الاسرائيليات أساس الأديان الأرضية للمحمديين

آحمد صبحي منصور في السبت ٣١ - أكتوبر - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

  الاسرائيليات أساس الأديان الأرضية للمحمديين

أولا : عموما فى التاريخ البشرى

1 ـ هناك دين سماوى واحد نزلت به كل الرسالات السماوية ، بألسنة مختلفة ، كل رسول بلسان قومه (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ) (4) ابراهم  )، والقرآن الكريم هو خاتمة الرسالات الالهية ونزل به الروح جبريل بلسان عربى مبين  على قلب خاتم النبيين مصدقا ومؤكدا للرسالات السماوية السابقة  : (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنْ الْمُنذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195) وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الأَوَّلِينَ (196) الشعراء ).

ونزلت كل الرسالات السماوية لكى يقوم الناس بالقسط ، أى لكى يتعاون الناس معا فى تأسيس العدل ، فإن لم يتأسّس العدل بالتفاهم السلمى فإن البديل هو الحديد ، أو السلاح ، والله جل وعلا هو الذى ( أنزل الرسالات  الالهية السلمية ) على قلوب الأنبياء ،وهو الذى أيضا ( أنزل الحديد ) من أعماق الكون وجعله قلب هذه الكوكب الأرضى ، وهى حقيقة علمية ، يقول جل وعلا  : ( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمْ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (25) الحديد ).

2 ـ ( القرية ) فى المصطلح القرآنى تعنى المجتمع أو الدولة من أرض وبشر ونظام سياسى . وفى الأغلب أن ينقسم الناس الى أغلبية مستضعفة وأقلية مترفة متحكمة مجرمة . ومن الحقائق الاجتماعية التى أشار اليها رب العزة هى أن هذه الأقلية المجرمة تصل بالمكر والدهاء الى السيطرة على ( القرية / المجتمع / الدولة )، ويتصارعون فيما بينهم أى أن يصل مكرهم الى داخلهم ، ولكنهم يقفون جبهة واحدة ضد الرسل والأنبياء ودُعاة الاصلاح والمُنادين بالعدل ، ويستكثرون أن تكون هذه الدعوة لاصلاح المجتمع تأتى من خارجهم لأنهم يتصورون أنفسهم المحتكرين للقيادة ، وهم لا يدركون أن المفسد لا يمكن أن يكون مصلحا وأن الاصلاح يعنى تهميش الفساد وسلطة المفسدين ، ومصيرهم مهما علوا وإستكبروا وطغوا الى إذلال وعذاب شديد .  يقول جل وعلا : ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (123) وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ (124) الانعام ) .

3 ـ هذه الأقلية المترفة التى تحتكر الثروة والسلطة تكره الاصلاح وتتمسك بالمتوارث وما وجدوا عليه آباءهم وأسلافهم ، وهم به مقتدون ، يقول جل وعلا : ( وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ (23) الزخرف ) . وهذا المتوارث لكى يترسخ لا بد أن يحمل شعارا دينيا ، أى لا بد أن يكون دينا أرضيا مناقضا للدين الالهى ، فإذا كان الدين الالهى بكل رسالاته السماوية يهدف لتأسيس العدل فإن الدين الأرضى يهدف الى إقرار الظلم . ولأن الصراع موجود بين المجرمين السادة المتحكمين والمستضعفين المحكومين ، ولأن الصراع على السلطة والثرة يمتد الى داخل المجرمين المتحكمين فإن الأديان الأرضية تتنوع وتتشعب ، خصوصا وهى تقوم على الهوى والمصالح المتشابكة .

4 ـ  وبالتالى فهناك دين الاهى واحد يهدف لإقامة القسط ، وهناك أديان أرضية متنوعة ومتشاكسة ولكن تتفق فى قيامها على الظلم : ظلم الناس المستضعفين ، وظلم رب الناس بنسبة هذه الأديان لرب العزة جل وعلا وهو الذى لا يريد ظلما للعالمين: ( وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعالَمِينَ (108) آل عمران )  (وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبَادِ (31) غافر ).

5 ـ ( القوة ) وإستعمال العنف يقف محورا فى التناقض بين الدين الالهى والأديان الأرضية ، وهى المشار اليها فى الآية 25 من سورة الحديد عن إنزال الكتب السماوية لإقامة القسط وإنزال الحديد . فالطُّغاة يستخدمون الحديد ( أى القوة والعنف ) فى فرض تسلطهم  على المستضعفين ، ويستخدمونه لوأد أى حركة إصلاحية لإقامة العدل سلميا ، بما يُجبر دُعاة الاصلاح الى اللجوء الى ( الحديد ) دفاعا .

6 ــ فى السابق كانت الارادة الالهية تتدخل بإهلاك عام يقضى على الطغاة المستكبرين وأتباعهم ، وينجو من هذا الاهلاك الرسول وقومه . وكان إهلاك فرعون وقومه وجنده ونظام حكمه هو الحلقة الأخيرة من الاهلاك العام للقرى الظالمة . بعدها دخلت البشرية فى مرحلة تالية ، لم ينقطع فيها الظلم ومجى طُغاة ساروا على ( دأب فرعون ) الذى أصبح لهم سلفا ومثلا : (آل عمران 11 / الانفال 52 ، 54 / الزخرف 56 /  القصص 41 ). ولكن جاء إهلاك جزئى بالحروب الأهلية ( الانعام  65 : 67 )، ومصحوبا بفرض القتال الدفاعى ( البقرة 190 ، 194 / الحج 38 : 40 / الممتحنة 8 : 9 ) لمواجهة الطغيان المسلح الظالم .

7 ـ نتذكر هنا أن الرسالات السماوية تتابعت فى بنى إسرائيل ، ولكن الطغيان إستمر ومعه الأديان الأرضية ، ووصل الأمر الى قتل الأنبياء فعاقبهم الله جل وعلا بالذل والمسكنة ، يقول جل وعلا : ( وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنْ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (61) البقرة ). وإمتد القتل لكل من يسير على هدى الأنبياء يأمر بالقسط ، وقد جعلها رب العزة قاعدة عامة فى عقاب الكافرين الذين يقتلون النبيين والمُصلحين ، يقول جل وعلا : ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنْ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (21) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (22) آل عمران ). الملاحظ هنا التعبير بالمضارع ( يكفرون / يقتلون ) مع أن قتل الأنبياء ليس فى عصرنا بل كان فى الماضى . والمراد هنا أن قتل المُصلحين هو إستمرار لما كان يحدث من قبل من قتل النبيين لأن الدين واحد وهو العدل الذى نزلت به الرسالات السماوية .

ثانيا :المحمديون والغربيون

1 ـ  ونظرة الى ما يحدث الآن تجد العجب : المحمديون الناطقون بالعربية معهم القرآن الكريم الذى حفظه رب العزة ، ومع ذلك فالطغيان متأصل فيهم ، وتتسيد فيهم الأديان الأرضية تناصر هذا الطغيان ، وهم متمسكون بما كان عليه آباؤهم وسلفهم . الغرب الذى لا يعرف القرآن ولكن بسبب تجربته المريرة مع التسلط الكنسى قرر حظر تجول الدين الأرضى فى الشارع وإعتقله بين جدران الكنيسة، وإنطلق الغرب يكتشف العالم ( فى الكشوف الجغرافية ) ويكتشف آلاء الله جل وعلا فى الخلق ، يطبق الأمر الالهى بالسير فى الأرض الواسعة وفى السير العلمى فى الأرض لينظر كيف بدأ الله الخلق والنظر فى ملكوت السماوات والأرض ، فالحياة قصيرة ولكن الأرض الكروية واسعة :( يونس 101 / يوسف 105 ، 109 /  العنكبوت 20 ، 56 : 57   ) .  

الانسان الغربى  اكتشف البخار ثم ما تتابع من بعد من مخترعات حملت الانسان ومركباته الأرضية الى القمر والمريخ وخارج المجموعة الشمسية بينما لا يزال فقهاء المحمدينن يختلفون فى النقاب والحجاب واللحية والجلباب ورضاعة الكبير وجهاد النكاح ونكاح البنت الصغيرة و( على ومعاوية ويزيد والحسين ).

2 ـ  الفارق أن الغرب وصل الى الحقائق القرآنية بالتعقل ، مع أنه لا يعرف القرآن ، أما العرب فقد أنزل الله جل وعلا القرآن وجعله باللسان العربى لعلهم يعقلون (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2) يوسف ) (إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (3) الزخرف )، ومع أنهم لا يزال معهم وبينهم فهى لا يزالون لا يتعقلون . ومع كثرة ورود الأمر بالتعقل والتفكر والتفقه والتدبر والتبصر مئات المرات فى القرآن الكريم فإن المحمديين لا يعقلون ولا يفقهون ولا يتفكرون ولا يتدبرون ولا يتبصرون . إقرأ قوله جل وعلا : (أَرَأَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً (43) أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً (44) الفرقان ) .

3 ــ ومن أروع قوله جل وعلا فيهم (وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ (198) الاعراف  ). يعنى تدعوه وتكلمه وهو كالمغمى عليه ينظر اليك ولا يراك يسمع بأذنيه ولا يصل صوتك الى قلبه الغافل الميت . كأنك تكلم ميتا تحت الرماد . كانت هذه الحالة تصيب النبى محمدا بالحزن ، لأنه يكلم أناسا كالموتى لا يسمعون ، فإعتبرهم رب العزة موتى ، وقال لرسوله  عليه السلام إنهم موتى ، وما هو إلا مجرد نذير : (وَمَا يَسْتَوِي الأَحْيَاءُ وَلا الأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ (22) ) إِنْ أَنْتَ إِلاَّ نَذِيرٌ (23) فاطر )، ونهاه عن أن يتحسر عليهم: ( أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (8) فاطر ) (فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً (6) الكهف  ).

4 ـ  الانسان بدون ( وعى ) أو تعقل يكون مجرد كائن بيولوجى لا يفترق عن الكائنات التى لا عقل ولا وعى لديها . التعقل نور يحيا به الانسان ويمشى به بين الناس ، وهناك فارق بين هذا الانسان الحىّ بعقله المستنير وبين المُعتقل فى ظلمات التراث ،ومع ذلك فهو سعيد بظلماته معتقد أنه على الهُدى ،  يقول جل وعلا فى الفرق بين هذا وذاك : (أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (122) الانعام  ).

5 ــ المحمديون غائبون عن الوعى وعن العصر . يعيشون فى ظلمات الماضى ، مع البخارى وابن حنبل وابن تيمية ، ولا يزالون يتجادلون ويتقاتلون حول ( على / معاوية ، الحسين / يزيد ) ولا يزالون عاكفين حول القبور المقدسة و( الآلهة : الأئمة والأولياء ) الموتى . هم موتى حول موتى . هل تنتظر منهم تعقلا ؟ . وطالما هم لا يعقلون فسيظل الطغيان سائدا وسيظل القسط غائبا والكهنوت متحكما ، وسيظل بأسهم بينهم شديدا ، وسيظلون يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدى الآخرين . كل هذا معهم القرآن الكريم حُجّة عليهم .

أخيرا: الاسرائيليات محور الأديان الأرضية للمحمديين :

1 ـ يقول جل وعلا : (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ (83) وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلا تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (84) ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلاء تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَتَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (85) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوْا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ الْعَذَابُ وَلا هُمْ يُنصَرُونَ (86) البقرة ). نتساءل : هذا الشأن الاسرائيلى الخاص لماذا ذكره رب العزة فى القرآن الكريم ؟ بل لماذا كل هذا الخطاب القرآنى لبنى اسرائيل ؟ ولماذا كل هذا القصص القرآنى عن بنى إسرائيل ؟ .

2 ــ إن القرآن الكريم لا مجال فيه للعبث والرغى والثرثرة ، بل هو كتاب (كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (1) هود  ) (تَنزِيلٌ مِنْ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2) كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (3) (وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42)فصلت  )( إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (13) وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ (14)  إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (13) وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ (14) الطارق ) (وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (52) الاعراف  ). بالتالى فإن كل هذا التنزيل القرآنى عن بنى إسرائيل يعنى إعجازا مستقبليا . وهذا الاعجاز القرآنى تحقق ولا يزال يتحقق فى تاريخ المحمديين وحاضرهم .

3 ــ الشائع حتى الآن أن ( الاسرائيليات ) متناثرة فيما يسمى بالتفسير والحديث . والمعروف أن الموالى غير العرب هم  رواد ( العلم الدينى ) فى تاريخ المسلمين ( وهم المسئولون عن نشأة الأديان الأرضية للمحمديين )، وأن أوائل العرب تعلموا على أيديهم وأخذوا منهم علمهم بالتوراة ، ونقلوا عنهم هذا وجعلوه أساس ما يعرف بالتفسير والحديث وقصص الأنبياء . الأخطر أن من أنشأ التشيع هو ابن سبأ اليهودى اليمنى ، والذى بدأ الفكر السّنى وجعله دينا هو كعب الأحبار اليهودى اليمنى ، الذى لحق بمعاوية وصار استاذا لأبى هريرة . أى خرج من اليمن إثنان من أحبار اليهودية فى عصر ( عمر ) ولحق أحدهما بعمر ثم ارتحل الى معاوية ، أما الآخر فلحق ب (على )، واشعل الاثنان الثورة على عثمان . وبدأ ابن سبأ مبكرا الدعوة لتأليه ( على ) فى حياة (على ) . اى ان منشىء الدينين الأرضيين التشيع والسنة من أحبار اليهود . وعانى التشيع من المطاردة السياسية فأنشا أساطين التشيع دينا أرضيا جديدا هو التصوف . ومعروف الكرخى كان مسيحيا ف( اسلم ) وتشيع ثم صار أول رائد فى دين التصوف . وحين دخل ابناء اهل الكتاب فى الاسلام أفواجا بعد قرنين دخلوه بنفس ثوابت أديانهم الأرضية ، مع تغيير فى الأسماء .

4 ــ من هنا يكون الإعجاز القرآنى فى الحديث عن بنى إسرائيل موجها فى الأساس للمحمديين ، فهم إسرائيليون بالمرجعية الدينية وبأديانهم الأرضية . وإرجع للآيات ( 83 : 86 ) من سورة البقرة ، وأعد قراءتها مع تدبر لتجدها تنطبق على أحوال المحمديين اليوم .

اجمالي القراءات 12948