ، سنة، سنتان ، وأن يتمتع بها، يقبلها، يضمها، يتفخذها... لا أستطيع أن أتكلم ! ماذا بعد؟ 
وطبعا أثار هذا الكلام حفيظة شيخ شيعي يقدم برنامج " محامي أهل البيت "فرد على السني بإطناب :" شبهة تثار كثيرا في المنتديات أو اللابتوب، وفي وسائل الإعلام ، وقنوات الفتن ألا وهي مسألة تفخيذ الرضيعة ! التي تثار كثيرا على ألسنة الجهلة ! ويثيرها نفس الشخص الذي رددنا عليه سابقا! وسنرد عليه هذه المرة أيضا! استمعوا معي إلى مايقوله هذا الشخص ، واستمعوا إلى الجواب ! 
لقد سمعتم معي كلامه ( يعني السني ) ! وألفاظه المشينة . أنا لن أنزل إلى مستواه ! 
في مسألة  الرضيعة ، القائلون بهذا الرأي من عندنا ، أي من الشيعة ، يقولون ، الاستمتاع بالرضيعة ، لايجوز وطؤها إذا كانت أقل من تسع سنين ، هذا أولا . أما ثانيا وهنا نتحدث من الناحية الشرعية : هل يجوز الاستمتاع بالزوجة ؟ الاستمتاع الكلي مادون الوطئ؟ هل هذا جائز شرعا أم لا ؟ 
إذا قلت حرام - أيها السني - فما دليلك؟ 
فالقاعدة الأصولية تقول :" الأصل في الأشياء الإباحة ، فأنت ليس عندك دليل على التحريم ! 
وأشير إلى أننا هنا لا نتكلم عن الأمور الأخلاقية ، فيمكن أن الأخلاق لا تقبل هذا ، فأساسا ليس هناك شخص كبير وعاقل يتلذذ ويستمتع بطفلة صغيرة ورضيعة ! وأعيد أنني لا أتكلم عن الناحية الأخلاقية ولكن عن الناحية الشرعية ! 
هل عندك نص يحرم ؟ لا ! ماثبت هذا عند فَقِيه من الفقهاء ولم يثبت في تحريم ذلك أي نص ! 
يقول ابن حجر في المجلد السابع عشر ص 27 من كتابه فتح الباري في شرح صحيح البخاري " إن أعظم المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يحرم فحرم من أجل مسألته ". 
فما يريده بن حجر هو أن الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد في ذلك نص تحريمي ! فإذا قلت بأن شيئا ما حرام ، أعطنا دليلك ! [ علما أنه ] لادليل عندك . 
يقول أحد كبار العلماء واسمه السويطي في كتاب " مطالب أولي النهي ج 6 ص 215 : الأصل في الأشياء التي لاضرر فيها ولا نص تحريم الحل و  الإباحة حتى يرد الشرع بالتحريم لا الحظر ! واتفق المحققون على أن تحكم العقل والرأي بلا مستند شرعي باطل ! فأنت تحتاج [ دائما ] إلى دليل شرعي لتقول هذا حرام ! 
إذا ، نقول لهذا الشخص مدعي العلم ، هات لنا نص تحريم من عندك ! 
ليس لديك نص ! إذا لماذا هذا التشنيع ؟ 
لنتحدث الآن على الأوصاف التي أعطاها ( هذا السني )، من هم هؤلاء الشواذ الذين عناهم بكلامه؟ 
فيسأله أحد الحضور : هل يقصد الشاذ الفقهي أو الشاذ الأخلاقي فيجيبه الشيخ : الإثنان معا ، ( الفقهي والأخلاقي )،ثم يستطرد: ونقول له : أولا ،هل زواج الكبير من الصغيرة بالمهد أمر جائز ؟ 
دعونا نرى مايقوله أحد أكبر علماء إخواننا السنة وهو ابن بطال المالكي في الجزء الحادي عشر من فتح الباري ص 25 :" يجوز تزويج الصغيرة بالكبير إجماعا ولو كانت في المهد ، طيب ! نأتي الآن إلى الإستمتاع ! طبعا الاستمتاع بهذه الطفلة جائز ، طبعا دون الوطئ! فعند الشيعة لا يجوز الوطؤ قبل تسع سنوات ! ولنر الآن مايقوله إخواننا السنة في نفس الموضوع ! وهذا الشخص يطعن فيهم ويقول يجوز ومايجوز ! 
لنر مايقوله النووي في شرح كتاب مسلم ج3 ص 577 . في باب تزويج الأب البكر الصغيرة : وأما وقت زفاف الصغيرة المتزوجة والدخول بها فإن اتفق الزوج مع الولي على شيء لاضرر فيه على الصغيرة ، التلذذ بها ، عمل به وإن اختلفا قال أحمد وأبو عبيد نجيز ذلك على بنت تسع سنين دون غيرها . وقال مالك والشافعي وأبو حنيفة : حد ذلك أن تطيق الجماع ويختلف ذلك باختلافهن ولا يُضبط بسن وهذا هو الصحيح ! 
فماذا تقول الآن [ أيها السني ]، نحن شواذ عندك؟ استمع : الوطء لايضبط بسن ، أي أن الصغيرة إذا كانت تطيق الجماع وكان عمرها  سنة ، سنتان ، خمسة أشهر ، عشرة أشهر فهذا جائز إذا لم يكن فيه ضرر ! 
فما رأيك الآن؟ طبعا الآن أيها السني سبك وشتمك للشيعة يتحول إلى علمائك ، علماء أنت تعتقد بإمامتهم ! يقول الفقيه ابن عابدين في كتابه المعروف رد المحتار...، إذا كانت تطيق الوطء منه ومن غيره، وأشار إلى مافي الزيلعي من تصحيح عدم تقديره بالسن ! فإن السمينة الضخمة تحتمل الجماع ولو صغيرة السن ! أي أنه ليس هناك ضابطة سن عند علماء السنة! وهذه مصيبة ! إذا أنت أيها السني تقوم بالتشنيع على أناس قالوا بالتلذذ والاستمتاع فقط دون الوطء ، فمن الأولى أن تشنع عليه ؟ فعلماؤنك يجيزون لك الجماع والوطء ! فمن الأولى عندك بالتشنيع ؟ 
الوطء أشد !!!
فالعالم الشيعي الذي قال أنه يجوز التمتع بالرضيعة قال أيضا بأنه لايجوز وطؤها إذا كان عمرها أقل من تسع سنين ، ولكن عندك [ في دينك السني] أناس يقولون يجوز وطء الصغيرة إذا كانت متينة : فأيهما أشد ؟ الاستمتاع أم الوطء، ويجيبه الشيعة المحيطون به ! : طبعا ، الوطء أشد !!! فمن يجيز الوطء يجب من باب أولى أن يجيز الاستمتاع !!!
انتهى حديث الشيخ !  
إذن ، هذا شيعي يفخر بأن دينه يسمح له بالاستمتاع بالرضيعة والتلذذ بها ، ومفاخذتها ويفخر بأن ذلك خير من الوطء   الذي هو أشد من المفاخذة ! والذي تبيحه السنة ! وطبعا دون أن يصل به الهجوم إلى أن يحرم وطء الصغيرة بل غاية مبتغاه هو أن يظهر أن دينه أفضل من الدين السني ! والمطلوب منا نحن المشاهدون التعاطف مع ألطف الرأيين وهو رأي الشيعة!!! 
ولكنني في الحقيقة لا أجد مقولة أعلق بها على هذا الشذوذ من الطرفين إلا هذا المثل الشعبي الذي تستعمله نساء الحواري المصرية في التشاجر : ياختي لاتعايريني ولا عايرك ! الهم طايلني وطايلك ! 
اجمالي القراءات 10588