القاموس القرآنى: شهد ومشتقاتها : ثالثا :( الشهادة الايمانية والكتب السماوية )

آحمد صبحي منصور في الأحد ٠٨ - نوفمبر - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

شهادة اهل الكتاب على كتبهم السماوية

1 ـ : التوراة :أنزل الله جل وعلا التوراة هدى ونورا بالاسلام دين الله جل وعلا الذى نزلت به كل الرسالات السماوية على كل أنبياء الاسلام ، وبالتوراة كان يحكم هؤلاء الأنبياء المسلمون من بنى اسرائيل بعد موسى ، وايضا الربانيون والأحبار ، وكان الحفاظ على التوراة موكولا اليهم ، وكانوا على ذلك شهودا ، ضمن شهادة أهل الكتاب على كتبهم السماوية ، يقول جل وعلا :  ( إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ  ) (44) المائدة )

2 ـ ونزل الانجيل على عيسى مصدقا للتوراة ، وقد علمه الله جل وعلا التوراة والانجيل ( المائدة 46 ، 110 ). وأوحى الله جل وعلا للحواريين بإعلان إسلامهم أيمانا بالله جل وعلا وحده وبرسوله ورسالته ، فاعلنوا شهادتهم واسلامهم : ( وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ (111) المائدة ). وتكرر هذا عندما أحسّ عيسى منهم الكفر بالانجيل فآمنت طائفة من بنى اسرائيل وكفرت طائفة ( الصف 14 ) بينما أكد الحواريون أنهم أنصار الله وأكدوا إيمانهم بالله جل وعلا وأعلنوا شهادتهم بالاسلام ، يقول جل وعلا : (  فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمْ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (52) رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (53)) آل عمران ). وطلب الحواريون آية حسية ، مائدة تنزل عليهم من السماء . وطلبوها بصيغة غير مهذبة : (إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنْ السَّمَاءِ)، . لم يقولوا مثلا : أدع لنا ربنا أن ينزل علينا مائدة من السماء، ولكن قالوا : (هل يستطيع ربك) ولم يقولوا (ربنا ) وسألوا عن ( إستطاعة ) الرحمن جل وعلا تشككا فى قدرته وهو سبحانه على كل شىء قدير، لذا رد عليهم عيسى عليه السلام :  ( قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (112)، أعادوا الطلب بأن يكونوا شاهدين على هذه الآية  التى تطمئن بها قلوبهم . ( قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنْ الشَّاهِدِينَ (113) المائدة ).هذه شهادة أخرى على معجزة حسية لعيسى عليه السلام. وكانت آخر آية حسية ، لأنه بعدها نزلت الرسالة السماوية الخاتمة بالقرآن الكريم رحمة للعالمين الى قيام الساعة.

الشهادة والقرآن الكريم

تميز القرآن الكريم بأنه آية عقلية ـ وليس حسية ، وعالمية للبشر الى قيام الساعة ، وليس آية مؤقتة لقوم بعينهم فى زمان ومكان معين ، وبأنه محفوظ من لدن الله جل وعلا ، وليس موكولا حفظه للبشر ، ثم مع أنه نزل مصدقا لما سبقه من رسالات سماوية فإنه مهيمن عليها ، أى هو المرجعية فيما توارث الناس من رسالات سماوية لحق التحريف بنصوصها . ولقد إشتهر العرب بالفصاحة فى اللسان ، وكان التميز بينهم بهذه الفصاحة . ونزل القرآن بلسان عربى مبين يجمع بين التيسير فى الفهم والعمق فى المعنى والفصاحة التى يستعصى على العرب الوصول اليها ، مع أنه ليس بالشعر ولا بالنثر ، بل أسلوب جديد وفريد . لذا إتهموه بأنه سحر ، واتهموا الرسول بأنه ساحر ، وتواصلت إتهاماتهم المتناقضة ، وأهمها إنكارهم أن يكون هذا القرآن من عند الله جل وعلا ، وأن محمدا هو الذى إفتراه . ومن هنا جاءهم التحدى ، بأن هذا القرآن لو كان من صناعة بشر فيأتوا هم بحديث مثله ، يقول جل وعلا :( أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُۥ ۚ بَل لَّا يُؤْمِنُونَ ﴿٣٣﴾فَلْيَأْتُوا۟ بِحَدِيثٍۢ مِّثْلِهِۦٓ إِن كَانُوا۟ صَـٰدِقِينَ ﴿٣٤﴾ الطور ). وعجزوا عن الاتيان بمثله مع استمرارهم فى الاتهام بأن محمدا هو الذى إفترى القرآن ، فتحداهم رب العزة أن يأتوا بعشر سور فقط مثل سور القرآن   يقول جل وعلا : ( أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَىٰهُ ۖ قُلْ فَأْتُوا۟ بِعَشْرِ سُوَرٍۢ مِّثْلِهِۦ مُفْتَرَيَـٰتٍۢ وَٱدْعُوا۟ مَنِ ٱسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ ﴿١٣﴾ ،)،  وفى حالة عدم إستجابتهم فعليهم أن ( يعلموا ) أن هذا القرآن قد نزل ب (علم الله ) ، وأن ( يؤمنوا ) لا إله إلا الله وأن يعلنوا إسلامهم لرب العزة جل وعلا ، يقول جل وعلا : (  فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا۟ لَكُمْ فَٱعْلَمُوٓا۟ أَنَّمَآ أُنزِلَ بِعِلْمِ ٱللَّهِ وَأَن لَّآ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴿١٤﴾ هود ). ولم يحدث هذا ، واستمروا فى تكذيبهم للقرآن الكريم وفى إتهامهم بأن محمدا هو الذى إفتراه ،فردّ عليهم رب العزة بإستحالة أن يفترى مخلوق هذا القرآن الذى نزل من رب العالمين مفصلا و مصدقا لما سبقه من رسالات سماوية ، يقول جل وعلا : (  وَمَا كَانَ هَـٰذَا ٱلْقُرْءَانُ أَن يُفْتَرَىٰ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلَـٰكِن تَصْدِيقَ ٱلَّذِى بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ ٱلْكِتَـٰبِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ ﴿٣٧﴾ ) ، ثم أعاد التحدى بأن يأتوا بسورة واحدة مثل سور القرآن الكريم ، وأن يستعينوا بمن يشاءون فى تأليف هذه السورة :( أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَىٰهُ ۖ قُلْ فَأْتُوا۟ بِسُورَةٍۢ مِّثْلِهِۦ وَٱدْعُوا۟ مَنِ ٱسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ ﴿٣٨﴾. والواقع أنهم كذبوا بالقرآن الذى لم يحيطوا بعلمه ، ولم يعلموا بعدُ تحقيقه لأن تحقيقه ـ او تأويله ـ سيكون يوم القيامة :( بَلْ كَذَّبُوا۟ بِمَا لَمْ يُحِيطُوا۟ بِعِلْمِهِۦ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُۥ ۚ كَذَ‌ ٰلِكَ كَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۖ فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلظَّـٰلِمِينَ ﴿٣٩﴾ يونس ) . وإستمر نفس الاتهام بأن محمدا هو الذى إفترى القرآن فاعاد الله جل وعلا نفس التحدى : أن يأتوا بسورة واحدة من شخص مثل محمد ، وجاء التحدى مشفوعا بالاتيان بشهداء على هذا التحدى . قال جل وعلا : (  وَإِنْ كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (23) البقرة ). هنا إشهاد الكافرين على القرآن آية الاهية .

شهادة مؤمنى أهل الكتاب للقرآن الكريم

1 ـ هناك مؤمنون من أهل الكتاب ، آمنوا أنه لا إله إلا الله ، وكان معهم كتبهم السماوية ، وفيها التبشير بخاتم النبيين . ( آل عمران110 ، 113 : 115 ،   199)( النساء 162 ).

ومنهم من كان يعلم مسبقا بهجرته الى يثرب ، وأقاموا فى يثرب ينتظرون قدومه ، ونشروا التنبؤ بالنبى الخاتم ، وقوى تبشيرهم الى درجة أن بعض سكان يثرب آمنوا بنبى قادم ، آمنوا به قبل قريش ، وقبل مجىء المهاجرين ، لذا وصف الله جل وعلا الأنصار بأنهم سابقون فى الايمان : (وَٱلَّذِينَ تَبَوَّءُو ٱلدَّارَ وَٱلْإِيمَـٰنَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِى صُدُورِهِمْ حَاجَةًۭ مِّمَّآ أُوتُوا۟ وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌۭ ۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِۦ فَأُو۟لَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ ﴿٩﴾ الممتحنة ).

وكان بعضهم إذا سمع القرآن الكريم بكى خشوعا وأعلن إيمانه بالقرآن ، ودعا ربه جل وعلا أن يكون من الشاهدين يوم القيامة . يقول جل وعلا عنهم :  ( وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنْ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنْ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (83) وَمَا لَنَا لا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنْ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ (84) فَأَثَابَهُمْ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (85) ) المائدة ).

وإتخذ رب العزة من إيمان أولئك العلماء من اهل الكتاب بالقرآن الكريم حُجة على كفار العرب فقال جل وعلا : ( أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ (197  ) الشعراء ). وإتخذ من ( شهادة ) أولئك العلماء بالقرآن دليلا ضد الكافرين العرب ، قال جل وعلا : ( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (10) الاحقاف ). وقال لهم رب العزة : ( قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً (108) وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً (109)  الاسراء )

2 ـ  وبعض أهل الكتاب فى المدينة كانوا يستفتحون على أهل يثرب ( المدينة ) بالنبى القادم وأنهم سيتحالفون معه ضد الكافرين من اهل يثرب . ولما هاجر النبى الى المدينة وآمن به معظم أهل المدينة كفر أولئك الناس حقدا وحسدا ، يقول جل وعلا : (وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِعَلَى الْكَافِرِينَ (89) بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بما أَنزَلَ اللَّهُ بَغْياً أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ (90)  البقرة )

3 ـ إن الله جل وعلا دعا للإيمان بكل الكتب السماوية المنزلة : ( وَقُلْ ءَامَنتُ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِن كِتَـٰبٍۢ ۖ ) ﴿١٥﴾ الشورى )( ءَامَنَ ٱلرَّسُولُ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِۦ وَٱلْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَمَلَـٰٓئِكَتِهِۦ وَكُتُبِهِۦ وَرُسُلِهِۦ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍۢ مِّن رُّسُلِهِۦ ۚ وَقَالُوا۟ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ ٱلْمَصِيرُ  ﴿٢٨٥﴾ البقرة  ). فالمؤمن بالقرآن عليه أن يؤمن بكل الكتب وكل الرسل بلا تفريق بينهم ، وكذلك المؤمن من أهل الكتاب . لذا دعا رب العزة جل وعلا أهل الكتاب أن يؤمنوا بالقرآن الذى نزل مصدقا لما معهم من رسالات سماوية ، وأنه لا ينبغى لهم الكفر به ، قال جل وعلا : (وَءَامِنُوا۟ بِمَآ أَنزَلْتُ مُصَدِّقًۭا لِّمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوٓا۟ أَوَّلَ كَافِرٍۭ بِهِۦ ۖ ) ونهاهم عن التجارة بالدين وعن تلبيس الحق بالباطل وكتمان الحق مع علمهم بالحق: ( وَلَا تَشْتَرُوا۟ بِـَٔايَـٰتِى ثَمَنًۭا قَلِيلًۭا وَإِيَّـٰىَ فَٱتَّقُونِ ﴿٤١﴾ وَلَا تَلْبِسُوا۟ ٱلْحَقَّ بِٱلْبَـٰطِلِ وَتَكْتُمُوا۟ ٱلْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ﴿٤٢﴾ البقرة ). وهذا ما إرتكبه المحمديون فيما بعد . وبهذا نفهم التركيز القرآنى على قصص أهل الكتاب وبنى إسلرائيل ، لأنهم منبع الديانات الأرضية للمحمديين . ونعود للكفرة من أهل الكتاب وقد كفروا بالقرآن ونبذوا الحق ، يقول جل وعلا : (وَلَمَّا جَآءَهُمْ رَسُولٌۭ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ مُصَدِّقٌۭ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌۭ مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُوا۟ ٱلْكِتَـٰبَ كِتَـٰبَ ٱللَّهِ وَرَآءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴿١٠١﴾ البقرة  ).

 وكان الكفرة من أهل الكتاب يكتمون الشهادة للقرآن الكريم ، أى يكتمون الشهادة بأنه الحق مع تمام علمهم بأنه الحق ، يقول جل وعلا : (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (146 ) البقرة ) ( الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (20) الانعام ). بل وكانوا يصدون الناس عن الحق القرآنى شاهدين على أنفسهم بالكفر ، قال جل وعلا : ( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجاً وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (99) آل عمران )  ( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (70) آل عمران )

الضالون بعد نزول القرآن الكريم  :

مبكرا وفى عهد النبوة كان بعضهم يؤمن ويشهد أن الرسول حق ، ثم يعود الى الكفر ، هؤلاء إستحقوا اللعن لأنهم عرفوا الايمان وشهدوا بالحق ، ثم إختاروا الكفر بعدها ، يقول جل وعلا : ( كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (86) أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (87) خَالِدِينَ فِيهَا لا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ الْعَذَابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (88) آل عمران )

ومن هذا الصنف من الناس من يخدع الناس بمظهره التقى ومعسول القول ، ويُشهد الله جل وعلا على ما فى قلبه وهو أسود القلب شديد الخصام ، يقول جل وعلا : ( وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ )(  204 البقرة )

الشهادة والبراءة من المشركين

والمؤمن يشهد بالحق معلنا براءته من أقوال المشركين ، هكذا فعل هود عليه السلام : ( قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (53) إِنْ نَقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (54) هود )

ويقولها المؤمن بالقرآن فى مواجهة من يتخذ أربابا من البشر : ( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (64) آل عمران )

ويجب أن يقال هذا الآن فى مواجهة المحمديين الذين إتخذ بعضهم بعضا أربابا من دون الله جل وعلا ، فالمحمديون هم أيضا ـ أهل كتاب ..

اجمالي القراءات 6818