قصيدة تخص العرب فقط
قصيدة لهذا العصر

لطفية سعيد في الجمعة ٢٥ - سبتمبر - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

  قصيدة  عثرت عليها في صفحة  للأستاذ زهيرقوطرش وهي  للشاعر الكبير :  نزار قباني   منذ ثلاثين عاما أبدعها ،  ولكني أراها تصلح للنشر الآن .. في ظل ما نمر به من كوارس  وضحايا  يعجز عنها العد والإحصاء  ... والبطل الرئيس لكل هذه الكوارس هو الفساد،  هذا  الفيروس الذي تغلغل في كل الجسم العربي  . عندما نقراها  نشعر أنها قيلت الآن  ، فحال العرب كما هو !! وكأنه يرى ما يحدث في سوريا  من تشريد ، وما يحدث للعرب من تغريب ..  فنشعر بصدق كلماته عندما يقول : (مواطنون دونما وطن ) ، فهل تشعرون حقا أننا نملك الآن وطن  ..  بكل ما  تحمله الكلمة  من معاني الدفء والاحتواء والأمان ..  ما أصعب أن يشعر المرء في وطنه  بأنه بلا مأوى ، غريب بين أهله ،  بل هو مطارد ليس على خرائط البلاد وحسب  ، بل في كل زمن  هو مطارد ، مسافر مروع ، لأنه لا يحمل أي أوراق ، :(مطاردون كالعصافير على خرائط الزمن 

مسافرون دون أوراق ..وموتى دونما كفن) 
) حتى لو مات كمن يهاجر هجرة عشوائية على قوارب ... يموت دون كفن،  ولا اسم ولا أهل ولا وطن .. فلنبق مع القصيدة ونترحم على ضحايا العرب  في كل مكان ، على أرض العرب،   سواء أكانوا تحت رافعة ،  ام تحت جدار  هار قد انهار بفعل الفساد بهم ، أم  في البحر  أم في الجو .. كلهم ضحايا الفساد وانعدام المسئولية  ...  فرحم الله العرب فهم الآن في عداد الأموات :      
قصيدة نزار قباني التي تم التعتيم عليه:ا.
مواطنون دونما وطن 
مطاردون كالعصافير على خرائط الزمن 
مسافرون دون أوراق ..وموتى دونما كفن 
نحن بغايا العصر 
كل حاكم يبيعنا ويقبض الثمن 
نحن جوارى القصر 
يرسلوننا من حجرة لحجرة 
من قبضة لقبضة 
من مالك لمالك 
ومن وثن إلى وثن 
نركض كالكلاب كل ليلة 
من عدن لطنجة 
ومن طنجة الى عدن 
نبحث عن قبيلة تقبلنا 
نبحث عن ستارة تسترنا 
وعن سكن....... 
وحولنا أولادنا 
احدودبت ظهورهم وشاخوا 
وهم يفتشون في المعاجم القديمة 
عن جنة نظيرة 
عن كذبة كبيرة ... كبيرة 
تدعى الوطن 
*************** 
 
مواطنون نحن فى مدائن البكاء 
قهوتنا مصنوعة من دم كربلاء 
حنطتنا معجونة بلحم كربلاء 
طعامنا ..شرابنا 
عاداتنا ..راياتنا 
زهورنا ..قبورنا 
جلودنا مختومة بختم كربلاء 
لا أحد يعرفنا فى هذه الصحراء 
لا نخلة.. ولا ناقة 
لا وتد ..ولا حجر 
لا هند ..لا عفراء 
أوراقنا مريبة 
أفكارنا غريبة 
أسماؤنا لا تشبه الأسماء 
فلا الذين يشربون النفط يعرفوننا 
ولا الذين يشربون الدمع والشقاء 
**** 
معتقلون داخل النص الذى يكتبه حكامنا 
معتقلون داخل الدين كما فسره إمامنا 
معتقلون داخل الحزن ..وأحلى ما بنا أحزاننا 
مراقبون نحن فى المقهى ..وفى البيت 
وفى أرحام! أمهاتنا 
حيث تلفتنا وجدنا المخبر السرى فى انتظارنا 
يشرب من قهوتنا 
ينام فى فراشنا 
يعبث فى بريدنا 
ينكش فى أوراقنا 
يدخل فى أنوفنا 
يخرج من سعالنا 
لساننا ..مقطوع 
ورأسنا ..مقطوع 
وخبزنا مبلل بالخوف والدموع 
إذا تظلمنا إلى حامى الحمى 
قيل لنا : ممنـــوع 
وإذا تضرعنا إلى رب السما بقلب صافِ 
قالت شيوخنا : ممنوع 
وإن هتفنا ..يا رسول الله كن فى عوننا 
يعطوننا تأشيرة خروج من غير ما رجوع 
وإن طلبنا قلماً لنكتب القصيدة الأخيرة 
أو نكتب الوصية الأخيرة 
قبيل أن نموت شنقاً 
غيروا الموضوع 
****************************** 
 
يا وطنى المصلوب فوق حائط الكراهية 
يا كرة النار التى تسير نحو الهاوية 
لا أحد من مضر ..أو من بنى ثقيف 
أعطى لهذا الوطن الغارق بالنزيف 
زجاجة من دمه 
أو بوله الشريف 
لا أحد على امتداد هذه العباءة المرقعة 
أهداك يوماً معطفاً أو قبعة 
يا وطنى المكسور مثل عشبة الخريف 
مقتلعون نحن كالأشجار من مكاننا 
مهجرون من أمانينا وذكرياتنا 
عيوننا تخاف من أصواتنا 
حكامنا وشيوخنا أصبحوا آلهة يجرى الدم الأزرق فى عروقهم 
ونحن نسل الجارية 
لا سادة الحجاز يعرفوننا ..ولا رعاع البادية 
ولا أبو الطيب يستضيفنا ..ولا أبو العتاهية 
إذا مضى طاغية 
سلمنا لطاغية 
************************* 
 
مهاجرون نحن من مرافئ التعب 
لا أحد يريدنا 
من بحر الشام إلى بحر العرب 
لا الفاطميون ..ولا القرامطة 
ولا المماليك …ولا البرامكة 
ولا الشياطين ..ولا الملائكة 
لا أحد يريدنا 
لا أحد يقرؤنا 
فى مدن الملح التى تذبح فى العام ملايين الكتب 
لا أحد يقرؤنا 
فى مدن صارت بها مباحث الدولة وشيخنا عرّاب الأدب 
****************** 
مسافرون نحن فى سفينة الأحزان 
قائدنا مرتزق 
وشيخنا قرصان 
مكومون داخل الأقفاص كالجرذان 
لا مرفأ يقبلنا 
لا حانة تقبلنا 
كل الجوازات التى نحملها 
أصدرها الشيطان 
كل الكتابات التى نكتبها 
لا تعجب السلطان 
***************** 
مسافرون خارج الزمان والمكان 
مسافرون ضيعوا نقودهم ..وضيعوا ! متاعهم 
ضيعوا أبناءهم ..وضيعوا أسماءهم..وضيعوا إنتماءهم.. 
وضيعوا الإحساس بالأمان 
فلا بنو هاشم يعرفوننا ..ولا بنو قحطان 
ولا بنو ربيعة ..ولا بنو شيبان 
ولا بنو 'لينين' يعرفوننا ..ولا بنو 'ريجان' 
يا وطنى ..كل العصافير لها منازل 
إلا العصافير التى تحترف الحرية 
فهى تموت خارج الأوطان وتقتلها شيوخ الإنسان 
اجمالي القراءات 12178