هذا الغرب المسلم .!!

آحمد صبحي منصور في السبت ١٩ - سبتمبر - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

قال : هل يجوز فى الاسلام طرد الآمنين من بيوتهم وتشريدهم من أوطانهم ؟

 قلت : من يفعل هذا فهو كافر مشرك بسلوكه الاجرامى هذا ، خصوصا إذا تمسّح بدين الله جل وعلا  . إن من سمات المشركين الكافرين المعتدين إخراج الآمنين من بيوتهم بالاكراه والعنف والقتل . وهذا ما كان يفعله الكفار المعتدون مع النبى محمد وأتباعه المستضعفين فى مكة . أرغمهم كفار قريش على الهجرة مرتين الى الحبشة حيث إستضافهم حاكمها المسيحى النجاشى ، ثم أرغموهم فى المرة الثالثة على ترك وطنهم والهجرة الى المدينة ، ثم تابعوا المؤمنين بالهجوم عليهم فى المدينة وقت ضعف المؤمنين والأمر الالهى لهم بكف قتل الابرياء اليد عن القتال الدفاعى ، ثم نزل لهم الإذن بالقتال الدفاعى ضد الهجوم عليهم فى قوله جل وعلا : (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الحج  )

قال : هل تقصد أن الوهابيين كُفّار ؟

قلت : هم يرتكبون نفس أفعال الكفار التى ذكرها رب العزة فى القرآن الكريم ، لم يقل لقب وإسم من فعل ذلك ، وإنما وصفهم بالذين كفروا لينطبق وصف الكفر على كل من يفعل ذلك .  وبالتالى نحن نحكم على الأفعال التى يراها العالم كله شاهدا عليها . قتل الابرياء بالتمسح بدين الله جل وعلا كفر .  طرد الآمنين من بيوتهم لمجرد الاختلاف الدينى أو المذهبى كفر . الإكراه فى الدينى والاضطهاد الجينى وقتل المخالف فى الدين كفر . كله ينتمى الى الكفر السلوكى ، وهو أيضا يعبر عن الكفر القلبى . ولكن لا شأن لنا بما فى القلب. الذى يهمنا هو السلوك الاجرامى الذى يقتل وينهب ويدمر ويزعم أن هذا هو الاسلام والجهاد الاسلامى . هذا أفظع أنواع الكفر لأنه يسىء لرب العزة ويشوه دينه كما يظلم الأبرياء .  

قال : ولكن هناك معتدلين من الوهابيين لا يفعلون ذلك مثل السلفيين والاخوان المسلمين

قلت : هو مجرد نفاق . حين يقترب أولئك المعتدلون من السلطة تظهر أنيابهم ومخالبهم .

قال : هل لديك دليل ؟

قلت : لقد إعتقلوا أهل القرآن عام 2000 لأنهم يصلون فى بيوتهم ، وقاموا باعتقال أقاربى فى قريتى عام 1999 لمنعى من الذهاب الى بيتى فى تلك القرية . أى أخرجونى من بيتى الذى كنت أسافر اليه شهريا لأصلى الجمعة بأهلى فى القرية . كان هذا فى عصر مبارك الذى كان يضطهدنا بسبب تحالفه مع السعودية والسلفيين فى مصر . وبعد الثورة على مبارك وحين علا  من جديد نفوذ شيوخ السلفية الوهابية فى مصر ــ أعلن بعضهم أن من يرفض شريعتهم فليرحل. وأحد السلفيين من الصحفيين تزعم طرد البهائيين المصريين من بلادهم.  ولو وصل السلفيون الى التحكم الكامل فى مصر لطردوا كل من يخالفهم . ولا ننسى أنه بعد عدة أشهر من حكم الاخوان ( المعتدلين ) أن أتباعهم قتلوا الشيخ الشيعى حس شحاته وهو يرجوهم الابقاء على حياته و يرفع صوته بالشهادتين ، قتلوه واثنين من أصدقائه علنا وجروا جثته فى الطريق سحلا وهم يهتفون ( الله أكبر ) .!

قال : ولكن هذا لم يحدث  للشيعة فى السعودية موطن الوهابية

قلت : لأنهم لا يستطيعون قتل ملايين السكان الشيعة . ولكن يكفى الحظر السياسى عليهم . ويكفى أيضا أنه محظور فى السعودية إنشاء كنيسة ، أو السماح بأى طقوس تعبدية داخل البيوت لغير المسلمين . وفى مصر هناك إجراءات معقدة لاصلاح دورة مياه فى كنيسة ، وبعد هذا فالوهابيون والرعاع على إستعداد لحرقها . بينما يُتاح لأى مسلم فى الغرب أن يشترى كنيسة ويحولها الى مسجد .

قال : فارق هائل فعلا بين السعودية والغرب .

قلت :  الفضيحة هى ما يحدث الآن على مرأى من العالم كله . مئات الألوف من العائلات  السورية هربت من الموت قتلا والموت جوعا ، وهم مشردون ، بعضهم يغرق فى البحر نساءا وأطفالا ، ومن ينجو من الغرق يتسول الدخول الى هذا البلد الأوربى أو ذاك ، وهم تحت المطاردة . هوان كامل أمام أعين العالم ، والمتسببون فى هذا ( النظام السورى والنظام السعودى وداعش والنُّصرة ) لا يشعرون بالخجل ، بل إن النظام السعودى يسعى لفعل نفس الشىء مع الشعب اليمنى .. ثم يرفع راية الاسلام ..!!

قال :  ولكن بعض دول أوربا كالمجر تلفظهم ، وبعضها يخشى من وجودهم .

قلت : الأولى بإستضافتهم وإنقاذهم والاحسان اليهم هى دول الخليج الوهابية ، ولكن هل تطلب من القاتل أن يرحم ابن القتيل ؟ لو إستطاع القاتل لقتل كل ذرية القتيل ليعيش آمنا من الانتقام .

قال : أتفق معك فى هذا ، ولكن المفترض فى أوربا أن تكون أكثر رفقا بهؤلاء المساكين ضحايا الوهابية

قلت : هؤلاء المساكين هم ضحايا الوهابية مرتين ، مرة لأنهم تشردوا من بلادهم بسببها ، والمرة الأخرى لأن لعنة الوهابية تلاحقهم وهم حتى فى تشردهم .

قال : كيف

قلت : أوربا تريد العون .

قال : ولماذا لا تفعل ؟

قلت : اوربا ترتعش من داعش. داعش تشنُّ حربا على الغرب ولا تتردد فى أى فرصة لقطع رأس أى فرد غربى أو أى فرصة لتفجير شارع أو وسيلة مواصلات فى الغرب .. من المؤكد أن هناك آلاف الدواعش تسللوا بين هؤلاء المشردين للقيام بأعمال تخريبية ، ولمنع الأوربيين من مساعدة الهاربين خوفا من تسلل الدواعش بينهم . لذا فأوربا محتارة بين إحساسها الانسانى وبين خوفها من تسلل داعش الى بلادها . والنظم الأوربية مسئولة عن حماية مواطنيهم .

قال : وهل هو نفس الحال مع أمريكا ؟

قلت : نعم . وهذا انا شاهد عليه بنفسى . قبل 11 سبتمبر كانت أبواب أمريكا مفتوحة ، واستغلها الوهابيون السعوديون وغير السعوديين  فى القدوم والهجرة والاقامة فى أمريكا بل والسيطرة على الجالية المسلمة الأمريكية وتأسيس المراكز ( الاسلامية ) والسيطرة على اقسام الدراسات الاسلامية فى الجامعات الأمريكية . وعدا الوهابيين كان هناك الملايين من العرب والمصريين الذين يأتون للعمل وهم يحملون تأشيرة سياحية ، ويظلون يعملون ويكسبون بالمخالفة للقانون الأمريكى ، ويرجعون لبلادهم فى زيارة ويجددون التأشيرة بلا مشاكل . وأعرف من عاش فى أمريكا اكثر من عشرين عاما بتأشيرة سياحية يظل بها سنوات فى إقامة غير شرعية ، ثم يزور أولاده ويعود بتأشيرة جديدة . كوفئت أمريكا على هذا الكرم بهجوم 11 سبتمبر . وأتذكر أن قائد الهجوم ( محمد عطا ) كان قد قدم أوراقه للحصول على الاقامة ( الكارت الأخضر ) ، وبعد  مقتله وبعد جريمته فى 11 سبتمبر بعدة أشهر صدر القرار باعطائه الاقامة ، هكذا بمنتهى السذاجة . وقد تندر الرئيس بوش على هذا، ولهذا أنشئت وزارة الأمن الداخلى ، وتم إلحاق مصلحة الهجرة بها ، وجرى التشدد فى التأشيرات ، ومعاناة التفتيش للجميع . وهى لعنة ابن لادن لعنه الله جل وعلا . لولا الوهابية وخطرها الفعلى والقائم على الغرب ما كانت هذه المعاناة سواء لضحايا الوهابية من الهاربين السوريين أو من المسلمين العاديين الذين يُنظر اليهم بالشك والارتياب . لا لوم على الغرب .. اللوم على السعودية ووهابيتها .

قال : من أسف أن الدول الغربية ليست دولا إسلامية .

قلت : الدولة الاسلامية هى أى دولة تطبق العدل للجميع وتضمن حرية الدين المطلقة لكلفرد فيها مواطنا أو ضيفا عابر سبيل ، وتضمن ممارسة الديمقراطية والتكافل الاجتماعى للمواطنين وكرامة الانسان وحقوقه ، وتجعل مهمتها ليس هداية الفرد وإدخاله الجنة ، لأن الهداية مسئولية شخصية ومن اهتدى فلنفسه ومن ضل فعليها . الدولة الاسلامية هدفها خدمة المواطنين الذين يملكونها .

قال : أنت بذلك تجعل دول الغرب دولا إسلامية .!

قلت : هى فعلا دول اسلامية بالمفهوم القرآنى وطبقا للشريعة الاسلامية الحقيقية والقيم الاسلامية العليا فى الحرية والعدل وكرامة الانسان وحقوقه .  .

قال : وماذا عن دول العالم الاسلامى ؟

قلت : تقف معظمها على النقيض ، خصوصا الدول الدينية التى ترفع شعارات الاسلام مثل النظام السعودى الوهابى .

قال : ولكن هذه الدول الغربية تعلن تمسكها بشريعة المواثيق الدولية لحقوق الانسان وتعادى الشريعة الاسلامية

قلت : باعتبارى مفكرا اسلاميا أشهد بأن المواثيق الدولية لحقوق الانسان هى أقرب كتابة بشرية للشريعة الاسلامية القرآنية ، وأشهد بأن ما يسمونه فى بلاد المحمديين بالشريعة الاسلامية هى عداء كامل للاسلام ولرب العزة جل وعلا ورسوله الكريم . هى شريعة متخلفة تنتمى للعصور الوسطى بكل عوارها وتعصبها وتزمتها وتخلفها .

قال: ولكن الدول الغربية تعلن  كراهيتها للاسلام وتحاربه علنا

قلت : هى تحارب عدوا معتديا يتمسح بالاسلام ، وأصبح يُطلق عليه تسميه ( الاسلام السياسى )، وهى تعرف أنه ليس كل المسلمين ينتمون الى هذا ( الاسلام السياسى ) ، وأنه منتشر فقط فى البلاد العربية وباكستان وافغانستان ، بينما أكبر كتلة سكانية فى جنوب شرق آسيا والهند ومسلمو شرق ووسط أوربا ضد هذا ( الاسلام السياسى ) . الوهابيون ليسوا أغلبية بل اقلية ، ولكنها الأعلى صوتا ويرفعون صوتهم بأنهم وحدهم الاسلاميون ، لذا أصبح معتادا تسميتهم بالاسلاميين والحركات الاسلامية.

قال : إذن من الضرورى توضيح براءة الاسلام من هذه الوهابية

قلت : نحن أهل القرآن نجاهد لنؤكد الفاصل الحديدى الصلد بين الاسلام ممثلا فى القرآن الكريم فقط وبين المسلمين كبشر لهم تاريخهم وحضارتهم وتراثهم وأديانهم الأرضية التى تتناقض مع الاسلام ، كما نجاهد فى نفس الوقت للتأكيد على ان الدين الأرضى الوهابى الحنبلى السُّنى هو محور الشرور فى هذا العالم .

قال : وهل نجحتم ؟

قلت : بدأت دعوتنا تثمر حتى فى أمريكا ، فهناك إعتراف بما يسمى ( الاسلام المعتدل ) الذى يتصدى بشجاعة للوهابية من داخل الاسلام مثبتا تناقضها وعداءها للاسلام .

قال : ما هو الدليل ؟

قلت : أنا فى حد ذاتى أكبر دليل . أنا مفكر مسلم مخلص لدينى أعتزّ به ، وأدعو الى إصلاح المسلمين سلميا من داخل الاسلام ، محتكما الى القرآن الكريم . وسمع الغرب والعالم بالاضطهاد الذى أتعرض له أنا وأسرتى وأهل القرآن فى مصر . وجئت لأمريكا أحمل هذا التاريخ وأواصل نفس الجهاد  فعرف العقلاء فى أمريكا أنه ليس كل المسلمين مؤمنين بدين ابن لادن ، بل منهم من يتصدى له ، ويتعرض للإضطهاد والسجن وفتاوى القتل بسبب جهاده الاصلاحى.

قال : وما هو موقف الهيئات الأمريكية المتخصصة من دعوتك ؟

قلت : أنا فى أمريكا قليل الحيلة فى بلد لا بد أن تكون فيه ثريا أو منضما الى لوبى يؤيدك . أنا مفكر مسلم فقير ، ونفس الحال مع المفكرين القرآنيين داخل وخارج أمريكا ، ولكى تكون مفكرا اسلاميا مستقلا يعنى أنه لا وقت لديك لتصنع مالا ، وأخلاقك لا تسمح لك أن تبيع نفسك وفكرك لتكتب ما لا تؤمن به . وبالتالى فأنت تحارب فى جبهتين معا : أن تناضل مفكرا اسلاميا مصلحا مستقلا ، وأن تناضل أيضا فى سبيل المعيشة والرزق . وهذا وضع عسير خصوصا فى أمريكا .

قال : ولكن هناك مراكز اسلامية ومساجد اسلامية تأتيها التبرعات بالملايين ويعيش اصحابها ميليونيرات .

قلت : معظمها وهابية تنشر الوهابية على انها الاسلام ، وتستفيد من الحرية الأمريكية بنفس إستفادتها من الممولين الوهابيين فى دول الخليج والسعودية ، وهى تناصبنا العداء.

قال : وماذا عن المراكز والمساجد الشيعية فى امريكا وخارجها ؟ المفروض أن يتحالفوا معكم ضد الوهابية العدو المشترك

قلت : هذا هو المفروض خصوصا ونحن ندافع عن الشيعة ضحايا الارهاب الحنبلى ، وندعو الى تحرير البيت الحرام والحجاز من احتلال الأسرة السعودية . وكم دعوناهم للتعاون ولكن دون جدوى .

قال : لماذا ؟

قلت : لأننى لست شيعيا ، ولأننى أكتب ضد تقديس البشر والحجر .

قال : ولكن هذا موقف سياسى وليس موقفا عقيديا ، أقصد انك مصلح دينى اسلامى تدعو المسلمين أو ما تسميهم بالمحمديين الى إخلاص دينهم لله جل وعلا ، وفى نفس الوقت لا تفرض رأيك على أحد ، وتحترم حرية كل شخص فى إختيار دينه وعقيدته . أى لا يجب الخلط بين الموقف الدينى والموقف السياسى .فالمنفعة هى أولى الأبجديات السياسة . ومنفعتكما ـ اهل القرآن والشيعة ـ مشتركة ضد العدو المشترك وهو السعودية والوهابية .

قلت : أتمنى أن يفهوا هذا .

قال : وهل فهم الأمريكيون هذا ؟

قلت : هم يقصدوننى عندما يريدون . ولهذا دُعيت للحديث فى جلسة اجتماع فى الكونجرس لتوضيح تناقض الوهابية مع الاسلام ، ودعيت قبلها الى محكمة فيدرالية فى ولاية ايداهو كشاهد خبير لتوضيح هذا التناقض بين الاسلام والوهابية ، هذا عدا عملى باحثا فى مؤسسات أمريكية بترشيح من أمريكيين نبلاء ، ولهذا عملت فى : ( الوقفية الأمريكية للديمقراطية وبحث : ديمقراطية الاسلام وطغيان الحكام السلمين  / جامعة هارفارد وبحث : إصلاح المدارس الاسلامية فى امريكا لتتوافق مع حقوق الانسان والثقافة الأمريكية   / المفوضية الأمريكية للحرية الدينية وبحث :   الحرية الدينية بين الاسلام و( الوهابية ) / مركز وودرو ويلسن وبحث : قواعد الحرب الفكرية ( الاسلامية ) ضد الارهابيين . ). بهذا وصل العلم بجهادنا الى اعلى مستوى فى أمريكا .

قال : وما الذى يمنع من الاستفادة بكم كما ينبغى

قلت : ربما يكون السبب هم المستشارون ( المسلمون ) فى مواقع التاثير فى دوائر صُنع القرار الأمريكى . معظمهم موظفون من أصول غير عربية ( هنود وباكستانيون ) ومنهم عرب ، ولكنهم جميعا سنيون تقليديون محافظون متمسكون بالثوابت السنية، ولهذا يقفون حاجزا صلدا أمامنا .  

 قال : هل لديك أمل

قلت : أنا أكتب إذن لدى أمل .. 

اجمالي القراءات 8996