في مستنقع الإرهاب السوري

كمال غبريال في الخميس ٠٨ - أكتوبر - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

من عجائب الزمن أن أجدني في صف بشار الأسد وروسيا، في مواجهة العالم الغربي!!. . هي سياسة أوباما وإدارته الفاشلة، التي تتحدث عن "معارضة معتدلة"، بينما المجموعات التي تقوم بتدريبها وتسليحها، تذهب من فورها لتسليم أسلحتها لجبهة النصرة!!. . المعارضة المعتدلة موجودة فقط في الغرف المكيفة بالعواصم الأوروبية، وهي معارضة حنجورية عروبجية يسارجية، كتلك المأفونة التي لدينا في مصر، وعانينا ما عانينا من التحاقها بجماعة الإخوان المسلمين إبان "هوجة 25 يناير"، كما لو خراف أو كلاب مطيعة. ولا تجرؤ أو تفكر أي من هذه العناصر المدعية في وضع أقدامها على الأرض السورية. أما من يمسك بالأرض السورية في مواجهة الجيش السوري، فهم فقط العصابات الدينية الإرهابية، وهم من تقوم روسيا الآن باستهدافهم.
هناك بسوريا الآن تشكيلات ظلامية، بدأت على الفور في تطبيق الشريعة، ويسمونها جماعات إرهابية. وهناك تشكيلات ظلامية تنتظر لحظة التمكين لتطبق أفكارها، ويسمونها معارضة معتدلة، ويتحدثون عن حل سياسي لترث الحكم بسوريا. الحديث عن معارضة مدنية الفكر ومسلحة صار الآن محض أكذوبة.
يرتكب الغرب في سوريا نفس حماقته في تقييم الأمور بمصر، وهي اعتبار العصابات الدينية ناعمة الخطاب "معارضة معتدلة". هم عاجزون عن إدراك أن الحية الرقطاء هي ذاتها، مهما كان لون ودرجة نعومة جلدها!!
بينما تقوم قوات التحالف الغربي بتوجيه ضربات جوية عشوائية لداعش، لم نر حتى الآن أي جدوى لها، جاءت روسيا لتقوم بضربات جوية مخططة، يتبعها زحف بري لقوات الجيش السوري، ليمسك بالأرض. ما تفعله أمريكا وأخواتها تهريج، وما تقوم به روسيا جدي وفاعل.
يجوز القول أن انتشار الإرهاب في العالم تسأل عنه بالدرجة الأولى السعودية والبترودولار. لكن رواج وتفشي الأفكار الظلامية والكراهية والانكفاء على الذات، وهي المغذية للإرهاب، ترجع بالدرجة الأولى وربما الأخيرة أيضاً، لقابلية شعوب منطقة الشرق الأوسط لهذا الفكر، الذي يشكل له الهوية. ومهما قيل عن توارد الآلاف من الإرهابيين الأجانب على الأراضي السورية، فالحقيقة التي لا مهرب منها، أن هذا الإرهاب يجد لدى الشعب السوري الآن من يقوم بدور الحاضنة له على أراضيه.
نستبعد "سوء النية" في معالجة العالم الغربي لقضية الإرهاب في الشرق الأوسط. أولاً لأنه ليس لسوء النية ما يبرره، سواء في مصالح أو في قيم العالم الغربي. ثانياً لأن ما ننتقده في سياسات الغرب، هو عين ما فعله ويفعله حكامنا الوطنيون. فعله السادات مثلاً في السبعينات، وفعله بأكثر خطورة المجلس العسكري المصري بقيادة طنطاوي وعنان بعد ثورة يناير 2011، ومازال يفعله السيسي البطل القومي المصري مع السلفيين. . هو إذن ليس "سوء النية"، وإنما "قِلَّة الحيلة"، إزاء شعوب مضروبة منذ قرون بفكر الكراهية والتخلف والوحشية، وترفض بإصرار التخلي عن هويتها، والإقبال على حضارة العصر وقيمه ومعاييره. هو عجز العالم عن التوصل إلى "حل جذري للإرهاب"، فلجأ إلى ما يمكن تسميته "إدارة الإرهاب"، وذلك بمحاولة السيطرة وتقليل الخسائر، عبر التأثير في ترتيب ذات العناصر المتواجدة على الأرض، وجلها كما أسلفنا عناصر مضروبة بالتخلف والفكر البدائي الوحشي.
الحقيقة أن الباعث والمبرر الوحيد لما نتقيأه آناء الليل وأطراف النهار، من اتهامات للعالم الغربي بالسعي، لإفقار وتدمير شعوبنا ودولنا وتفتيتها، هو ما نستشعره في دخيلتنا ويجسده خطابنا، تجاه العالم الحر المتحضر من عداء وكراهية، ناتجة عن عقدة النقص واستشعار الدونية، بالإضافة إلى العداء الديني واليسارجي للحضارة الغربية وأهلها. فاليسارجية العرب والمجاهدون التكفيريون مجرد وجهين لعملة واحدة، هي محورية الكراهية والعداء للعالم الحر. هي كوميديا سوداء، أن تتقاتل مختلف الفصائل العربية مع بعضها البعض، لتعم المذابح والخراب الشامل، في حين لا تكف جميع الأطراف عن اتهام بعضها البعض بالعمالة لأمريكا وإسرائيل!!

اجمالي القراءات 9118