مدير الأصنام فى فسطاط الكفر

خالد منتصر في الثلاثاء ٢٥ - أغسطس - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

ذبحوه وعلقوه بالمقلوب على عمود ووضعوا رأسه بجانب لافتة مكتوب عليها «مدير الأصنام»!!، إنه الشهيد خالد الأسعد، خبير آثار تدمر، الحاصل على وسام الاستحقاق من رئيس فرنسا، لم ترحمه شيخوخته ولم تغفر له سنوات عمره التى تجاوزت الثمانين فى العفو عنه والرحمة به والرأفة بوهنه وشيبته، إنهم همج، تتار العصر، هكسوس هذا الزمان، لذلك هم أعداء الفن، أعداء الحضارة، أعداء الحياة، لفتت نظرى عبارة «مدير الأصنام» المكتوبة بجانب جثة خالد الأسعد، إنه نفس قاموس بن لادن عندما قسم العالم لفسطاط الإيمان وفسطاط الكفر، إنها نفس الأبجدية التكفيرية التى تستدعى مصطلحات الماضى حتى تخلق نفسية متكلسة ووجداناً قاسياً وشخصاً محنطاً وقطيعاً مغيباً فى عالم أسطورى يستدعيه كلما انهزم على المستوى المادى والنفسى، هذا القاموس يساعد فى ترسيخ وإرساء هذا الجيتو السلفى الماضوى الذى لا يعترف بما هو خارج سور الكومباوند الذهنى المتخلف الذى يعيشه، اللغة دلالات ورموز وشفرات، واستخدامها ليس عشوائياً أو يمكن المرور عليه مرور الكرام، استخدام هذه الألفاظ المحنطة المتحفية وخروجها من الصفحات الصفراء المتآكلة إلى دنيا اللاب توب والآى فون- هو سلوك مقصود ويساهم بشكل أساسى وفعال فى نجاح هذه التنظيمات، وهم بالفعل شطار فى تلك اللعبة اللغوية.

الخطير أننا، ونحن المفروض أننا نحارب الإرهاب، نستجيب لهم ونطرح تلك المصطلحات بنفس مفاهيمهم فى دولتنا التى من المفروض أنها دولة مدنية، ففى الدولة الحديثة وتحت ظل القوانين الدولية لا يصح أن تطلق على الغزو لدولة أخرى جهاداً!!، وفى الدولة المدنية لا يصح أن نستدعى مصطلحاً مثل الذمى لنطلقه على المسيحى شقيقنا فى الوطن فهو مواطن مصرى أولاً وأخيراً، واستدعاء لفظ جزية مرفوض فى الدولة المدنية وترديده يخلق مناخاً عنصرياً فاشياً، كما تخلق ألفاظ مثل الولاء والبراء ضغائن ومعارك وإقصاءات لا يصح ولا يجب، ومن المخجل والمحزن أن تستخدم لتجاوز كفاءة ظلماً وعدواناً لأنه لا يستحق أن يولى!! الإلحاح فى استخدام مصطلح إعلامياً يخلق ألفة بينى وبين المصطلح أو اللفظ أو العبارة فأقبله وأشجعه ثم أنادى به وأقاتل فى سبيله!! لذلك أنا أشجع نشر وترديد وتكرار اللفظ الذى نحته د. رفعت السعيد وهو التأسلم لأنه يشير إلى حقيقة أتباع ما يسمى تيار الإسلام السياسى التى هى بالفعل كوكتيل خليط من الزيف والكذب والتنطع وتمثيل التدين والتجارة به والسمسرة فيه، وأيضاً أتمنى أن يفرض بالتكرار والإلحاح مصطلح الحرفيين بدلاً من السلفيين، فهم أتباع الشكلية الطقوسية التى تلتزم بالحرف وتعطل التفكير وتمنع التأويل وترفض المرونة ومواءمة المصالح الاجتماعية.

وتظل سجينة التفسير الحرفى النصى، هم ليسوا أتباع السلف على الإطلاق، فالسلف كان منهم المجدد والمتمرد ومن يستخدم التأويل ومن لديه رحابة العقل ونضج الحس ومرونة واتساع الرؤية؛ بحيث يقول إن هذا النص غير مناسب للظروف الحالية كما فعل عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، فى مواقف كثيرة، فلماذا يكون سلفى هو ابن حنبل ولا يكون واصل بن عطاء مثلاً؟! للأسف نحن نخطئ ونقع فى الفخ بحسن نية وأحياناً متعمدين ونصبح وجهاً آخر للمتطرفين بتنفيذ أجندتهم اللغوية واستخدام قاموسهم بنفس معانيه ودلالاته ثم نقول فى النهاية: نحن نريد دولة مدنية. إنهم يستخدمونكم لمصالحهم الإرهابية باللغة واللفظ والعبارة، فهيا نحاول ألا نعيش فى جلباب لغتهم التابوتية المتحجرة ونخلق لغتنا الخاصة، فاللغة هى وعاء الفكر، وهناك وعاء من الصفيح الصدئ وهناك أيضاً وعاء من الكريستال البوهيمى وعليك أن تختار.

اجمالي القراءات 9931