انتخابات مصرية منقطعة الجماهير

كمال غبريال في الأربعاء ٢١ - أكتوبر - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

     رؤية أولية مجملة لعناصر انخفاض نسبة التصويت في الانتخابات البرلمانية المصرية مرتبة تنازلياً ‏حسب وزن كل عنصر:‏
‏1.‏    السلبية وعدم الاهتمام المعتاد للمصريين، ‏مصحوباً بحالة ارتداد إلى ما قبل روح 25 يناير ‏‏2011‏.
‏2.‏    شعور الاطمئنان لدى قطاع كبير من الجماهير بانكسار موجة هوجة 25 يناير، التي اعتبرها ‏تهديداً للاستقرار.‏
‏3.‏    اختفاء القوى القادرة والمتمرسة على حشد الجماهير، وهي الإخوان المسلمين والحزب الوطني ‏‏(حزب الدولة).‏
‏4.‏    شيوع حالة الاطمئنان لدى الجماهير السيساوية، أن البلاد بيد أمينة قادرة، ولا تحتاج لتدخل شعبي.‏
‏5.‏    شعور عام بأن رأي الشعب الآن لن يقدم ولن يؤخر، وأن البلاد تتجه لحكم ديكتاتوري.‏
‏6.‏    مقاطعة أجنحة من التيارات الدينية للانتخابات والمسيرة السياسية كلها.‏
‏7.‏    تكاد تخلو الانتخابات من اتجاهات فكرية أو شخصية معارضة.‏
‏8.‏    ندرة الشخصيات الجديرة بلفت انتباه الناس بين المرشحين.‏
‏9.‏    مقاطعة تيار ثوري وشبابي لتوجه النظام.‏
‏10.‏    تيار بالغ الضآلة يقاطع رفضاً لما يعتبره لا عقلانية سائدة في كل من القمة والقاعدة.‏
جرت العادة أن تنهال الاتهامات على المقاطعين لأي اقتراع، باعتبارهم سلبيين وناقصي وعي، رغم أن ‏بعضاً من هؤلاء قد يكونوا الأكثر وعياً وإيجابية. فالصمت قد يكون صرخة عالية في وجه الفساد ‏والنفاق والعشوائية ومحاولات الهيمنة المبتذلة.‏
فائدة الانتخابات النيابية ليست فقط اختيار نواب البرلمان، بل أيضاً التعرف على الخريطة الديموجرافية ‏للأفكار والانتماءات.‏ . اجمعوا إجمالي عدد الأصوات التي ستحصل عليها قائمة حزب النور، ولولا ‏عدم وجود قائمة لهم بالصعيد، لاستطعنا هكذا أن نتعرف على الحد الأدنى من حجم الحاضنة ‏المحتملة لداعش في مصر.
نتائج الانتخابات لم تقطع رأس التنين السلفي، بل سيهرب إلى ما تحت الأرض، لينخر في أساسات ‏الوطن. . القواعد الجماهيرية السلفية التي أحجمت عن المشاركة في التصويت أكثر استقامة وصدقاً ‏مع أنفسهم وما يعتقدون فيه، من قادتهم الذين "يلعبون بالبيضة والحجر".‏
لا يحتاج السلفيون إلى برلمان، لنشر أفكارهم وكراهيتم وداعشيتهم في المجتمع. هم يسيطرون على ‏المنابر، ويحلون محل مؤسسات الدولة في المناطق الشعبية والقرى والنجوع والمناطق البدوية. هم ‏أصلاً في صلب فكرهم لا يعترفون ببرلمان وديموقراطية وما شابه!!. . حاضنة داعش تتفشى أيها ‏السادة أصحاب الياقات البيضاء. ليس لديهم أغلبية نعم، لكن لديهم قاعدة لا يتجاهلها سوى الحمقى. ‏نعم تلقى السلفيون صفعة على وجوههم في الإسكندرية والبحيرة، لكن هذا لا يعني ألا نحسب ألف ‏حساب لأعداد من صوتوا للسلفيين وقائمتهم في قطاع غرب الدلتا. هذه الأعداد تشكل خطورة لا ‏يستهين بها إلا غافل.‏ من النتائج الأولية خرجت بانطباع أنه كلما زادت درجة التحضر قلت نسبة ‏الانتماء للسلفية. تقل لكنها لا تنعدم بالطبع.
إحجام الشباب النسبي عن التصويت لا يرجع فقط لرفض البعض المسمى ثوري منهم للمسيرة الحالية. ‏فالأمر بالأساس يرجع لطبيعة هذه المرحلة العمرية، التي تتسم بالحماس، فتستهويها المظاهرات ‏والاعتصامات، وتعزف عما تراه وسائل مملة وبطيئة، وقد تكون عديمة الجدوى كالتمثيل النيابي.
التكتلات السياسية في هذه الانتخابات لا تتنافس على أساس اختلاف أفكار، فلا أفكار من الأساس ‏لديها. التنافس هو على سبوبة الخدمة في بلاط السلطان. حتى السلفيين برؤاهم الظلامية، لا يختلفون ‏في هذا النهج.‏ أظن أن حزب المصريين الأحرار هو أبرز الأحزاب المصرية في خاصية أن برنامجه ‏السياسي وتوجهاته المعلنة في جانب، وأغلب نوعيات المرشحين باسمه في جانب آخر تماماً.
أخيراً ماذا يمكن أن نتوقع من نواب جاءوا للبرلمان في معية سامح سيف اليزل؟!!

اجمالي القراءات 9025