أهل القرآن : البداية والتطور

آحمد صبحي منصور في السبت ٢٢ - أغسطس - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

1 ـ القرآنيون أتجاه فكرى وليسوا فرقة أو مذهبا أو جماعة . ولانهم إتجاه فكرى فهم مستويات مختلفة . ولقد مررت نفسى بهذه المستويات الفكرية كباحث ينشد المعرفة والهداية الاسلامية من القرآن ، وهو أزهرى صميم تعلم المعارف الأزهرية التقليدية وتشربها منذ صغره على أنها الاسلام ، ثم بدأ بالبحث يكتشف شيئا فشيئا تعارضها مع القرآن . وهنا نذكر قول الامام محمد عبده فى نهاية عمره أنه ظل ينظف عقله من ( وساخات الأزهر ) ولا يزال . هو نفس الحال معى . ظللت ـ ولا أزال ـ أنظف عقلى من ( وساخات الأزهر ) والأزهر هو مستودع الفكر التراثى والمدافع عنه بكل ضراوة ، ولهذا أرهق شيوخ الأزهر الامام محمد عبده ، وهو فى قمة تألقه ونفوذه حتى إنه مات 1905 وهو يلعنهم ، وكان هذا فى عصر التنوير واليبرالية المصرية فى مصر حيث لم يكن وقتها أى تأثير للوهابية فى مصر ، ولا وجود للدولة السعودية وبترولها ، فماذا عن شاب مثلى كان مجرد مدرس مساعد وحمل على عاتقه وقتها مواجهة شيوخ جامعة الأزهر الذين من المفروض أن ينحنى أمامهم يقبّل أيديهم كما يفعل أقرانه ؟ .

2 ــ لقد بدأت نضالى الفكرى الاصلاحى شابا فى وقت عنفوان التصوف فى الأزهر . وبعد أن فضحته برسالة الددكتوراه ، قمت بمواجهة الفكر السنى فكانت المواجهة التالية للوهابية والتى لا تزال مشتعلة حتى الآن .

3 ــ فى المواجهة ضد التصوف كنت سُنيا معتدلا يؤمن بالكتاب ( القرآن ) والسنة معا ، ومعتقدا بوجود أحاديث صحيحة ، وأحمل الكثير من التقدير ـ وليس التقديس ـ لكبار الصحابة خصوصا الخلفاء الراشدين ، وما قاموا به من فتوحات ، وكنت أعتبرها إسلامية ، وكنت لا أقدس بشرا حتى النبى محمد ، ولكن لا أرى باسا من كون الشهادة فى الاسلام ( لا إله إلا الله محمد رسول الله ) . وحملت مؤلفاتى الأولى هذه الملامح الفكرية لباحث ( سُنى معتدل ) يحاول اصلاح الصوفية كما يحاول إصلاح السنيين من داخل السّنة بمواجهة الأحاديث الباطلة بالقرآن وبالأحاديث الصحيحة .

تجلى هذا فى رسالتى للدكتوراة ، وفيها إنتقدت البخارى ــ وهو الإله الأكبر للسنيين ـ وأثبت أن حديثه ( من عادى لى وليا آذنته بالحرب ) هو حديث كاذب يخالف الاسلام ويتفق مع عقائد التصوف المناقضة للإسلام ، وعقدت فى نفس الرسالة فصلا عن أثر التصوف فى صناعة أحاديث كاذبة فى العصر المملوكى . وعندما نشرت  الجزء المحذوف من رسالة الدكتوراة حذفت منها كل ما كتبته سابقا وكان معبرا عن تأثرى وقتها بالموروث الأزهرى السّنى . وفى أول كتاب صدر لى عام  1982 ( السيد البدوى بين الحقيقة والخرافة ) قلت فى الخاتمة بضرورة الاصلاح بعرض الفكر الصوفى على القرآن والأحاديث الصحيحة ، وإستشهدت فى الكتاب بحديث إعتبرته صحيحا . وقد أعدت نشر الكتاب على موقعنا خاليا من هذه الخاتمة ، ونبهت على السبب .

ويلاحظ أن محكمة التفتيش التى عقدوها لى فى الأزهر لم يكن ضمن الاتهامات فيها إنكار السنة أولا  فى السنة الأولى 1985 ، بل كانت إتهامى بإنكار العصمة المطلقة للنبى و إنكار الشفاعة وإنكار تفضيله على الأنبياء . طبقا لقراءتهم لكتابى ( الأنبياء فى القرآن الكيم : دراسة تحليلية ) ثم أضافوا فى العام التالى 1986 أتهاما جديدا هو ( التهوين من الاعتماد على السنة ) من قراءتهم لكتابى ( تاريخ الحياة الفكرية فى الحضارة الاسلامية )

ثم وصلت الى الايمان بالقرآن وكفى وأنه لا حديث يؤمن به المؤمن سوى القرآن فقط ، وبدأ هذا عام 1990 بكتاب القرآن وكفى ، وما تلاه من أبحاث . ثم إنتهيت الى إكتشاف تناقض الفتوحات ( العربية  ) مع شريعة الاسلام وانها هى التى نشرت الكفر بالاسلام ، والتى اسست الأديان الأرضية للمسلمين من سنة وتشيع وتصوف ، وارتبط هذا بنشرى مصطلحات جديدة عن ( الأديان الأرضية ) و ( صحابة الفتوحات ) و ( المحمديون ) ونشر معانى الاسلام والايمان والكفر والشرك ، وأبحاث متعمقة عن الصحابة و تشريعات الجهاد فى الاسلام وتناقضها مع الجهاد السّنى الذى أرسته الفتوحات ( العربية ) . وفى النهاية الاكتفاء بأن شهادة الاسلام واحدة ( لا إله إلا الله ) . وتحوى كتاباتى هذا المحتوى  فى موقعنا ، وأيضا ما دار حولها من نقاش .

 المحصلة أننى بدأت باحثا يريد التعرف على التصوف فانتهى الى إثبات تناقضه مع الاسلام ، ثم بدأ يبحث السّنة فانتهى الى تناقضها مع الاسلام ، وبين هذا وذاك تأكد له تناقض التشيع مع الاسلام ، وأيقن أن القرآن هو المصدر الوحيد للإسلام ، ودعا الى الاحتكام اليه وحده فى إصلاح المسلمين ، وأرسى منهجا علميا موضوعيا فى فهم القرآن من خلال لغة القرآن العربية الفريدة المختلفة عن اللغة العربية الكلاسيكية العادية ، ومنهجا علميا نقديا فى بحث التراث وتاريخ المسلمين بعيدا عن التبرير والتقديس والتمجيد .

4 ــ خلال هذه الرحلة البحثية المتدرجة صحبنى كثيرون وتركنى كثيرون . فى مرحلة مواجهة التصوف حين كنت سنيا معتدلا وقف الى جانبى كثيرون من السنيين المعتدلين ، خصوصا من جماعة ( دعوة الحق ) التى كنت أحد زعمائها . وبعد تركها وأثناء محاكمتى داخل الأزهر كنت أخطب فى المساجد فإنضم الى كثيرون ، ودخل بعضهم معى السجن فى نوفمبر 1987 . وعندما عملت باحثا متفرغا وكاتبا وناشطا سياسيا  فى مصر خلال ( 1989 : 2001 ) واعلنت انه ( القرآن وكفى ) تركنى كثير من الرفاق القدامى وإنضم الى ّ أضعاف أضعاف عددهم ، خصوصا مع نشرى مئات مقالات فى مصر وخارجها ، وتزايد العدد عند عملى فى مركز ابن خلدون وإدارة ندوته الاسبوعية ( يناير 1996 : يونية 2000 ). ونشر فعالياتها فى الصحف المصرية  . وكان للهجوم علينا من المتطرفين السلفيين والاخوان وأجهزة إعلام مبارك أكبر الأثر فى إنضمام الكثيرين الينا ، وفى تحول الكثير من المتطرفين ليصبحوا قرآنيين. ولقب ( قرآنيين ) أطلقه علينا نظام مبارك فالتصق بنا ، ونحن لا نرى فيه عيبا ، وإن كنا نفضل لقب ( أهل القرآن ) مقابل ( أهل الكتاب ) وفى مواجة الآخرين من ( أهل السنة ) و ( أهل التصوف ) و ( أهل التشيع ). وانتهت هذه المرحلة بالهجرة الى أمريكا .

5 ـ بعد إستقرار الأحوال فى أمريكا بدأت مع عام 2005 أنشر فى المواقع الاليكترونية مثل ( شفاف الشرق الأوسط ) و ( عرب تايمز ) و( الحوار المتمدن ). ثم أطلقت موقعنا ( أهل القرآن ) عام 2006 . واكتفيت بالنشر فيه وفى موقع ( الحوار المتمدن ) حيث يبلغ الدخول على صفحتى هناك عدة آلاف يوميا : (http://www.ahewar.org/m.asp?i=627).

6 ـ النشر فى الانترنت عبر موقعنا والمواقع الأخرى أسهم فى جعل فكرة ( القرآنيين ) عالمية . لقد  فتحنا الأبواب أمام الجميع فى نقد أئمة الحديث الذين توارث معظم ( المسلمين ) تقديسهم بحيث كان نقدهم كفرا يستوجب القتل بتهمة حد الردة . ما نشرناه فى التسعينيات ثم أعدنا نشره على الانترنت من رفض لحد الردة وحد الرجم وأساطير عذاب القبر وغيرها ونقد للبخارى وغيره ــ مهّد الطريق لآخرين وشجع الخائفين فبدأ الهجوم على هذه ( المقدسات ) و ( مخترعيها ) وإتسعت الساحة بالانترنت الذى أعطى مجالا لمن يكتب دون رقابة أو خوف . وإنضم الى موقعنا كثيرون ، وبعضهم إختلف معنا عندما نقدنا الصحابة والفتوحات وأنكرنا تفضيل محمد على من سبقه من الأنبياء وحين أكدنا أن شهادة الاسلام واحدة فقط ، وحين أنكرنا شفاعة النبى وتقديس قبره .

7 ـ  تنوع القرآنيين  يرجع لاختلاف المستوى العلمى وتنوع الخلفيات الثقافية والعقيدية . منهم دخل بخلفية علمانية فإستثقل الصلاة وأباح لنفسه أن يتحلل منها جزئيا ( بجعلها ثلاث صلوات أو أقل ) أو تحلل منها ومن سائر العبادات بزعم إكتفائه بتلاوة القرآن ، ومنهم من أحل الخمر والزنا الذى يتم بالتراضى ، ومنهم من لا يزال يقدس الصحابة ويفخر بالفتوحات ، ومنهم من لا يزال يقدس النبى محمدا ويهاجمنا لأننا نتمسك بأن شهادة الاسلام عالمية وهى ( لا إله إلا الله ) ، ومنهم من لا يزال يؤمن بوجود أحاديث صحيحة وفى نفس الوقت يهاجم البخارى. وأولئك توقفوا عند المرحلة التى تجاوزتها فى التسعينيات ، ويعتبرونهم قرآنيين . ومنهم من لا علم له أصلا بالبحث القرآنى ، ولا  بمنهجية البحث فى التراث ، ولكن تشجع بجهل الشيوخ فانطلق بجرأة شديدة  يقول ما يشاء على هواه مستغلا فضاء الانترنت ، ومنهم من إنبهر بنفسه فأعلن أنه رسول يأتيه الوحى مثل رشاد خليفة ، وله أتباع يحسبون أنفسهم قرآنيين مع أيمانهم بأن رشاد خليفة رسول الله .

وهذا التنوع والمستويات المختلفة لمن يُسمُّون بالقرآنيين يؤكد أنهم إتجاه فكرى متحرك ، وليسوا طائفة أو مذهبا أو جماعة أو تنظيما .

وبين ( القرآنيين ) يوجد ( اهل القرآن ) بمنهجية واضحة محددة ، وبدستور معلن بالعربية والانجليزية

http://www.ahl-alquran.com/arabic/show_article.php?main_id=11598

http://www.ahl-alquran.com/English/show_article.php?main_id=11634

والله حل وعلا هو المستعان .

اجمالي القراءات 10573