وهذا يشمل خاتم النبيين عليهم جميعا السلام .
القاموس القرآنى : كل رسول هو نذير وبشير

آحمد صبحي منصور في الإثنين ١٣ - يوليو - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

أولا : الرسل منذرون مبشرون :

1 ـ يقول جل وعلا عن النبيين المرسلين : ( كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ ) (213) البقرة )، وقال جل وعلا عنهم :(رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ )  (165) النساء )، وجاء هذا باسلوب القصر والحصر : (وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ )(48) الانعام ) ( الكهف 56  )

 2 ـ وأحيانا تطغى صفة النذير والانذار على التبشير ، كقوله جل وعلا عن عموم المرسلين من لدنه ونزول الوحى عليهم : (  يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُوا أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاتَّقُونِ (2) النحل ) ( يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِي (15) غافر ). والسبب أن الانذار يشمل الجميع من كافرين ومؤمنين ، فبنو آدم معرضون للغواية والشيطان لا يقدم إستقالته ولا ييأس ، ويظل يطارد الانسان يزين له ويخدعه ، لذا فالانذار مستمر وقائم للتذكير للمؤمن ، كما يكون حُجّة على الكافر .

3 ـ ويأتى هذا ( الانذار ) و ( النذير ) بالتفصيل فى قصص بعض الأنبياء :

3 / 1  :نوح عليه السلام أرسله ربه جل وعلا ( لينذر ) قومه ، قال عنه رب العزة : ( إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (1) قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (2) نوح ) ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (25) هود ). وقال نوح لقومه ( إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ مُبِينٌ (115) الشعراء ) وتعجبوا من إنذاره لهم فقال لهم  ( أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنذِرَكُمْ ) (63) الاعراف). 

3 / 2 : هود عليه السلام : قال عنه جل وعلا : (  وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتْ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ ) (21) الاحقاف ). و كرّر هود نفس مقالة نوح لقومه ،وذكّرهم بغرق قوم نوح ، وكيف إستخلفهم الله جل وعلا بعدهم : ( أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ ) (69) الاعراف  )

3 / 3 : ووصف رب العزة قوم نوح ب( المنذرين ) بفتح الذال ،أى الذين وقع عليهم الإنذار ، يقول جل وعلا عنهم :( وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ (73) يونس )، وقالها جل وعلا وصفا لقوم لوط : (وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنذَرِينَ (173)  الشعراء )  النمل (58)). وقالها جل وعلا عن كل الأمم السابقة يصف الأنبياء المرسلين بالمنذرين ( بكسر الذال ) ويصف أقوامهم بالمنذرين بفتح الذال : (وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الأَوَّلِينَ (71) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ مُنذِرِينَ (72) فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنذَرِينَ (73) الصافات )

وقال جل وعلا عن قريش والعرب (أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ (176) فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنذَرِينَ (177) الصافات ).

4 ـ وفى سياق الانذار للأقوام السابقين ذكر رب العزة رد فعل الملأ المستكبر الرافض للحق ، يقول جل وعلا : ( وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (34) وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالاً وَأَوْلاداً وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (35) سبأ )

5 ـ الملامح السابقة نراها فى السياق القرآنى عن خاتم المرسلين الذى قال له ربه جل وعلا : (مَا يُقَالُ لَكَ إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ (43) فصلت )، أى ما يقال لك من وحى قد قيل للرسل من قبلك ، وما يُقال لك من تكذيب من الكافرين قد قيل للرسل من قبلك ، وربك ذو مغفرة للمؤمنين وذو عقاب أليم للمكذبين .

ثانيا : خاتم المرسلين منذر ومبشر كالأنبياء السابقين

1 ـ عن مهمته عليه السلام التى تجمع الانذار والتبشير كالأنبياء السابقين يقول جل وعلا  باسلوب القصر والحصر : (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً (56) الفرقان ).

2 ـ وفى تفصيل أكثر عن مهمته عليه السلام بشيرا ونذيرا وشاهدا على قومه يقول جل وعلا :( إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (8) الفتح  ) ويأتى تفصيل ببيان أكثر فى قوله جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (45) وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً (46) وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنْ اللَّهِ فَضْلاً كَبِيراً (47) الاحزاب) . وفى تفصيل الانذار والتبشير يقول جل وعلا : (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (49) فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (50) وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (51) الحج ).

3 ــ وتعجب المشركون العرب من ذلك بنفس ما تعجب من قبل قوم نوح وقوم هود ، فقال جل وعلا عنهم : (أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرْ النَّاسَ وَبَشِّرْ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ (2) يونس ) . ( بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ (2) ق )( وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (4) ص )

ثالثا : حقائق إضافية عن خاتم المرسلين بشيرا ونذيرا

 وفى سياق مهمته عليه السلام جاءت بعض الحقائق :

  1 : فقد جعل رب العزة القرآن الكريم ميسرا للذكر لتسهيل مهمة الانذار والتبشير : (فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْماً لُدّاً (97) مريم  )

 2 : ورب العزة جل وعلا أنزل القرآن وحيا بالحق ونزل القرآن محتويا على الحق لتنحصر مهمة الرسول عليه السلام فى الانذار والتبشير فقط : (وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً (105) الاسراء )

  3 : ولأن مهمته عليه السلام منحصرة فى الانذار والتبشير فقط فليس مسئولا عن هداية أحد ، وليس مسئولا عن مصير( اصحاب الجحيم )، يقول له جل وعلا  : (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ (119) البقرة ).

4 ـ  وهو عليه السلام لا يملك لنفسه أو لغيره نفعا ولا ضرا إلا بإذن الله جل وعلا شأن أى بشر ، وهو عليه السلام لا يعلم الغيب شأن كل البشر ، وهو مجرد نذير وبشير للمؤمنين : (قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنْ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِي السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (188) الاعراف )

5 : ثم تمتد مهمته عليه السلام نذيرا وبشيرا لأهل الكتاب ، وهذا ما جاء من رب العزة خطابا مباشرا لأهل الكتاب ، يقول جل وعلا : ( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنْ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (19) المائدة ). لم يقل جل وعلا لرسوله : قل يا اهل الكتاب ..!

رابعا : خاتم المرسلين منذرا  كالرسل السابقين

1 ـ لم يأت قومه رسول نذير قبله بكتاب سماوى نزل عليه (  تَنزِيلُ الْكِتَابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْماً مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (3) السجدة ) ، أو بتعبير آخر لم يكن لهم كتاب سماوى قبل القرآن الكريم ، ولم يرسل رب العزة قبل محمد عليه السلام رسولا نذيرا لهم (وَمَا آتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ (44) سبأ ) ( لِتُنذِرَ قَوْماً مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (46) القصص ). (يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2) إِنَّكَ لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ (3) عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (4) تَنزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (5) لِتُنذِرَ قَوْماً مَا أُنذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ (6 ) يس )

لذا كان وصف العرب بالأميين أى الذين ليس لهم كتاب سماوى مثل ( أهل الكتاب ) . وكان اهل الكتاب يعيشون مع العرب الأميين ، فكان أولئك العرب الأميون يقسمون بالله جل وعلا لئن جاءهم نذير رسول ليكونن أهدى من أهل الكتاب، فلما جاءهم خاتم النبيين كفروا  :( وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الأُمَمِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلاَّ نُفُوراً (42) فاطر  )

2 ـ وفى البداية قال له ربه جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنذِرْ (2) المدثر )، وأمره أن يعلن أنه النذير المبين : ( وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ (89) الحجر )

3 ـ موضوع الانذار : هو يوم الدين حتى لا يكونوا من المعذبين (  وَأَنذِرْ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعْ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ (44) ابراهيم ) . إنه الانذار من مجىء يوم القيامة بالحسرة لهم لو كفروا (وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (39) مريم  )أو الانذار بيوم الأزفة أو شدة الأزمة والخوف الهائل الفظيع (  وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الآزِفَةِ إِذْ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ (18) غافر ) ، أو الانذار بيوم الجمع للجميع حيث يقوم الناس مبعوثين لرب العالمين ، وينتهى بهم الحال الى فريقين : فريق فى الجنة وفريق فى السعير : (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (7)  الشورى )

خامسا : خاتم المرسلين منذر فقط . اسلوب القصر والحصر فى الانذار كالأنبياء السابقين

1 ــ تكرر هذا فى قوله جل وعلا لخاتم النبيين : (إِنْ أَنْتَ إِلاَّ نَذِيرٌ (23) فاطر )( إِنَّمَا أَنْتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ (7) الرعد  ) (إِنْ يُوحَى إِلَيَّ إِلاَّ أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (70) ص ).

2 ـ ويقول جل وعلا للملأ القرشى الكافر :  ( قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (46) سبأ )  أى يدعوهم رب العزة أن يقوموا قومة مخلصة لله جل وعلا وأن يتفكروا بموضوعية وتجرد ودون هوى : هل ( محمد ) الذى هو ( صاحبهم ) أى الذى صحبوه وعايشوه ــ هل هو مجنون ؟ وهم الذين يعرفون عقله ورفعة أخلاقه ؟ لو فعلوا لذلك لعرفوا أنه  ليس إلا نذيرا لهم من عذاب شديد .

 سادسا : مالذى يترتب على كونه منذرا فقط ؟

1 ـ أنه عليه السلام مجرد نذير ، أما رب العزة جل وعلا فهو الوكيل على كل شىء ، المتولى لكل شىء (إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (12)  هود ) ، أى أنه عليه السلام مجرد نذير مخلوق ، أما الله جل وعلا فهو وحده الاله الواحد القهار :(  قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (65) ص )

2 ـ أنه عليه السلام لا يعلم الغيب ، غيب الساعة ، وحين سألوه عن موعد قيام الساعة رفض الاجابة مع تكرر السؤال ، ونزل قوله جل وعلا بأسلوب واضح (يَسْأَلُونَكَ عَنْ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا (42) فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا (43) إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَا (44) إِنَّمَا أَنْتَ مُنذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا (45) النازعات )، وتكرر هذا فى قوله جل وعلا :(وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (25) قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (26) الملك )، وجاء التأكيد على أنه عليه السلام ليس متميزا على الرسل السابقين ولا يعلم غيب المستقبل ولا ما سيحدث له ولا لغيره ، هو فقط متبع للقرآن الكريم وهو مجرد نذير مبين ، هذا هو ما أمره ربه جل وعلا أن يعلنه : (قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعاً مِنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ مُبِينٌ (9) الاحقاف ). ومع ذلك يكفر المحمديون بهذه الآيات البيّنات ويتمسكون بأساطير الشفاعة وأحاديث الغيبيات .

3 ـ وبعكس أديان المحمديين الأرضية وكتبهم المقدسة وعدم إكتفائهم بالقرآن الكريم ، يقول جل وعلا عن القرآن الكريم : (بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلاَّ الظَّالِمُونَ (49) العنكبوت ) ويقول جل وعلا بعدها على من يطلبون آية حسية بديلا عن القرآن الكريم :( وَقَالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (50) أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (51) العنكبوت ). هو عليه السلام نذير مبين ، والاكتفاء بالقرآن وحده كتابا هو الرحمة والذكرى للمؤمنين ، أما من لا يكفيه القرآن ويضيف اليه أسفارا وكتبا يقدسها فهو ممّن يعبد الطاغوت ، وقد أمر الله جل وعلا بإجتناب هذا الطاغوت .( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنْ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (36) النحل  )( وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمْ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِي (17) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمْ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ (18) الزمر ) (أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (22) اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (23 ) الزمر )

4 ــ حرية المشيئة البشرية  فى الهداية أو الضلال لأنه مجرد نذير وليس عليهم بمسيطر ،ولا إكراه فى الدين ، وليس عليه سوى البلاغ وتبليغ القرآن الكريم ، فمن ضلّ فليقل له أننى مجرد نذير من المنذرين  (وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنْ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنْ الْمُنذِرِينَ (92) النمل )

5 ـ ويترتب على هذه الحرية أن تختار الأكثرية الكفر بالانذار  ( قُلْ إِنَّمَا أُنذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنذَرُونَ (45) الانبياء  )، ولا أمل فى هدايتهم : (  إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ ءأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (6) البقرة ) ( وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (10) يس )

6 ــ  وبالتالى فهناك نوعان من الإنذار :

6 / 1 : الإنذار العام  للجميع لابلاغهم بالحق حتى يكون حجة عليهم يوم القيامة : (وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (92) الانعام  ) (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (7)  الشورى ). وهذا يذكرنا بقوله جل وعلا عن الرسل جميعا : ( رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ )(165) النساء )

6 / 2 : ثم الانذار الخاص للمؤمنين تذكيرا لهم حتى لا يقعوا فى حبائل الشيطان :  (  إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (18) فاطر ) ( إِنَّمَا تُنذِرُ مَنْ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ (11) يس ). هذا يذكرنا بقوله جل وعلا للرسول عليه السلام : (مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى (2) إِلاَّ تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى (3) طه  )، يعنى ألّا يُشقى نفسه بمحاولة هداية الضالين بعد التبليغ العام والإنذار العام ـ بعدها يقوم بتذكير من يخشى فقط ، وأن يُذكّر إن نفعت الذكرى : (  فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتْ الذِّكْرَى (9) سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى (10) وَيَتَجَنَّبُهَا الأَشْقَى (11) الأعلى )

7 ـ وتبقى حقيقة مؤلمة نراها فى المحمديين فى سياق الانذار، وكانت قبلهم فى أثمم الضالين ، هى رفض الحق تمسكا بما وجدوا عليه آباءهم ، قالوها لكل المرسلين وكل المنذرين (وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ (23) الزخرف  ). هو نفس ما يقوله المحمديون فى التمسك بالثوابت و ( أجمعت الأمة ) و ( إتّباع السلف ).

ودائما : صدق الله العظيم .!!

اجمالي القراءات 16489