اصلاح المساجد وتطهيرها فكريا
خطبة الجمعة

غسان مغارة في الجمعة ١٩ - يونيو - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

نحن في المجتمعات الإسلامية نمتلك منبراً إعلاميا غاية في القوة والرقي وهذا من مميزات الدين الإسلامي الحنيف الذي ميزنا بالعديد من المعارف والأشياء عن أمم أخرى -- فلوا يعلم الغربيون أهمية خطبة الجمعة لاتخذوها كفكرة جديدة لديهم يعملون بها على زرع كل القيم التي تتناسب مع ثقافاتهم وأديانهم ومصالحهم الدنيوية وحل العديد من مشكلاتهم الاجتماعية المعقدة حتى وان كانت لاتصلح إلا في ظل منظومة أسلامية متكاملة --- في حين نقف نحن أمام هذا المنبر الهام دون أن نقدروا أهميته ودوره الحقيقي في حياة المجتمع , فمن خلال الخطبة في المسجد يمكن تعزيز عقيدة الإيمان بالله عند الناس بشكل صحيح لكي ينعكس بالتالي على حسن التطبيق والتعامل مع الدين الإسلامي وبشكل أكثر وضوح -------- بدل الإيمان الشكلي والظاهري لدى الكثيرين --- كما يمكن من خلال الخطبة أن يزرع الوعي في عقول الناس بدل التلقين الممل والذي يحاكي في حقيقته رياض الأطفال --- بل ويمكن أيضا من خلال خطبة الجمعة معالجة قضية وهي من أكبر قضايا المجتمع اليوم وهي ضياع العديد من القيم الاجتماعية والدينية والإنسانية بشكل عام والتي أفقدت المعايير اتزانها وصدقيتها وتركت فراغاً كبيراً لدخول القيم المادية وقيم التطرف وقيم الكراهية بين بني البشر هذه القيم السلبية هي قيم العالم المادي والعلماني في كثير من مجتمعات الأرض -------- ونتيجة لذلك أصبح المجتمع الإسلامي يعاني أكثر من غيره من التناقضات الرهيبة وذلك لعدم وجود مرجعية قيمية تحدد معاني المفاهيم والتسميات للأشياء ---- ومن هنا يأتي دور خطبة الجمعة في حل مثل هذه القضايا المختلفة وبالتالي نجد أن ديننا الحنيف أبداً لم يأمرنا بالتقوقع والجمود بل يأمرنا بالبحث والتفكير والتطوير الدائم والمستمر هذا طبعاً خلافاً لأراء العديد من الفقهاء والمفتين الذين يرون أن يكون الإسلام اليوم هو صورة طبق الأصل عن الإسلام قبل ألف وأربعمائة سنة تقريباً ويرفضون أي نوع من التحديث والتجديد --- وتمشياً مع هذه الآراء المتشددة أصبحت الخطبة في المساجد اليوم (( صفير في وذن ميت )) لا أحد يستجيب لها إلا وهو واقع تحت تأثيرها المباشر والفوري ليتبدد كل شي مع أول فردة حذاء يلبسه وهو خارج من ذلك المسجد ---- والصحيح هو أن يتم تطوير خطبة الجمعة ورفع مستواها ودورها التوجيهي والتوعوي بشكل يتماشي وروح الإسلام التقدمية وذلك من حيث المضمون والأسلوب الخطابي والأهداف ------- فالعقل البشري ليس هو ذلك العقل قبل مئات السنين فتراكم المعارف المختلفة والاكتشافات العلمية المتعددة والأحداث التاريخية الكثيرة جعلت العقل البشري اليوم أكثر قدرة على فهم حقائق ومفاهيم أدق وأعمق --- وعلى هذا الأساس نجد أن وضع خطبة الجمعة في بؤرة الاهتمام في المجتمع الإسلامي وتطويرها ورفع مستوى معانيها ورفع كفأة الخطباء عقائدياً وفكرياً وعلمياً شيء لابد منه أذا أردنا أن نبني مجتمع مسلم وسليم.

اجمالي القراءات 13807