سيناريو الاغتيال الثانى لفرج فودة

خالد منتصر في الجمعة ٢٣ - مارس - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

• مشهد (1) نهار – داخلى
تحمل المانشيتات اليوم عنواناً مثيراً – النيابة تقدم 13 متهما فى قضية اغتيال د. فرج فودة لمحكمة امن الدولة العليا… شطح خيالى وشطح الخيال هنا لابد ان يكون قانونيا كالكتف فى كرة القدم ،ولابد ايضا ان يكون فى اطار الحدود المرسومة له .. تساءلت بهذه الكمية المقننة من الشطح أين باقى التهمين فى هذه القضية ؟.
ففرج فودة لم يشارك فى قتله هذا العدد البسيط من المتهمين فهو خير نموذج لمثقفى العالم الثالث الذين تدللهم السلطة بحذر حين تشاء ،وتتخلى عنهم بقسوة حين تشاء .. تمنح وتمنع حسب المزاج وتقنع وتخضع حسب الرضا .. تفرد له باباً فى مجلة اكتوبر فى نفس الوقت الذى تمنعه من انشاء حزبه .. تعزمه على لقاء المثقفين بالرئيس فى معرض الكتاب وتصادر كتابه "نكون أو لا نكون" وتمنعه من نفس المعرض .. مباراه ساخنة ولكن بشروط من اهمها ان تكون الكرة والملعب وغالبا الجمهور فى يد السلطة ، وحيازة الصفارة وحق النفخ فيها فى الوقت الذى تراه مناسبا من حق السلطة ايضاً، وساعة الايقاف قابلة للضغط ولكن بأصابعها فقط وكروت الانذار والطرد تشهر فى وجهة من لا تستلطفهم او من تصنفهم هى بانهم من مثيرى الشغب .. وكما ان الجمهور هو اللاعب رقم 12 فى الفريق فالسلطة والمثقفون هم المتهمون رقم 14 فى هذه القضية اما بالتخلى أو بالتمنى .. تخلى السطة عنه كى يقاتل وحده ،وتمنى المثقفين لموته حتى يريحهم من شغبه ولا يفضح تواطؤ بعضهم ،فالفئتان قد تركاه لكى تتفرق دماؤه بين القبائل المتناحرة ويضيع الوقت حتى تمسح بصمات الجانى من مسرح الجريمة وتكتب وثيقة الاتهام بالحبر السرى لدموع التباكى وتتم الموافقة بصراخ السرداقات .
• ملحوظة :
الديكور لابد ان يشتمل على ملعب كرة قدم !!!!
• مشهد (2) ليل – خارجى
بعض المثقفين يشكلون دائرة مغلقة حول الحاج ذى الجلباب صاحب المكتبة الشهيرة بوسط البلد ، يقفون على الرصيف المواجه لها يطلبون منه نسخاً من كتب فرج فودة فهو قادر على الاتيان بلبن العصفور .. الم يبع لهم من قبل أولاد حارتنا ؟ ..
• يرد الحاج : انا كنت اتفقت معاه خلاص وكان حيسلمنى الكتاب لكن يا خسارة مات وضاعت الصفقة ..
• يتحسر المثقفون وتعلن سحنتهم كآبة مؤقتة فقد فوت المرحوم عليهم الفرصة للتفاخر على اقرانهم من ذوى الياقات البيضاء والنظارات السميكة بانهم الملاك المنفردون بمجموعة كتب فرج فودة الكاملة والوكلاء الوحيدون لقطع غيار فكره .
• يهمس أحدهم لصديقة : الرجل فى تربته بقى موضة زى السترتش وحلاقة كابوريا
• مشهد 3 نهار – داخلى "فلاش باك"
فى مكتبة القابع بشارع اسما فهمى امام كلية البنات جلس فرج فودة خلف اوراقه المتناثرة وفى مواجهتنا بجسمه الضخم وابتسامته الطفولية وحزنه المقيم ، بدأنا فى محاكمته، قال صديق : أنت لم تحدث ثورة جذرية فى الفكر مثل طه حسين وادونيس ، أنت مجرد مناور سياسى ... انفعل فرج فودة وقال لنا : يا جماعة العملية خطيررة والمد الاصولى بيزيد .. واحنا قاعدين نتكلم ونقول مصطلحات ونحاكم بعض ..
صافحناه مودعين .. أحسست وأنا اشد على يديه بمدى وحدته وغربته وتشاؤمه .. لا اعرف لماذا قفزت الى مخيلتى مقارنة بينه وبين فتيات الاعلانات اللاتى يستخدمن كسلع للاعلان عن سلع، فقد تعامل معه الجميع كسلعة ،حتى هيئة الكتاب تعاملت معه من هذا المنطلق عندما اعادت طبع كتبه .. والتليفزيون فتح له الباب عندما زاد الطوفان واعوزته الرجال المقنعين فاستضافه احمد سمير فى مسرحية سخيفة راعى فيها الجميع بمن فيهم فرج فودة عدم الخروح على النص .. وهكذا كان التعامل وما زال مع فرج فودة وهكذا انتهى سيناريو الاغتيال الثانى لهذا الرجل والذى افلت فيه المتهمون الحقيقيون وذلك نظراً لظروف الرقابة .

 

اجمالي القراءات 13357